الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات دولة..السياسة والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث

مازن لطيف علي

2010 / 1 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قليلة هي الكتب التي صدرت في فترة عراق ما بعد الاحتلال وتركت اثرأ واضحاً وملومساً في تناولها للقضايا المصيرية في العراق وتاريخه السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. في الكتاب الصادر حديثاً "مذكرات دولة _السياسة والتاريخ والهوية الجماعية في العراق الحديث" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر( ترجمة: حاتم عبد الهادي) تأليف إريك دافيس الاستاذ البارز في العلوم السياسية ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة رتجرز..يتناول الكتاب عمليات بناء الأمة وتشكيل الدولة في العراق الحديث ، تلك العمليات التي يعتبرها المؤلف غير مكتملة ولم تنته بعد ؛ لأن معظم العراقيين لم يتفقوا حتى الان على نموذج مقبول بشكل عام للمجتمع السياسي ، اذ في غمار علمية بناء الأمة ، هناك نموذجان متنازعان فيما يتعلق بالمجتمع السياسي: أحدهما هو النموذج العراقوي والاخر هو القومي العروبي.. وهذان النموذجان يتصارعان فيما بينهما من أجل الهيمنة .. يحاول إريك دافيس في كتابه "مذكرات دولة" ان يثبت بأن عدم قدرة العراقيين على بناء نموذج ناجح للمجتمع السياسي يفسر إلى حد بعيد عدم استقرار البلاد اجتماعياً وسياسياً .
يرى إريك دافيس أن المثقفون يلعبون دورا رئيسيا في إنتاج الذاكرة التاريخية الخاضعة لرقابة الدول ورعايتها ، إما من خلال إنتاجهم الثقافي أو من خلال تشفير الانتاج الثقافي القائم بالطرق المرغوبة سياسيا .. فأن احد اسباب التركيز على الذاكرة التاريخية والهوية الجماعية يتمثل في الحصول على فهم أفضل لما دعا أن تكون للعراق ، دون غيره من البلدان العربية الاخرى ، مثل هكذا تجربة مضطربة في تشكيل وبناء الدولة والأمة الحديثتين .. فمنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ، عانت دولة الامة من العنف وعدم الاستقرار السياسي بما في ذلك حدوث أول انقلاب عسكري في العالم العربي عام 1936 . وبالرغم من وجود انتهاكات للأنسان العراقي في الفترة الملكية ، والى حد ما في ظل اول جمهورية عراقية في ظل حكم عبد الكريم قاسم لكنها لايمكن ان تقاس بوحشية النظام البعثي في ظل رئاسة صدام حسين للعراق ..
ركز إريك دافيس في كتابه على الاسلوب الذي تناوله من خلال المثقفون _ في ظل حكم البعث_ علاقتهم بالدولة في إطار مساعيها لتوظيف تصورات معينة حول الماضي ، حيث باع بعض المثقفين أرواحهم للدولة ، بينما اختار اخرون طريق المعارضة الصريحة ، التي أودت بهم الى المنفى أو الاعتقال أو إلى ما هو أسوأ من ذلك كله.

ويرى دافيس انه بإنشاء البعث لمشروع الهيمنة حول تطويع ذاكرة تاريخية وإعادة بنائها_ فيما بات يعرف بمشروع إعادة كتابة التاريخ_ حاول البعث تفتيت المجموعات التي اعتبرها معادية من خلال اتباعه معها استرتيجية فرق تسد . فخلال فترة سبيعنيات القرن العشرين تناغم المشروع الهيمني حتى مع الجماعات المهمشة الى درجة محدودة ..سعى البعثيون الى تشويه سمعة خصومهم ، عن طريق التلاعب بالرموز الرافدينية المستخدمة في الخطاب الوطني السياسي الوطني العراقوي ، وعلى خلاف القوميين العروبيين الأوائل في العراق ، شجع صدام حسين البعثيون التكارتة على نحو أكثر نشاطا الآثاريين والدراسات التاريخية حول بلاد الرافدين القديمة ؛ ليعطوا العراقيين إحساسا بأنهم كانوا من أكثر الشوب العربية تحضرا ، وفي البحوث التي تزعم بأن سكان بلاد الرافدين قديما كانوا " ساميين" ، حاول البعثيون التلاعب بالحركة الوطنية العراقوية ، ودمجها بالخطاب السساسي القومي العروبي.
في خاتمة كتابه " مذكرات دلة" يطرح الملف ستة افترضات ، أولها ، انه مع افتراض وجود نخبة ياسية موحدة نسبياً ، فإن جهود الدلوة لفرض أنماط من التفكير ذات طابع هيمني ستظهر في صيغةمعلنة قسي المجتمعات التي تخضع لتغيير اجتماعي سريع ، يتعرض فيه ما هو مأخوذ على انه بديهي أو طبيعي إلى التحدي بشكل اساسي.
ثانياً ، يلقي تطويع الدولة لذاكرة عامة آذاناً صاغية متعاطفة ليس في المجتمعات الخاضعة لتغيير سريع حسب ، لكن في مجتمعات ، كما في العراق ، تتكيف وفقاً لتشكل "دولة جديدة / بمجتمعات قديمة " . واذا لك يكم لدولة _ أمة متشكلة حديثا ذاكرة تاريخية أساسية تستند إليها ، فأن تطوير مشروع فعال للهيمنة يواجه المصاعب الذاكرة التاريخية توفيقية ، ثالثاً ، ينبغي أن تكون جهود الدولة لتطويع الذاكرة التاريخية توفيقية / بمعنى ان تلك الجهود لن تكون قبولة على نطاق واسع ، إلا إذا كانت قائمة على عمليات " عضوية".. رابعاً ، لايمكن تطويع ذاكرة تاريخية ونشرها بالصيغة التسلطية الشاملة ، واذا ما كانت الذاكرة التاريخية تسمح بمشاركة رمزية لمجموعة معينة ، ولا تمنح أعضاء تلك المجموعة إلا نزراً يسيراً أو لا تمنحهم شيئاً من المنافع المادية كالفرص المتزايدة او السلطة السياسية ، خامساً ، أن الدولة المجزأة تبعاً للأنقسامات الاثنية ستواجه عند إنشائها لذاكرة تاريخية وطنية لمشورع هيمني فاعل ، ومن ثم ، صعوبة أكبر من تلك التي تواجهها المجتمعات التي تعاني من تصدعات كهذه ، حتى لو أمتلكت الدولة الموارد المادية والبشرية اللازمة ،كما ان الانقسامات العمودية التي تتصف بها المجتمعات المجزأة اثنياً تخلق الحواجز التي يصعب تجاوزها. سادساً ، إن نجاح المشروع الهيمني يرتبط بشكل مباشر بقوة السرديات الممانعة للهيمنة ، على الرغم من انحدار التوجه الوطني العراقوي عقب الانقلاب البعثي عام 1963 ، غير ان رسالته في عدم انتهاج الإقصاء الثقافي ، والدعوة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ، قد استمرت تلاقي هوى لدى الكثير من العراقيين ، خصوصاً لدى السكان المنفيين والمغتربين ، سواء كانوا مثقفين او مهنيين ، حيث إن الكثير من المثقفين العراقويين كانوا بأنفسهم من المهتمين بالتاريخ والذاكرة التاريخية .
وفي تحليله النهائي يرى اريك دافيس ان العراق لم يكن دولة قوية في ظل حكم البعث ، وتقوضت آماله المستقبيلة بفعل عدم السماح إلا بالنزر اليسير من المأسسة السياسية الفاعلة .
كتاب " مذكرات دولة " يعد من الكتب المهمة جداً في تاريخ العراق الحديث واهميته تكمن من خلال توثيقه ومصادره ولقاءاته مع المثقفين العراقيين داخل وخارج العراق فترة في مطلع الثمانينات من القرن الماضي في العراق ويسلط الضوء على العلاقات بين الثقافة والسيطرة السياسية والمجتمع المدني ومؤسسات الدولة والمثقفين وصنّاع السياسة .. الكتاب يعتبر اول دراسة عن العلاقة بين سلطة الدولة والذاكرة التاريخية والحكم التسلطي في العراق الحديث .. يتألف الكتاب من 466 صفحة من القطع الكبير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا