الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد النبي كريم.....مناضل لم يشهد السقوط

ناجح الاسدي

2004 / 6 / 25
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


المعقل أو ماركيل كما يحلو لأهلها تسميتها, منطقة عمالية يسكنها العاملون في الميناء المسمى بأسمها ويقع فيها مطار البصرة القديم . هذه المدينة الجميلة بمائها و نخلها لم تبخل على أهلها بطيب الخلق و حسن المعشر اضافة لما عرف عن اهلها من تمسك بحب الوطن ومقاومة الظلم والظالمين على مر العهود, ولا يخفى على أي متتبع لتاريخ الجنوب العراقي ارتباط أهله بالحركات الثورية والتحررية في العالم حتى ان صفة شيوعي مثلا كانت ملازمة لكلمة شيعي المذهب السائد في منطقتنا المعقل, أو على الاقل كانت الصبغة الشيوعية تلون كل من أحب وطنه وعمل من أجل ذلك. في تلك الحقبة من الزمن الصعب ولد عبد النبي كريم في بيت عمالي بسيط قرب جامع السيد عبد الحكيم الموسوي حيث كان والده وأعمامه من أركان هذا الجامع الذي جمع شباب المنطقه ليناقشوا فيه الافكار و النظريات الجديدة ويقارنوها بالافكار المحيطة بهم ليحتدم النقاش حتى يصل الى حد المنازعات البسيطة والتجافي في بعض الاحيان فيما بينهم, وهناك تبلورت شخصياتهم و أفكارهم ومعتقداتهم و حتى مستقبل البعض منهم فكان منهم الشيوعي والاسلامي والمستقل وحتى من أمسى منهم اللامنتمي والملحد . أصبح هذا التبلور جليأ بعد تموز 1958 عندما ذاق العراقيون أول طعم للحرية منذ قرون عديدة ساد فيها التسلط والطغيان و الاستبداد على أيدي مختلف أشكال الغزاة والمستعمرين. كان واضحأ ان عبد النبي كريم هو أحد ابرز حاملي الفكر الشيوعي في المنطقة و أحد أول المؤسسين والناشرين لهذا الفكرالثوري في البصرة , كان مثالا للالتزام والتفاني والعمل الدؤوب والاخلاق العالية , لم يعرف عنه التعالي او الاعمال الصبيانية التي عادة ما ترافق تصرفات الشباب, كان مخلصا لمبادئه ووطنه وليس لاصدقائه فحسب وانما لكل أبناء جيله, كان محاطا بالاصدقاء والرفاق أين ما ذهب تملأ ضحكته وشقاوته البريئة ارجاء المكان الذي يوجد فيه, كان حاميا للصغير و صديقا للكبير, مقدسا لحقوق الجار و بعيدا عن كل ما يسئ الى الروح النضالية التي كان يحملها والتي كان يحلم بها. كان كبيرا في كل شئ, في اعتزازه بنفسه, في كبريائه و في تعففه رغم فقر حاله المدقع عندما كان يسكن مع أهله في أحد أحياء المعقل الفقيرة الذي كان يسميه ساكنيه حي المنكوبين مع ان اسمه الرسمي هو حي السعادة!
لم يستمر زمن الحرية طويلا في ربوع العراق و أحيائه و منها حي المنكوبين حين بدأ عبد النبي يمارس هواية الاختفاء بين فترة و اخرى , لم يكن عبد النبي يحب السفر ولم يكن من فريق الكشافة لكنه كان يقضي أحلى أيام شبابه في السجون المنتشرة في مدن الجنوب العراقي.. في البصرة و العمارة والناصرية والسماوة حيث كان يقبع السجن سئ الصيت ...سجن نقرة السلمان... , كنا نعرف مكان عبد النبي من الوجهة التي تسافر اليها والدته المبتلاة ...هنديه... هكذا كان أسمها...رحمها الله...و من فلتات لسان اخوته...عبد علي و صالح و عبد الصمد. بقي عبد النبي يتنقل من سجن لأخر طيلة فترة ثباته على مبادئه وطيلة فترة سيطرة سجانيه على كراسييهم ولم نعد نعرف عنه الكثير.
مرت سنوات طويله و طويلة جدأ قبل ان يسمح لعبد النبي ان ينزوي بدكان صغير في المنطقة الصناعية في البصرة ليعمل في المهنة التي امتهنها الكثير من المناضلين في العالم ألا وهي الحداده الى أن يأتي اليوم الذي تخطف فيه الكهرباء أخر ما تبقى من روحه الشفافة الطاهره. شيعه رفاق أو من بقي منهم حيأ في موكب مهيب لا يليق الا بالمناضلين الذين لم يشهدوا السقوط في فخ البراءه ولكنه مع الاسف لم يشهد ايضا سقوط سجانيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شرطة نيويورك تعتقل بالقوة متظاهرين متضامنين مع غزة في بروكلي


.. قراءة عسكرية.. ما الذي يحدث بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاح




.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة اليمين المتطرف برئاسة


.. تفاعلكم | تعطل حركة الطيران في مطار ميونخ، والسبب: محتجون في




.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال