الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات المجتمع المدني بين القانون والتكبيل

ايمان محسن جاسم

2010 / 2 / 6
المجتمع المدني


نجد الكثير من الحكومات في الديمقراطيات الناشئة تحاول سن قوانين تمنحها ( أي الحكومات )سلطات قوية على المنظمات غير الحكومية(( منظمات المجتمع المدني )) وذلك من خلال القوانين التي تشرعها بغية تنظيم عمل هذه المنظمات، ويمكن أن تكون تلك الحكومات إما مساعدة لها أو معوقة لتلك المنظمات, من خلال القوانين واللوائح التنظيمية التي تستخدمها لإنشائها أو لتوجيه أنشطتها, , أو كيفية حصولها على الأموال من داخل البلد وخارجه أو لإلزامها برفع التقارير أو للتدقيق في أنشطتها، أو لاشتراكها أو رفض اشتراكها في المشروعات والسياسات الحكومية. فعن طريق سن وإصدار القوانين تستطيع الحكومات أن تكبح المنظمات غير الحكومية التي تريدها, فنجد إن اغلب الحكومات في الديمقراطيات الناشئة تشجع هذه المنظمات على تقديم الخمات للمواطنين, ولكنها لا تشجع دعوتها في مناقشة وإبداء الرأي في قضايا مهمة وتمسها كمنظمات بشكل مباشر. أو إشراكها في وضع استراتيجيات هذه الخدمات . ومن المعروف للجميع إن ثمة أسباب كثيرة تجعل البلدان, في جميع أنحاء العالم، ترغب في أن يكون لديها قوانين تضمن وجود قطاع قوي ونشط ومستقل للمنظمات غير الحكومية, ومن هذه الأسباب , تطبيق مبدأي حرية التجمع والتعبير, تشجيع التعددية والتسامح، تعزيز الاستقرار الاجتماعي وسيادة القانون، الكفاءة، توفير المساندة للحكومة والحكومات المحلية عبر إيجاد فرص عمل . نجد بعض هذه الأسباب بل أغلبها اجتماعية بحتة أو اقتصادية . لهذا نجد أنه لا غنى عن القوانين التي تسمح للمنظمات غير الحكومية بأن تتواجد وأن تعمل بحرية, وذلك لغرض التطبيق الكامل والجدي لحريتي التجمع والتعبير. ويمكن القول أن القانون الدولي يفرض على البلدان التزاما ما بأن تسن قوانين سليمة خاصة بالمنظمات غير الحكومية مع مراعاة المعاهدات والمواثيق الدولية من جهة ومن جهة ثانية عدم التعارض مع دستور البلد. والمعروف لدى الجميع بأن منظمات المجتمع المدني كثيراً ما تكون شريكاً كفؤاً للحكومات في تقديم السلع والخدمات العامة. وبمعنى آخر، تستطيع هذه المنظمات,في حالات كثيرة, تقديم هذه الخدمات بمستوى أعلى من الجودة وبتكلفة أقل مما لو قامت الحكومة بذلك(( بسب ابتعادها عن الروتين والفساد وتعدد المرجعيات الإدارية )). وهناك أسباب كثيرة لذلك, أحدها مفهوم العمل التطوعي نفسه. ذلك أن هناك توفيراً في النفقات بقدر ما يكرس الأشخاص من الوقت والجهد لإيجاد حلول للمشاكل العامة على أساس مجاني وتطوعي. وهذا النوع من تقديم الخدمات يتناقض بشكل حاد مع الخدمات التي تقدمها الأجهزة البيروقراطية الحكومية المتخمة بالموظفين والباهظة التكاليف. يضاف إلى ذلك إنها هذه المنظمات أكثر كفاءة من الحكومة لأنها قد تمتلك معرفة فائقة باحتياجات الجمهور المطلوب تلبيتها وقد تكون أكثر تجاوباً في تلبية تلك الاحتياجات وهذا ما لمسه البعض في العراق عبر تنفيذ عدد من المشاريع التي قامت بها بعض منظمات المجتمع المدني بشكل مباشر حيث تميزت هذه المشاريع بواقعيتها وانسجامها مع احتياجات الفئات المشمولة بها . وفي أغلب دول العالم تعمل المنظمات غير الحكومية في شراكة وثيقة مع الحكومات. الا إننا نجدها في دول أخرى غالباً ما تتخذ طابعاً عدائياً أو تنافسياً. فالغرض الرئيسي لكثير من المنظمات غير الحكومية الداعية إلى قضايا عامة هو أن تبرز عيوب الحكومات وأن تدعو إلى تغيير السياسات. وتكره حكومات كثيرة مثل هذه الانتقادات وتجد طرقاً متنوعة, بما فيها القوانين القمعية, لإسكات مثل هذه المنظمات غير الحكومية أو إغلاقها, ولكن هذه الأساليب تدل على قصر النظر, لأنه من مصلحة الحكومات على المدى الطويل في كل مكان أن تدور مناقشات حيوية حول السياسات الحكومية, على الأقل إذا كانت الحكومة المعنية تعتقد أن هدفها هو تلبية احتياجات الموطنين بشكل أكمل وأوفى, وليس مجرد إطالة أمد توليها السلطة ذلك أن التجربة المستمرة لسياسات مختلفة في "سوق الأفكار" هو الضمان الوحيد لإمكانية تحسن السياسات الحكومية مع مرور الزمن. أما في البلدان النامية والديمقراطيات الناشئة كالعراق مثلاً نجد ثمة تنافس ملحوظ بين الحكومات المحلية (( مجالس المحافظات , ومجالس الأقضية )) و منظمات المجتمع المدني على الحصول على الأموال المخصصة لمساعدات التنمية وقطاعات أخرى, والأدلة كثيرة في العراق وفي مقدمتها ما يتعلق بالصحة والبيئة حيث تجد الإدارات الحكومية المحلية تزج نفسها في عمليات هي من صميم عمل منظمات المجتمع المدني والغاية ليست تقديم الخدمات بل الاستيلاء على الأموال المخصصة لذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق