الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يطالب الاسلاميون بالتسامح مع تجار المخدرات

رشيد طلحة

2010 / 2 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صرح أحد قياديي حزب العدالة و التنمية المغربي والمحسوب على التيار الإسلامي في اللقاء الذي عقدته وزارة الإسكان بطنجة بضرورة نهج سياسة إن الوطن غفور رحيم مع تجار المخدرات قصد الاستفادة من أموالهم في مشاريع استثمارية تعود على النفع للوطن بدل تهريبها إلى الخارج مستندا في ذلك إلى حديث للرسول مفاده أن المال المكتسب من حرام يمكن صرفه في مصلحة المسلمين دون أن يؤجر عليه صاحبه .

يأتي هذا التصريح، الذي لن يفاجئ إلا المخدوعون في توجهات هذا الحزب الذي ظل يتبجح منذ ظهوره في الساحة السياسية بكونه جاء ليحارب الفساد و يصلح المجتمع و يعيد الاعتبار للأخلاق الإسلامية... ليكشف مرة أخرى زيف شعاراته البراقة.

لقد اثبت هذا التصريح تناقض خطابات هذا الحزب الإسلامي ، فهو منذ وقت قليل كان لا يتوقف في كل مناسبة عن التنديد باستعمال المال الحرام في الانتخابات ومطالبة الدولة بالضرب على يد المفسدين، و عندما فشل في اكتساح دوائر كان يعول عليها لم يتردد أمينه العام باتهام منافسي مرشحيه باستعمال المال الحرام في الانتخابات لشراء الذمم و أصوات الناخبين. وهاهو الآن، بكل وقاحة، يطالب السلطة لتكون رحيمة مع هؤلاء القتلة، الذين راكموا ثروات طائلة من تجارة هذه السموم القاتلة و تخريب عقول الشباب و الأطفال ، بدعوى السماح لهم باستثمار أموالهم في مشاريع اقتصادية.

قد يدعي البعض أن هذا التصريح لا يهم سوى صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن توجهات حزب بأكمله فلا داعي للمزايدات الحاقدة، لكن أقول له أن هذا التفكير هو من صميم المرجعية الفكرية للجماعات الإسلامية التي تنطلق من مبدأ ميكافيلي و هو الغاية تبرر الوسيلة أو بمعناه في الخطاب الديني الضرورات تبيح المحظورات ، فهي تحرم و تحلل حسب الظروف و تماشيا مع مصالحها السياسية و الاقتصادية، ففي أفغانستان مثلا كثيرا ما لجأت الحركات الإسلامية خلال فترة ما يسمى بالجهاد الأفغاني و خلال حكم طالبان لتمويل حروبها سواء ضد الجيش السوفياتي أو فيما بينها من الأموال المكتسبة من تجارة الأفيون و الخشخاش، ولم يعد يخفى على أحد ان الجماعات الإسلامية المسلحة في شمال إفريقيا تنهج نفس الطريق .

أما في المغرب و بعيدا عن السلاح، و في الوقت الذي ينادي فيه بعض أعضاء هذا الحزب بمقاطعة المحلات التجارية التي تبيع الخمر إلى جانب المواد الغذائية و استبدال الابناك الربوية بابناك إسلامية تتعامل بما يرضي الله و رسوله، جادت عبقرية هذا "العلامة الاقتصادي" بفكرة الاستنجاد بأموال أباطرة المخدرات قصد حل مشاكل السكن و محاربة البطالة و هشاشة البنية التحتية التي عرتها الأمطار خلال هذه السنة و السنة المنصرمة.

إنه يطالب بكل بساطة، بضرورة رفع يد السلطة على ثروات تجار المخدرات المصادرة و إلغاء كل مذكرات البحث و الاعتقال الصادرة في حقهم بل و تقديم كافة التسهيلات و الامتيازات الضريبية لتشجيعهم على استثمار هذه الأموال في المجال العقاري.

هذا هو الاقتصاد الإسلامي الذي ينصحون به العالم لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي تعرفها الرأسمالية المتوحشة، و هذه هي إحدى الوصفات السحرية التي ستخرج المغرب من المشاكل الاجتماعية المتمثلة في ارتفاع أسعار السكن الاجتماعي و المواد الأساسية التي سببتها المضاربة و ضعف المراقبة، و هذه هي إحدى الحلول الممكنة للقضاء على ظاهرة البطالة التي أصبحت تهدد أجيالا بكاملها و تقدف بالشباب في البحر بحثا عن البديل المفقود في الضفة الأخرى.

فهنيئا لكم يا تجار المخدرات، فقد و جدتم اخيرا من يطلب الرحمة لكم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah