الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحدي الاكبر للمجتمعات العربية : التعليم

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2010 / 1 / 23
التربية والتعليم والبحث العلمي


ثلاثة أدلة تؤكد ان "التعليم فى المجتمعات العربية اصبح بالكامل خارج العصر" : الدليل الاول ، هو ان مساهمة مجتمعاتنا خلال المائة سنة الماضية فى رفع رصيد البشرية من الاكتشافات والاضافات والابتكارات العلمية كانت منعدمة او شبه منعدمة وفى سائر مجالات العلوم الطبية والهندسية وعوالم البيولوجيا والدواء والفزياء والكيمياء والفضاء وتكنولوجيا الفضاء والمواصلات والاتصالات . والدليل الثاني ، هو ان مجمل الأدوات والآلات والمنتجات التى نستعملها اما انتجت او ابتكرت اصلا خارج مجتمعاتنا . والدليل الثالث ، هو انحدار قيمة شهادات مجتمعاتنا الدراسية (حتى الدكتوراة) لأدني المستويات . ومن التبسيط المخل ان يكرر البعض ان أس الداء هو قيام منظومات التعليم فى المجتمعات العربية على "التلقين" وليس على "الابداع" . فهذا عيب كبير ولاشك ، ولكنه لا يلخص كل العيوب . فالمدرس او المعلم فى نظمنا التعليمية ابعد ما يكون عن المدرس القادر على المساهمة فى عملية تعليمية عصرية خلاقة . فهو امتداد للشيخ فى الكتاب (بشدة على التاء الساكنة) ... وهو تجسيد لقيم شيخ القبيلة المعروفة لدارسي سوسيولوجيا البدو (ولاسيما بدو الصحاري) والتى اساسها الطاعة العمياء والتى لامجال فى ظلها للحوار والجدل والاختلاف وتنمية العقل النقدي . كما ان المدرس والاستاذ فى نظمنا التعليمية يكرسان حقيقة ان التلميذ والطالب يظلان طيلة سني الدراسة من الحضانة للدكتوراة "جهة استقبال" امام المدرس او الاستاذ الذين يكونا (على الدوام) "جهة ارسال" . وهو ما يرسخ آفة "الملكية المطلقة للحقيقة" . أما الفلسفة التعليمية والبرامج التعليمية فكلها يعمل عكس المنظومة القيمية القادرة على تكوين صناع التقدم والابتكار والابداع . فهذه كلها لا تغرس فى عقول وضمائر ابناء وبنات مجتمعاتنا قيم التقدم الاساس مثل التعددية وعالمية العلم والمعرفة وقيمة الحياة الانسانية واحترام الاختلاف (الغيرية) واعلاء قيمة حقوق الانسان وقيمة المرأة التى هى نصف المجتمع عدديا ، واكثر من ذلك بكثير من حيث قيمة دورها كأم للنصف الآخر من البشرية والسماحة الدينية والثقافية والاهتمام بصنع الحياة والمستقبل واعلاء قيمة العقل والنظرة الايجابية الخلاقة للنقد والعقل النقدي .... فالمؤكد ان النظم التعليمية (والمدرس) فى المجتمعات العربية لا يغرسون هذه القيم التى بدونها لا مجال او فرصة للتقدم والابداع واللحاق بركب التقدم العلمي والمعرفي . بل واجزم ان النظم التعليمية (والمدرس) فى مجتمعاتنا يغرسون قيما مناقضة لمعظم قيم التقدم التى ذكرتها . وبالاضافة للعيوب الكارثية فى البنية الفلسفية والقيمية لنظمنا التعليمية (برامج ومقررات ومدرسا) ، فان هناك كارثة التخلف فى المادة التعليمية فى مقررات العلوم التطبيقية . فمن اين لواضعي هذه البرامج بمكنة وضع برامج تعليم عصرية على اعلى المستويات فى مجالات الرياضيات والكيمياء والفزياء والبيولوجيا ؟ ولماذا نحاول اعادة اختراع العجلة ؟ العالم من حولنا (بل والعالم الاكثر تقدما) يأخذ من برامج التعليم المشهود لها عالميا بالتقدم ولا يزعم انه قادر على تقديم الافضل . تاعالم من حولنا يجمع على ان اكثر برامج التعليم تقدما هى الفنلندية والسنغافورية واليابانية ، فيقتنيها كما هي ولا يترك وضعها لاشخاص لا يمكن ان يكونوا على مستوي المهمة الاهم فى حياة مجتمعاتنا . وعلى سبيل المثال ، فان اسرائيل اقتنت الكثير من البرامج التعليمية السنغافورية ولم تقل لنفسها ان ذلك يمس بكرامة او كبرياء جامعاتها المدرجة ضمن اكفأ الجامعات العالمية ، كما لم ير احد (هناك) ان فى ذلك مس بكرامة وكبرياء عشرات ابناء مجتمعهم الحاصلين على جوائز نوبل فى الطب والكيمياء والفزياء والبيولوجيا ، وغيرها . ان الحل الوحيد لكل مشكلات مجتمعاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية يكمن فى هذا الحروف السبعة (التعليم) ... وهو علاج ان لم نبدأ فى تناوله اليوم ، فسوف تتباعد المسافات بيننا وبين التقدم والمتقدمين ، ويزداد اعتمادنا عليهم ، وتتفاقم وتتضاعف مشكلاتنا الداخلية من فقر لسوء خدمات لاحتقانات مجتمعية لتهديدات حقيقية للسلم المجتمعي . ( هذا المقال هو ملخص محاضرة القاها كاتب المقال بكلية الملك بجامعة لندن يوم 19 يناير 2010 ) ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرسم والفنون والموسيقى
محمد ( 2010 / 1 / 23 - 16:01 )
المهندسين العرب في احسن الاحوال افضل من برع فيهم متوسط المستوى واعتقد ان هذا يعود لضعف تدريس الرسم والفنون منذ الصغر انا اعتقد ان لهما ارتباط وثيق بالهندسة اذ ان الهندسة والفنون بدأوا مع بعض واعتقد انهما لم ينفصلا واعتقد هذا ينطبق على باقي فروع العلم لمن يفكر مليا


2 - التحدي الأكبر للمجتمعات
مهدي بندق رئيس تحرير مجلة تحديات ثقافية ( 2010 / 1 / 23 - 19:12 )
الحق أن حال التعليم في مصر لن ُيصلح إلا حين يعطي المسئولون ( أقصد أصحاب السلطة ) صادق اهتمامهم بما يقوله مفكر كبير كالأستاذ الدكتور طارق حجي


3 - ومن أين ومتي نبدأ
سمير حمزاوي ( 2010 / 1 / 23 - 22:29 )
نعم مشكله التعليم هي أم المشاكل التي تعاني منها المجتمعات العربيه ...ونحن فعلا وللاسف خارج العصر طبقا لوصفكم الدقيق... المشكله ان اصلاح التعليم بمفهومه الصحيح سيكون بمسابه ثوره مجتمعيه وسياسيه يبدوا اننا لسنا علي استعداد لها في الامد القريب الامر يحتاج لمفكرين من امثال سيادتكم يضعون هذه المشكله هدف اولي بالرعايه تقدم فيه روشه علاج تبدد مخاوف الحكومات من إصلاح التعليم من منطلق المكسب والخساره ويكفي مثلا التركيز علي المكاسب الاقتصاديه من الابداع في دول مثل الصين والهند وماليزيا وغيرها من دول كنا محسوبين علي فصيلتها.. ولااقول اوربا وامريكا الامر جد خطير ... بتطوير التعليم نكون او لانكون......مع تمنياتي لكم دائما بالتوفيق


4 - حلقات تحفيظ القرآن
ام محمد ( 2010 / 1 / 23 - 23:49 )
شكرًا لك سيدي على هذا المقال الذي يمس جانبا حساسا جداً عند العرب والمسلمين بشكل عام فلقد تعودوا على عقد حلقات حفظ القرآن ومسابقات حفظ القرآن ولا تجد عندهم اي مسابقات لفهم القرآن مع ان القرآن يقول لهم - افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب إقفالها- نعم هكذا تعودوا وهم فرحون بذلك لان هذه الطريقة تمكنهم من السيطرة على القطيع الذي ربوه
شكرًا لك وفي انتظار المزيد من روائعك


5 - الهدف من التعليم
ماجدة موسى ( 2010 / 1 / 24 - 01:38 )
ما هو التعليم؟التعليم ليس هو المعلومات فى فروع العلوم المختلفةوالتى تتطوروتستحدث باستمرار.
الهدف من التعليم هو أكتشاف الطفل لدْانه وتفجير قدراته ولن يتأتى هدا بدون وجودالأنشطة
المختلفه داخل المدارس فنية, رياضيةوإجتماعيةوالتى بدورها تتيح التوافق بين ملكات العقل البشرى.
حب الجمال بصرى وسمعىي يهدْب النفس ويعمق النظر للكون فيستفز العقل للمعرفة مع حب رب الكون ويبدأ التفكير الإجابى
المشاركة تقبل الهزيمة تقبل تميز الآخرين الثقة بالنفس كل هدا من الأنشطة الجماعية
حتى تتدارس الحكومة فى مشكلة التعليم ومناهجه (وكليات التربيةالتى كانت هدفا لا يخفى على أحد لإبناء الأخوان) يكون دور المجتمع المدنى برجال آعماله ومؤسساته لرصد الحوافز من منح علمية أوتبنى المواهب لتكتسب إحترام المجتمع وتكون قدوة للآخرين لإظهار مواهبهم والفخر بها.مصر تدْخر بالعقول والمواهب


6 - أستاذ طارق حجى المحترم
إرييل شارون ( 2010 / 1 / 24 - 04:18 )
الأستاذ والمفكر العظيم والمحترم بحكم أنى من المعجبين بك جداااااااا وجب على كعلمانى ليبرالى أن أنصحك- فقد قرأت مقالا فى جريده تسمى عرب تايمز وهى اصدر من هيوستون بولايه تكساس بالولايات المتحده الأميريكيه ورئيس تحريرها إسمه أسماه فوزى وهو أردنى - خلينى اقولك أنه سمح لشخص إرهابى بكتابه مقال إرهابى ينتقدك ويكفرك ويصفك بالمرتد وقد أرسلت تعليق على مقالته أدافع عنك وأنتقد هذا الإرهابى وإسمه (محمد راغب) عموما عنوان المقال هو(التحريض على إبادة المسلمين بين الصليبي كراديتش و الليبرالي طارق حجي) ولقراءه المقال كاملا إذهب إلى موقع عرب تايمز
www.Arabtimes.com
وتجد المقال فى الصفحه الرئيسيه أسفل الصوره الكاريكاتوريه عنوان المقال مره أخرى هو (التحريض على إبادة المسلمين بين الصليبي كراديتش و الليبرالي طارق حجي)- وشكرا لك واصل حربك ضد الإرهاب
**************************************************
أيضا أكثر من رائع على الحوار المتمدن اليوم للاستاذ نزار النهرى مقال أكثر من رائع بعنوان هل قتل المرتد حريه؟ أتمنى أن تقرأه يا استاذ طارق والرابط هو
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=200671


7 - هذا هم والهموم كثيرة
محمد زكريا توفيق ( 2010 / 1 / 24 - 04:25 )
- شكرا دكتور طارق لإثارة هذا الموضوع الهام
هذا هم والهموم كثيرة. ولكنه هم مخيف. السلعة الرديئة يمكن التخلص منها, والعوض على الله فى ثمنها وإنتهى الأمر. ولكن ما بالك فى دكتور سئ التربية والتدريب, أو مدرس ردئ أو مهندس غير كفء. سوف تظل هذه السلع الرديئة تدمر المجتمع وتلقى بسمومها داخله لعدة أجيال هى عمرها الوظيفى.

وما بالك بجيل من الشباب الهايف المتروشن، أو المغيب عن الوعي والمثقف علي أيدي الدعاة الجدد. وماذا يكون تأثيره على مستقبل أمة؟ التقدم له أسبابه, والتخلف له أسبابه أيضا. ولننظر كيف تبنى الحضارات, وماهى نوعية الفرد فيها وأسلوب تعليمهم.

لذلك نقول أن التعليم مهم لمستقبل بلدنا الحبيب (ومن يعترض على هذا؟). فيجب أن نوجه لمشاكل التعليم جل إهتمامنا. ويا ريت نفك دبابتين أو طائرتين, وبثمنهم يمكن عمل شئ ولو قليل. حتى لا نكون أقل من إسرائيل فى جودة برنامجها التعليمى, ومقدار ما تصرفه على التعليم, وكذلك دول أخرى كثيرة.


8 - المشكلة أنهم في البيت أيضا غير متعلمين
محمد حسين يونس ( 2010 / 1 / 24 - 04:27 )
ثم ينشرون سخافاتهم بين الأطفال.. المجتمع كله غير متعلم ..التلفزيون الأذاعة السينما كلها خارج العصر.. الموسيقي الرقص المسرح اصبحت تعد من أجل الكباريهات.. الكتاب والنقد والتوزيع يتحكم فيهم مافيا متخلفة.. سيدى قد نعلم اولادنا في مدارس اجنبية ولكن ماذا نفعل مع البيئة غير المواتية.. أشكرك واؤيدك تماما


9 - هناك مستفيدين
فاتن واصل ( 2010 / 1 / 24 - 05:32 )
أستاذ طارق حجى الكريم .. دعوتك ليست مجرد دعوة للنهوض بالتعليم .. فى كلماتك دعوة جادة لثورةعلى كل الأوضاع .. فلا نهضة فى التعليم إلا جزء من نهضة عامة يتبناها أناس مخلصون فى جميع المجالات التى تمس الانسان مسا مباشرا ..وضع الانسان المصرى الصحى والاجتماعى والبيئى والثقافى والتعليمى والسياسى والاقتصادى إلخ ( دون ترتيب ) يدعو للرثاء ولا يمكن إلا أن تحدث نهضة فى كل المجالات بالتوازى .. شرط التخلص أولا من المستفيدين من الأوضاع المتردية لبلدنا ..فى مقولة للدكتور وسيم السيسى بمقاله أمس بجريدة المصرى اليوم .. قال أن الطفل تبدأ تربيته قبل ميلاده بخمس وعشرين سنة .. أى بتربية الآباء وأنا أضيف بشرط إعداد كل المناخ المحيط لاستقباله .. لنحصل فى النهاية على إنسان يتكلم لغة العصر .. قادر على المنافسة .. قادر على التواءٌم مع العالم المحيط به .. شكرا أستاذ طارق على المقال الجميل والقصير جدا ..رغم طول غيابك


10 - الأستاذ القدير
قارئة الحوار المتمدن ( 2010 / 1 / 24 - 08:52 )
لا أمل لدي أن تصبح النظم التعليمية العربية داخل العصر ما دام الارتباط بين مؤسستيْ السلطة الدينية والسياسية قائماً , وما دام العقل الواعي أو المعرفي يسيطر فيه الغيب والقدرية , وما دامت المرأة العربية في هذا الوضع الاجتماعي المزري ,الأمثلة الواردة في المقال عن برامج التعليم الأكثر تقدماً في العالم لم تعرف بلدانها الاصطدام بالمؤسسة الدينية التي تنسج كل العاهات . شكراً لكم


11 - الحرية و الإستقلالية
نورا أمين ( 2010 / 1 / 24 - 10:12 )
عندما يتعلم الفرد منا منذ الصغر قيمة الحرية و المسئولية سوف يرفض مبدأ التلقين و التحفيظ. مع الحرية يأتى الإبداع. مع النقد البناء تأتى النتائج المبدعة الجاده. و أرجو أن لا تكف على نداءك عن أهمية التعليم حتى يرتقى أطفالنا و يتحملوا مستقبل البلد, و إندماجها مع باقى الأمم و التعاون معها و ليس العناد معها بأننا الأصلح و خلاص!!! و نستجيب لمبادئ المساواه بين الجنسين و التعاون معا و إحترام قدرات من يحمل القدرات و إكتشاف قدرات من يعتقد أن ليس عنده قدرات!!!!


12 - نطقت ذهبا
كاترين ميخائيل ( 2010 / 1 / 24 - 16:13 )
استاذي الكبير كلنا نتكلم ونكتب لكن الحكومات العربية ومنها وزارات التربية والتعليم الة خبيثة بيد الاحزاب المتخلفة التي تهيمن على الدولة اتمنى ان نلجأ الى الهيئات الدولية ونوجه رسالة بخصوص التعليم في بلداننا وشعوبنا الاسيرة بفكر جاهلي امي متخلف

اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً