الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة تفسّر الكثير

فاديا سعد

2010 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في توضيح للصحفي السوري السيد "حسن م يوسف" نشره في الموقع الالكتروني "كلنا شركاء" الذي يرأس تحريره السيد أيمن عبد النور، أنه -الصحفي- بعد انقطاعه عن الكتابة في الجريدة الرسمية "تشرين" لعدة أشهر، عاد ومعه مادة عن شيخ الأزهر "طنطاوي" بعد تهجم الداعية السوري كوكي، وحين قدمها لرئيسة قسم الثقافة في الجريدة رفضت نشرها والتزمت الصمت حيال الأسباب، ثم قدمت المادة لرئيس التحرير ووافق على عدم نشرها، ملتزما الصمت فيما يخص الأسباب، انتقلت المادة لوزير الاعلام، وكانت النتيجة مشابهة: صمت. ما هو مثير في الأمر عدة نقاط يجب تأملها:


- أن السلطات السورية أعلنت موقفها الرافض للطريقة التي استخدمها "كوكي" في التهجم على الشيخ طنطاوي، وقامت باعتقاله لحظة وصوله المطار.
- أن الكثيرين ممن يمثلون شرائح المجتمع السوري تعاطفوا مع موقف السلطات السورية، باعتقال "كوكي" وحين كان البعض يشهر ورقة حرية التعبير في وجوههم كانت الإجابة مفحمة: أن حديث كوكي لم يكن من حرية التعبير في شيء بقدر ما كان شتائم لا تليق بداعية على شيخ يفوقه علما ومرتبة دينية.
- من خلال مسيرة السيد حسن م يوسف الصحفية، وبحكم المهنية لتي يكتب بها، فإنه لن يقف إلى جانب "كوكي" في استخدامه المنبر لشتيمة الشيخ "طنطاوي"، ومادته الصحفية لن تكون منحازة للقدح، ولا لتشجيع كوكي وأمثاله للنيل من شخصية شيخ الأزهر، ومع ذلك لم تنشر المادة، والتزم الصمت من قبل ثلاث مستويات مسئولة في العمل الإعلامي.
قد تكون دهشة الصحفي في مكانها من عدم نشر مادته، مع أنها -المادة- تسير متناغمة مع خط السلطة في الموقف من المتشددين في الإسلام السياسي، ولكنه لو اطلع على الوثيقة التي صدرت عن مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري في حزب البعث القيادة القطرية بعد اعتقال "كوكي" بعدة أيام، لاختفت الدهشة، وزال العجب.
كانت الوثيقة -برقم: 632/8 ق.ط- توضح موقف الحزب من جماعة الشيخ عبد الهادي الباني الموجود في دمشق، وريفها، فبعد أن استعرضت الوثيقة السيرة الذاتية للشيخ عبد الهادي، وعمله قبل أن يصير داعية، وشهادته الدراسية، تأتي الوثيقة على هذه النقاط: "يعطي هذا الشيخ دروسه أيام... عدد تلاميذه.. أغلبهم أطباء ومهندسون، وصيادلة، ومعلمون، ولا يوجد للشيخ تلاميذ نساء، نشاطها الديني..".
وتم استعراض أهداف جماعة عبد الهادي بإقامة أمة إسلامية وليست عربية، وأنه ومريدوه يؤمنون بعدم تحرير المرأة، وعدم مخالطتها للرجال، كما أنهم حسب الشرح يقفون ضد عملها خارج المنزل، ويعتبر ومريدوه وجود التلفزيون حراما، و أن هناك جماعات دينية أخرى كهذه الجماعة في القطر.

وأخيرا يأتي حكم مكتب الاعلام والثقافة الخاص بالقيادة القطرية لحزب البعث على الشكل التالي: "وموقف الحزب منها ليس سلبيا، طالما أنها بقيت في مجال المعتقد الديني"

سنركز على موقف حزب البعث من جماعة الشيخ، ونقول أنهم صرحوا بأنه موقف غير سلبي، وإذا لم يكن سلبيا فهذا معناه أن موقف الحزب إيجابي، على الرغم من معرفة قيادة الحزب بأن مريدو-الشيخ عبد الهادي، وهم من خيرة الشهادات العلمية أطباء مهندسون صيادلة، ومعلمون- يوافقون موقف شيخهم من المرأة والتلفاز، وهذا يعني أن وجود مئات من المتعلمين دراسيا، ومتخلفين اجتماعيا في أغلب المفاصل الحيوية للحياة الاقتصادية، والاجتماعية، يوافق عليها الحزب، مما يعني أن الحزب ضد المرأة وضد وجود تلفزيون في البيت ولا يجدوا في الأمر ضررا!.
- موقف الحزب غير سلبي من الجماعة التي تعلن موقفها صراحة بأنها ضد عمل المرأة، رغم أن حزب البعث، لم يترك وسيلة ثقافية وإعلامية لا يتغنى فيها بالمرأة وفضائل عمل المرأة، التي هي المجتمع بأكمله إذا ما أضيف إلى تعدادها وظيفة تربية الأجيال، فموقفه إذا كحزب غير سلبي من إجلاس المرأة في المنزل، وعدم الاعتراف بحقها في العمل، إذا فهو يعمل ضد نفسه في موافقته على الاتفاقية العالمية بالتمييز ضد المرأة ووافقت عليها سوريا مع بعض التحفظات.
- موقف الحزب غير سلبي من الجماعة رغم معرفة القيادة الحزبية أن الجماعة ضد التلفاز في المنزل وهي نقطة التقاء الجماعة -عبد الهادي- مع طالبان والوهابيين، وابن لادن، رغم أن السلطات السورية اعتقلت "كوكي" وهو من صلب فكر هذه الجماعات!.
- موقف الحزب غير سلبي، أي أنه إيجابي لأن هدف هذه الجماعة إقامة أمة إسلامية لا عربية! رغم التعارض الصارخ مع أهداف حزب البعث: "أمة عربية واحدة!"
- موقف الحزب ليس سلبي رغم وجود امتداد لهذه الجماعة في كافة القطر، يتخرج من تحت أيديهم مهندسين وصيادلة وأطباء ومعلمين ينشرون الفكر العنصري ضد المرأة، ويتخذون من التلفزيون موقفا مطابقا لموقف بن لادن من المرأة والتلفزيون، ومع ذلك فالحزب ليس له موقف سلبي من هذه الجماعات ويرى بأن نشاطها ليس خطيرا، على الحياة المدنية في سوريا، وأنه الحزب- ليس ضد القبض على مفاصل الحياة من قبل هؤلاء الجماعات.
ونذكر القيادة ومكتب الإعلام والثقافة التابع للقيادة القطرية في حزب البعث، بأنهم يشيدون ليل نهار بالعروبة والأمة العربية، ويتغنون نهارا وقسطا من الليل بعمل المرأة، وينشرون الإعلانات في الأقنية الفضائية، لتتقدم المرأة النموذج في برنامج حملة الأيدي البيضاء من أجل المرأة؟ ويقيمون فضائية تلوى الأخرى فيما هم يوافقون من خلال وثيقة رسمية جماعة عبد الهادي على عدم وجود التلفاز في المنازل.

أليس غريبا رغم ما تقدم أن يرى مكتب الثقافة والإعلام التابع للقيادة القطرية، أن يجد أن عمل تلك الجماعات ليست بتلك الخطورة؟
وهل يفسر كل ذلك منع نشر مادة للصحفي حسن.م. يوسف في جريدة وطنية متناغمة في عملها مع توجهات الحزب في سوريا؟











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما هكذا تورد الإبل يا فاديا
أبو هاجر: الجزائر ( 2010 / 2 / 5 - 14:18 )
ربما قد تبتسمين سخرية يا فاديا من هذا المثل البدوي، ما هكذا تورد الإبل، ،لكن هل دخلنا نحن العرب الحداثة حتى يحق لنا توظيف مفرداتها.وهذ هو الخطأ النظري و المنهجي الذي وقعت فيه ، عن أي حزب تتحدثين وعن اية شرائح اجتماعية تتكلمين.إذا أردت أن تفهمي الحقيقة عودي إلى تعبيرات ما قبل حداثة من قبيل سني علوي درزي شيعي ماروني ارثذوكسي كاثوليكي الأحباش وغيرها من مفردات التخلف ،هذا هو المدخل الصحيح لفهم الوثيقة .
لنبدأ من البداية
اولا لا يوجد شيء يسمى حزب البعث في سوريا إلا المظهر الخارجي فهو أداة مخابرتية يوظف عند الصرورة
ثانيا االوثيقة توجهت إلىالطائفة السنية ،و أنت تعرفين الطائفة الأخرى التي أصدرت الوثيقة لهذا كانت حذرة في تعبيراتها لأن عبد الهادي سني وكوكي سني و الطنطاوي سني، يعني فخار يكسر بعضوا كما تقولون في بلاد الشام . أماسبب إصدر الوثيقة فهو إرضاء مصر لأن هناك محاولات سعودية للمصالحة بين سوريا و مصر وهذه الوثيقة تدخل في هذا السياق.
لك تحياتي الخالصة

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي