الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية لها معنى

عبد العزيز محمد المعموري

2010 / 1 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



قراءة التاريخ قديماً وحديثاً ليست للهو وملء الفراغ وإنما للعبرة وفهم الحياة ، فتاريخنا البعيد والقريب مليء بالعبر والعظات رغم ان كتابة التاريخ تخضع في احيان كثيرة للانحياز واللاموضوعية ولكن الدارس الذكي يستطيع ان يستخلص كثيراً من العظات التي تحمل عبراً لايستغنى عنها .
وحين نقارن بين قسوة الحجاج ودمويته بعشرات الحكام الدمويين نلاحظ ان في صفاته الرأفة ما يتمنى الاخرون ان يوصفوا بها ! وعلى سبيل المثال لو قرأنا في الكتب المدرسية عن سيرة صلاح الدين الايوبي وتسامحه مع قادة الافرنج ما تصورناه مثالاً للتسامح الاسلامي والتراحم الانساني نجد ما يناقضه في كتب التاريخ ما لم يعصمه من التعصب الطائفي مع ابناء دينه ومحاربته لكل نوع من المعارضة بلا رحمة ..
هذه مقدمة اسوقها لدراسة بعض المواقف المشرفة لبعض حكامنا في العهد الملكي ممن كنا نتصورهم مثالاً للديكتاتورية ونهب المال العام وكان اكبر شخصية في الحكم هو نوري السعيد الذي كنا نتصوره عميلاً للانكليز وعدوا للعرب والعراقيين ومستهتراً بحكم القانون ولكني اتذكر موقفاً لهذا الحاكم الذي ظلمناه وكثيراً ( وسحلنا جثمانه بعد ثورة 14 تموز 1958) هذا الموقف يرمز الى تواضع الرجل واحترامه لشعبه والقانون
كان ( الباشا ) كما كان يسمى مسافراً الى بيروت وفي طريق عودته الى بغداد شاهد لدى احد البقاليـن نوعاً من الليمون الحامض الذي يحبه حين يتناول ( الباجه) ولم يكن ( للنومي ) الحامض وجود في بغداد فاشترى صندوقاً خشبياً صغيراً من هذه الفاكهة التي يعشقها ولم يكن يدري ان ادخال هذه الفواكه كان ممنوعاً بسبب الحجر الزراعي!
وحين وصول سيارة السعيد الى المركز الحدودي وترجل عنها وأراد ان يسير بضع خطوات ريثما تتم اجراءات الكمارك والتفتيش النظامي ! تقدم شرطي نحو السيارة وطلب من السائق ان يفتح صندوق السيارة الخلفي ففعل وحين وجد الشرطي الفاكهة طلب من السائق انزالها لانها ممنوعة بسبب الحجر الزراعي وهنا انتفخ السائق وصاح بالشرطي اتدري لمن هذه السيارة والفاكهة ؟.



ساله الشرطي : لمن ؟ اجابه السائق : لذلك الباشا الذي لايبعد عنا كثيراً انه نوري باشا اتعرفه ؟ اجابه الشرطي نعم اعرفه ولكني اقول لك لو ان هذه الفاكهة تعود لصاحب الجلالة ملك العراق لا أسمح بادخالها هل تفهم ؟
هنا كان الباشا يستمع لهذا الحوار بين الشرطي وسائقه وهو يشعر بمتعة وسعادة وعاد لسيارته ليقول للسائق لماذا لاتسمع كلام الشرطي ؟ الم يقل لك ان ادخال الفاكهة ممنوع باسم القانون ؟ وهل نوري سعيد فوق القانون ؟
وهنا نادى على الشرطي البطل قائلاً ارجو ان تكون قدوة لغيرك ووضع بيده خمسة دنانير متعذراً بقلة ما في جيبه قائلاً هذه اكرامية بسيطة وسأرسل لك ترفيعاً تستحقه ! فمن يفعل مثل هذا التواضع ونكران الذات في زماننا هذا
ــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة الصباح – العدد 893 – الصادرة يوم الاحد 23/7/2006 ص 15








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تزاحمت المقالات فاختلطت المضامين
علي المفتي ( 2010 / 1 / 29 - 19:30 )
نص المقال هذا تم نشره وبعنوان ( فلنذكر حسنات موتانا ) بتاريخ 18 / 1 وفي العدد 2892 من الحوار المتمدن .. نصيحتي للسيد عصام المعموري بان يتأنى قليلا قبل نشر مقالات والده وبتصرف شخصي منه ، حيث ان كثرة المقالات لا يوحي بجودة الكتابة ابدا ..ولن يؤدي ذلك الى التعريف بالكاتب ان لم يكن ما ينشره ذات معنى ويتجاوب مع اهتمامات الناس .. الكثافة غير الاعتياديه بعدد المقالات المنشوره للسيد عصام ووالده ادى الى حدوث اختلاط الاوراق ، وبشكل يدعو للتنبيه .. مع تحياتي

اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا