الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعالوا لأخبركم عن العرب ...

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2010 / 1 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


( أنا لبناني متطوع في خدمة الأمة العربية ، و عربي متطوع في خدمة الإنسانية .)

ميخائيل نعيمة


للمرة الأولى رهبة مميزة، و رجفان عقلي طفل ..و لكل شيء مرّته الأولى ...


كنت في الخامسة عندما زرعت ريشة دجاجتي المفضلة في القرية الجبلية التي نقصدها صيفا ، كنت انتظر بزوغ شجرة من الدجاج .
لم أكن لأفسر بعد لعنة الدجاج في الحساء التي أخبرتني أمي عنها و هي تضحك بعينيها اللطيفتين ...

و لمّا حكيت القصة لابن جيراننا "تيم" قال لي :
- الدجاجة ماتت يا غبية ، و أنت تزرعين ريشتها ، كان عليك زرع العظام .

-ماتت؟؟

في اليوم ذاته كانت عمتي "جمان" تشرح لأبي كيف أبيدت الحضارة العربية ، قالت له :
-(بح)..أضاعوا ورق تخرجي كاملا ، أنا الآن خارج الجامعة ، و على هامش الحياة ...درست الأدب العربي (عالفاضي) ..لم يخبرني أحد أن الحضارة العربية ماتت!

ماتت...

كلمة أخرى تدخل قاموسي الطفولي الملون ، تخبره بوجود لون جديد ، لون أسود مخيف ، و دجاجة تحمل حضارة عربية - متمثلة بأوراق تخرج "جمان" - ...تركض في ذاكرتي، تخلع ريشها جانبا ثم تنط في قدر حساء كبير ...

**********


كانت المرة الأولى التي أجد فيها مشكلة مع اسمي .

فبكثير من قلة التقدير و الخبرة كان لسان "ابراهيم" يسألني :
-ألا تعتقدين بأن لقبك قد يجلب لك سوء الحظ هنا ، ليس لأنه يدل على الإسلام فقط ، بل لأنه يدل على العروبة أيضا ..بما أنك متزوجة ، لماذا لا تأخذي لقب زوجك ؟

الدهشة هي السبب الأول للصمت ، ربما توقعت ماقيل من أي أمريكي ، لكنني ما توقعت مطلقا ذلك السؤال من عربي .

لم أرد ، و غيّرت مسار الموضوع إلى العمل ، فقاطعني "ابراهيم " :
-لم أقصد التدخل ، لكن قوة تمسكك بأصلك العربي و كتاباتك العربيّة تثير دهشتي ! كما أنك لا تدخلين في نقاشاتنا الدينية ، و لا تتحزبين مع أحد ضد أحد .

-تستطيع اعتباري مسلمة ، و مسيحية ، و يهودية ...عربية و أمريكية و من سكان المريخ ...طالما أنني أعمل بجد و أعاملك جيدا يا زميل . لم يخطر في بالي قط ما هي ديانتك ، و لو لم تكن تتحدث العربية ،لما عرفت من أي بقعة أرضية أنت.

**********

عندما عدت المنزل ، بحثت عن معنى كلمة (الدين) : لأرى هل من شأن الجميع أي دين تدين !
و بحثت عن معنى كلمة( العرب ) لأرى هل معناها مخجل إلى هذا الحد !

الدين : العادةُ والشأن - الصحاح في اللغة - : (عظيم فحسب معلوماتي البسيطة لا علاقة لأحد بعادات أحد ...)

العرب:جيل من الناس : (رائع هم ليسوا فصيلة جديدة لكائنات ما !)



إذا ليس المعنى اللغوي هو مربط الفرس ، المعنى التاريخي هو المحرق . و بما أن " ابراهيم " يعمل أغلب اليوم ، و لا وقت لديه للإبحار في سفن التاريخ الكثيرة ،ففكرته تلك مأخوذة من الواقع العربي ...لماذا و كيف هذا ما سنحاول معا مناقشته في هذه السلسلة .

**********

أذكر أنني عندما كنت في المدرسة لم تدهشني الحضارة العربية إلا في وجهين :
الأول : الشعر العربي .
الثاني : كيف انحدرت هذه الحضارة ، و هوت بيد أبناء و ليس أعداء لها...

اليوم استغرب التناقضات العربية ، أدهش من التكفير و (التجهيل ) المتبادل ..الجميع يكفر و (يجهّل ) الجميع ، و الكل يحتاج لشهادة أوروبي أو أمريكي حتّى يثبت أقوالا له !

المشكلة ليست دينية بحتة ، لا طائفية بحتة ، و لا هي قومية ، و كذلك تخلو المشكلة من الأيدي العميلة ، و من نظرية المؤامرة ...

المشكلة اقتصادية بالدرجة الأولى ، و ثقافية بالدرجة الثانية .

ففي مجتمع يدور ويلف في حلقة مفرغة ل (الفقر)، (قلة العمل نوعا و كما ) ، (السرقات ):
سرقة تتسبب في قلة فرص أو مردودية العمل مما يتسبب في الفقر الذي يؤدي بدوره لسرقة من نوع آخر .

في مجتمع يدور في حلقة (التاريخ المزوّر المقدس )، (عدم القراءة و استخدام العقل ) ، (رفض الآخر) :
تاريخ مزوّر ،تقديسه يتسبب في عدم القراءة و تحكيم العقل ، مما يتسبب في رفض للآخر بطريقة همجيّة تخلو من أي بريق للمدنيّة .

تتداخل الدوائر ببعضها في أكثر من نقطة ، و يتسبب الدوران العربي بنتيجة حتمية وهي :
أولا : البقاء في نفس المكان ...
ثانيا : الإقياء : استرجاع قضايا و أحداث تخلق نوعا من (الأكشن ) في حياة رتيبة فارغة ، و سطحية . كما يحدث الإقياء نوعا من القرف و الدهشة على الصعيد العالمي .

**********

أنت إنسان ، لا علاقة لأي كائن في هذه الأرض من أي بقعة أتيت .
ليس لأي أحد أن بفلسف و يستغل علاقتك ب "الله " ، فعاداتك من شأنك فقط ، و ليست محورا لدوران جديد يسبب الإقياء .


**********

الدجاجة لا تنط لوحدها في قدر حساء ...
الحضارة العربية لم تمت ...

الحضارة العربية قتلت ، كما قتلت دجاجتي المسكينة ، و نحن جميعا باختلاف (عاداتنا ) من أكلنا لحمها ...


يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدجاجة والديك
عبد الإله السباهي ( 2010 / 1 / 17 - 22:25 )
سيدتي الكريمة الرائعة الدكتورة لمى
أشهد أن الدجاجة لم تمت وانما من مات هو الديك والديك العربي بالذات
أرجو لك مستقبلا باهرا ونجاحا واستمري
فما تكتبينه متعة لنا وثقافة
عبد الإله السباهي


2 - امة عربية
صادق بو منجل ( 2010 / 1 / 17 - 22:55 )
ياعزيزتي طالما المشكلة ليست دينية ولاطائفية ولاقومية فلماذا نحتاج لشهادة الاوربي والاميكي السبب هو الفقر في رأيك انظري لو سمحت الى الهند او جنوب امريكا او حتى افريقيا التي اغتقد بانها سبقتنا اليوم باشواط طويلة من خلال حقوق الانسان والديمقراية الخ
فياعزيزتي اني اختلف معك اميالا فمشكلتنا هي الدين طبعا الدين وما يحويه من طائفية لعينة بثوها علينا شيوخ العربان من خلال زعيقهم ونحيبهم حتى نشعرو احيانا اننا اصبحنا في تورا بورا وليس في شرقنا القديم الرائع والجميل حتى اصبحت عروبتنا في موضع خجل والقادم علينا اصعب فارجو ان لاتغرقي في حلمك هذا لان عروبتنا سلتفظ انفاسها قريبا واتصور باننا نشهد موت هذه الامة قريبا


3 - لايوجد شيء اسمه حضارة عربية
النيل نجاشي ( 2010 / 1 / 18 - 00:05 )
تتار صحراوي خرج من شبه الجزية العربية كالجراد قام بالسطو علي الحضارات الزاهرة المجاورة وغيرها ، فدمر ونهب وسلب واغتصب ، ونسب لنفسه ما بقي من تراث تلك الحضارات التي طمس هوياتها ومحا شخصيات شعوبها محوا واذابها في لغته وعاداته الجالبة للتخلف والافقار، وفي عقيدته المفرخة للارهاب والمعادية لكافة البشر والمتعالية علي الانسانية
شكرا للدكتورة لمي الخزرجي - عفوا : لمي محمد


4 - الكرازما الشخصيه له اثر على المتلقي
Samir Mahmoud ( 2010 / 1 / 18 - 04:05 )
د. لمى،

انا ايضاً من المعجبين بكتاباتك التي تتميز بالذكاء مع جمال التصوير الأدبي والموهبه في التعبير مع قلب الصور بشكل مفاجئ مما يحفز القارئ على المتابعه، هنالك سبب آخر بل ومهم انا اعتقده وهو ان القراء ينضروا لصورتك الجميله في اعلى المقاله بانف قيصري حاد وعيون ذكيه فيزيدهم ذلك شوقاً للمتابعه والتعليق هي تذكرني بنفس - ستايل صورة موناليزيا - انا اردت القول ان هيئة الشخص وتشكيله او الكرازما الشخصيه له اثر على المتلقي ..


مع تقديري لموهبتك في الكتابه الأدبيه التي حباك الله بها


5 - شكرا
نعيم ( 2010 / 1 / 18 - 04:55 )
شكرا على الموضوع صراحة اجدتي في التعليق على الواقع العربي


6 - لست جميلة فقط بل ذكية أيضا
محمد حسين يونس ( 2010 / 1 / 18 - 04:59 )
ترددت أن أقرأ لك بعد أن شاهدت صورتك فالسيدة الجميلة لدينا عادة ما يقل ذكاؤها ..ولكنني لم أندم لقد جعل منك الغرب نموذج يحتذى ليت ابنتي مثلك .. ما تقولين هو الحقيقة يا بنية


7 - لا حضارة تدوم إلى الأبد
د آلان كيكاني ( 2010 / 1 / 18 - 06:29 )
لا يزال العربي منذ الجاهلية يبكي على الأطلال
ففي الجاهلية بكى على أطلال خولة ببرقة ثهمد والآن يبكي على طلول الأمويين والعباسيين في بغداد ودمشق والأندلس.
لا حضارة تدوم إلى الأبد ,
هذه حقيقة ساطعة سطوع الشمس على الصحراء العربية والمدة الزمنية التي تقاوم فيها حضارة ما من أجل البقاء تتناسب طردا مع قدرتها على تغيير بعض المفاهيم فيها بما يتناسب التيار العام الذي تسير فيه البشرية نحو تحقيق الرفاهية . من هنا نستطيع أن نقول أن الحضارة العربية محكوم عليها بالفشل لأنها اختارت الاسترشاد بالماضي ورفضت إدخال مفاهيم
جديدة من شأنها منافسة حضارات أخرى موجودة بقوة على سطح المعمورة
إذا كنا كشرقيين نطمح إلى أن يكون لنا محل تحت الشمس فعلينا التخلص من الكثير من العقد التي نحملها في نفوسنا ونعتز بها على أنها قيم نادرة لا يجوز المساس بها,
نظرة واحدة إلى الواقع العربي ترينا أن العرب يعيشون في إفلاس حضاري محض وهم مستهلكون لحضارة غيرهم بامتياز وليس لديهم ما يقدمونه للعالم أو يضيفونه إلى الحضارات الأخرى خلا بعض الأحزمة الناسفة يصطادون بها الأبرياء وسجون يتفننون فيها في التعذيب والسادية

تقبلي تحياتي


8 - إحساس رائع
زيد ميشو ( 2010 / 1 / 18 - 06:51 )
من بين السطور الجميلة إخترت :- أنت إنسان ، لا علاقة لأي كائن في هذه الأرض من أي بقعة أتيت . ليس لأي أحد أن بفلسف و يستغل علاقتك ب -الله - ، فعاداتك من شأنك فقط ، و ليست محورا لدوران جديد يسبب الإقياء .

كم تذهلني كلمة إنسان ، وكم أتمنى أن تُدرَك ماهيتها
إنسان = عقل = حرية = كيان = علائقية
وبما إنه كائن علائقي فعليه أن يحترم الإنسان الآخر ، ومن لايفقه معناً للإحترام لاعلاقة له بالإنسانية أكثر من المظهر الذي يبدوا عليه
وأول تجرد من الصفة الإنسانية يبدأ بسلب حرية الآنسان الآخر في إختيار مايختار وطعنه بفكره ، والتعالي عليه ومغاباته
والمهم في أي إختيار هو أن أختار مايجعلني إنسان حقيقي وليس شكلاً


9 - الدجاجة ماتت من زمان ومازلت ميته
maria ( 2010 / 1 / 18 - 10:15 )
المرأة العربيه هي الدجاجة والديك هو الرجل العربي الدجاجة مسلوق ومنتوفه
ولا اعلم متى يتم اكل الديك


10 - السكوت أحياناً أبلغ من الكلام
الحكيم البابلي ( 2010 / 1 / 18 - 16:04 )
العزيزة لمى
عندما يعرف الأميركان بأنني من العراق يسألوني دائماً : ما هو رأيك بالعرب ؟ ٌ
أقول لهم : ناس رائعين جداً
ثم يسألوني : ما هو رأيك بالأسلام ؟
أصمت
يعيدون السؤال
أصمت مرةً أخرى ... الحروف أحياناً قاطعة كالنصل ... والسكوت أرحم
تحياتي


11 - منذ متى كانت ألأطلال لهم ...!؟
سرسبيندار السندي ( 2010 / 1 / 18 - 19:06 )
هل رأيتم غزاة عراة حفاة يبنون حضارات دون بناء ألإنسان ... فحتى هذه ألأطلال ليست لهم بل كانت لأصحاب البلدان المغزية من كلدان وأشوريين وسريان وفراعنة وإفرنجة وإسبان ... والدليل ها هى بلداننا تسير للوراء رغم كل التقدم والتطور في العالم ورغم كثرة المال والعيال عندنا والحمير والجمال ... فلولا الكفار صدقوني لإنقرضنا من زمان... وشكرا لك سيدتي الجميلة على هذا المقال .....!؟


12 - انت اليوم اجمل
ابو شريف ( 2010 / 1 / 19 - 00:47 )
اجتهدت كثيرا في تثقيف نفسي في الفترة الاخيرة لافهم ما تكتبين واليوم احس اني افهم شيئا ,هل بالغت انا في الثقافة ام نظرت انت الى مرآتك قبل ان تكتبي.

اخر الافلام

.. المنتخب الإنكليزي يعود من بعيد ويتأهل لربع نهائي مسابقة أمم


.. أسير محرر يتفاجأ باستشهاد 24 فردا من أسرته في غزة بعد خروجه




.. نتنياهو في مواجهة الجميع.. تحركات للمعارضة الإسرائيلية تهدف


.. أقصى اليمين في فرنسا يتصدر الجولة الأولى للانتخابات التشريعي




.. الغزواني يتصدر انتخابات موريتانيا