الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية و الارهاب خندق واحد حتما

هادي العلي

2010 / 2 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تسييس الدين او المذهب هي ليست ظاهرة جديدة في تاريخ البشريه وفي الحقيقة الثابتة تاريخيا ان المذهب هو نواة كل دين او بذرته الاولى فكل الاديان بدأت مذهبا من ديانة معينة تطورت الى دين وان جميع المذاهب المتحولة الى دين كانت تعبير عن وعي الناس في مراحل مبكرة من مراحل التطور الانساني وبالتالي كانت الاديان دواليب تحمل عجلة السياسه كلها او جزء منها عندما تنتقل المجتمعات من طور الى آخر الا ان تطور الوعي الى معرفة وعلم اوسع بمستوى اعلى في تطور حضاري دفع الدين او المذهب المتوارث الى عمق النفس والوجدان وعواطف الناس الانسانيه بشكل مستقل عن علمهم ومعارفهم وهذا ما اتاح للبعض الى استخدام الدين في المنافسه والصراعات السياسيه لتحقيق غاياتهم برخص في وقت اصبحت المعرفه والعلوم هي دواليب العصر التي تحمل عجلة السياسه.
فمن اجل تامين سلطتها و نفوذها تسلك النخبه الدينيه -السياسيه ما يديم احتدام التناقض بين الاديان والمذاهب وشحن الاصطفاف الطائفي وتغذيته لتبقى جذوة النار مشتعله حتى وان تطلب ذلك الضحايا بارواح الناس كوقود وهذا ما يفسر عمليات الارهاب والقتل الفرديه والجماعيه بايادي غالبا مجهولة ,فلان المهم عندهؤلاء هو ليس اعلان موقف مشرف للدفاع عن الوطن او الشعب او طبقات المظطهدين والمظلومين وانما تسويد وجه الخصم واستهدافه واثارة مشاعر الناس ضده والادعاء او التظاهر بانه مصدر الارهاب وليس هو , وهكذا تمارس جميع هذه التيارات السياسيه الدينيه بدون استثناء عملية الارهاب على امل ان يخلق ذلك فرزا طائفيا مستمرا فهي لن تعيش الا مع التوتر والفرز ولا يخدم اهدافها التسامح مطلقا ,لان التسامح بين الاديان والمذاهب المختلفه يؤدي الى زوال مبررات سلطتهم ونفوذهم , فكلما سكن الناس الى ما توارثوه من اديان ومذاهب مستقره اعتنقوها غير مخيريين بها واعتنقوها بغير تفكير اوجهد عقلي وانما توارثوها من ابائهم واجدادهم كصبغة لهم وخصوصيه حملوها بالتوارث ....كلما تسامحوا هؤلاء الناس بينهم تجاوبا مع ضرورات العيش معا تحت مظلة الوطن و الدوله المدنيه وتحت مظلة مشتركاتهم من العلاقات الاقتصاديه و الاجتماعيه والثقافيه والعلميه .. كمظلة وكمشتركات تأويهم جميعا وتطورهم وبالتالي تكون لهم هوية مشتركه ..كلما آنسوا الناس ذلك كلما تفقد النخب السياسيه الدينيه وتخسر من نفوذها وسلطتها, لذلك تتمادى في خلق المصادمات ليس بهدف تغيير دين او مذهب الطرف الاخر فذلك غير ممكن, وانما بهدف اثارة التابعين والمحسوبين من دينهم او من مذهبهم فلا يعقل ان تتجه تيارات الدين السياسي الى الغاء الاخر واكراهه على اعتناق مذهبهم او دينهم ,فالناس يسلمون بصحة اديانهم ومذاهبهم ولا يتقبلوا الطعن فيها او تغييرها وتلك حالة مستقره فلا المسلم يصبح مسيحي او بالعكس ولا الشيعي يصبح سني او بالعكس الا في حالات فردية وخاصه .. وبما ان الدين والطائفه مسائل وجدانيه موروثه لذلك فابناء الدين او المذهب بالوقت الذي يدركون جيدا ان لا بديل عن التعايش والتسامح الديني والمذهبي فهم يتأثرون بكل ما يثير او يمس او ينتقص او يهدد صبغتهم الدينيه والمذهبيه مهما كانت تلك الصبغه, فكيف اذا ما حصل القتل الفردي او الجماعي بين افراد دينهم او مذهبهم, فهي تثيرهم حتما و ينحازون تبعا لذلك حتما.... هذا ما جرى في الساحة العراقية بعد الاحتلال وسقوط الدولة والنظام والسلطه ...الا ان وعي الناس كشف تلك الالاعيب كما ان تطلعات اللاعبين نفسهم فضحتهم وبانت معدنهم الرديئ , ولان السياسه عباره عن صراع نفوذ و مصالح وان صراع النفوذ و المصالح هو ميل فطري للانسان يقع في اطار صلته مع الاخرين من بني الانسان فقد مرت تلك الصلة بنضوج ورقي عبر الزمان والمكان أما الدين فرغم انه هو ايضا ميل فطري لدى الانسان الا انه يختلف عن الاول بكونه يقع في اطار صلة الانسان بالمقدس وقد مرت تلك الصله بنضوج ورقي عبر الزمان والمكان ايضا ثم استقرت في الوجدان ولكن كل من المسارين المقدس والدنيوي مستقل عن الاخر... ففي الاول سطوة و اكراه (السياسه) اما في الثاني فليس فيه سطوة واكراه بعد ان وصل الناس الى مستقر في ايمانهم(الدين او المذهب), فلا تبدل في الدين او المذهب بالقوه و ... لا اكراه في الدين اذ يبقى كل على دينه ومذهبه وكل ما يحصل للناس من تغيير هو ليس في دينهم ومذهبهم بل في عيشهم ومعارفهم وان كل المحاولات الجاريه في مجال الدين او المذهب هي محاولات فاشله ولا تخدم الا اغراض السلطه والنفوذ على حساب معيشة الناس وتطور مداركهم. ان تطور المعرفه والعيش هما اللذان يخدمان الانسان وليس تطور الدين او المذهب,فالناس على دين ابائهم ينشؤون .ان الارهاب هو اعلى وسائل الطائفيه فضلا عن وسائل اخرى يتبعها الطائفي كالايغال في ممارسة الطقوس او محاولة لفت الانتباه وجلب الانظار الى تناقضات وهميه او ثانويه للتغطية على فضائحهم وذنوبهم وممارساتهم المدانه كما يجري اليوم في الساحه العراقيه.
نستنتج من ذلك ان الارهاب هو وسيلة استلاب وابتزاز للناس في مجال فطرتهم الدينيه او المذهبيه وبخس لحقوقهم ...اي هوممارسه طائفيه ليست سياسيه ولا تمت الى السياسه بصلة , فمن يريد ان يدخل ميدان المنافسه والصراع السياسي فليدخل من خلال برنامجه في تطوير المعيشه والمعرفه وليس من خلال الدين او المذهب,ولكن هل يعني ذلك حضر السياسه عن الداعية الديني والجواب كلا لان الداعيه انسان وتهمه معيشته ومعيشة الناس وتهمه المعرفه فييحق اذن لكل انسان ان يمارس العمل السياسي بما في ذلك دعات الدين او المذهب, يمارسه بشكل فردي او جماعي منظم ولكن ما هو محذور هو ابتزاز الناس في دينهم او مذهبهم فلا يدعي انه يمثل اتباع الدين الفلاني او المذهب الفلاني فالاتباع الدين او المذهب رغم مرجعياتهم الدينيه والمذهبيه جميعا بكل اديانهم ومذاهبهم فهم يبحثون عن من يرون فيه اهلا لان يقدم لهم ما يخدمهم في معالجة و تطور معيشتهم ومعالجة وتطورمعرفتهم .. وتلك هي العلمانيه بالذات وهي الصيغة المناسبه والملائمه لتطور المجتمعات وليس كما يروج الطائفيون بجعل العلمانيه والدين عدوان او ضدان في عصرنا الراهن , فلكل مساره في عصر الحداثه ,اذ ان العلمانيه هي ليست اللادينيه او اللامذهبيه, انها تيار في الحداثه نضج في فترة تطور اسلوب المعيشه والمعرفه ,وليس هناك علمانية قبل الحداثه . وبما ان الحداثه هي محصلة مراحل تطورعالمية واقعه في عالمنا الراهن , فالعلمانيه اصبحت خيارا لا بد منه في العمل السياسي سواء كان ذلك العمل باتجاه اشتراكي او راسمالي يساري او يميني ديموقراطي ام شمولي ثوري ام اصلاحي فالعلمانيه ليست برنامج انها عمل او نشاط سياسي خالص , فكل من اراد ان يمارس عملا سياسيا في عصر الحداثه فهو علماني بما فيه ذلك الذي يرى نفسه داعية في دين او مذهب فهو ان لم يستطيع ان يكون علمانيا فسيجد نفسه طائفيا سواء رغب ذلك واراد او لم يرغب ويريد , وبالتالي كل من يقع في الطائفية فهو بالتالي سيكون في خندق الارهاب عاجلا ام اجلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قوى اليمين
علي السعيد ( 2010 / 2 / 7 - 19:43 )
كذلك هو الحال في التحالفات الطائفية في العراق , يفترض من القوى العلمانية بناء تحالفها وتقاربها للوقوف بوجه المد الطائفي والارهابي لقوى اليمين المستغل لتخلف الجماهير وسذاجتها وعفويتها .

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال