الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيادة في لبنان وواقعها القيمي الأخلاقي

فدى المصري

2010 / 2 / 10
المجتمع المدني


عندما ننطلق بالشوارع ونقود سيارتنا تقودنا معنا تلك المفاهيم المتصلة و بالقيادة والمفاهيم المتصلة بالعلاقة بين فن القيادة ونزعة النفسية الجامحة للسرعة والقيادة الجنونية في قطع الأشواط وآلاف الأميال ببرهة ، كأن شيئا ما يسبقنا ويريد أن ينقض علينا حتى ننطلق بهذه السرعة الجنونية، قلما يمر علينا يوم دون أن نسمع بضحايا وآلاف الحوادث التي تحصد البشر قبل حصدها الممتلكات؛ مخلّفة وراءها الأسى على من احببناهم وحصدتهم يد الموت ضمن مآسم القيادة وهذا التطور الرهيب الذي حمل الأنسان في تحول ونقلة نوعية في حياته، عندما ترك الدواب والانتقال بواسطة وسائل النقل الطبيعي الحيواني ليجوب الصحراء ويقطع الوديان، ويستبدله بهذا الاختراع الذي ترافق مع تلك الثورة الفكرية للإنسان الذي دفعته الحاجة وراء هذا الاختراع الأخاذ. فأين أصبح هذه الأنسان ضمن أطر مفاهيم القيادة، هل أصبحت القيادة لتفريغ ما تكبتنه النفوس من ضغط الحياتة ويهرب بسرعته القيادية لسيارته حاصدا ً وراءه الحوادث، أم ما زال متحفظا ً بالمثل الأخلاقية المصحبة للزوق والمثل الأخلاقية في القيادة التي تعبر عن أخلاقيات الفرد وعلاقاته الذي حرر نفسه من الإلتزام بها أمام تحولات بنيوية فكرية عميقة المدى حصدت عبرها التخلي عن ما كان سائدا ً من معايير اخلاقية تدفع الفرد على إحترام القوانين ولا سيما قوانين السير.


في لبنان يشهد ظاهرة غريبة من نوعها، رغم صغر مساحته الذي لا يتجاوز الألف وأربع مئة واربعة وأربعين متر مربع، إكتظاظ فريد من نوعه للسيارات، لا سيما على مداخل العاصمة بأقسامها المختلفة حشد غريب لمظاهرات ولكن من نوع آخر تظاهرة لعشرات الآلاف من السيارات، والأجمل من هذه التظاهرة هو اللبناني نفسه الذي ينطلق بسيارته ولو بمفرده متحديا ً الزمن والوقت الذي يقضيه على الطرقات من زحمة السير التي تترافق مع تظاهرة الآليات صباحا ً ومساءً، فإذا كان عدد سكان لبنان ثلاثة ملايين نسمة، فهناك أكثر من مليونين سيارة تجوب الطرقات بمعدل سيارة للفرد الواحد تقريبا ً. فإذا تناولنا آثار هذه المشكلة، وونتائجها نجدها تختلف بإختلاف المناطق وبإختلاف الأماكن وفق لدرجة إتساع الطرقات وتمدنها بالجسور المنظمة وفق تخطيط وزارة الأشغال العامة، إلا أن مضي اللبناني قسم كبير من نهاره على الطرقات فهذه النتيجة محتمة لدى غالبية المواطنين، فالموظف وطالب المدرسة والعامل ينتظر والأنتظار المطول ضمن عجقة السير ووسط آلاف السيارات ألفه إلى حد التعود، فيضطرإلى الاستيقاظ المبكر يطال الساعة أو أكثر قبل بدء دوام العمل يغض النظر عن درجة الالتزام وأهمية التوقيت وفق طبيعة العمل المناط به. أو يمضي وقته بالانتظار رغم تعب النهار وتعب العمل ومتطلباته عند العودة مساءً ليصل منزله بشكل مقدرة أعصابه على تحمل مثل هذه الأزمة المضاف إلى تعب الاعصاب المرافق للعمل اليومي ومشاكله وتحدياته، فيتشكل لدى اللبناني التحدي المرافق لأزمات السير هم آخر مضاف إلى همومه المعيشية، المهنية، الخدماتية، الأمنية،........ رغم هذه الهموم ومصاعبها لجأ إلى آلية التكيف الذاتي مع تبعات هذه الأزمة لأنه تعود أن الحلول المستعصية لمثل هذه المظاهر لا تتم بالعصى السحرية إنما لها مواقف رسمية تتجاوز انعقاد وزير الداخلية والقوى الأمن من أجل تدارس الوضع وأزمة السير، الذي تعايش ميدانيا ً مع هذه الأزمة وانتظاره المطول على الطرقات رغم الالتزام والوصول المتأخر للموعد الرسمي المنتظر، مما دفعه لإتخاذ الاجراءات المتعلقة بالقوانين السير، وذلك من خلال ضبط المخالفات للسيارات المتهربة من المعاينة المكانيكية، ضبط السيارات وتوقيف من هي غير صالحة للسير بحكم قدم هيكلها، ضبط المخالفين لقوانين السير، أو السيارات المسرعة. إلا أن المحسوبيات والوساطة تظل هي المسيطرة في كمثل هذه المواقف فالذي له ظهر سياسي يحميه يبقى بعيدا عن ما تطاله يد القانون ويظل الشارع مفتوح ذراعيه للمخالفات التي تحصد الصالح قبل الطالح، ولعل حوادث السير المختلفة تحدث نتيجة هذا الاهمال المزمن والمتشعب ولا سيما تراخي المساءلة والمحاسبة القانونية. ولعل الدور السلبي لوزارة الأشغال العامة لعب دورا ً في عرقلة السير على الطرقات من خلال تماطل تنفيذ المشاريع المتعلقة بتشيد الجسور وفق خطتها، أو غياب المحاسبة عن المتعهدين الذين يكلفون ببناء الجسور ويعهدونها للماطلة من أجل الاستفادة المالية قدر الامكان، ولا يدفع الثمن سوى هذا المواطن الذي يدفع حياته على الطرقات قيد الانتظار وتحمل عرقلة السير امام الحفر وعلى جانب الطرقات الوعرة لتطال أكثر من خمس سنوات أحيانا ً من الصبر ريثما ينجز مشروع الجسر وفق الخطة المستهدفة. هذا إذا لم تتنبه وزارة الهاتف أو الكهرباء لتمرير أقنيتها لتعيد فتح الطرقات من جديد ويكمن الثمن مضاعف من الاعباء المالية لخزينة الدولة، ومن الاعباء النفسية للمواطن جراء عرقلة شئونه مع عرقلة السير الشبه يومي. ومع ذلك يبقى اتكال المواطن على السلطة وفق الاجراءات الرسمية المتخذة كسبيل له في إيجاد الحلول المتعلقة بأزمة السير ومشاكل الطرقات وتنظيم السير وفق القوانين مرعية الاجراء. عبر توفر جهود قوى الامن وما تعمل على تطبيق القوانين. إلا أن السرعة تظل من أكثر المخاطر الذي تواجه المواطن وتسبب له المآسي بشكل أو بآخر. وقلًما يمر يوما ً دون أن نسمع أو نشاهد حادث لسيارة ما على طرقات لبنان يكون السرعة السبب المباشر له، والموت النتيجة الأكثر حدوثا ً له. رغم التثقيف والتوعية من القيادة والمخاطر المرافقة لها، عبر السرعة إلا أن زوق المواطن يظل هو الحكم في أصول تطبيق القوانين وما يتبعها من فنون أخلقية وقيم إنسانية تعد معيار رئيسي للرقي الإنسان وتحضره. وما يشكل من مظاهر إما تساعد في تخفيف من أزمة المشكلة أو تسبب مزيد من عرقلة السير وعرقلة المواطنين معها.


والجدير بالذكر هنا، غياب الرقابة القانونية تشكل العامل الأكثر تأثيراً في ظل غياب المبادئ وتغيب المثل في حياتنا، فنجد إصطفاف السيارات على جوانب الطرقات وما تسببه من ضيق المسافة غير مبالين بالنتائج لمثل هذه الممارسات، القيادة عكس السير، السير ليلا ً دون إضاءة، السرعة، الخروج عن يسار السائق، كل ذلك ليس لشيء سوى ضروب من الفنون وتلذذ بالمقدرة للقيادة، وإن كلف الثمن باهظا ً بحادث مروع ما، فقطع اليد والشحذ عليها تظل هي سيدة المواقف لعدم تطبيق القوانين ومحاسبة فعلية للمنحرفين، طالما أن التهرب من تحمل المسئولية سهلة على المواطن الللبناني. وعدم الاتزام بالتأمين الذي يحصد الملايين من الاموال الطائلة ولا يوفر منفذ قانوني ما للتفلت من المسئولية، هذا إذا اعترف التأمين مسئوليته، فالقيادة في لبنان شعارها الفن سماتها الزوق ، وأي زوق منها زوق الانحلال الاخلاقي والتفلت من سلطة الرقابة والتقيد بشرعة اللامسئولية والتفلت من ما تسببه مثل هذه الحوادث من دفع البلاء للآخرين وتكليفهم بآلاف مؤلفة من الاموال جراء تصليح سياراتهم لا من شيء سوى من زوق سائق قد رمى بلاءه على الآخر. فهل للصحوة مصير وهل للوزارات الاشغال والداخلية والخدمات البنية التحتية التكامل في تأدية الواجب القانوني الرسمي لإنقاذ المواطن من براسن هذه الأزمة الذي يدفع ثمنها من صحته ووقته على الطرقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حوادث الطرق
رشا ممتاز ( 2010 / 2 / 10 - 17:57 )
تعكس القياده وقواعدها سلوكيات الشعوب ويعتبر استهتار سائفى السيارات جزء من منظومة الاستهتار العام فى عالمنا البدائى
تحياتى


2 - الاستهتار
فدى المصري ( 2010 / 2 / 10 - 19:38 )
أصبتي أخت رشا من توسيمك بالاستهتار لبنية فكرية عكستها واقع وأفرزتها اللامبالات في ظل تراخي الانظمة تجاه تطبيق القوانين


3 - أين تكمن المشكلة؟
تانيا جعفر الشريف ( 2010 / 2 / 11 - 07:56 )
طبت أختي فدى .. مشكلتنا قبل تنفيذ القوانين إننا لانمتلك ثقافة الشارع وفهم حقوقه وبالتالي تفادي الوقوع تحت طائلة المساءلة اختيارا لا إجبارا وغياب المثقف بكسر الراء لأنه هو الآخر مجرد منها(الثقافة) التعدي على حقوق الآخرين في الشارع للأسف امسى هو الثقافة السائدة في وسطنا . كلنا نعرف حقوق الشارع فلماذا نحتاج إلى رجل المرور والشرطي ؟ باختصار لأننا نفتقد شجاعة الإحترام للأسف .. شكرا فدى على طرحك المهم وأنتظر جديدك . وتقبلي محبتي


4 - ثقافة الشارع
فدى المصري ( 2010 / 2 / 11 - 16:51 )
فعلا أصبت أختي تانيا بأن غياب لثقافة الشارع تاثير كبير في ظل تراخي الأنظمة وأصول قواعد السير وتفشي الكثير من التجاوزات ندفع ثمنها بطريقة أو بأخرى

اخر الافلام

.. عرس جماعي بين خيام النازحين في خان يونس


.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما




.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع


.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و




.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا