الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار خاص بين رجل دين وعلماني 3

حسين محيي الدين

2010 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في لقائي الثالث مع رجل الدين أظهر لي سماحته كثيرا من الشوق والتودد والحرص على مواصلة الحوار ِ مما أثار لي الكثير من الشكوك ومن التوجس من نوايا سيئة قد تكون مبيتتا لي ! وسبب ذلك يعود إلى تجارب كثيرة كانت لي معهم . تجارب غير مشجعة على بناء ثقة وتواصل . وبينما كنت على هذا الحال من التفكير فإذا بهي يفاجئني بالقول ( ألم أقل بأن العلمانيين زنادقة ومارقين وكفرة لقد عدّ فلاسفة الثورة الفرنسية ألدين والكنيسة المصدر الأعظم لكل الشرور السياسية والاجتماعية وأن الإنسان لا يمكن أن يخرج من طور العجز والقصور الإرادي الذي فرضه على نفسه إلى طور الحرية المنشودة إلا بخوض معركة ضارية لا هوادة فيها ضد مصدر هذه الشرور ! أي الدين عامة والكنيسة خاصة وأن فلاسفة الثورة الفرنسية قالوا بمعادلة مفادها إن الدين يتطابقان مع الخضوع والعبودية مثلما يتطابق العقل والمعرفة مع كمال النضج ومطلق الحرية ومن ثم يكفي أن يزيل الإنسان حجب الجهل والهم ويتسلح بسلطان العقل والإرادة ليتخلص من جميع ما يشد وثاقه ويحد من فسيح حريته من قيود ) ثم التفت إلى سماحة الشيخ ليقول هذا هو رأي قادة العلمانية في الدين والمؤسسة الدينية . فقل لي كيف تدعي بأنك مؤمن ومن عائلة دينية ؟

لقد هونت من روعه وجاريته في الحديث وأضفت إلى ما قاله بأن الثورة الفرنسية كانت ذا نزعة عدائية للدين وللكنيسة فمنعت الكنيسة من تسجيل المواليد وحالات الزواج والوفيات لصالح البلديات وأغلقت الكنائس أمام التجمعات الدينية وممارسة العبادة مع مصادرة أملاكها وتحويلها إلى مدارس ومحلات تجارية وإزالة التماثيل الدينية والصلبان من الأماكن العامة مما دفع عددا كبيرا من رجال الدين إلى الاختفاء والهجرة إلى بلاد مجاورة وتم إعدام أربعين قسيسا ونفي مائتين إلى خارج فرنسا وتهجير مايربو عن ثلاثة ألاف رجل دين إلى الجزر الفرنسية . ولكن هذا الاضطهاد لم يدم طويلا حيث تم الإقرار بان الكاثوليكية دين أغلبية الفرنسيين بدل أن يكون دين الدولة الرسمي . كما تم الاعتراف بحق الدولة في الأشراف الكامل على الكنيسة ومن ثم الإشراف على مناهج التعليم وهذا يعني في نهاية الأمر إن دور الدين في حياة المجتمع الفرنسي قد تضائل كثيرا وان معظم المهام التي كانت تقوم فيها الكنيسة قد تحولت إلى مهام تقوم بها الدولة وتشرف على أدارتها . وتابعت الحديث مع سماحة الشيخ بقولي هذه كانت ثورة وهي موجهة ضد النظام الملكي الذي تدعمه الكنيسة وتكسبه شرعيته .

وأردفت قائلا لو فرضنا أن الاحتلال الجاثم على صدور العراقيين لم يفي بوعده في الانسحاب وكانت مؤسستنا الدينية تبارك هذا الاحتلال أو تغظ الطرف عنه فما هو في رأيك في رد الشعب العراقي على ذلك ؟ أتظن أن المقاومة العراقية سوف توجه حرابها نحو الاحتلال فقط !؟ أم أن نيرانها ستطاله وتطال من يقف إلى جانبه ؟ وهنا وقف الشيخ على قدميه واهتزت فرائصه حنقا مني ووجه كلامه نحوي وبصوت عال كعادته لا ليسمعني ما يقول بل ليثير الآخرين ضدي ( ألم أقل لك بأن العلمانية كفر والحاد ومروق عن الدين لا بل أنها إرهاب ودعم للإرهاب وهنا استدركت بأن فرضيتي هذه قد تجرني لما لا تحمد عقباه فحاولت إن أطيب من خواطره وأثني على سعة صدره ومعرفته الواسعة بأحداث الثورة الفرنسية وما لها من محاسن وأخطاء على أمل أن ألتقي به مرة ثانية في أقرب وقت علني أتعرف على مخاوف الإسلاميين من العلمانية !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ATZjeIjydLaJO
Hellen ( 2012 / 8 / 6 - 15:04 )
Do you have more great artiecls like this one?

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah