الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يفعل المسلمون في الغرب ؟

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2010 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا كان الغرب حريصا على هويته الثقافية ، كجزء لا ينفصل عن سماته الحضارية ، فما الذي يدعوه إلى استضافة المسلمين واستقطابهم بكل السبل ؟.
إذا كانت العناوين والشعارات التي يرفعها الغرب من جهة ، والمسلمين من جهة أخرى ، غير مقنعة ولا مرضية ، بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان ، والحق في اللجوء وحماية الحريات العامة ، فلماذا الإصرار على ترحيل المسلمين وتصفية وجودهم ؟.
بالأمس فتحت أوروبا أبوابها ، أمام المسلمين الوافدين إليها ، لسبب أو دونه ، واليوم تسعى جاهدة إلى تصفية وجودهم أو على الأقل احتوائهم ، عبر سلسلة من القوانين التي تثير استهجان المسلمين في بلدانهم الأصلية ، كقضية النقاب في مصر ، فما بالنا بإثارتها في فرنسا ، أسوة بقضية الحجاب التي أثارت الزوابع والعواصف ، فضلا عن حظر بناء المآذن في سويسرا .
هل تنبه الغرب واستفاق مؤخرا على حجم الخطر الإسلامي الزاحف إليه من كل حدب وصوب ، ومعه رسائل الماضي وصراعات الحاضر ، أم أن أوروبا لا تريد أن تهدا في صراعها مع الآخر ؟ ربما كان ذلك ، لأجل استمرارية تقدمها العلمي وتطورها الحياتي ، لذلك تراها تصنع عدوها الوهمي أو الحقيقي في الظرف الذي يناسبها .
فهل بات المسلمون في الغرب مجرد فزاعة ، أو نمر من ورق ، يستخدمه الغرب في إدارة الصراع وقتما يشاء ؟.
الوقائع التي جرى رصدها على الأرض ، تدل على هذا التصور الغربي من الإسلام ، وهو تصور مشبع بعوامل الخوف والقلق ، وتدل عليه أيضا ، سلسلة العمليات الإرهابية التي قام بها بعض المسلمين باسم الثار لدينهم أو لمصرع إخوانهم في ساحات المعارك ، أن في فلسطين أو أفغانستان .
هذا التصور الحقيقي والملموس ، لا تواجهه الذهنية الغربية بطريقة مباشرة ، أي كما لو إنها تتعامل مع ورم سرطاني خبيث ، بل تعمل على تضخيمه إلى أقصى درجة ممكنة والتهويل من شانه على واقع مجتمعاتها .
فول أرادت القيادات السياسية في الغرب ، بما تملكه من قدرات عسكرية وعلمية عظمى ، أن تجتث الخطر الإسلامي داخل مجتمعاتها ، لفعلت ذلك دون أدنى تردد ، أو لأوقفت شريان الهجرة الواصل إليها على اقل تقدير ، أو لقامت بتجفيف منابع التطرف والتشدد ، أما بتعديل واقع سياساتها الدولية في تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط ، وبالتالي تسحب الذريعة ، التي تدعو أفراده أن يكونوا أكثر تشددا وتطرفا في تعاملهم مع الغرب ، أو أن تقوم باحتوائه احتواء نهائيا ، باستنزافه الطويل الأمد ، الذي يحقق لها ما تريده في ذهنيتها السياسية والاجتماعية ، من خلال إعادة تصديرها لمصطلح الاسلاموفوبيا ، في كل مرة .
وكما نجح الغرب في التعامل مع المسالة الشرقية المتمثلة بالصعود والهبوط المدوي للإمبراطورية العثمانية التي جاوزت حدود الغرب في بعض الأحيان ، يستطيع هذا الأخير أن يضع حلا سريعا لمشكلة التطرف والإرهاب اللتان تضربان في عمقه السياسي .
وما يساعد الغرب على الوصول لأهدافه ، أن خصمه السياسي بصيغته الإسلامية ، فقد البوصلة تماما ، دون أن يعرف ماذا يريد وهو في منتصف الطريق ، فما يريده من تحرير وتطهير للأرض التي يقف عليها " الغزاة " أي الغرب ، لا يوافقهم عليه باقي المسلمين ، ولا فكرة إحياء الخلافة الإسلامية ، لدى المذهب السني ، أو ولاية الفقيه لدى الشيعي ، تروق لأي إنسان يعيش في عصرنا هذا ، الذي سقطت فيه الأيديولوجيات وتداعت القوميات ، وأصبح الحنين إلى الماضي والتراث مدعاة للتندر والسخرية في زمن العولمة والفضاء المفتوح .
فليست المعركة في نظر بعض المسلمين ، معركة تحرير الأرض أو عدمه ، بقدر ما هي معركة إيديولوجية في زمن انزوت فيه الأيديولوجيات ، أو لنقل صراع رؤى بين منزلتي الكفر والإيمان ، بحيث لا تستثني أحدا على الإطلاق ، المسلمون قبل المسيحيين ، أو العكس أحيانا .
فما الذي يحول دون تحرك الغرب إزاء هكذا خطر بات يطرق أبوابه بكل عنف وقوة ؟ أهي مصالح الغرب في الشرق الأوسط ، منبع التطرف والتعصب ، وبذات الوقت منبع المصالح والذهب الأسود ، وأيضا منبع التاريخ ومهد الأديان ؟.
والسؤال الآخر ، ماذا يفعل المسلمون في الغرب ، أو ماذا فعلوا ؟ إذا كان الغرب غير قادر على احتمال وجودهم ، أليست لهم أوطانهم التي انحدروا منها ، كما للغربيين أوطانهم التي يذودون عنها من أي خطر كان ؟.
فكما ينادي بعض المسلمين المتشددين من قلب عواصم الغرب ، بطرد الغربيين ومصالحهم من بلدانهم الأصلية ، فان لبعض المحافظين الغربيين ، الحجة ذاتها لطرد المسلمين من بلادهم التي يقيمون فيها .
فلم يعد خافيا ، أن وجود المسلمين في الغرب بات يشكل أزمة حقيقية تستعصي الحل لدى الجانبين ، فليست المشكلة عند الغربيين ، تتمثل في وجود المسلمين على أراضيهم ، أو بسبب عدم اندماجهم في قيم مجتمعاتهم المعاصرة ، وتقوقعهم على ذاتهم وانفصالهم عن الآخر ، أن ثقافيا أو حتى لغويا في بعض الأحيان ، بل المشكلة التي تواجه الغرب اليوم ، تبرز في دعوة هؤلاء المسلمين إلى مواجهة الغرب في عقر داره ، والمثير للقلق ، أن دعوتهم تلك لا تأتي في كل مرة من أقصى حدود الشرق ، إنما من أقصى أعماق الغرب .
ما هي طبيعة الصورة التي تبلورت في ذاكرة الغرب ، وهي تسمع وترى وقع تلك الدعوات تفعل فعلها الدامي على أراضيها ، وتستهدف مواطنيها في الداخل ورعاياها في الخارج ؟ .
كما سبق أن اشرنا في غير موضع ، لم تتأثر تلك الصورة المتبلورة في الذاكرة الغربية ، في اتهامات المسلمين لهم بالعنصرية ، ولا بتمردهم على قوانين الغرب ودساتيره العلمانية ، والدليل الأبرز ، توافد المسلمين على الغرب خلال النصف الثاني من القرن الماضي ، حتى مطلع القرن الحالي ، والى ما بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر التي هزت وجدانه ، لكن الشيء الوحيد الذي زعزع كيانه وهز وجدانه ، ما اثر بدوره على الصورة المتبلورة في ذاكرته ، التفجيرات العنيفة التي نفذها مسلموه ، أي مواطنه في لندن ومدريد ، بوقع اشد ، من التفجيرات الأخرى التي نفذها مسلمون لا صلة ولا هوية تجمعهم بالغرب ، غير هوية الصراع والعداء .
غير أن واقع التعامل مع المسلمين ، طرا عليه بعض التبدل والتغير لجهة معاملة الغرب لمسلميه ، فلم يعد مطلوبا منهم اليوم ، كي يثبتوا ولائهم وانتماءهم ووطنيتهم ، الكف عن كل ما من شأنه التحريض على العنف والإرهاب بين أبنائهم ، بل أن يباشروا في الاندماج والانصهار في بوتقة الثقافة الغربية ، الحاضن الأكبر لهم ، هربا من التخلف والاستبداد الذي ألفوه في مواطنهم الأصلية ، بفعل الدين والسلطة في آن معاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المسلمون يهود هذا الزمان
حسين جعفر ( 2010 / 1 / 24 - 21:25 )
المسلمون في الغرب كالمستجير من النار بالرمضاء هنا استبداد وهناك كبس وضغط وقهر ودمج يذكرنا بمحاكم التفتيش ، ان المسلمون اليوم هم يهود اوروبا والمحارق وافران الغاز بانتظارهم والغرب واوروبا اليوم تفرخ اكثر من هتلر في اكثر من عاصمة اوروبية وصار المسلمون ا لوسيلة المثلى للوصول الى السلطة بالامس هتلر تذرع بالشروط المهينة للاستسلام وبإمساك اليهود بالمال والاعلام واليوم الساسة يتذرعون بالخوف من الحجاب والنقاب والعمامة والشيشة والسروال الافغاني ؟!


2 - تخريبكم لبلادهم هو السبب الرئيسى
Zagal ( 2010 / 1 / 24 - 23:52 )
كم انا مستغرب من موقف المسلم (الذى يقال عنه مستنير) من هلع الغرب من الاسلام عامة وابوذقن وزيبه ثانيا والحجاب اوالنقاب ثالثا...

الا تعرفون المثل القائل اللى يتلسع من الشربه ينفخ فى الزبادى.

هل مافعله ويفعله المسلمون بالغرب هو فخر للاسلام ويجعلهم يتمسكون بوجودكم فى بلادهم !!! ام ان وجودكم يعتبرونه غزو خارجى لتغير المناخ العام لبلادهم.. بالتاكيد قنابلكم وتخريبكم لبلادهم هو السبب الرئيسى لعدم وجود رضا فى بقاؤكم فى بلادهم...

الاتعلم ياعزيزى ان اى منطقه يحط بهاالمسلمين تصبح اقذر مكان فى البلد ويصبح السكن بها من ارخص المناطق ... هل تعلم لماذا !!!

لانكم افضل امه اخرجت للناس


اذا كان هذا هو تصور المسلمين المثقفين فياترى ماذا يقول الجهلاء منهم وهم بالمليارات ....


3 - Zagal الى
حسين جعفر ( 2010 / 1 / 25 - 07:44 )

كل اناء بما فيه ينضح


4 - المسلمين المثقفين
جيلاني ( 2010 / 1 / 25 - 08:23 )
يقول السيد زغال رقم 2
اذا كان هذا هو تصور المسلمين المثقفين فياترى ماذا يقول الجهلاء منهم وهم بالمليارات
ما علاقة ها الكلام بمقال الكاتب او بالكاتب نفسه ، هل استشفيت فورا انه مسلم لمجرد انك قرأت اسمه؟
يا سادة / كل إنسان يعبر عن أفكاره دون ان يلزم غيره بها

والصحيح لو أن كل مسلم ترك مسافة فاصلة بين دينه وافكاره
لأصبحنا بوضع أفضل
وهو ما ينطبق ايضا على مسيحيي الشرق

شكرا لكم


5 - لإعلاء كلمة الحق
صالح كسار ( 2010 / 1 / 25 - 11:18 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ ثائر الناشف المحترم، نحيي فيك روح العروبة والإسلام فأنت تبين الصورة المشرقة للإسلام وأنت من خلال ما أعرفه عنك المسلم الحق . رعاك الله ووفق خطاك في نشر راية الإسلام الصحيح وتبيان مكنوز ديننا الحنيف فالله حق وقوله حقوالإسلام الذي رضاه الله لنا دينا وأخرجنا به خير أمة للناس لابد وأن تعلى كلمته... وفقك الله أيها المسلم الحق. كلامك هو الذي نحتاجه لنشر الإسلام في الغرب بكل هدوء فأنت كلماتك أنفع بمليون مرة من ذلك المسلم الذي يلتحي ويبين العداوة للغرب الصليبين وذلك الملتحي يصبح هدفا سهل الاصطياد أما أنت أيها الأخ المؤمن ـ وفقك الله وسدد خطاك ـ فأنت وأمثالك البررة من ستحمون الإسلام وتنقذونه وتعيدون له الصورة الوضاءة، صورة الخير والهدى والإيمان الحر. وفقك الله أيها المسلم الحق. نهجك هو ما أحترمه في المفكرين السوريين الذين يعيدون للإسلام صورته البهية ويحغظونه سدد الله خطاكم وأعز الإسلام أمته بكم ونحن وإياكم على كلمة الحق وقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدهكورسوله. جاء الحق وزهق الباطل. عظم الله أجرك الأخ الأستاذ ثائر، سر ونحن سائرون معم


6 - التقية الاسلامية
سركون البابلي ( 2010 / 1 / 25 - 21:23 )
كلامك هو الذي نحتاجه لنشر الإسلام في الغرب بكل هدوء فأنت كلماتك أنفع بمليون مرة من ذلك المسلم الذي يلتحي ويبين العداوة للغرب الصليبين وذلك الملتحي يصبح هدفا سهل الاصطياد أما أنت أيها الأخ المؤمن ـ وفقك الله وسدد خطاك ـ فأنت وأمثالك البررة من ستحمون الإسلام وتنقذونه وتعيدون له الصورة الوضاءة، صورة الخير والهدى والإيمان الحر
هل تقصد ان يمارس التقية الاسلامية باظهار المودة والسلام وفي القلب تحمل لهم الكراهية والظغينة وانتظار الفرصة للغدر والنهب والسبي يا صاحب الانفال ؟


7 - الغرب والإسلام
عبدالرجمن ( 2010 / 1 / 26 - 20:30 )
الغرب يا جماعة الخير عجوز هرم وقد سن تشريعات عديدة لتجديد دائه واستعادة شبابه وقد استفاد من هذه التشريعات والقوانين ملايين الأشخاص من خيرة شباب العالم ومنهم بالطبع الكثير من المسلمين، ولأن التدين رفاهية محروم منها المسلمون في بلادهم فقد وجد أولئك المهاجرون سلواهم في ممارسة التدين هناك وهم ما أزعج مستضيفيهم الذين تتعارض ثقافتهم في أكثر من نصف مبادئها مع مبادئ التدين الإسلامي الأمر الذي سمح لشريحة كبيرة من مواطني الغرب بالخشية والخوف من هذه الشريحة الغير قابلة للتدجين والترويض وبالتالي قد تكون مؤثرة على ثوابتهم الثقافية والدينية. وهم أعلنوا كثيرا عن هذه المخاوف وخصوصا الكنيسة ورجال الدين الذين باتوا مهددين في نصرانية أتباعهم رغم كل الجهود التي يبذلونها في العوالم الأخرى للتبشير والتنصير.
إنها معركة وجود وسيطرة وتفوق إذاً، أصولية مسيحية في مقابل أصولية إسلامية، والانتهازية السياسية الغربية تلعب على هذا الوتر إرضاء لشريحة كبيرة من الناخبين البسطاء الذين يصدقون تفسيرات زعمائهم الدينيين للخطر الإسلامي المتواجد على أرضهم أو المصدّر إليهم بين الحين والآخر.


8 - الغرب والإسلام
عبدالرحمن ( 2010 / 1 / 26 - 20:31 )
الغرب يا جماعة الخير عجوز هرم وقد سن تشريعات عديدة لتجديد دائه واستعادة شبابه وقد استفاد من هذه التشريعات والقوانين ملايين الأشخاص من خيرة شباب العالم ومنهم بالطبع الكثير من المسلمين، ولأن التدين رفاهية محروم منها المسلمون في بلادهم فقد وجد أولئك المهاجرون سلواهم في ممارسة التدين هناك وهم ما أزعج مستضيفيهم الذين تتعارض ثقافتهم في أكثر من نصف مبادئها مع مبادئ التدين الإسلامي الأمر الذي سمح لشريحة كبيرة من مواطني الغرب بالخشية والخوف من هذه الشريحة الغير قابلة للتدجين والترويض وبالتالي قد تكون مؤثرة على ثوابتهم الثقافية والدينية. وهم أعلنوا كثيرا عن هذه المخاوف وخصوصا الكنيسة ورجال الدين الذين باتوا مهددين في نصرانية أتباعهم رغم كل الجهود التي يبذلونها في العوالم الأخرى للتبشير والتنصير.
إنها معركة وجود وسيطرة وتفوق إذاً، أصولية مسيحية في مقابل أصولية إسلامية، والانتهازية السياسية الغربية تلعب على هذا الوتر إرضاء لشريحة كبيرة من الناخبين البسطاء الذين يصدقون تفسيرات زعمائهم الدينيين للخطر الإسلامي المتواجد على أرضهم أو المصدّر إليهم بين الحين والآخر.

اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran