الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر حول الدروز والدرزية (1)

عادل بشير الصاري

2010 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أصل بني معروف
تستهويني كثيرا القراءة في تاريخ بني معروف وعقيدتهم ، ولا أعرف قوما يغرونني بمعاشرتهم ويغدقون علي بكرمهم وحسن معاملتهم غير بني معروف ، ولا أعرف كذلك عقيدة من العقائد الدينية شدتني إليها بفلسفتها وأفكارها واستعصى عليَّ فهم عويصها وتفسير غرائبها وكشف المسكوت عما في كتبها سوى العقيدة الدرزية .
وليسمح لي أصدقائي وأساتذتي من بني معروف أن أدوِّن قدرا يسيرا من فيض خواطري وانطباعاتي تجاه ما قرأته عن تاريخهم ونشأة عقيدتهم ، وليعذروني فيما أعلنه من آراء قد تخالف ما قرأوه وآمنوا به ، فظني حَسَنٌ بحِلمهم، ورأيي فيهم أنهم عموما من أكثر الأقوام شفافية وسماحة واحتراما للرأي الآخر .
وأستهل خواطري وانطباعاتي عنهم بالقول إن القوم يفضلون تسميتهم بالموحدين أو ببني معروف ، ويرون أن اسم الدروز الذي ألصق بهم وغلب عليهم قبلوه على مضض ، إنما هو من صنيع خصومهم الذين أشاعوا أنهم ينتسبون عقديا إلى الداعية محمد بن إسماعيل الدرزي أو نشتكين الدرزي ، وهو شخصية مذمومة في كتابات الأوائل من بني معروف .
إن أكثر المؤرخين يميلون إلى القول إن الأصول العرقية لبني معروف تعود إلى سلالة قبائل عربية عديدة منها خزاعة وتنوخ وقضاعة وطي وتميم ولخم وكندة ، وقد أكد الأمير شكيب أرسلان وهو من وجهاء وأعيان الطائفة الدرزية في القرن الماضي أن الدروز(( عرب أقحاح لا يوجد في العرب الجالين عن جزيرة العرب أصح عروبة منهم )) ، واستدل الأمير على قوله هذا بأدلة مختلفة منها نقاوة عربيتهم وفصاحتهم واحتفاظهم بشجرة نسبهم العربي ، ولم ينفِ الأمير أن بضع عائلات درزية تعود أصولها إلى الكرد والأتراك ، لكن عددها قليل جدا، وهي معروفة لدى عامة الدروز.
غير أن بعض المؤرخين ذهبوا بعيدا في تقديراتهم فنسبوا الدروز إلى أمم شتى، كاالمغول والفرس والهنود والأرمن والفنيقيين والكلدان والآراميين ، بل إن منهم من أرجعهم إلى أصول فرنسية أو انكليزية توطنت المشرق العربي بعد الحروب الصليبية ، وثمة من رأى أنهم من بقايا الإسرائيليين الذين لم يلتحقوا بالنبي موسى عليه السلام حين همَّ بالخروج من مصر، وفي رأيي أن مثل هذه التخمينات والفروض قصد بها مروجوها الدس والوقيعة بين الموحدين الدروز ومحيطهم العربي والإسلامي .
على أن ما ذهب إليه الزعيم الدرزي كمال جنبلاط فاق أي تصور ممكن ، وحطم فروض وتخمينات جميع المؤرخين على اختلاف مشاربهم ، فقد نقل عنه الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه الشهير ( إسلام بلا مذاهب) قوله إن الدروز وجدوا منذ ثلاثمائة وثلاث وأربعين مليون سنة حين كانت أرواح المخلوقات بلا أجساد ، وهذا القول لا يخلو من طرافة وغرابة ، فليس هناك بشر على سطح هذه الأرض يعرف عمرا محددا يعود إلى ما قبل تشكل الخلائق .
والحق أننا لا نعرف بالضبط كيف اهتدى جنبلاط إلى تحديد عمر وجود طائفته ، فهو بالطبع لم يعثر على جثة إنسان درزي قديم وحلل أنسجتها حتى وصل إلى ما وصل إليه ، ولكن يمكن الافتراض أنه صنع صنيع الفلاسفة ومحبي الحكمة فاستخدم حساب الجمَّل الذي يقوم على فكرة مفادها أن لكل حرف من حروف اللغة العربية قيمة عددية في هذا الحساب ، فحرف الألف مثلا تساوي كذا من الأعداد وهكذا ، ولربما جمع جنبلاط حروف كلمة (موحد) وغيرها من الكلمات المتعلقة بالعقيدة الدرزية واستنبط منها هذا الرقم المهول .
ولا شك أن اعتقاد جنبلاط بأن الدروز قوم موغلون في القدم قد ألزمه القول بأنهم اعتنقوا كثيرا من الديانات كاليهودية والمسيحية والإسلام ، ففي كل دور من أدوار حياتهم كانوا يؤمنون بدين ثم يتركونه إلى غيره حتى اهتدوا إلى عقيدة التوحيد .
ويذكر الدكتور مصطفى الشكعة أن الدروز عُرِفوا على مدى التاريخ الإسلامي بمسميات عديدة ومختلفة ، ففي العهد الإسلامي الأول عُرِفوا بالأنصار والمؤمنين ، ثم عُرفوا بالشيعة العلوية ، ثم شيعة آل محمد ، ثم شيعة جعفرية ، ثم إسماعيلية ، ثم موحدون ، ثم قرامطة ، ثم فاطميون ، ثم دروز ، وفي هذا ما يكشف عن وعي الأوائل من بني معروف وما يتمتعون به من مرونة ودينامية في التعامل مع العقائد والأديان ، وقدرتهم على تطوير وتغيير مسار معتقدهم الديني من جيل إلى آخر ، مما يشي بأنهم يتعاملون مع الدين بوصفه منظومة عقدية وتشريعية قابلة للتغيير بحسب المتغيرات والمستجدات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مسا الخير
ابو مراد فلسطين ( 2010 / 1 / 13 - 16:19 )
لم نرى من الدروز غير الظلم والقمع والافتخار بانهم جنود في جيش الاحتلال الاسرائيلي


2 - عيب يا أبو مراد
سوري ( 2010 / 1 / 14 - 07:19 )
هذا التعميم معيب للغاية بحق إخواننا في الوطن
لماذا رأيت القلائل من الدروز الذين جذبهم الإسرائيليون ولأسباب إقتصادية وإجتماعية، ولم تر الأكثرية الوطنيين الشرفاء؟

ثم، حين يتم إهدار كرامة المواطن السوري ويتعتر وبتشرشح من قبل حكومات بلده، وتتبهدل مواطنيته وحقوقه، فلماذا نتوقع من الكل أن يبقوا مخلصين لوطن سليب تحكمه عصابات لا تقيم للمواطنية وزناً؟
ولماذا لا نرى إسرائليين يقومون بما يقوم به البعض من طرفنا؟ لأن المواطن الإسرائيلي معزز مكرم، هو بالنسبة لحكومته أهم من ثروات الدنيا، في حين قرش أحمر لحكوماتنا أهم من كل الوطن والشعب

الدروز من ألطف الناس وأكثرهم تهذيباً بشكل عام
ولعلمك أنا لاديني، ولست من أصول درزية ولا أمت لهم بصلة، باستثناء المواطنية


3 - مسا الخير اخي سوري
ابو مراد فلسطين ( 2010 / 1 / 15 - 18:50 )
عندما اذكر سوريا اتذكر واتالم على ما الشعب السوري بكل عناصره ومعتقادتهم من قمع وحرمان من ابسط حقوق البشر - اخي سوري انا ايضا لاديني وافتخر بانسانيتي ولم اقصد التعميم اكيد هناك دروز طيبين واكراد مظلومين واقباط مقهورين وامازيغ سرقت ثقافتهم وبهائيين بلا هوية وكم من محقق فلسطيني كان الجندي الدرزي ارحم منه - يسعد مساك واعتذر للاخوة الدروز لو فهموني غلط

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah