الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين نحن من الديمقراطيات و أنصاف الديمقراطيات و الدكتاتوريات ؟

نزار بيرو

2010 / 1 / 21
القضية الكردية



هناك أنظمة تصفُ نَفسها أنها أنظمة ديمقراطية، لها برلمان وأحزاب سياسية، ولكن هناك أطياف و فئات من شعبها تعاني الظلم والحرمان، و من ابسط الحقوق التي
شرعها القوانين والشرائع الأممية. وما تنتهجهُ هذه الأنظمة من قمع وانتهاكات تجاه تلك الفئات، يَضعها في مصاف أعتا الأنظمة الدكتاتورية. وهناك أنظمة تدعي الديمقراطية و حدودها و فظاءاتها مفتوحة للعالَم وللثقافات المختلفة، وتتمتع شعوبها بالحريات، والفرد فيها يستطيعُ أن يَقول و يفعلَ ما يريد، ويعبر َويفرغَ ما بداخلهِ من سخطٍ واستياءٍ على النظام والذين هم في أعلى الهَرمْ، ولكن هناكَ حدود معينة ودائرة حَمراء، لا يجوز لهؤلاء تجاوزها، و إلا سَيدخلُ في متاهاتٍ، وسيجد أنفسهم في بحر الظلمات. إلا وهيَ العائلة الحاكمة، ورأس الهَرمْ، والذي يتمسك بدفة الحكم ويأتي من يخلفه فيها، من أبنائه، أو من عائلته، وبعملية انتخابية طبعاً. وهناك أنظمة ديمقراطية توفر لشعوبها حياة كريمة، تحفظ فيها حقوقه وكرامته، يُعَيشونَ شعوبهم في رفاهية، بغض النظر عن ما يمتلكونه من ثرواتٍ طبيعية أو موارد سخرها الله عز وجل لهم في باطن الأرض، بل بطاقاتهم، و التي تحل محل تلك الثروات في تقديم الأفضل لشعوبهم، والذين يتخذون السياسة فيها مهنة، قليلون، ويجد فيها مسؤولية كبيرة، وان يكون جديرين بتلك المسؤولية، ويترك بصمتهم فيما قدموه، قبل اعتزالهم . وهناك ايضا أنظمة ديمقراطية، قطعَت أشواطاً كبيرة، و وصلت إلى القِمة في نظمهم الديمقراطية في الداخل، و مع شعوبهم، ولكنهم وبحكم موقعهم وقوتهم الاقتصادية والعسكرية وما تترتب على ذلك من تحمل مسؤولية أكبر في الحفاظ على الاستقرار و الآمن العالميين، يكون التعامل مع المحيط الخارجي والقضايا العادلة للشعوب المضطهدة وتلك التي تبحث عن حق تقرير المصير، يكون التعامل و ما يزال يتحكمُ فيها مصالحهم العليا. وفي المقابل من هذه الأنظمة، هناك أنظمة شمولية مغلقة، هي الأنظمة الدكتاتورية ذات الحزب الواحد، و القائد الواحد، والرعية فيها عبيد وأداة تنفيذية لفكر القائد الآمر الناهي، والذي يملك كل شيء، قصوره لا تحصى ولا تعد، سجونه كالقلاع و يحوي أحدث أجهزة القمع والترهيب، فيما بيوت الناس من حولها أكواخ ، فيها وجوه و عيون متجهة إلى السَماء، و أفواه جائِعة، والويل ثم الويل لِمن لا يطيعَ القائد. و إن تسائلنا نَحنُ الكورد، أينَ موقِعنا مِن بين هذهِ الأنظمة، وان كنا لا نزال و منذ مئات السنين شعب، و ارض بلا وطن، أو شعب يعيشُ على أرضهِ، ولكنهُ لا يملكُ شيء يدافع أو يتمسك بها بحقهِ، أو حتى الاستفادةُ من ثرواتهِ بصورة طبيعية دون تدخلٍ واتهامه من قبل أعدائه. ونكران حقوقه، من قِبل الأنظمة و الدول التي ألحقت بهم أجزاء من أرضه منذ زمنٍ بعيد، أو في وقتٍ مِنَ الأوقات عند رسم الحدود الإدارية لهذه الدول. والحديث هنا يدورُ، حولَ إقليم كوردستان. أما الأجزاءُ الأخرى مِنْ كوردستان فلها حَديث آخَرْ، يختلفُ باختلافِ الظروف في تلك الأجزاء. وبالرجوعِ إلى سؤالنا أينَ موقِعنا مِن بَين هذهِ النُظمْ ؟ أو بمعنى اصَح ما الذي نبغي ان نكونَ عليه ونَحنُ على أبواب السَنة العشرين، منذُ أن استقلنا إداريا عن المركز. لا يخفى على احد ان هناك رغبة للجماهير الكوردية، أو حتى للأحزابِ الكوردية في السير في نِظام دِيمقراطي حَقيقي، ولكن ما هو المعوقات، وما هو أسبابُ عدم بلوغ ذلكَ أو الرغبة بعدمِ خوض هكذا تجربة؟ وقد يتساءل الكثيرون، حتى الأحزاب السياسية والتي تتمسكُ بزمام الأمور، والتي ومعَ الآسف يَجْعلون من هذهِ الفترةِ الزمنيةِ، قصيرة برأيهم، وغيرُ كافية لنَحصل على ما نبتغيهِ من نظامٍ يُرضي الجَميع. أو حتى يتساءلُ البَعض، أي طرحٍ هذا ونحن لا نَزال إقليم لم يَحصل بَعد على كلِ حقوقهِ في أرضهِ، وهناك قضايا مُعلقة معَ المركز، ومع دول الجوار، والتي بينَ الحينِ والآخَر يَجرونَ بجيوشِهمْ على قرانا ومناطِقنا الحدودية، ولا يَمر يوم الا ويتعرضُ هذه المناطق إلى القصفِ والتدمير.ولكن بما إننا نسَيرُ أمورنا ونَحكُم أنفسَنا، ولنا منَ المؤسساتِ الدستورية من برلمانٍ وحكومةٍ وأحزابٍ وانتخاباتٍ، فطريقة الحكمِ ونوعية النظامِ الذي نبغيه غَيرُ مرتبطٍ بما ذكِرَ مِن أسبابٍ لكي نجعلها شماعَة نُعلقُ عليها أخطائنا وتقصيرنا في الإدارة، أو حتى رَبط ذلك بأسبابٍ مُرتبطة بمخلفات النظام السابق، وكذلك للمنافسة السياسية في الأعوام السابقة. ولكن وما نبغيه مِن هذا الطرح هو، ان لم نبدأ بدايات صحيحة، فسيكون النهايات لهذه البدايات غيرُ صحيحة، و عواقبها وخيمة، و نخسَر بذلك ثمارُ كل تلك التضحياتِ، ودماء الشهداء والغيورين من أبناء الشعب الكوردي. أما إذا كان البدايات صحيحة فسيكونُ النهاياتُ صحيحة أيضا، و تبشر بالخير وتسير بنا إلى بَر الآمان. مشكلة البعض هو ان يمارس الديمقراطية والشمولية معا، أو بمعنى آخر أن يكونَ نظرةُ الغير لهم أنهم ديمقراطيين، ولا يقبلُ غير هذا الطرح، ويرفضُ وينددُ حين يُتهَمُ بالتقصير في مجالِ حقوق الإنسان، أو الحريات العامة من قِبل الهيئات الدولية والمعنية بهذا الشأن. وكذلك التفرد بالحكم، وعدم قبول الغير، وسوء الإدارة، وما يترتب عليها من المحسوبية و الاتكالية والفساد. ومع كل ذلك احتفاظهم وتأكيدهم، أنهم ديمقراطيون. إذا كانت النية فعلا هو نظام ديمقراطي حقيقي، يجبُ علينا ان نعي بان النظم الديمقراطية في العالم، و الدولة الديمقراطية تتكون من أحزاب لها مصداقية لدى الجماهير، من خلال التغيير المستمر، لمَنْ هم في المسؤولية في هذه الأحزاب، ووفقَ وقتٍ زمني محدد، و يحدد ذلك، التباطؤ، أو التهاون، أو التقصير في أداءِ المهام، أو حتى استرجاع الحقوق أو المستحقات، ويتم ذلك من خلال عملية ديمقراطية نزيهة، وبذلك نجدُ فيها دائماً هناك طاقات شابة، في طريقها ليكون في موقع المسؤولية وبالتالي اخذ مَواقعَ قيادية في الأحزاب، و الحكومة، و حسب الكفاءة، وبعيدا عن المحسوبية أو القرابة. وباعتقادي حانَ الوقت ان يُفكِرَ أحزابنا السياسية بهذا الآمر. وهذا ليس تشكيك في قدرة من كانُ في موقعِ المسؤولية في هذه الأحزاب، بل كانُ مناضلينَ و سَخَرُ حَياتهم وقدمُ الكثير ولا يوجدُ خلاف حول ذلك، ولكن التغيير في الوجوهِ والشخصياتِ، بتغيير الظروف والمراحل و المستجدات شيء ضروري لدَيمومةِ و كسب، دعم ومساندة الجماهير. والذي يتغيرُ أيضا بتقاعدِ جيلٍ وظهورِ جيلٍ جديد، وبدليل إن مَنْ كان في عامِ الانتفاضةِ قد بدءَ للتو في الصفَ الأولَ الابتدائي، الآن قد تخرجَ من الجامعةِ، أو على أبوابِ التخرجِ، وهذا أذان ببدء جيل جديد، وأفكار جديدة، وبدوره يَحتاجُ إلى قيادةٍ سياسيةٍ متجددة على الأقل، إن لم تكن جديدة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات الأسرى الإسرائيليين: حكومة نتنياهو تخلت عن الأسرى وتر


.. الأمن العام اللبناني يشدد تطبيق القوانين على اللاجئين السوري




.. اعتقالات تضم الناشطة في المناخ غريتا ثونبرغ بمظاهرة تضامنية


.. بعد اعتقال سنية الدهماني، محامو تونس في إضراب




.. جدل في بلجيكا بعد الاستعانة بعناصر فرونتكس لمطاردة المهاجرين