الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا بديل للأنظمة الإستبدادية

زهير قوطرش

2010 / 1 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أصبحت هذه المقولة حقيقة ومسلَّمة مادية تعيش في وعي شعوبنا العربية .وأقصد الشعوب العربية التي قُدرَ لها أن تعيش في ظل أنظمة شمولية استبدادية(قانون الطوارئ) .
ومما يثير الدهشة أن القوى السياسية المعنية بالتغير الديمقراطي في تلك الدول والتي من المفروض أن تقوم بفعل التغير أصيبت بمرض ازدواجية الموقف,هي تعلن عن ضرورة التغير في برامجها ودعايتها السياسية,ولكنها بالمقابل تعتمد مبدأ (حالياً لا يوجد البديل).
المواطن في هذه الدول وضَع أمام خيارين لا ثالث لهما من قبل الدعاية الرسمية المفبركة من قبل الأنظمة الشمولية,إما أن يقبل بهذه الأنظمة على ما هي عليه من استبداد, أو أن يكون البديل هو الإسلام السياسي المتمثل بحركة الأخوان المسلمين أو التيارات الإسلامية المتشددة ,ونجاح الإسلام السياسي كما يشاع معناه تعطيل الديمقراطية طالما تمكن الإسلام السياسي من الحكم,لأن الحركات الإسلامية تعتمد مبدأ الحاكمية الإلهية في الحكم, حيث لا يمكنها انطلاقاً من تراثها الإيديولوجي الوهابي تناوب السلطة مع العلمانيين وغيرهم ممن لا يوافق تصوراتهم وفكرهم أحادي التوجه. وستعمل قدر الإمكان على إعادة عقارب الزمن الى الوراء(طالبان).
هذا الخيار الذي وضعت أمامه تلك الشعوب أفضل ما يقال فيه, أنه أمران أحلاهما مرٌ. المواطن في هذه الدول صار يعيد إنتاج الأمثال القديمة ويسوُّقها كنوع من التخفيف على الأنفس ,مثلاً: (من تزوج أمي صار عمي)...(وبطيخ يكسر بعضه). حتى أن أحد الأصدقاء المقربين من الذين ناضلوا في سبيل الحرية والديمقراطية عمراً, صرح لي أن الخيارات أصبحت معدومة ,لهذا نحن أمام واقع أصبح فيه المواطن يعيش في ظل هذه الأنظمة كقطيع الغنم يأكل ويشرب وينام ويتظاهر خوفاً ورهبة , ويردد لا حول ولا قوة إلا بالله,لأن البديل أكثر شراسة واستبداداً.وكما قيل (اللي بتعرفه أحسن من اللي بدك تتعرف عليه).

لا يوجد حالياً بديل .

هذه المقولة تم أعداها وطبخها وتسويقها في مطابخ دوائر الإعلام المخابراتية للأنظمة الشمولية ,التي تفبرك للمواطن مثل هذه المقولات و النكت السياسية وغيرها من الدعايات الإعلامية وخاصة منها التي تنتقد بعض المسؤولين من الدرجة الثانية أو الثالثة للتنفيس عن الاحتقان الذي تعاني منه هذه الشعوب, وإجبارها على القناعة بقبول الأمر الواقع. لقد نسيت هذه الأنظمة , وحتى الشعوب المغلوب على أمرها مع كل أسف حقيقة هامة ,وهي أن هذه الدول يحكمها أهل العلم والمعرفة.هذه الدول يدير شؤونها عدد كبير من الموظفين الأخصائيين في شتى المجالات ليس لهم علاقة با لأحزاب الحاكمة والحزبية أصلاً , نسي هؤلاء أن من ينتج القيمة المادية هم العمال والفلاحين والحرفيين الذين لا هم لهم سوى إعالة أنفسهم وأهليهم.نسيت الشعوب أن الحكام المستبدين هم كالسرطان ,يحكمون بواسطة الأجهزة الأمنية التي تحمي مصالحهم الطفيلية المتمثلة بسرقة قوت شعوبهم والتخوص فيها .هم أجبن مما يُتصور ,لأنهم لو كانوا يمثلون شعوبهم بحق وحقيقة, من خلال صناديق الاقتراع بشكل نزيه, ,لما كانوا بهذا العهر والجبن والخوف على كراسيهم المصنوعة من الصمغ العربي الأصيل.

لا يوجد بديل.

مقولة فيها استخفاف بشعوب هذه الأنظمة,فيها استخفاف بإمكانياتها. نسي هؤلاء الحكام أن كل حاكم ,وكل حكم له نهاية .فهل تنتهي الشعوب بنهايتهم.الشعوب مهما كانت هي حية ومتطورة وقادرة على حكم نفسها بنفسها لأن البديل موجود في أبناء هذه الشعوب .كم من الحكام المستبدين انقلبت عليهم شعوبهم بفعل داخلي أو مساعدة خارجية واثبتوا أنه لديهم القدرة على اختيار ممثليهم بشكل حر وديمقراطي من وسط المواطنين المخلصين والمصلحين التنورين الذين لديهم الإمكانيات والكفاءة للقيام بأعباء الحكم . إلى متى ستبقى هذه الشعوب أسيرة لهذه المقولة الكاذبة .
لا يوجد بديل في الوقت الراهن, وهذا الوقت الراهن في نظر الحكام له صفة الديمومة الأبدية.البديل موجود دائماً وأبداُ لأنه قانون الحياة .كفاكم يا حكام الاستبداد خداع شعوبكم .كفاكم اعتبار أنفسكم خالدين . الخلود في الدنيا للشعوب وقواها المخلصة ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصوت السلمى دائما خافت
رشا ممتاز ( 2010 / 1 / 18 - 16:06 )
الكاتب المتزن زهير قرطوش احييك على مقالك الذى دفعنى لان اقرأ لك المزيد ا واعجبنى جدا مقال لماذا العدواه بين المسلمين وبعض المسلمين والمسيحين

اتمنى ان يزيد الله من أمثالك
تحياتى وتقديرى


2 - شكرا للكاتبة رشا
زهير قوطرش ( 2010 / 1 / 18 - 21:42 )
شكراً للكاتبة المميزة رشا ممتاز.
الشكر أيضاً لهذا الموقع الرائد .الذي فتح أمام الأحرار والمتنورين باباً يطلون من خلاله بأفكارهم الأصلاحية ,وإن أختلفت الطرق ,لكن الهدف هو إحداث فعل التغير في بنيتنا الثقافية. وهذا هو هدفي وهدفك على ما اعتقد. بدوري قرأت مقالاتك من قبل ,وأهنئك على هذا الفكر المتنور . ,,,وأرجوا أن نشكل معاً جبهة عريضة تكون منارة لكل من يريد المعرفة.مرة أخرى شكراً لك.

اخر الافلام

.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي