الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسين وسيلة إيضاح مهمة لكن لمن؟

تنزيه العقيلي

2010 / 1 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لأني في الوقت الحاضر غير متفرغ لتنزيه العقيلي، لن تكون مقالاتي ممتابعة، أو لعلها تكون قصيرة نسبيا، حيث لن أفصل في فكرة كل من الموضوعات التي سأتناولها في مقالاتي، على أمل التفصيل فيها مستقبلا، عندما أحول مقالاتي إلى مشروع كتاب.
فكرة هذه المقالة راودتني الساعة 0.45 (الواحدة إلا ربع) من بعد منتصف ليلة 28/12/2009، واليوم أود تكملتها ولو بشكل موجز.
استوحيت الفكرة من أجواء محرم في الأوساط الشيعية، وبالرغم من نفوري من الاستغراق في الشعائر، لا أستطيع أن انكر أن للحسين ولكربلاء وعاشوراء ثمة إيحاءات لا تخلو من ثمة فائدة للحياة، هذا طبعا مع لحاظ أن العامة المستغرقة في الشعائر لا يسعها أن تستفيد من هذه الإيحاءات، ولكن قلت لنفسي لأكن موضوعيا، ولأسلم بكون قضية الحسين وإحياء ذكراها السنوية لا تخلو من تلك الإيحاءات. وقد سميت امتلاك قضية الحسين وغيرها من أمور الدين لثمة إيحاءات، بأنها بمثابة وسيلة إيضاح، توصل الفكرة التي تختزنها قضية الحسين إلى شريحة من الناس، لا يسعهم أن يستوعبوا تلك الفكرة، وعموم الأفكار والقيم إلا عبر وسائل إيضاح، وليس عبر الفكر المجرد. إذن للحادثة الدينية، وللحكم الديني، وغيرهما مهمة الإيضاح كوسائل له.
ولكن لنتساءل عن متى يا ترى نحتاج إلى وسائل إيضاح، وعمن الذي يحتاج إليها. إن وسائل الإيضاح تكون عادة مهمة للعامة، بينما الخاصة، أي النخبة الواعية، أو الراشدة، أو الواعية لا تحتاج عادة إلى وسائل الإيضاح. وحيث أن العامة، وكما يعبر المصطلح نفسه تعني الأكثرية، بينما الخاصة تعني الأقلية، وهذا يعطي المبرر لأهمية وسائل الإيضاح، ما زالت الأكثرية في حاجة إليها، لأن القضايا العامة لا تؤسس عادة على ضوء احتياجات الأقلية والنخب.
وعلى سؤال متى تكون الحاجة لوسائل الإيضاح، ومنها الشعائر الحسينية كوسيلة من تلك الوسائل، فأقول إنها تمثل حاجة لمرحلة ما دون الرشد، أما عند تجاوزها إلى مرحلة الرشد، أو ما بعد اكتمال الرشد، أو لنقول بلوغه مستوى الاستغناء عن وسائل الإيضاح، فتنتفي الحاجة إليها حتما. ولذا نرى في المناهج التربوية والتعليمية تشتد الحاجة إلى وسائل الإيضاح في المرحل الدراسية الأولى، وتقل هذه الحاجة تدريجيا، كلما تدرج التلميذ ثم الطالب إلى مراحل متقدمة من دراسته.
من هنا ولكون الرشد، أعني رشد عموم المجتمع الإنساني، ورشد الأمم والشعوب والجماعات البشرية، في تنام مطّرد، فستتحول أقلية اليوم إلى أكثرية الغد، ومع الوقت ستتلاشى الحاجة إلى وسائل الإيضاح، لأن ما كان أكثرية في السابق لمئات ولعله آلاف السنين لن تبقى أكثرية على مدى المستقبل، وما كان يمثل النخبة قليلة العدد ستتحول إلى حالة عامة واسعة الانتشار.
وهذا يعني أن الأقلية اليوم لا تحتاج إلى الحسين والشعائر والذكريات الدينية والسيرة والتاريخ الديني، كما لا تحتاج إلى الأحكام الشرعية، لأن المنتمين إلى هذه الأقلية يدركون القيمة بشكل مجرد، دون طلب استيضاحها عبر وسيلة من وسائل الإيضاح؛ يدركونها ويعيشونها ولا يحتاجون إلى شاهد عليها من سيرة لنبي أو إمام أو صحابي أو خليفة أو ولي أو قديس أو شيخ أو مرجع أو قس أو راهب أو حاخام. وغدا عندما تتحول الأقلية إلى أكثرية، لن تحتاج البشرية إلى وسائل إيضاح، التي إن كان لها ثمة نفع، فمضارّها أكثر بكثير من منافعها، وما كان ضرره أكثر من نفعه، فهو إثم حسب النص القرآني «وإثمهما أكبر من نفعهما».
وهذا ربما لا يقلل بالضرورة من قيمة قضية الحسين، لأنها كانت وسيلة إيضاح مهمة وضرورية للأكثرية لمئات السنين، أو لأكثر من ألفية.
وهذا المفهوم يعمم على عموم مفهوم الدين كما بينت، أي الأحكام، الأخلاق، التاريخ الديني، القدوات الدينية وإلى غير ذلك.
والتحول يحتاج إلى أن نقطع عدة مراحل من التحرير:
1. تحرير الفقه من سجون الشكل إلى رحاب الجوهر، ومن الجمود إلى الديناميكة.
2. تحرير الدين من الفقه والأحكام، وكذلك من الشخصنة بعنوان القدوات الدينية.
3. تحرير الشعوب والأمم المتدينة من هلوسة الدين إلى رحاب العقل والقيم الإنسانية، ومن الانغلاق على المنطلقات إلى التحرر في أجواء الفهم النسبي.
4. تحرير الإيمان من الدين، والعقول من الخرافات، وتحرير الله من الأسوار التي طوقه بها الأنبياء والكتب المقدسة والفقهاء وعموم المتدينين.
أكملت في 28/01/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غير مجدية
عبد الكريم البدري ( 2010 / 1 / 29 - 15:10 )
ألأستاذ العقيلي المحترم
تحية
ان طريقة عرضها بهذا الشكل المتخلف لايمكن لها ان تحقق الهدف المرجو منها طريقة همجية يكتنفها العويل والصراخ والهرج والمرج واقسم لكم ان المهرجين لايعرفون على ماذا يلطمون الخدود. ونكتفي ان نذكّر بأن بنت الشاطيء ذكرت ....انه في اليوم التالي من واقعة الطف وخروج السبايا اخذ اهل الكوفة نساءا ورجالا يبكون ويواسونهم واذا بسكينة تقول قولتها المشهورة بحقهم وذكرتهم بغدرهم. المسألة بصريح العبارة تجارة سياسية رائجة خاصة هذه ألأيام لأننا لم نلمس من اصحاب هذه الشعارات سوى الوعود والوعود فما الذي اخذوه من الحسين ومن مبادئه اذن؟

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟