الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدخول الى - مخدع أوغرفة نوم-الدولة السرية

بنكي حاجو

2010 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كل أسرار الدولة التركية بشكل عام واسرار الجيش والدولة السرية موجودة في هذه الغرفة والتي تطلق عليها إسم كوزميك"Cosmic".الغرفة تقع في مقر "إدارة النفير العام ".تم إنشاء هذه الإدارة في تركيا في أيلول 1952من قبل حلف الناتو وبالتنسيق مع أجهزة المخابرات الخارجية وعلى رأسها المخابرات الأمريكية"CIA في أيام الحرب الباردة.مثل هذه الإدارات أو التنظيمات السرية كان قد تم تشكيلها في العديد من دول الحلف وذلك بقصد حماية الأنظمة من وصول الشيوعية الى الحكم أو القيام بالحرب والمقاومة السرية في حال إستيلاء الإتحاد السوفييتي السابق على الدولة المعنية.
هذا التنظيم كان بمثابة جيش سري موازللجيش النظامي وكان فيه العسكري والبوليس والمدني من الوزراء والبرلمانيين والصحفيين والشخصيات المتنفذة في المجتمع من الأثرياء وأساتذة الجامعات وصولاً الى المخاتير ورؤساء العشائرورجال المافيا.....في كل مناطق الدولة أنشئت المخابئ السرية لتخزين الذخائروالمعدات لإستعمالها حين اللزوم.في عام 1965إستبدل إسم الإدارة الى"إدارة الحرب الخاصة"كإحدى الإدارات التابعة لرئاسة الأركان.
الصدفة وحدها كانت وراء إكتشاف وجود هذا التنظيم.
في عام 1974 كان السيد أجفيت "Ecevit" رئيساً للوزراء.جاء اليه رئيس الأركان وذلك لتصديق ميزانية الجيش وكان يتضمن بنداً خاصاً تحت إسم "المصاريف السرية".الرقم كان كبيراً مما دعا أجفيت الى السؤال عن الإدارة التي ستستعمل تلك المصاريف.وخرجت من فم الجنرال,وبالصدفة,إسم"أدارة الحرب الخاصة".إندهش أجفيت الذي عرف أن الأركان كانت تخفي الحقيقة حتى من رؤساء الوزارات في الدولة.أضطر رئيس الأركان الى قول الحقيقة ومن بينها أن التمويل كان يأتي من الناتو الذي قطع الدعم المادي أخيراً وذلك بعد 25 عاماً متواصلة من التمويل الكبير,ونبه الجنرال في نفس الوقت أجفيت الى عدم إفشاء السر.
أجفيت كان رئيس حزب الشعب الجمهوري وكان يعتبر قائداً يسارياً .فهم أجفيت أن هذا التنظيم ليس عدواً للشيوعية فقط ,وإنما يحارب اليساربكل أطيافه,بما في ذلك حزبه.أراد أجفيت إستغلال هذه الحادثة ليظهرللشعب أنه رجل الدولة القوي وروى للصحافة بشكل مقتضب لما جرى.عند إقتراب موعد الأنتخابات البرلمانية في عام 1977أعاد أجفيت موضوع التنظيم السري كدعاية إنتخابية بغية الحصول على المزيد من الأصوات,ولكن الرد جاء سريعاً من الدولة السرية.كان أجفيت يخطب في جمهور حاشد في مدينة إزميرفي نفس العام.أطلِقتْ رصاصة على منصة الخطابة لتصيب قدم أحد الوزراء المرافقين لأجفيت.الرسالة كانت واضحة وهو أن بالإمكان تصفية أجفيت بكل سهولة إذا إستمرفي العناد.منذ ذلك التاريخ عرف أجفيت حده ولم ينطق بكلمة واحدة بذلك الشان, ولكنه عاد الى أحضان العسكرلاحقاً في التسعينات واصبح الرجل المعتمد للعسكر.أجفيت تلقى الدعم الكامل من الدولة السرية وجاء مرة أخرى الى رئاسة الحكومة ولكنه دخل التاريخ السياسي التركي كأكبرإنتهازي تخلى عن كل مبادئه في سبيل المنصب.
للماذا فُتِحَ هذا الملف الآن؟
الصدفة ,ولسخرية القدر,كانت بالمرصاد هذه المرة أيضاً.
البوليس السري لاحظ حركات مشبوهة لرجلين في المنطقة السكنية التي يقيم فيها السيد بولنت آرينج"Bulent Arinj" نائب رئيس الوزراء والمكروه من العسكر.تم القبض على الرجلين وتبين أن أحدهم هو برتبة عقيد والآخررائد ولكنهما كانا باللباس المدني.الرائد طلب من البوليس جرعة ماء للشرب.في نفس اللحظة التي كان يهم فيها بشرب الماء أخرج الضابط ورقةً من جيبه ليبتلعها,إلا أن البوليس تمكن من منعه القيام بذلك.في تلك الورقة وُجِدَ إسم وعنوان آرينج وعدد آخر من الوزراء الساكنين في نفس المنطقة.بإختصار كانت كل الدلائل تشير الى وجود مؤامرة هدفها الإغتيال وبث الذعروالبلبلة .
هذان الضابطان ينتميان الى ذلك التنظيم السري أي "إدارة الحرب الخاصة".في نفس اليوم{قبل عيد الميلاد بيوم} أصدرت المحكمة أمراً بتفتيش مقر تلك الإدارة.تمكن المُدّعونْ العامون من تفتيش كل أنحاء البناء إلا غرفة واحدة وهي"الغرفة السرية"المذكورة سابقاً.بالرغم من مقاومة الأركان,إلا أن رجال القضاء دخلوا تلك الغرفة والتي أطلق عليها بعض الصحفيين"مخدع أوغرفة نوم الدولة السرية".التفتيش لازال مستمرأ حتى تاريخ كتابة هذه السطور,وفي بعض الأحيان تصل ساعات العمل الى 22 ساعة في اليوم,حيث يتناوب عليها المختصون.
كل مؤامرات الدولة السرية بدءاً من من خلق الفوضى لتهيئة الشارع للإنقلابات العسكرية وإشعال الفتن الطائفية وتهييج الشعور القومي العنصري التركي ضد الكرد الى سرقة أموال الدولة وتشكيل المافيات.....الخ كان يجري طبخها في تلك الغرفة الرهيبة.
كل التنظيمات المشابهة في دول الناتو تمت تصفيتها والتخلص منها عند زوال الشيوعية.التنظم في ايطاليا كان يسمى بـ غلاوديو وتصفيته كان صعباً وإحتاج الى مدة طويلة وضحايا كثيرة لأنه كان قد تحول الى المافيا,والكل يتذكرتلك الحرب الضروس التي دارت رحاها بين القضاء والمافيا في ايطاليا.
السؤال هنا هو:هل ستستمرالحكومة وتتجرأ الى التخلص من هذا الجرح المتقيح في أجهزة الدولة وتقديم المتورطين الى العدالة وإنهاء مرحلة "جمهورية الدولة السرية" والسير بتركيا الى طريق الديمقراطية الحقيقية ؟
الهدف صعب جداً والدولة السرية وقادتها لن يتخلوا بسهولة عن إمتيازاتهم من الثراء والقوة والجاه التي إعتادوا عليها .
6ــ 1ــ2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - موضوع جميل ومثير
عراقي ( 2010 / 1 / 8 - 17:47 )
أتمنى ان يأتي اليوم الذي تكشف فيه عورات أنظمتنا العربية وأخص منها الدولة التي تسمي نفسها المملكة العربية السعودية قائدة الأرهاب العالمي بلا منازع وعسى أن يكون هذا اليوم قريبا تحياتي عزيزي الكاتب

اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي