الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا حل للأقباط إلا بالخروج من وصاية الكنيسة

نادية عيلبوني

2010 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المجزرة الجديدة التي ارتكبت بدم بارد ، وفي وضح النهار، وعلى أثر خروج المصلين الأقباط من الكنيسة بعد تأديتهم لشعائرهم الدينية بمناسبة عيد الميلاد في نجع حمادي، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الأقباط جميعا باتوا مهددين بحياتهم في وطنهم أكثر من أي وقت مضى، وأنهم يحتاجون أيضا، أكثر من أي وقت لتغيير كل أساليبهم لمواجهة تلك الهجمة الشرسة على حياتهم وأمنهم ، وخصوصا بعد أن أثبتت السلطات المصرية المرة تلو المرة ، تراخيها وتواطئها مع القتلة والمجرمين الذين عادة ما يجري تبرئتهم ،بدلا من تقديمهم للمحاكمة وإيقاع أقسى العقوبات بهم. لا بل إننا نستطيع القول ،أن السلطات المصرية صارت تتلذذ في إذلال الأقباط ولا تتردد كما حصل في كثير من المرات من تقديم الضحية للمحاكمة ومعاقبتها بدلا من الاقتصاص من المجرم ، لتثبت بسلوكها هذا ،أنها سلطات منحازة بالكامل ، وأنها تمارس بنفسها ومن خلال أجهزتها القضائية والتنفيذية والقمعية، سياسة قائمة على التمييز الديني العلني والوقح والسافر.
وربما لا نتجنى على الحقيقة إذا ما قلنا أن السلطات المصرية وجدت في جسد المسيحيين وأرواحهم وممتلكاتهم المكان الأنسب الذي يجعل القوى الأصولية التي رعتها وربتها في الماضي لتواجه بها تيارات المعارضة ، تنفس عن احتقانها وعدوانيتها وولعها بالعنف ورؤيتها لمشهد الجثث والدماء . وبذلك تحول الأقباط من مواطنين أصليين في بلادهم إلى كبش محرقة ليدفعوا من حياة أبنائهم وأمنهم الاجتماعي فاتورة الحفاظ على بقاء أمن وبقاء هذا النظام الجائر والعنصري .
أما حال القيادات الروحية للأقباط ، فهو أيضا لا يختلف كثيرا عن حال السلطات المصرية .هذه القيادات على ما يبدو قد فقدت الإحساس تماما بمعاناة رعيتها ، وما عاد يعنيها على الإطلاق الحالة الرهيبة التي تهدد وجود الأقباط جميعا في وطنهم مصر ، وهم يعتقدون أن الصمت وتقبيل اللحى مع رأس النظام وأقطابه وممثليه من الشيوخ ، هي الحل الأمثل لوقف شلال دم الأقباط الذي ليس مرشح له أن يتوقف.
لقد آن الأوان للأقباط أن يدركوا حقيقة أن قيادتهم الدينية التي تتربع في أبراجها العاجية وأديرتها وصوامعها المغلقة هي أبعد ما تكون عن الواقع ، وأبعد ما تكون عن الشعور بالمسؤولية إزائهم، وهي ليست ، بأي حال في وارد التفكير الجدي بإيجاد حل لمعاناتهم وألمهم جراء ما يتعرضون له من اعتداءات يومية ، وفي ظل تواطؤ هذه القيادات وصمتها وعدم استعدادها على تسمية الداء باسمه الحقيقي ، والتي تترفع عن تسمية أسبابه الواضحة ورموزه والقائمين عليه والمتمثلة في تلك السلطات التي أخذت على عاتقها وضع الدساتير القائمة على التمييز الديني والاجتماعي بين المواطنين .هؤلاء على ما يبدو مشغولون بمهمات أخرى يعتقدون أنها أهم وأشرف من الدفاع عن رعيتهم ، لديهم مهمات أهم من المطالبة بوقف التمييز وقوانينه الجائرة في مصر المحروسة ،هم معذورون فمشاغلهم أهم من كل هذا الهراء !!!هم في الحقيقة مشغولون بمنافسة نظرائهم من الشيوخ المشعوذين الذين يعالجون المرضى بالقرآن ، مشغولون بممارسة الشعوذة ذاتها ليثبتوا تفوقا في قدرتهم الإعجازية على نظرائهم المسلمين في طرد الأرواح الشريرة والشياطين والجان والعفاريت من أجساد المرضى من الأقباط ، أو قل هم مشغولون عن الواقع وعن ما يجري به من جرائم لرعيتهم ، في تأمين أصوات الأقباط التي احتاجها الديكتاتور لتنصيب ابنه لوراثة " عرش" . والحقيقة أن تلك القيادات الروحية قد قامت بمهامها على أكمل وجه ، وأثبتت للرئيس مبارك قدرتها على الإمساك بأعناق الأقباط وجلبهم طائعين وصاغرين ومحشورين في الأوتوبيسات لإعلان ولائهم للسلطة التي قهرتهم وأذلتهم وتجديد البيعة لرئيس هذه السلطة لولاية رئاسية جديدة.
الأقباط بغالبيتهم منساقون لإرادة البابا شنودة، وهو لا يزال قادرا على تشكيلهم وصياغتهم وتوجيههم بحسب مصلحته التي هي جزء لا يتجزأ من مصلحة النظام القائم، وهو قادر أن يسوسهم كما يسوس الراعي أغنامه ، نعم لنقلها صراحة وبدون لف أو دوران ، أن سقف معظم الأقباط في مصر لا يتجاوز سقف كنيستهم ، وسقف كنيستهم لا يتجاوز سقف النظام القائم على العنصرية ، وإن معظم الأقباط يعتقدون أن هناك حلا فرديا للتمييز الذي يعانونه بعيدا عن سعي جميع أبناء الشعب المصري لإيجاد حلول ديمقراطية وعادلة لما تعانيه البلاد من اختناقات وأزمات وفقر وأمية واستبداد وتسلط.
وفي اعتقادي أن استمرار الأقباط في دفن رؤوسهم بالرمال ، واستمرارهم في الانقياد للسلطة الروحية والتعويل عليها ، قد ثبت فشله والدليل واضح للعيان في استمرار سياسة التمييز، واستمرار الاعتداءات وتواترها بأشد مما كانت عليه في الماضي، فلا الانحياز الكنسي إلى جانب السلطة ، ولا أيضا جر الكنيسة للأقباط لإعلان ولائهم للسلطة المستبدة قد حمى الأقباط من المذابح التي يتعرضون لها ،والتي سيتعرضون في المستقبل ما لم يدرك الأقباط أهمية انخراطهم في العمل السياسي والمدني في مجتمعهم .
التباكي والغضب والحزن والصراخ والعويل لن يفيد في حل تلك معضلة الأقباط التي يتطلب حلها الخروج من أجواء الأديرة والكنائس المحدود والخانق، إلى فضاء الحرية الرحبة من خلال العمل والكفاح الحقيقي مع كل القوى الديمقراطية والحية في المجتمع المصري التي تعمل على تحقيق هدف الشعب المصري في الوصول إلى دولة المواطنة ودولة القانون دون أي تمييز بين مواطنيها .
صحافية فلسطينية مقيمة في فيينا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لكم الله يا مسيحيى الدول العربية
محب ( 2010 / 1 / 9 - 08:02 )
نسكرك يا اختنا الفاضلة على هذه المقالة الرئعة، ونلتمس منك يا سيدتى الاستمرار فى الكتابة لكشف ورفع الظلم عن المقهورين فى دولة الظلم والطغيان بقيادة الرئيس الهرم حسنى مبارك الذى فاق الرئيس صدام حسين فى ظلمه لشعبه. صدقينى ان كل الاخوة المسلمين تحت ظل رئاسته قد تم شحنهم بالكامل بالكذب بالبغضة والكراهية ضد وطنية قداسة البابا و والكنيسة كل اتباعه من الاقباط وتكفيرهم جميعا، والعمل على قدم وساق للتخلص منهم والقضاء عليهم بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة،فالاعلامى عمرو اديب فى استضافته لقداسة البابا شنودة كان كل هدفه هو ان يدفع قداسة البابا كى ينزلق فى الحديث حتى يعطى الزريعة لرئيس دولة الظلم والطغيان ان يقتص ليس منه هو فقط ويعجل ويسرع من موته وهو فى هذا العمر بالضغط النفسى. بل ايضا من اولاده الذين لا حول لهم ولا قوة . فقداسة البابا يئن من معاناة شعبه بعلمه التام انهم يعيشون فى ظل نظام اسلامى ارهابى اسشتبدادى مريع ومتوحش لا يعرف الرحمة او المبادئ او الاخلاق الانسانية.و يعرف ايضا ان جهاز امن الدولة يقوده قيادات وهابية متعصبه كل همها مضايقة الاقباط والقبض عليهم وتلفيق التهم الكاذبة لهم،


2 - لكم الله يا مسيحيى الدول العربية2
محب ( 2010 / 1 / 9 - 08:05 )
واجبارهم على ترك منازلهم واراضيهم وكل ممتلكاتهم وتهجيرهم واخلاءهم الى مناطق اخرى، اسوة بما كان يفعل محمد (ص) مع يهود بنى قريظة والنضير وقينوقاع بعد فتح مكة، او الرحيل وترك البلاد او الدخول فى الاسلام ، ويعرف ايضا ان النظام القضائى المصرى متعصب، لا يمكن ان يدين اى متهم مسلم ظالم معتدى،بل يقوم بايجاد الزرائع المختلقة الكاذبة الملفقة وتبرئته ضد المسيحى المجنى عليه المظلوم، فالقاضى المسلم تجبره الشريعة ان لا يحكم على مسلم لينصف وينصر زمى عليه ، ويعرف ايضا ان مجلسى الشعب والشورة يعيشون ويعملون بالحديث القائل( انصر اخاك ظالما او مظلوما) وللاسف لا يمنعون الظالم كى يتوقف عن ظلمه كنوع من الجهاد لتحصيل الحسنات لارضاء اله الاسلام للفوز بالنعم والبركات، والادهى من ذلك حين يصرخ ويطلب المسيحيون اقل القليل من حقوقهم بالتعويض يتم القبض عليهم والقائهم فى السجون وتعذيبهم لتركيعهم واذلالهم حتى بردخوا للصلح، صدقونى صدام حسين واسرائيل واليهود اكثر رحمة من مبارك دولة الظلم والطغيان الاسلامية الاستبدادية الارهابية الدموية المريعة،فاذا كان هذا هو حال المسيحيون فى مصر بلد الازهرفما هو الحال اذن فى البلاد


3 - ولكن ..أين الحل ؟
سامى لبيب ( 2010 / 1 / 9 - 10:30 )
تحليل جيد عزيزتى نادية ...
ولكن أين الحل ؟
الحل فى وجود أحزاب وقوى سياسية تحتضن الأقباط وتجعلهم يشعرون بأنهم مواطنون لهم حقوقهم الكاملة فى الوطن
الحل فى وجود قوى سياسية وإجتماعية تنتشل المجتمع القبطى من حضن الكنيسة
السؤال هنا ؟
أين هذه القوى والأحزاب ؟
هى أما ضعيفة وهشة لدرجة أنها لا تمتلك أى تواجد فى أى حارة مصرية
أو هى قوى تتلاعب على هذا الملف
أو هى قوى إستقصائية وعنصرية وفى حالة عداء مع الوجود المسيحى من الأساس .
مشكلة ضخمة لن يجد القبطى سوى المزيد من الإرتماء فى حضن الكنيسة لتشكل له ملاذ ووطن .


4 - سيعاديك المظلوم قبل الظالم
علوان ( 2010 / 1 / 9 - 10:59 )
لا أحد يحب أن يرى الحقيقة، أما عشاقها فقليلون... سيعاديك المظلوم قبل الظالم. قد يحبطك هذا وقد يؤلمك، ولربما يكسر ارادتك... لكن ليبق قلمك صريحا لا يهادن ولا ينافق ولا يخط الا ما تمليه عليه الحقيقة والمنطق
شكرا لك سيدتي الرائعة


5 - أين أصوات الأحرار المسلمين؟
زيدان العاقل ( 2010 / 1 / 9 - 13:03 )
ماذا لو عاملت السلطات الأوروبية المحلية, عشرات الملايين المسلمين اللاجئين إليها من غالب البلاد العربية والإسلامية, خلال الستين سنة الأخيرة, والذين ما زالوا يتوافدون بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة, طلبا للعيش والأمان لهم ولعائلاتهم, والذين حصل أكثرهم على جنسيات البلد الذي استوطنوا فيه, دون تأدية أي من واجبات المواطنة الحقيقية وشعورها. ماذا لو عاملت هذه السلطات الغربية العلمانية والتي تحترم جميع الأديان وحريات الإنسان, كما يعامل المسيحيون في بلاد الإسلام كالعراق ومصر والسعودية وليبيا وغيرها وغيرها. لسمعنا الفتاوى الحربجية والدموية تصرخ من كل الجوامع والمآذن العربية, حتى من رئاسات الطوائف المسيحية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في الغرب. بالإضافة إلى التظاهرات الإسلامية والشارعية في العالم العربي والإسلامي.
حتى اليوم لم أسمع كثيرا أصوات الأحرار المسلمين, دفاعا عن أخواننا المسيحيين…
يا لـلـعـجـب؟


6 - الرهان الناجع
محمد بودواهي ( 2010 / 1 / 9 - 13:56 )
مشكلة الأقباط في مصر هي مشكلة سياسية بامتياز
فالحاصل الآن هو أن النظام المصري الديكتاتوري المفلس على جميع الأصعدة يتناغم مع جماعات الإسلام السياسي من إخوان وغيرهم للحفاظ على استمراره مقابل العمل بالعديد من أطروحاتهم الدينية والسياسية
الحل الوحيد المطروح أمام الأقباط هو الانخراط بكثافة في أحزاب سياسية يسارية اشتراكية وديموقراطية تتبنى العلمانية لأنها الوحيدة التي تدافع عن حق المواطنة الكاملة لكل المصريين في إطار دستور شعبي دموقراطي يفصل الدين عن السياسة
أما الرهان عن الكنيسة فهو رهان خاطئ لأن دورها لا يتجاوز العبادة وطقوسها


7 - المصيبة الحقيقية
غريب الحاج صـابـر ( 2010 / 1 / 9 - 19:04 )
أكبر مصيبة بشرية أصابت مــصــر التي كانت في طليعة العالم العربي في الخمسينات من القرن الماضي, حضارة وفنا وثقافة, يتوزع على جميع البلدان المجاورة له وأبعد. هذه المصيبة التي لا خلاص منها هي التعصب الطائفي الإسلامي التي اجتاحتها من بداية حكم السادات وما زال يـنـخـر في عظامها المهترئة حتى اليوم!!! هذا السرطان الذي لا شفاء منه حتى بالكي الكيميائي. هذا الداء الذي فتت هذه الأمة العريقة وجزأ مواطنيها إلى أعداء ينظر كل منهم للآخر كأنه قاتل ولده. هذه الكراهية وهذا الحقد اللذان امتدا من مصر وتغذيا بأموال البترول المتدفق من السعودية وإيران ولـيـبـيـا, وحتى من إسرائيل التي تكسب حروبها الاستراتيجية بالتوسع معتمدة على سياسات التشتيت والتفتيت والتهزيل... وما تشريد وتقتيل أقباط مصر ومسيحيي العراق سوى الوجه الظاهر من هذه المعارك التوسعية السرية التي تثبت حسني مبارك أو نجله الوريث على كرسي والده.. وإسرائيل في مشاريعها التوسعية...ولكن من يسمع.. ومن يفهم؟؟؟


8 - رسـالـة لـلـحـوار
غريب الحاج صـابـر ( 2010 / 1 / 9 - 19:14 )
ألا تنشروا تعليقي, يثبت قناعتي أنكم مثل غالب وسائل الإعلام المشتراة لغاية خلق الفتنة المتأججة بين طوائف البلد الواحد, حتى يصبح الاختلاف الديني وسيلة لتبرير قتل الآخر.. وتسود الفوضى. تعليقي الذي لم تنشروه حقيقة واقعية أليمة, تفضح أسباب الفتنة الطائفية والتعصب الديني... طلاق الكتاب الأحرار منكم حلال...
لهذا لا أحييكم.


9 - أستشهد بقراء هذا الموقع
غريب الحاج صـابـر ( 2010 / 1 / 9 - 20:22 )
أستشهد بقراء هذا الموقع وغيره أن يشرحوا لي كيف ينقلب تعليق نفسه, بلا فرق حرف أو فاصلة, من غير مطابق لقواعد النشر, إلى قابل للنشر خلال أقل من ربع ساعة... هذه حالتي مع هذا الموقع وحالة العديد من الذين يرغبون مشاركة إيجابية, لرفع مستوى هذا الموقع إعلاميا وسياسيا وكتابيا وتآلفا وتألقا واتساع نــشــر. ولا نلقى سوى المضايقات والتردد والإهمال.. مهما كان صبرنا ونبل غايتنا ورغبتنا في رفع مستوى بلادنا.. هل نتابع؟ أو نبحث عن مواقع أخرى أكثر مرونة وسعة صدر وانفتاح ديمقراطي حقيقي؟؟؟ أنتظر آراءكم... مع كل احترامي لها مهما كانت.


10 - So sad for the Christians in the Arab world
Jamal Sarsam ( 2010 / 1 / 10 - 09:02 )
The religious authorities are not helping at all. We keep reading the -Fatwas- that constantly attacks Christianity and spreads hate toward Christians.

اخر الافلام

.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah