الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار بين رجل دين وعلماني 4

حسين محيي الدين

2010 / 2 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ قرون من الزمن أي منذ ظهور الدولة القومية كان هنالك صراع بين السلطة الدينية والدنيوية على قيادة الدولة . وكان هذا الصراع يأخذ أشكالا عديدة . فتارة تقوى هيمنة السلطة الدينية وأخرى تخبو فيها . أو يتقاسما السلطة بالتساوي وفق تسويات خاصة . هذا ما كان عليه الحال . ولقد اتخذ النهج العلماني مناهج عدة في تسوية الأمور فيما بينه وبين سلطة الكنيسة .
1- العلمانية الفرنسية والشيوعية . اختارت العلمانية الفرنسية والشيوعية محاربة الدين والاستيلاء عليه . وعملت على إضعافه ورده إلى حدود الكنيسة ودور العبادة . وعملت على تطهير المناهج التربوية والثقافية من كل ما هو ديني وإحلال منهجها العلمي مكانه . كما عملت على تخليص المؤسسات الاجتماعية والسياسية من أي اثر ديني ولم تكتفي بذلك فقط بل شجعت أي توجه معادي للدين وإحلال مكان الدين في كل مناحي الحياة .

2- العلمانية البريطانية وبعض الدول الأوربية .

لقد اختارت دول مثل بريطانيا وايطاليا وايرلندا واليونان سياسة توافقية بين الدين والدولة العلمانية . فأعطت دورا هاما للدين في الحياة الاجتماعية والتعليم والثقافة . فبريطانيا مثلا والتي اختارت النظام الملكي أعطت للكنيسة الانجليكانية امتيازات خاصة مقابل ذلك توفر الكنيسة للدولة نوعا من الإسناد والشرعية وان ملكة بريطانيا هي من ترأس هذه الكنيسة . وفي بلد مثل إيطاليا مازال الفاتيكان يمارس نوعا من التدخل الخفي في شؤون الدولة ويتدخل في تعيين وزرائه في الحكومة ويطيح بآخرين . علما بأن الكنيسة الكاثوليكية تعد من جزءا من الهوية القومية والأمجاد التاريخية للايطاليين .

3- العلمانية في السويد وسويسرا وبعض البلدان لاسكندنافية .


لقد اختارت هذه الدول الانفصال الوظيفي بين الدولة والكنيسة وهي تتمثل بالقول المشهور (( ما لله للإله وما لقيصر لقيصر )) وقد وضعت حدا لتدخل الكنيسة في شؤون الدولة فأصبحت الدولة اللاعب الأكبر والقوة الأعظم في تحديد هوية الأفراد والمجتمعات وفي بناء النظام الاجتماعي وهي تحتكر أدوات القوة وتنفرد بشرعية استخدامه . ومع التطور الهائل الذي أحدثته التكنولوجيا ألحديثه غدا المواطن وسلوكه الاجتماعي ما هو إلا نتاج هذه الدولة وليس نتاج التربية الكنسية .

4- العلمانية الأمريكية .

وهي علمانية خاصة وضعت خطا تمايزي بين الدين والدولة . إلا أن الثقافة السياسية الأمريكية وطريقة حياة الأمريكيين وأعرافهم الاجتماعية كلها لا تنفصل عن تراكمات المسيحية البروتستانتية كما إن الكنيسة في هذا البلد لا تزال تلعب دورا هاما في حياة المجتمعات الأمريكية وفي نظامهم الاقتصادي وعندما نبحث في قلب الأحزاب السياسية الأمريكية نجد أن للدين دورا هاما في حياتهم السياسية وهو مايبدو واضحا في سياستهم الداخلية والخارجية .
و من هنا ياسماحة الشيخ فأن العلمانية ما هي إلا برنامج حضاري يضع حدا لتدخل الدين في شؤون السياسة كما هي برنامج لوضع حد لتدخل السياسة في الشأن الديني وليس هنالك ما يؤكد على أن السياسة تحاول أن تسحب البساط من تحت أقدام ألدين بل تحاول خصخصته وان ما حصل من صراع في القرون الماضية بين رجال الدين وساسة بعض الدول الأوربية مثل فرنسا ودول المعسكر الشيوعي أو تركيا كانت صراعات وتجاذبان على مراكز النفوذ والسلطة بعد أن أدرك الجميع المهام الذي يجب أن يضطلع فيها كلا الطرفين . وإذا كان كل الملحدين علمانيين فهذا لا يعني إن كل علماني ملحد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رجال الدين عندنا مساكين موظفين برواتب
رائد جبر ( 2010 / 2 / 8 - 22:51 )
العلمانية نتاج لتدخل الكنيسة في حياة الناس ، بعكس الاسلام السني على الاقل فلا يوجد
كهنوت في الاسلام ولم يسبق ان حكم رجال الدين وفي الاسلام اصلا يوجد مصطلح رجال دين في الاسلام السني على الاقل وهم غالب اهل الاسلام ولكن علماء دين يوضحون للناس احكام الاسلام ويتقدمون بعض الشعائر التي لا مناص من قيادتها والقيام بإعباءها ، لم يعرف الاسلام الدولة الدينية بالاسلام دين مدني بطبيعته قال الرسول الكريم انتم اعلم بشؤون دنياكم ولذلك اسقاط التجربة الاوروبية على الاسلام خطأ علمي وواقعي فلا يوجد لدينا من يحكم بالدين ولكن يوجد دكتاتوريين ومستبدين من عسكريين وحزبيين وعشائريين يحكمون الناس بالمخابرات واجهزة القمع الاخرى ولكن لا بأس ان يتلطوا ببعض المظاهر الاسلامية مثل الاحتفال بالمولد النبوي وليلة القدر واقامة اذاعة دينية او تسفير الحجاج واستقبالهم الخ من الملاحظ ان العلمانيين العرب لا يتحركون ربع بوصة ضد نقد الطغاة والمستبدين ولكن جل نشاطهم قائم على نقد الدين الاسلامي ومهاجمته وغالب الظن انهم اما كنسيون او شيوعيون سابقون صاروا في الزمن الامريكي دعاة علمانية وديمقراطية وليبرالية وكلو بثمنو يا مواطن


2 - الكنيسة في خدمة العلمانية ؟!!
نبيل راغب ( 2010 / 2 / 8 - 23:18 )

ولكن هناك فرق فالعلمانية توصلت الى تفاهم ما مع الكنيسة ابقت لها قوتها الاقتصادية بعكس المؤسسة الدينية في ديار الاسلام التي جرى قصقصتها عبر مصادرة اوقافها وجعلها جزء من النظام تنفق عليها الدولة وتستخدم العصا والجزرة ضدها .
صحيح ان تأثير الكنيسة داخل اوروبا والغرب قل ولكن بنسب حسب كل بلد ولكن حرب مثل العدوان على العراق احتاج الى ختم الكنيسة وموافقتها الضمنية على الاقل
وتأثير الكنيسة خارج الغرب في قارات العالم الثالث اسيا وافريقا وامريكا اللاتينية كبير حتى انها استطاعت ان توصل رؤساء وزراء قادة جيوش يخدمون الكنيسة بعيونهم كما في اندونيسا ونيجيريا وغيرها
وليس صحيحا وبشكل قاطع عدم تأثير الكنيسة في السياسة ففرنسا التي استبدلت بالعلمانية المتطرفة الكاثوليكية المتطرفة ايضا يقوم بطرك باريس بدور فاعل من وراء الستار والمذبحة التي حصلت في اوغندا وراح ضحيتها مليونا انسان ذبحا بالسواطير هي نتاج ترتيب قساوسة كاثوليك فرنسيين ودائما تأتي الكنيسة في ركاب اي عدوان علماني على الشرق كما حصل فيا لعراق وافغانستان ؟!


3 - الاخ رائد جبر
حسين محيي الدين ( 2010 / 2 / 9 - 04:51 )
شكرا على مرورك الكريم . لكني أعتقد أن خليفة المسلمين كان يحكم باسم الدين منذ تأسيس الدولة الاسلامية وحتى سقوط الدولة العثمانية ويتبنى المذهب السني والدولة الاسلامية دولة دينية يحكمها رجل له سلطة دينية ودنيوية أما أتهام العلمانيين العرب بمعادات الدين فهذا لا أوافقك عليه فالعلمانين العرب في اغلبهم مسلمين او مسيحيين لا يحاربون الدين بل يرفضون تدخل رجال الدين في الشأن السياسي . كما يرفضون تدخل الساسة في الشأن الديني وأرجوك ان تطلع على كتابات الاسلامين لتجد السب والشتم اضافة لتكفيرهم وأباحة دمائهم أو اتهامهم بتبعيتهم للغرب الكافر كما اسلفت في تعليقك وعدم تميزهم بين الالحاديين والعلمانين


4 - الاخ نبيل راغب
حسين محيي الدين ( 2010 / 2 / 9 - 05:01 )
شكرا على أطلاعك على الجزء الرابع من مقالتي ولو انك قرأت الحوار بكل اجزائه لوجدت أن العلمانية ليست نظرية مكتملة المعالم بل هي مجموعة من الحلول فرضها التطور الانساني لوضع حد لتدخل الدين ورجاله في الشأن السياسي والعكس صحيح .


5 - ان كان لديك دليل فهاته
نبيل راغب ( 2010 / 2 / 9 - 10:47 )

لم يعرف الاسلام الدولة الاسلامية الدولة الدينية الكهنوتية كما عرفت في اوروبا
فالحاكم المسلم الطبيعي يخضع للشريعة واحكامها اما المستبد له شأن اخر
لادليل علمي ان الحاكم المسلم يحكم الناس بالدين وان كان لديك دليل هاته

اما العلمانيون العرب فيسيوا شيئا واحدا هناك علمانيون متصالحون مع الاديان وعلمانيون استئصاليون ومعادون للدين مسلمين ومسيحيين وهم في الاصل شيوعيون من النوعية الرديئة التي تخدم كل الحكام وكل العصور وفي الزمن الامريكي الصهيوني وضعوا كل خبراتهم في الحرب ضد ما يسمى الارهاب
لا حضور للدين في السياسة لاننا تحت انظمة ديكتاتورية قمعية عسكرية وحزبية وعشائرية
لا تعود في رأيها الى الدين او الامة


6 - لدي اكثر من دليل
حسين محيي الدين ( 2010 / 2 / 9 - 19:31 )
لا كهنوت في الاسلا م وهذا الرأي اوافق به تماما اما لم يكن هنالك من الحكام من يدعي الحكم بأ سم الدين فهنالك امثلة كثيرة على ذلك منذ صدر الاسلام حتى يومنا هذا فالخلفاء في عهد الاموي والعباسي يحكمون باسم الدين ومن الحكام العرب الان من يحكم بذلك

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah