الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنا سنية أم شيعية؟

زهير قوطرش

2010 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أتضايق جداً من عادة التسوق في السوبر ماركت ، وخاصة إذا كنت برفقة زوجتي . فسبحان الله الذي وضع في خلايا المرأة حب التسوق والشراء أو التجوال في محلات بيع الملابس وغيرها.
وحتى أنتهي من هذه المشكلة التي تقلقني دائماً ،عقدت اتفاقاً مع زوجتي الغالية يتضمن بندين فقط .الأول: أن لا أُظُهر امتعاضي وعدم رغبتي في الذهاب إلى أي سوبر ماركت, وأن أرافقها دائماً.
الشرط الثاني : مقابل ذلك, تم السماح لي أن استغل الوقت الطويل الضائع في الشراء بالجلوس إلى المقهى واستغلال الزمن الثمين والذي يتكرر باستمرار في الكتابة أو قراءة الصحف العالمية والمحلية .
وفعلاً تم التوقيع على ذلك شفهياً بشهادة الأولاد, وصدقاً انزاحت عن قلبي صخرة كبيرة . وهكذا أصبحت الأمور تسير على ما يرام ، وقبل أيام وبعد الانتهاء من العمل توجهنا مباشرة إلى المزار المذكور لشراء بعض الحاجيات. وفور الوصول الى مدخل السوبر ماركت بدأتُ بتنفيذ بنود الاتفاقية ودَّعتُ زوجتي واتجهت إلى مقهى باريز الهادئ كي أقضى هذه الفترة التي صرتُ أتمنى أن تطول قليلاً. مقهى باريز من أجمل المقاهي في هذا المجمع الضخم ، يمتاز بجدرانه ذات الألوان الدافئة وفرشه المتواضع الأنيق ، تحيطه من الداخل زهور الصالونات الجميلة والملونة، تفوح من المقهى رائحة البن المميزة التي ما أن يستنشقها الإنسان حتى تسري في عروقه نشوة, ورغبة تدفعه لاحتسائها والتلذذ بطعمها ونكهتها. ولشرب القهوة عندي طقوس تعودت عليها منذ أن بدأت في القراءة والكتابة. وفنجان القهوة له أيضاً سحره الخاص لذلك فأني استغرق الوقت الطويل في شربه ببطيء ، وتنتابني حالات وجدانية أتمنى معها لو أنني كلما شربت منه شفة أن تعود وتمتلئ من جد.يد.
توجهت إلى الزاوية اليمينية في الركن المقابل لأجمل مجموعة من الزهور .وأحببت أن أكون بعيدا معزولاً حتى لا أسمع حديث الناس، لأنني أصبحت أكره في الفترة الأخيرة الثرثرة عن الموضة والتنزيلات وأنواع البضائع و صرتُ اشعر أن الناس أشركوا بالله والعياذ بالله، و صاروا يعبدون إلهاً جديداً اسمه الاستهلاك ولهذا الله نبي مرسل أسمه الدعاية التي تحاصرك أينما كنت . وبالفعل سيطرت الوثنية الاستهلاكية على كل نواحي الحياة العادية وشغلت الناس في كثير من الأحيان حتى عن عبادة الله عز وجل .وما أن جلست وطلبت قهوتي المفضلة وشرعت أتصفح عناوين الصحف على أمل أن أجد موضوعاً جيداً من حيث المضمون كيً أقضي بقراءته وقتاً ممتعاً ومفيداً . وأنا في هذه الحالة ، وإذ بأختٍ مسلمة أوربية الأصل اعتنقت الإسلام حديثاً، ما أن رأتني حتى توجهت اليَّ . أعرفها حيث أنها تتردد على المحاضرات التي تقيمها جمعية أصدقاء الثقافة الإسلامية في مدينتنا. وبلكنة عربية أدت التحية بقولها السلام عليك يا أخ زهير .رددت، وعليك والسلام ورحمة الله وبركاته.....تفضلي يا أخت علي أساعدك بشيء ما . شكرتني واعتذرت كونها قطعت عليّ خلوتي وبدون مقدمات سألتني هل بإمكانك أن تجيبني على سؤالي؟ تفضلي يا أختي وبصوت فيه بحة وتردد قالت لي اعتنقت الإسلام وأمنت بالله وحده لا شريك له . أقيم الصلاة وأقوم بفعل الخير و أساعد المحتاجين، ولكني لا أعرف هل أنا سنية أم شيعية؟ تجمدت الدماء في عروقي، وشعرت وكأني أنا المسئول عن كل هذه التفاهات المذهبية . فوجئت فعلاً بسؤالها ! لأنني تعودت على أسئلة حول الزواج والطلاق والعبادات وحول فلسفة العقيدة والتوحيد الخ. صدقوني تمنيت لو أنني كنت أنا وهذه الأخت في هذه اللحظة بحضرة أية الله السيستاني ورئيس هيئة علماء المسلمين السنة في العراق، ليحملوا عني وزر هذه الإجابة على سؤال الأخت . ولكنت فضولياً كيف ستكون إجابتهم. وكالعادة بعد كل سؤال تتشكل الأفكار في مخيلتي لتتحول الى كلمات وجمل ، استغرب في الكثير من الأحيان من أين لي هذه الفصاحة. وجرى هذا الحوار بيني وبينها: سألتها
-يا أختي ما الذي دعاك أن تسألي هذا السؤال؟
-قالت : بعد أحداث تفجير العتبات المقدسة كفعل وردة الفعل العنيفة التي تم بعدها تدمير مساجد السنة، والقتل العشوائي من كلا الطرفين، في اليوم التالي للأحداث ذهبت الى العمل وقبل أن أحي صديقاتي سألتني إحداهن هل أنت سنية أم شيعية؟ وفعلاً لا أدري أين أنا!
- -هل سألت أحداً من الأخوة أو الأخوات؟
- -نعم سألت الأخت عائشة زوجها شيعي قالت لي أن زوجها أخبرها , أن السنة ليسوا على الطريق الصحيح وهم بالنار، وسألت الأخت نوال زوجها سني قالت أن زوجها أخبرها بأن الشيعة كفرة وهم بالنار.
- صمتُ قليلا ،وقلت في نفسي يا رب هل أعطيتَ الحق لأحد من الناس في أن يكفر ويرمي بالنار كما يشاء؟
- -يا أخت قبل أن تعتنقي الإسلام ماذا كنت؟ أجابتني مسيحية
-أعرف ذلك لكن سؤالي! وفوراً أجابت كنت كاثوليكية ،حسناً وهل تعتقدين أن المسيح عليه السلام كان كاثوليكياً أو شرقياً أو بروتستانت. أجابت لا أدري ، تابعت قولي ...يا أخت المسيح لم يكن سوى رسولاً ونبياً مسلماً إلى الله جاء بالتوحيد الخالص .وكذلك النبي محمد(ص) لم يكن لا سنياً ولا شيعياً كان نبياً ورسولاً موحداً مثله مثل كل الأنبياء والرسل جاءوا بدين واحد وعقيدة واحدة وشرعة مختلفة وهذه لا تلغي أساس العقيدة. لذلك أرجوك أن تكوني مسلمة إلى الله وأن تخلصي إليه وتعبديه وتأمري بالمعروف وتنهي عن المنكر وتواظبي على العبادات التي تزكي النفس وتطهرها، واخلصي في عملك الدنيوي وتحلي بمكارم الأخلاق وهذا هو الدين الصحيح وذكرت لها الآيات الكريمة

وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
والإسلام هنا هو الانقياد الطوعي لرب العالمين وهو أسلام الوجه لله " ولم يقل إني من الشيعة أو السنة أو من الكاثوليك أو البروتستانت. شكرتني وودعتني بالسلام وكلي أمل أنها اطمأنت لإجابتي .

مع كل أسف جاءت زوجتي الغالية ومعها كالعادة أكياس النايلون ذات الألوان البهية وفيها الملابس حيث بادرتني بقولها: تصور أسعار رائعة ورخيصة.قلت في نفسي وثنية الاستهلاك شئت أم أبيت هي بيتي أيضاً.فلا حول ولا قوة إلا بالله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للكاتب ...ولكن
يوسف ( 2010 / 2 / 6 - 13:46 )
اخي الكاتب
كلامك جميل وعقلاني مافي ذلك شك
لكن
هل تجروء ان تقول هذا الكلام بشكل علني اذا كنت تعيش في العراق او السعودية او باكستان او ايران او مصر؟
انا لااخاف ان اصرخ انا كاثوليكي في اي بلد مسيحي بروتستانتي او اورثودوكسي
و طبعا لن اجرؤ على ذلك في اي بلد اسلامي
لكن ماذا عنك
انت ايضا لا تستطيع ان تصرخ انك سني في ايران المسلمة
او انك شيعي في السعودية بلاد خادم الحرمين الشريفين
بينما يمكنك ان تصرخ بها في اي بلد اوروبي
وهنا السؤال الاهم ... لماذا ؟


2 - والله حيرة ومسكينة هذه الأخت
حميد الحلاوي ( 2010 / 2 / 6 - 17:19 )
والله العظيم إنها لحيرة كبرى
تصوروا كيف لم يكتفي هؤلاء المتعوسون بكونهم صاروا كما قال فيهم الشاعر ياأمة ضحكت من جهلها الأمم وإن مهازل التفرقة الطائفية التي يمارسونها في بلدانهم المنكوبة أصلا ً بوجودهم في الحياة
فأخذوا يصدرونها إلى بلدان تسـتضيفهم بكرم حاتمي بالغ وشعوب تجعلنا نخجل من أنفسنا عندما نشهد تعاملها الأخلاقي مع هؤلاء
وهل يمتلكون غير هذه التفاهات ليضيفوها إلى التراث العالمي تحت باب الدفاع عن المذهب والجهاد إلى ما لانهاية له من ترهات
لا أمتلك إلا أن أقول لهم جميعا
الله أيطيح حظوظكم جميعا أراجـلا ً ونسـاءا
متى سـتتعلمون ؟
متى سـترتقون في مسالك العلم التي تتفاخرون على الدنيا بأنكم أول من سلك دروبها ؟
أنظروا إلى أين قادتنا ترهاتكم في العراق أو باكستان أو الهند وأفغانستان
حدثني صديق هندوسي في سبعينات القرن الماضي بأنهم ينتظرون أيام عاشـوراء ليزوروا مناطق المسـلمين ويضحكوا ملء أفواهم على المعارك التي تنشـب بين السنة والشيعة
رغم إنه يعترف بأنهم والسيخ أيضا ً بينهم مقاتل
في ألمانيا .. في ألمانيا الله وأكبر
يمارسون جهادهم الفكري
الله أسال أن لاتقوم لهم قائمة


3 - رائع, أخي الكريم, زهير
عبد الله بوفيم ( 2010 / 2 / 6 - 20:04 )
مقال من الروعة بمكان, وحل وإجابة حكيمة من ذي حكمة. بوركت اخونا الكريم, وكذلك فليكن كل المسلمين الصادقين
إن العديد من العمليات الاجرامية التي يكون ضحيتها سنة أو شيعة في اي بلد تتواجد فيه الطائفتين معا, يكون ورائها المخابرات الأجنبية, وهي التي تسخر عملاءها للقيام بتلك العمليات, لتفرقة المسلمين, وزرع الفتنة بينهم, ليتسنى لهم استعمار بلداننا والفتك بنا بأنفسنا, لنكون لهم طيعين, ونشتري منهم الأسلحة التي بها يقتل بعضنا بعضا, فيتفرجون علينا
لعنة الله على كل من يسيرون في المسار الذي ترسمه المخابرات الأجنبية ولا يتعقلون ويدركوا أنهم أغبياء, يحرضون على القتل والتكفير
لقد نفخ الاعلام الغربي في العديد من المتفيقهين وجعلهم في مستوى الفقهاء الجهابدة, وسخرهم لإثراة الأحقاد والفتن, وشغل المسلمين بعضهم ببعض
اللهم رد كيد النصارى واليهود في نحورهم, واشغلهم اللهم عنا بأنفسهم, فإنهم لا يفتؤون يمكرون ويدبرون للفتك بالمسلمين
اللهم عقل المسلمين, ليدركوا أنهم مستهدفون, ويحقنوا دماءهم, ويوحدوا صفوفهم, وأمسخ اللهم كل عميل حقير يسير في مسار النصارى واليهود , ويضر بالمسلمين


4 - أين حقي ؟
حميد الحلاوي ( 2010 / 2 / 7 - 07:21 )
أين تعليقي ايها السيد الكاتب
أو ايها السادة هيئة التحكم ؟
هل فيه مخالفة للقواعد
هل فيه تجاوز ؟
أقولها وبصوت عال مرة أخرى
إننا أمة خزي وعار تلبسنا منذ ألف وأربعمائة سنة
ومسكينة هذه الغربية التي أعتنقت الأسـلام وسـقطت بين براثن المتخلفات
من النساء ورجالهن البدو الذين يرفضون االتأقلم مع روح التمدن والحضارة التي تسود المجتمعات التي تضيفهم فيأبون إلا أن يصدروا لها الهراء الذي تقلوبوا عليه طيلة حياتهم عند بلدانهم القابعة في ذيل قائمة دول التخلف
وهنيئا ً للمتأسلمين


5 - مسكينة
زهير ظاظا ( 2011 / 1 / 4 - 17:07 )
شكرا للأستاذ زهير قوطرش على جوابه الحكيم الذي أجاب به هذه المسكينة والتي ذكرتني بالسامرية التي سألت السيد المسيح عن القبلة، وجواب السيد المسيح المطول في إنجليل برنابا و(المختزل في الأناجيل الرسميية) وأذكر هنا قصة كتبتها شعرا في ديواني لما دعاني الأب إيليا راعي كنيسة قطنا جنوب دمشق إلى اعتناق المسيحية، أكتب لكم هذه الرسالة وفي جواري صديق لي مسيحي يحبني وأحبه ويحب محمدا كما أحب السيد المسيح عليهما السلام، واسمه جميل لحام وكنت قد اشترطت عليه أنه سيبقى صاحبي طالما أنه لم يعتنق الإسلام، لأننا لسنا في حاجة إلى مسلمين جدد، والمسيحي الشريف، والمسيحي الطاهر والمسيحي الحر والمسيحي الهمام هو الذي لا يترك إنجيله لعبة في يد الكهنوت، ولا يجد غضاضة في الايمان بأن محمدا رسول الله، كما فعل النصارى الذين آمنوا بمحمد ولم يتركوا الإنجيل كما تنص عليه الأيات 83 - 85 من سورة المائدة ومنها (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ .. )

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال