الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الحرية والسلام في العراق يمرعبر كردستان - القسم الثالث

خالد يونس خالد

2004 / 6 / 27
القضية الكردية


الطريق إلى الديمقراطية في العراق شاق وطويل
ما من شك أن الديمقراطية أفضل أنظمة الحكم ، لكنها لا تخلو من عيوب إذا تسئ ممارستها من قبل الحكام . فالديمقراطية تربية وممارسة بقدر ما هي فكر وعقلنة . وكل عمل إنساني نبيل بحاجة إلى وقت ودراسة وفهم وممارسة ، ومن خلال كل ذلك سيحدث بعض الأخطاء للوصول إلى حياة أفضل بإزالة العوارض القومية الشوفينية ، وسياسات الإبادة الجماعية وهضم حقوق الإنسان ، من أجل حكم الشعب بالمفهوم الليبرالي المتنور . فالديمقراطية ليست مجرد إنتخابات مزعومة يحصل فيها القابضون على السلطة على 99% من الأصوات كما هو الحال في بعض الدول العربية . كما أن الديمقراطية لاتعني حكم العساكر ودوائر الأمن بمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم الإنسانية النبيلة ، وإلغاء الآخر كالقوميات والأقليات الأخرى كما هو الحال في تركيا في ظل الإنتخابات المزعومة . والديمقراطية لاتعني أيضا منع المرشحين في الترشيح بسبب إنتماءاتهم السياسية التي لا تتفق مع توجه المحافظين أو عدم الإعتراف بحقوق الأقليات والمذاهب الأخرى ، وجعل توجه ديني أو فكري واحد مقبولا كماهو الحال في إيران .
إن الديمقر اطية هي الإعتراف بالآخر ، وغياب العنف ، والتعبير الحر عن ممارسة الإرادة الحرة ، والعمل فيما تريد أو لا تريد على أن لا تعتدي على الآخرين ، سواء كان إعتداءا فيسيولوجيا أو سيكولوجيا . إذن في إطار هذا المفهوم الديمقراطي الليبرالي الحضاري لايمكن الإعتراف بأي شكل من أشكال الحكم في دول الشرق الأوسط . إننا هنا لا نعني بالديمقراطية ، الإباحة والتسيب والهلوسة ، إنما نعني عدم إحتكار السلطة من قبل عشيرة أو شخص أو توجه فكري معين . ونعني أيضا حكم القانون والفصل بين السلطات ، وإستقلالية القضاء والصحافة ضمن خصوصيات مجتمعاتنا وأخلاقياتنا ، بعيدا عن القهر والإستبداد والإرهاب .
إذا توفرت إرادة الحرية والعمل والتعاون فإنه سينجح العراقيون لحكم أنفسهم ، وسيحققون إستقلالهم السياسي والفكري ، وسيصبح العراق مركز الإشعاع الحضاري الذي سيعم الشرق الأوسط حين يكون العران بؤرة النور لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير . وسيكون ذلك تقدم كبير للشعب الكردستاني بإضعاف طغيان الأنظمة الدكتاتورية ليس في العراق وسورية التي تحكم أنظمتها كردستان بالعلاقات الإستعمارية بالمفهوم السياسي للكلمة ، إنما ايضا في بقية الدول العربية وتركيا وإيران ، وحتى في كردستان نفسها . ومن هذا المنطلق ترفض الأنظمة الإسبدادية والعشائرية مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يدعو إلى التطور السياسي والإجتماعي والفكري والحضاري ، ويضعف من هيمنة العقلية القومية الشوفينية والعشائرية ، لتعزيز الكرامة الوطنية بعيدا عن العرق والطائفية والتمييز العنصري .

إستخدام سلاح الديمقراطية لضرب الديمقراطية قد يؤدي إلى تقسيم العراق
رحبت القوى العراقية العربية بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 باعتباره إشارة الى نهاية الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية . لكن الولايات المتحدة لم تأت إلى العراق من أجل سواد عيون العراقيين إنما من أجل مصالحها الإستراتيجية من خلال مساعدة العراقيين في بناء وطن ديمقراطي عانى من الحروب والمآسي والقمع . لقد تحرر العراق من إحتلال الفكر الفاشي الصدامي ، ومن الممارسات الحيوانية التي كانت تعمل لغسل العقول من السلام والأمن والإستقرار والعلاقات الإنسانية الطبيعية . وكان الإحتلال الأمريكي البريطاني للعراق ثمنا لتحررهم ، وكان لابد من ذلك . فالتاريخ يعطينا أمثلة كثيرة كيف ساندت الولايات المتحدة أوربا بتحررها من الفاشية النازية ، ولا تزال القواعد العسكرية الأميركية متواجدة في إيطاليا وألمانيا ودول أخرى .
قرار مجلس الأمن المذكور قد أحدث شرخا كبيرا في الصرح الأثني والطائفي في العراق ، ويبدو أن أمريكا وبريطانيا قد خططتا لذلك . وعجزت القوى الشيعية ، ولاسيما آية الله السيستاني والشيخ المراهق مقتدى الصدر من إستيعاب هذه المعادلة الدولية ، حيث وصل الصراع وعدم الثقة بين العرب والكرد ، ولا سيما بين الكرد والشيعة ذروتها ، ليفتح الطريق أمام إحتمال ضرب الكرد والمعارضة العراقية بأسم الديمقراطية ، بعد أن سُلب من الكرد ضمان الفيتو الذي كانوا يتمتعون به في قانون إدارة الدولة العراقية مما فتح الطريق أمام إحتمال تقسيم العراق .
لقد هدد الوزراء الكرد بالإستقالة ، ثم تراجعوا عن الإستقالة ، ووافق البرلمان الكردستاني على قرار مجلس الأمن على مضض ، بعد ضمانات شفوية من الرئيس العراقي الياور ، ورئيس الوزراء العلاوي لكن الأزمة الداخلية باقية ، وهي تجسيد لرغبة الكرد في تقرير المصير ، بسبب فقدان الثقة بين الجانبين وقد علمهم التاريخ ، سياسة التطمين والخداع ، ثم ضرب الحركة التحررية الكردستانية .
ستجري الإنتخابات الديمقراطية في العراق في العام القادم ، ومن المحتمل أن تحصل الشيعية على أغلبية الأصوات ، لكنني شخصيا لا أعتقد بأن رجال الدين من الشيعة المتصلبين المتعنتين سيفوزون بأغلبية مطلقة لتشكيل الحكومة ، إنما سيجبرون بالتعاون مع قوى عراقية أخرى ، أو يلجؤون إلى التكتيك الإيراني بتنظيم المظاهرات والإدعاء بتزوير الإنتخابات . وإذا ما سيطر الشيعة على الحكم في العراق ، فإن هناك مخاوف لتعاونهم مع بعض الجهات لضرب جهة معينة ، وتدريجيا سيعملون على تصفية المعارضين طبقا لنظرية آية الله الخميني التي شرحتها في القسم الثاني من هذا المقال . فالتاريخ لا يرحم أحدا ، ونحن نعلم كيف تم تصفية المعارضين الإيرانيين والكرد باستخدام سلاح الديمقراطية لضرب الديمقراطية . ولعل البدايات التي نواجهها في العراق اليوم تشير إلى القلق الكبير لدى الأوساط العراقية مجتمعة من سنة وشيعة علمانيين عرب وكرد وأقليات.

القيادات الكردستانية تطالب بإتحاد ديمقراطي تعددي فدرالي برلماني
أعتقد أن قضية العلاقات العربية الكردستانية ستكون أكثر القضايا حساسية في العراق ، وأن إهمال الحقوق الكردستانية إنذار بتقوية الجناح الكردستاني المتطرف بالدعوة لتشكيل دولة كردستانية . ورغم الغضب الكردستاني من موقف الولايات المتحدة بإهمال دعوات القيادة الكردستانية من خلال رسالة البارزاني والطالباني للرئيس بوش ، فإن الكرد قد حصلوا على ضمانات معينة بعدم التمرد في الوقت الحاضر . وأعتقد عن قناعة من أن الكرد يعرفون ماذا يفعلون فيما إذا تجاهلت السلطات المركزية حقوقهم ، وأن الجانب العربي سيقع في دوامة صراع لا أول لها ولا آخر ، وأن الندم قد لا ينفع .
هناك أصوات ، قد تكون غير واقعية بمقارنة العراق بلبنان ، من أن الفدرالية تؤدي إلى النموذج اللبناني المبني على دستور طائفي بتقسيم المسؤوليات الإدارية طبقا للإنتماء الطائفي . ويظن هؤلاء بأن الأمر بالنسبة للعراق أخطر بسبب التنوع الأثني أيضا ، مما قد يؤدي إلى تقسيم العراق . لكن قد يكون العكس هو الصحيح ، فالفدرالية تقوي من وحدة العراق ، وتسد الطريق بتقسيم العراق . وأعتقد بأنه من الغباء أن ينسى العرب والعراقيون تجربة سويسرا ، كيف أن الفدرالية الديمقراطية تقوي من وحدتها . صحيح أن الفدرالية إذا كانت شكلية ، وإذا فرغت من محتواها الديمقراطي والتعددي تؤدي إلى تقسيم العراق ، ولكن لماذا يجب أن نفرغ الفدرالية من محتواها الديمقراطي التعددي ؟ إن الخوف من الفدرالية من قبل العرب ، ولا سيما الشيعة متمثلا بأية الله السيستاني ومقتدى الصدر ، يعني أن هناك خططا من قبل العقول المعادية للديمقراطية بإفراغ الفدرالية من محتواها الديمقراطي، ولذلك فإنهم يهددون ، برفض الفدرالية . ومن هنا فإن الشعب الكردي يأخذ الحيطة والحذر ويستعد لجولات من الصراع في معركة الديمقراطية ، قبل أن يتم بناء عراق ديمقراطي تعددي فدرالي برلماني ، أو عراق مقسم إلى ثلاث دول بين الكرد في كردستان والسنة في الوسط والشيعة في الجنوب ، والفضل أو العتب على أصحاب القرار السياسي في السلطة المركزية إذا احسنوا أو اساؤوا إستعمال سلطتهم . لقد إختارت القيادات الكردستانية طريق الإتحاد الإختياري الديمقراطي الذي يضمن حقوق شعب كردستان في الفدرالية الديمقراطية ، ولذلك فإن الشعب العربي في العراق يتحمل مسؤولية هذا الإختيار لضمان تلك الحقوق ووحدة العراق الديمقراطي ، أو يتحمل مسؤولية دفع الشعب الكردستاني باللجوء إلى خيارات أخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى خشية تل أبيب من إصدار المحكمة قرار باعتقال نتنياهو وغ


.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأمم المتحدة تعلق مساعداتها إ




.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق


.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا




.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ