الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طمرفضاء ليروشي les rochers بتازة : إجرام في حق موقع أركيولوجي وتاريخي

عبد الإله بسكمار

2010 / 2 / 14
المجتمع المدني


طالما شهد هذا الفضاء ألعاب الصغار الظريفة والمثيرة معا، طيلة الستينيات والسبعينيات والنصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي ، إلى أن امتدت يد التخريب والعبث فغطته بالأتربة ونفايات البناء ، ليصبح أثرا بعد عين ، أغلب شباب ومراهقي تازة لا يعرفون الآن أن المجال المقابل من الجهة الغربية لكل من مدرستي الأرز وباب الزيتونة بتازة العليا ، و يحضن في الجزء الشمالي منه مشروع الفضاء التجاري" المنظر الجميل"(لايحمل المشروع من الجمال شيئا !! )، والذي ما زال يراوح مكانه ، قلت : هؤلاء الشباب من الناشئة الجديدة ، لا يعرفون أن الفضاء إياه كان عبارة عن حيز طبيعي خلاب ، فيما مضى... قوامه أزيد من عشر مغارات تلتف حولها الصخور، مختلفة الأشكال والأحجام ، مع عدة آبار وبعض المنحوتات الصخرية ، تعود إلى ملايين السنين ، حينما كان مضيق تازة عبارة عن بوغاز بحري ، هو الذي كان يفصل بين إفريقيا وأوربا ، بدل البوغاز الحالي – كما يؤكد ذلك المختصون والجيولوجيون- أكثر من هذا ، فالمشهد الكلي للفضاء الخلاب المأسوف عليه ، كان يمتد عبر عشرات الأمتار على شكل خليج شبه دائري ، تشرف ضمنه الصخور على هوة عميقة نسبيا ( ما يزيد عن ستة أمتار) وتحيط المغارات بجوانبه ، أما في الأعلى فتنتصب أجزاء من السور الأثري التاريخي ، الذي يعود على الأرجح إلى الفترة الموحدية ، مما يضفي على المكان رونقا طبيعيا وتاريخيا معا ، ….لم تستطع سلطات الحماية بكل جبروتها أن تقترب من هذا الموقع ، أو تبني فوقه منشاتها وإداراتها ، وذلك باعتباره مجالا أركيولوجيا من الطراز الأول، قد يتم التفكير في استغلاله سياحيا ، أو حتى في إجراء حفريات أركيولوجية فيه ،أما معسكر coudel الذي احتضن جنود واليات فرنسا الاستعمارية ، فكان يمتد من شرق إلى غرب مدرستي باب الزيتونة و خالد بن الوليد الحاليتين وهناك يحده فضاء ليروشي ، ولم تتم إزالة هذا المعسكر إلا حين ظهر المخطط الحضري المديري لسنة 1947 ، فتحول المعسكر إلى منطقة سكنية ( السكن التقليدي / المتجدد)ومن الواضح أن فضاء " لي روشي" les rochers ، كان خليجا بحريا فيما مضى ( نتحدث عن ملايين السنين)من خلال طبيعة الصخور ذاتها وشكل المغارات وتجويفة الخليج إياه ، وهو يشرف على مجالات لا تقل إثارة عنه كجبل تومزيت (1000م) وحوض بوحجارومجوسة وجزء من تل ميمونة فضلا عن برج سارازين الأثري إلى الجنوب...
إن الإجهاز على هذا الموقع الأركيولوجي التاريخي يعد من أبشع الجرائم التي اقترفتها أيادي العبث ، خلال عهود المجالس المتعاقبة ، ولا سيما في عهد العامل السابق مصطفىالعلمي ، الذي لم يحرك ساكنا أمام الكارثة ، وحق له ذلك في الواقع ، لأن المعنيين أنفسهم من أعيان( العيانين بتعبير أوضح) وأهل البلد " ضربوها بسكتة " خرساء صماء ، قوامها : "لا أعرف... لا أرى ...لا أتكلم " للإشارة ، فقد كنت وقتذاك أتابع تكويني بالسنة الجامعية الخامسة في كلية علوم التربية بالرباط ، بين سنتي 1987 و1988 فلما عدت إلى تازة ، ذهلت – كواحد من أبناء المدينة - وصدمت تماما لما آل إليه مشهد " ليروشي" وتبعا لذلك ، تم التنبيه غير مامرة إلى هذه الجريمة النكراء التي تتمثل في ردم وتسوية المكان / الموقع الأركيولوجي وطمره بالأتربة والنفايات ليتحول إلى "سوق أسبوعي" وموقع المشروع التجاري المسمىب" المنظر الجميل " الذي كان من المفترض احتضان الباعة المتجولين ، والواقع أن الجمل تمخض فولد فأرا ، بقيت أغلب مساحته( أي الفضاء الذي تمت تسويته بماحوله) فارغة في انتظار تجزيئه على الأرجح، فهو مغر حقا بصفقة مربحة !!! مع أن هذه التجزئات ستقام على منطقة محفوفة بالخطر تبعا لوجود المغارات التي تحدثنا عنها !!( إذا تحقق التجزيء المذكورفستتكرر حتما مصائب مدينة بني ملال ...مع البيوت التي تنهار لأنها قائمة على الكهوف!!)...لا المشروع تحقق على أرض الواقع ، فنقول انه حل مشكلا اجتماعيا - على الأقل - أو ضمن حركة تجارية منظمة ، ولا تمت المحافظة على الموقع الأصلي ...وردت إشارات كما قلت لهذه الجريمة النكراء ( لو حصلت في دولة ديمقراطية لحوكم مرتكبوها وعوقبوا بتهمة تدمير المواقع الأثرية والأركيولوجية) عبر المقالات التي تتعرض لمغارات تازة أو معالمها الطبيعية والتاريخية ، وذلك في الصحف الوطنية والمحلية ، لكن دون تفاصيل كافية...وبالمناسبة سنظل نرفع أصواتنا عالية ، ما دام فينا نبض حياة ، منددين بما جرى ومطالبين المجتمع المدني وأهل البلد بالتحرك ، لأجل إماطة أتربة التخريب وإزالة نفايات زمن هاجوج وماجوج ، ومن ثمة إعادة الاعتبار للموقع المذكور ....والمقترحات العملية والايجابية موجودة منذ مدة ، ليس آخرها ، تحويله إلى منتزه عمومي ذي طابع ترفيهي وسياحي ،مفتوح للزوارالتازيين و المغاربة والأجانب على حد سواء ، بعد تهيئته طبعا واستنباته بالمجال الأخضر ، لا سيما وان تازة باتت تفتقر إلى المجالات الخضراء وفضاءات التنزه والترفيه...نرفع أصواتنا – والتي لن تبح بإذن الله - عاليا ضد تدمير البيئة والمساحات الخضراء والفضاءات الجميلة ، و ضد زحف الاسمنت المتوحش المسلح ، وهذا نداء إلى كل الشرفاء ومن يعنيهم الأمر ، في سبيل إنقاذ تازة التاريخية/ الأركيولوجية....ومن أجل مدينة تزدهي – كما ظلت دائما – بطبيعتها ومعالمها الفريدة من نوعها على الصعيد الدولي ، والتي تختفي حاليا أمام أنظار الجميع...ولله الأمر من قبل ومن بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: