الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش المستعمر لشعبه

بنكي حاجو

2010 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الجيش المستعمر لشعبه
"مؤامرة المطرقة"

قبل ما يقرب من عشرة أيام فجرت جريدة طرف التركية قنبلتها الصحفية عندما نشرت الوثائق المتعلقة بمخطط المؤامرة الإنقلابية تحت إسم"المطرقة" التي أعد لها الجيش عام 2003.في غضون ساعات قليلة وحتى كتابة هذه السطورأصبح ذلك النبأ الموضوع الرئيسي لكل وكالات الأنباء والصحف ودور التلفزة.تفاصيل المؤامرة مريعة بكل معتى الكلمة.
في شهرآذارمن ذلك العام إجتمع في مقر قيادة الجيش الأول(توجد أربعة جيوش في تركيا.الجيش الأول مسؤول عن منطقة مرمرة بما فيها استانبول والحدود مع بلغاريا واليونان)24 جنرالاً و298 ضابطاً حيث تم وضع خطة للإنقلاب على حزب العدالة والتنمية بقيادة السيد طيب اردوغان ,الذي وصل الى الحكم منذ أكثرمن سنة,تحت ذريعة التهديد ضد العلمانية.الوثائق التي حصلت عليها جريدة طرف كانت تحتوي على خمسة آلاف صفحة بالإضافة الى عدد كبيرمن الأقراص المدمجة حيث تُسمَع فيها أصوات المشاركين ونقاشاتهم.
بعض تفاصيل المخطط:
ــ دخول الطائرات الحربية الى المجال الجوي اليوناني فوق بحر مرمرة وإستفزاز اليونانيين حتى سقوط إحدى الطائرات التركية وإذا تطلب الأمر يجب إسقاطها بالنيران التركية بالذات.الدخول في مناوشات مع القوات البرية اليونانية وإشعال معركة أو" حربٍ محدودة",كما جاء حرفياً في الوثائق,وذلك لتأجيج الشعورالقومي عند الجماهير ليلتف يداً واحدة حول جيشه حامي الحمى وبالتالي تهميش الحكومة.
ــ القيام بتفجيرمسجدين من أكبرمساجد استانبول وهما مسجد الفاتح ومسجد بيازيت بالمصلين في اللحظة التي يغادرون فيها المسجد بعد صلاة الجمعة لإسقاط أكبرعدد من القتلى .في ذات الوقت سيتم نشرالمُحرضينْ الذين دُرِبوا خصيصاً لهذه الغاية في الحارات والأسواق المعروفة بميولها الإسلامية.بالتزامن مع التفجيرات ينطلق المحرضون وبأياديهم الأعلام الخضراء الإسلامية ومكبرات الصوت ومن حولهم الجماهيرالغاضبة لإشعال نارالفتنة بين المتدينيين والعلمانيين لا تنطفأ نارها إلا على يد الجيش الذي يخوض في نفس الفترة المعارك مع اليونانيين,بينما حكومة اردوغان تقف مكتوفة الأيدي لا حول ولا قوة لها إلا الجيش المغوارالذي سيعلن حالة الطوارئ بقيادة الجيش.
ـــ حالة الطورئ في تركيا يعني سيطرة الجيش على كل الأجهزة الأمنية والذي يفتح الباب واسعاً أمامه لإدخال البلد في دوامة التآمروعدم الإستقراروصولاً الى يوم الإنقلاب. هذا بالضبط حدث خلال الإعداد لإنقلاب ايلول 1980.
ــ تحريك القوات العسكرية على حدود إقليم كردستان العراق وإشعال المعارك مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المناطق الكردية إمعاناً في زيادة الإحتقان في الشارع التركي على إمتدااد البلاد لتنضم القوى القومية العنصرية الى جانب الإنقلابيين.
ــ حوادث استانبول ستُقدّمْ للملأ على أنها ردة إسلامية ضد العلمنة ومبادئ اتاتورك بالإضافة الى حركة" الإنفصاليين" الكرد في جنوب شرق البلاد وبالتالي إعلان الإستيلاء على السلطة وإنقاذ البلاد.
ــ زج 200 ألف معارض إسلامي وليبرالي في معتقلات مؤقتة كملاعب كرة القدم والمنشآت الرياضية الكبيرة ومن ثم نقلهم الى السجون.
ــ في الوثائق نفسها وجُدِتْ الجداول بأسماء رئاسة وزارة الإنقلاب وبقية أعضاء الحكومة المزمع تشكيلها.
ــ الأكثر إثارةً في هذا السياق كانت الجداول التي قد أعدت بأسماء الصحفيين.وجدت أسماء 36 صحفيياً ممن سيلقون بهم الى السجون لكونهم معارضين للعسكريتاريا وبالمقابل وجد جدول آخربإسم 137 صحفي موالي تحت عنوان"يجب الإستفادة من خدماتهم".هذا الأمر خلق أجواء متوترة في عالم الصحافة بسبب تبادل الإتهامات والإتهامات المضادة بين الصحفيين بالعمالة للعسكر وخيانة المهنة ولازالت المعارك مستمرة في كل أجهزة الإعلام بعد إفتضاح دور الأزلام من الصحفيين.
ــ تطبيق السياسة الأمنية الاسرائيلية في المناطق الكردية ودون هوادة.وقال أحد الصحفيين معلقاً على ذلك"الجيش التركي سيأخذ دور الجيش الاسرائيلي والكرد مكان الفلسطينيين".
خطورة وجدية الوضع في تركيا حالياً بين الدولة السرية والحكومة يجدها المرء في أقوال السيد اردوغان :نحن الآن أمام نفس الأدوار ونفس الألاعيب التي مورست ضد مندرس(رئيس الوزراء في الخمسينات,أعدم بعد إنقلاب عام 1960) والرئيس اوزال(قُتِلْ على يد الدولة السرية عام 1993 ).وكررقول اوزال الذي ألقاه بعد إطلاق النارل عليه في محاولة إغتيال فاشلة:"الأعمار بيد الله هو الذي يمنح وهو الوحيد الذي يأخذ" في رسالة واضحة أنه لن يرضخ لإرادة العسكروإن كلفه ذلك حياته.
على الرغم من أن المؤامرة تعود الى عام 2003 إلا أنها تميط اللثام عن مدى إستهتارالدولة السرية بالأعراف والقيم الإنسانية والوطنية في سبيل الإحتفاظ بالسلطة وإمتيازاتها الى درجة إدخال البلد في خطر نشوب الحرب مع دول الجوار وإسقاط وقتل الطياربيد صديقه وتفجير الجوامع وهدر دماء المواطنين الأبرياء.هذا السيناريو طبق سابقاً في كل الإنقلابات التركية ولكنها المرة الأولى التي تظهرفيها خطوط التآمربهذا الوضوح مع التفاصيل وبالوثائق الدامغة.
هناك الكثيرمن خارج تركيا يعتقدون,خاصةً اليساريون منهم, أن الجيش هو من حافظ على العلمانية والديمقراطية في البلاد.العكس هو الصحيح ولولا تلك الإنقلابات التآمرية الأربعة سابقاً لكانت تركيا قد وفرت الكثير من الدماء والمعاناة والخسائر الإقتصادية على مدى العقود السابقة.
جريدة طرف لا تزال تنشر يومياً أجزاء جديدة من الوثائق وسط الأجواء السياسية المتوترة.
أحد المفكرين الأتراك قال:الجيش الوحيد الذي يستعمرشعبه ووطنه في العالم هو الجيش التركي.
26 1 2010
بنكي حاجو
طبيب كردي ــ السويد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟