الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماعة اللاعنف في العراق

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2010 / 2 / 1
المجتمع المدني


قد يحدث اول مرة ،ان يستذكر العراقيون غاندي في ذكرى ميلاده الذي اعتبرته منظمة الامم المتحدة يوما عالميا مناهضا للعنف، هذا ما قامت به احدى الجماعات المدنية العراقية التي تطلق على نفسها اسم ((اللاعنف))، مستوحية اسمها من الابتكار الذي ارساه المهاتما غاندي في صراعه الطويل مع الذات والمجتمع والمستعمرين ، وقدم غاندي من اجل طريقته السلمية هذه الكثير من التضحيات الجسيمة في جسده النحيل الذي اذبلته الصيامات المتكررة وخصومات اعداءه المحليين والمستعمرين الكبار ،واخرها ما تلقاه من رصاصات غادرة من قبل احد اتباعه الحمقى المتشددين ،ولكنه كسب الجولة في شوطها الاخير على جبروت رموز العنف وادواته التي يمتلكها المستعمرون ،و حقق لامته الهندية الكرامة والسيادة التي كانت تنتظرهما وتمكن من ازالة جبال الكراهيات والعداوات بين ابناء الطوائف والاعراق المختلفة المكونة لامته ، فكان اللاعنف بقيادته ورمزيته التي تكاد تقترب من الاسطورة ،الشفرة السرية التي وحدت الامة الهندية بتنوع اعراقها وتعدد السنتها واختلاف اديانها ومعتقداتها، فاستحق غاندي لقب المهاتما بجدارة الاب لهذه الامة التي ستدين له ، لطريقته البارعة السلمية والبيضاء في ادارة الصراع مع المستعمر الخارجي والمستبد الداخلي على حد سواء ، ومن هنا يبدو اشتقاق منظمة عراقية مدنية لاسمها مستوحيا روح غاندي في قهر الشر وتدمير الكراهيات في القلوب وتلقين الاجيال دروس التسامح واحترام الاخر ،استحضارا وطنيا للنخب العراقية المدنية ورغبة منها في وضع حد لبقع الدماء التي لونت تاريخ العراقيين في مختلف صفحاته وتحولاته ، يقول غاندي في احدى خطبه قبل شهادته :
((انا اعلم انه ليس ثمة مستحيل على الحب المضادللعنف ذلك الحب الذي يبلغ ذروته في الاحسان الى الخصم))،اعتقد انها رسالة مازالت تملك بلاغتها وسط مجتمعنا العراقي الذي قدم انهارا من الدماء بوسائل العنف من قبل قراصنته ،سواء من السلطات الشرسة التي حكمته ،او من الذين اورثتهم هذه السلطات مفاتيح العنف وخولتهم باستخدامه ضد الابرياء ،فقصة غاندي مع اللاعنف تظهر ضرورتها في المكان العراقي اكثر من غيره من الامكنة لانها لاتتوقف عند رسائل اللاعنف وحدها بل تشمل التزام التسامح والمحبة معه ،وبدون ذلك لايمكن التلمس الطريق نحو تحقيق الحلم في عراق يخلو من الكراهيات ولون الدماء وصراخ الضحايا ،ولكن هل يوقظ مجرد الاحتفال في ميلاد غاندي هذه المعاني التي فجرتها قصة تجاربه مع الحقيقة بشكل عام ومع انجيل الساتياغرا ((اللاعنف))بشكل خاص؟سؤال سيجيب عنه اللاعنفيون العراقيون ومدى همتهم في تعميم رسالته وسط الخليط العراقي المتجانس من القوميات والمذاهب والاديان التي نخرها العنف لسنوات طويلة ومايزال .كا سيجيب عنه مدى تطابق النوايا مع الافعال، والاستعداد للسير في نفس طريق التضحيات الجسيمة التي قدمها المهاتما غاندي وحقق عن طريقها النجاحات لامته والخلود لذكراه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العنف الدخيل
قاسم محمد مجيد الساعدي ( 2010 / 2 / 1 - 12:34 )
العزيز توفيق
تلك الدعوه لمجتمع خالي من العنف تستحق التقدير وخصوصا نحن المحتاجين لسلام يجتث اصول العنف من جذوره غاندي كان رمزا وملهما لكل الشعوب نحن احوج لدعوة صادقه مثل دعوتك التي هي بعيده عن مناورات السياسين الذين رسخوا ثقافه العنف وابثار وهي دخيله علينا
لنتسامح ونتصدى لكل من يريد الخراب لبلد السلام العراق
ايها الحبيب بورك قلمك الشجاع سلامي

اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار