الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القارة ألألسنية

بودريس درهمان

2010 / 2 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ابتدأت عملية استكشاف القارات مع القرن الخامس عشر وعرفت نهايتها مع القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهاته النهاية دفعت إلى التفكير في استكشاف قارات أخرى، قارات لازالت كل معالمها لم تتضح بعد؛ ومن بين القارات التي تم التفكير فيها من طرف المستكشفين الجدد قارتين: هما قارة اللغة وقارة الدماغ البشري، استكشاف الأولى سيسمح بالضرورة باستكشاف الثانية وهذا ما حصل... و بالتحديد عبر البوابة السويسرية.
من الناحية اللغويةsuisseتعني البوابportierإنها البوابة التي توصل إلى فرنسا الأفكار الألمانية لأنه أكثر من 65٪من ساكنة هذا البلد الكنفدرالي ذو الستة وعشرون كانتونcantonsيتحدثون ويستعملون يوميا اللغة الألمانية في حين 17٪ فقط من هذه الساكنة هم الذين يتحدثون اللغة الفرنسية. رغم الحدود المشتركة لفرنسا مع ألمانيا فعبور الأفكار الألمانية و الانجليزية إلى فرنسا تحتاج دائما إلى تأشيرة سويسرية بالخصوص. حصل هذا مع أفكار داروين حيث يعتبر السويسري عم العالم النفسي تيودور فلورناي وأستاذ وليام جيمس هو أول أوروبي قام بإدخال الأفكار البيولوجية الثورية بداخل القارة الأوروبية. سويسرا ليست فقط بلدا لعبور الأفكار بل هي كذلك بلدا لتفريخ الأفكار الثورية وبداخل هذا البلد الذي هو منفى الثوار استطاع مونتسكيو صياغة نظريته حول روح القوانين وباسم مستعار.
سنوات1906-1907-1908.
رغم أن واضعي معجم اللسانيات باللغة الفرنسية يرفضون أي علاقة أبوية ما بين فردناند دي سوسير - أول مستكشف للقارة الألسنية الحديثة في محاضراته التي ألقاها سنوات 1906/1907/1908بجامعة جنيف- والجماعة الألسنية المعروفة بجماعة براغ، وذلك للفارق الزمني بين الاثنين، بحكم أن جماعة براغ لم تبدأ في الاشتغال إلا سنة 1926 ولم تبدأ في نشر أطروحتها إلا سنة1929 رغم كل هذا فقصة النبوغ الفكري وتدوين أفكار فردناند دي سوسير تستدعي أكثر من بحث.
منذ السنين الأولى للقرن الثامن عشر ومن جيل لجيل توالت على عائلة دي سوسير سلسلة من العلماء الفيزيائيين والطبيعيين والجغرافيين وغيرهم؛ ولم تشد عن هذه القاعدة الوراثية إلا واحدة هي ألبرتين أدريان دي سوسير التي في البدايات الأولى للقرن التاسع عشر فضلت الارتماء في أحضان المراسلات الأدبية الرومانسية والاهتمام بالفلاسفة الألمان المثاليين وبالبيداغوجيا كذلك. جيلين بعد أدريان ألبرتين دي سوسير ولد فردناند دي سوسير ليشكل هو الآخر الاستثناء بداخل عائلة دي سوسير.
في سن التاسعة عشر بعد أن درس الكيمياء، الفيزياء والعلوم الطبيعية لمدة سنة تقريبا بجامعة جنيف، فضل الشاب فردناند دي سوسير الدراسات الأدبية؛ وبالخصوص الدراسات اللسنية التي كان قد ابتدأها في سن المراهقة. ولعه بهذا النوع من الدراسات وضدا على التقليد العائلي دفعه للسفر إلى ألمانيا وبالتحديد لايبزيك وبرلين اللتان كانتا آنذاك بمثابة عاصمتين أوروبيتين للدراسات الفيلولوجية.
نبوغ الشاب تحقق باكرا بمدينة لايبزيك الألمانية. في سن العشرين وضع تصميم خطاطة بحثه حول الحركاتles voyelles في سن الواحد والعشرين قام بتحرير البحث، في سن الرابعة والعشرين بدأ الكل يتساءل حول العالم الكبير فردناند دي سوسير. بعد ذلك انتقل إلى باريس لإتمام دراسته بجامعة السربون، هناك حيث سيعجبون به و يكلفوه بتدريس النحو المقارن في نفس الجامعة، بل سيكلفوه بتحديث التخصص الجديد في جامعات عدة بداخل التراب الفرنسي.
عاد إلى جنيف سنة1891ثلاث سنوات بعد هذا التاريخ انعقد مؤتمر الاستشراقيين الذي سيشارك فيه بموضوع حول تاريخ الدراسات في بلدان البلطيق. بعد هذه المشاركة سيدخل في صمت استفز به كل دوائر المجتمع العلمي المتلهف إلى جديد هذا النابغة.
مباشرة بعد وفاته سنة 1913ترك وراءه أطرا جامعية تؤثث بأصواتها مساحات المجالات أللسنية الحديثة التي استكشفها دي سوسير. نذكر منهم:
موريس كرامون، أنطوان مايي، بول باسي، جيورجيو باسكالي، شارل بالي، ألبير سيشهاي، سيرج كارسيفسكي. كل واحد من هؤلاء بفضل دروس دي سوسير قام باستكشاف وتطوير مجال خاص في الدراسات. هكذا فـMaurice Gramontيعتبره الفرنسيون أول أستاذ لهم أسس للظواهر الصوتية الخاصة بالنظام الصوتي الفرنسي. أما Antoine Meilletفيعتبروه أكبر أستاذ لهم في علم الفيلولوجيا الذي أسس للمدرسة الفرنسية للدراسات أللسنية التاريخية. في حين Charles Bally استطاع أن يجعل الدراسات المتعلقة بالأساليب الأدبية والعلمية تأخذ طابعا علميا متينا انفتح على علم الأساليب. أما Albert Sechhayeفقد استطاع المزاوجة ما بين اللسانيات والدراسات النفسية. Serge Karcevskijاستطاع أن يقوم بإسقاطات لنظريات دي سوسير على اللغات السلافية؛ وقد استطاع سنة1915بموسكو وسنة1920ببراغ تمرير أفكار دي سوسير إلى كل من تروبتزكوي و ياكبسون.
يعود لفرديناند دي سوسير الفضل في تثبيت مجموعة من المصطلحات التي كان يتم تداولها كأفكار في نهاية القرن التاسع عشر والتي تحتاج إلى تحديد مفاهيمي واصطلاحي؛ والتي سيستفيد منها المؤرخون والأنتربلوجيون في ما بعد.
ثلاثون سنة من البحث العلمي ولم يستطع دي سوسير وضع الخلاصات النهائية لبحوثه إلا خلال السنين الأخيرة من حياته. لقد وضع هاته الخلاصات في محاضراته للدرس الثاني والثالث حول اللسانيات العامة لسنوات1908/1909-1910/1911
هاته الخلاصات هي محتوى الكتاب الذي أنجزه طلبتهAlbert sechehayeوCharles Ballyسندهم المرجعي في ذلك هو تلاخيص وملاحظات الطلبة الذين حضروا للدروس الثلاثة في اللسانيات العامة، بالإضافة إلى بعض ملاحظاته التي عثر عليها بين بعض أوراقه المدونة بخط يده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جيد
عبد المحسن ( 2010 / 2 / 1 - 19:22 )
جميل أن نقرأ عن لغوي مهم مثل دي سوسير، كان له تأثير نوعي في حقل الألسنية. وفق الكاتب في انتقاء الموضوع، أشكره و أطمح إلى المزيد من المقالات حل اللغويات الحديثة.

اخر الافلام

.. نتنياهو لجنود الاحتياط على الحدود مع لبنان: نقدر خدمتكم ونعم


.. مؤسس موقع ويكيلكس يقر بالتهم الموجهة إليه بعد اتفاق مع الحكو




.. مسيرة حاشدة في كوريا الشمالية لإحياء الذكرى الرابعة والسبعين


.. الشرطة البريطانية توقف 4 أشخاص لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الو




.. أخبار الصباح | زوجة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة الانقلاب عليه