الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإيمان والتجربة الشخصية

زهير قوطرش

2010 / 1 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإيمان, والتجربة الشخصية.

أكتب مقالتي هذه ,بعد أن بلغت من العمر مراحل متقدمة ,غنية بالتجارب الشخصية ,وخاصة التجربة الشخصية الإيمانية أو التجارب التي سمعتها وعاشها بعض الأخوة المقربين.هذه التجارب ولدت لدى شعوراً إنسانياً يختلف عن شعوري الإنساني عندما كنت شاباً أو طفلاً.صرت أبكي عندما أسمع عن حالات الظلم التي تقع على البشر وخاصة على الأطفال.أبكي عندما أشاهد دراما إنسانية فيها تجربة حية إيمانية تُشعر الإنسان المحتاج بأن الله قريب منه ويستجيب إلى دعائه ورجائه.
وبالوقت نفسه أصبحت أدرك ما معنى القسوة وعدم الرحمة عند الكثيرين من المؤمنين أو الذين يدَّعون الإيمان ,ويعبدون الله بشكل زخرفي.أصبحت أدرك ما معنى هذه التعابير القاسية الصادرة عن وجوه بعض العلماء والمشايخ وأهل الإسلام السياسي ,وسدنة التنظيمات الجهادية التكفيرية,وكأنهم جاءوا ليقولوا لنا أعبسوا إن الإيمان عبوس دائم وقتل وتفجير الخ.ذلك أن إيمانهم تنقصه التجارب الشخصية الإيمانية
مع العلم أن هؤلاء وغيرهم من حفظة النصوص ,قد يحفظون كتاب الله عن ظهر قلب .يعيدون إنتاج النص في كل مناسبة ,لكنهم لا يعيشون النص القرآني,لا يتمثلون النص من خلال تجربة شخصية يعيشها بعضهم فيصبح إيمانه بهذه الحالة منيعاً ,ويزاد تواضعاً ورحمة وحباً للآخرين.
أستطيع أن أقدم ألاف البراهين على وجود الله عز وجل ,ويستطيع غيري أن يقدم ألاف البراهين على عدم وجود الله ,ما ا لذي يجعلني أنا متمسكاً بإيماني ولا أتنازل عنه ,أليست تجاربي الشخصية الإيمانية في الدرجة الأولى الى جانب مطالعاتي الفكرية ,وتدبري الشخصي في نصوص كتاب الله الذي يفتح مواقع إيمانية راسخة في كل كياني وتصرفاتي مصقولة بالتجارب..
هناك من أقام إيمانه على المنطق والعقل ,وكنت في يوم من الأيام على الطرف الأخر من قضية الإيمان ,أناقش هؤلاء حول عقم منطقهم الإيماني وكانوا من حملة الشهادات العالية,وبالفعل كنت أشعر أن قوة منطقي المادي كانت تثير في إيمانهم المنطقي والعقلي بعض الشكوك ولو إلى حين.لكني لم استطع يوماً أن أزحزح من إيمان عمتي رحمها الله الأمية التي كانت تعبد الله ليل نهار.وكان إيمانها المطلق مبنياً على تجارب مأساوية مرت بها , حيث كانت تدعوا الله مستجيرة, فأجارها وساعدها ,ولو أني جئت إليها بكل كتب المنطق والفلسفة التي تنكر وجود الله لما زحزحت من إيمانها قيد شعرة.
لقد كانت عمتي تقول وتردد أنه قريب أنه قريب ,أنه رحيم أنه رحيم بعباده,وأن الوصول إليه أسهل مما نتصور. كيف هذا ؟,كيف صار هذا الإيمان بهذا الشكل؟.أؤكد أنه كان إيمان تقليد في البداية,ومر بالتجربة الشخصية ,لينتهي الى الإيمان الحقيقي القوي الراسخ.هذه العمة بعد كل تجاربها الإيمانية الشخصية أوكلت أمرها الى خالقها ,وصارت تستخيره في كل صغيرة وكبيرة .وكانت تشعر بقرب الخالق منها ,فكانت تزداد بدورها رحمة وشفقة الى كل من حولها .وأصبح النص البسيط والسهل القصير الذي تحفظه من كتاب الله عن ظهر قلب تعيشه وتتمثله وتتجوهر فيه بشكل عملي حتى صار أهل الحي يطلقون عليها أسم أم الفقراء والمساكين.
مسكين أيها الإنسان ,الذي تمر عليه مثل هذه التجارب الشخصية الإيمانية ,ولا يستطيع أن يصنفها في سياق العناية الإلهية التي ترافقنا في مسيرة حياتنا إلى يوم نغادر هذا العالم. وكأنه خسر دنياه وخسر أخرته.
أقرأ الكثير من المقالات ,وخاصة الدينية منها ,ومن على هذا الموقع , مقالات تتدبر في كتب الله شارحة مقاصدها ,يكتبها أخوة أعزاء ,كما وأقرأ على المواقع الأخرى مقالات جيدة ورائعة في تحليلها وتدبرها ,لكني أشعر أن كتابها لا يغنوا مقالاتهم بتجاربهم الإيمانية الشخصية التي تدعم ما يكتببوه .
إن عدم إيراد التجارب الإيمانية ,تحيل النصوص الى التحجر والجمود ,تصبح نصوصاً بدون ثمر . ما فائدة حفظ النص ,وإعادة استهلاكه ,دون أن يعطيناً خبرة إيمانية تنطق بما جاء فيه النص على أرض الواقع. صحيح أن الرسالات والنبوات انتهت بنبوة محمد(ص) .لكن ماتركه لنا الأنبياء من نصوص ,جاءت لنتفاعل معها ,لتكسبنا خبرة, لتجعلنا نشعر بأن الله فعلاً قريب منا.وأننا مهما علونا نبقى بحاجة إليه وإلى عنايته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال