الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين دولة طالبان وحماس والإخوان المسلمين

شريف حافظ

2010 / 2 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استغلت طالبان الفوضى التى مُنيت بها الدولة فى أفغانستان نتيجة تقاتل أغنياء الحرب(المجاهدين سابقاً)، وعبر العمليات العسكرية التى شنتها، تمكنت من بسط نفوذها فى أماكن متفرقة من أفغانستان. وكانت الجماعة قد تعلمت على أيدى أنصاف متعلمين يدرسون الدين وفقا للتفسير الحرفى للنصوص الدينية، فى باكستان. وعندما وصلت إلى الحُكم فى أفغانستان بدايةً من سنة 1994، طبقت تلك الطريقة المعتمدة على التطبيق النصى الذى يتغاضى عن تاريخ الدولة الإسلامية وسير الخُلافاء أجمعين. فكان أن مارست طالبان تطبيق لشريعة مختلقة، وليست الشريعة الإسلامية التى عرفها التطور التاريخى، عبر سنوات الخلافة الإسلامية.

لقد انتقلت أفغانستان من دولة على طريق التنمية ومنارة للسائحين إلى دولة استُغلت فى الحرب الباردة بدعم الولايات المتحدة "للمجاهدين" المسلمين ضد السوفيت، فى حرب يُمكن أن توصف بأنها حرب بالوكالة، دفعت فيها وكالتا الاستخبارات الأمريكية والسوفيتية مليارات الدولارات، إلى فوضى بين أغنياء الحرب، ثم إلى دولة رجعية، تدعى تطبيق الشريعة الإسلامية، بينما كانت تُطبق سياسات جاهلية، تمارس التطبيق "الحرفى" للنصوص، دون اجتهاد، بجلد من يحلق لحيته والإبقاء على النساء فى البيوت، وبقتل كل مُختلف وليس منحرفا، وما المذابح التى اقتُرفت ضد مسلمى قبائل عرق الهازار الشيعة سنة 1998، إلا تدليل على تلك الرؤية.

ولم تطرح دولة طالبان حلولا عصرية لمشاكل أفغانستان، عندما تولت الحكم، بل زادت المشاكل وتفاقمت. وكان تفسيرها للشريعة تفسيرا قاصرا تناوله المختصون بالإدانة، فى هذا الشأن قبل غيرهم. كما أن طالبان أعطت الإسلام سُمعة سيئة، خلال سنوات سيطرتها على البلاد، وأضحى العالم يشير إلى أفغانستان على أساس أنها مُمثلة، ضمن بلاد أخرى، للإسلام، رغم أن هذا لم يكن صحيحاً على الإطلاق. وفى النهاية، كان وجود تلك الجماعة فى الحكم، هو الذريعة الرئيسة، التى استخدمتها الولايات المتحدة فى بداية حربها على الإرهاب.

حماس

انتخبت حماس ديمقراطياً فى الأراضى الفلسطينية. إلا أن ما قامت به منذ انتخابها وحتى اليوم، دفع القضية الفلسطينية، قبل أى شىء آخر، إلى حافة الهاوية. فرفضها أوسلو التى جاءت على أساسها إلى سُدة السلطة، جعلها تخرج عن الإجماع الفلسطينى الحاكم. وفرضها نموذج حُكم دينى مخالف للدستور الفلسطينى، خالف أساس التعايش بين أبناء الوطن الواحد. كما أن محاربتها فلسطينيين وقتلهم، كان أكبر من أى شىء يُمكن الحديث عنه. ثم تحولت القضية برُمتها إلى ما جلبته هي، للفلسطينيين من حصار على غزة، برفضها مجمل الشرعية الفلسطينية. فإسرائيل تستغل كل الثغرات، وهو أمر مفروغ منه. ولكن الجديد، كان أن تُقدم حماس الذريعة لإسرئيل لنصبح القضية الفلسطينية هى كبش الفداء، على طاولة الدولة العبرية!

والغريب فى الأمر، أن حماس أيضاً، لم تقدم أية حلول عصرية، لمشاكل سُكان غزة، بعد أن استقلت بها، كإمارة دينية، أبعد ما تكون عن الإسلام، إلا إذا كان الإسلام هو شكل وليس جوهرا. ففرضت حماس الحجاب فى غزة، وتدخلت فى سلوكيات البشر هناك. وكـأن الناس لا يكفيهم ما يُعانوه، من جراء ما تفعله حماس وتجلبه من حروب على غزة!! وبينما يُعانى أهل غزة يتزوج إسماعيل هنية الزوجة الثانية ويشترى لها شقة فى برج فاخر فى غزة، ويشترى قطعة أرض بـ 4 ملايين دولار، والسؤال بالطبع: من أين له المال، بينما غزة ترزح تحت الحصار؟ الإجابة: الله يرحم الأنفاق!!.
ولا يُمكن بأى حال من الأحوال أن نقول إن حماس نجحت فى حُكم غزة. فمنذ أن جاءت إلى السلطة وغزة تنتقل من أزمة إلى أخرى. هذا زيادة على عداء أغلب الأطراف الخارجية، لحماس. فلا يُمكن تصور أن تؤيد مصر حكم الإخوان المسلمين فى غزة. ولا يمكن تصور أن تؤيده أغلب الدول العربية. ولولا مصالح سوريا المتعارضة مع مصر لما أيدت تلك الدولة التى قتلت 25 ألفا من الإخوان المسلمين فى حماة فى فبراير 1982، دولة حماس فى غزة. أى أن سوريا تؤيد حماس، فقط وقتياً ولغاية فى نفس يعقوب!!

الإخوان المسلمون

يُعبر نموذج حكم غزة من قبل حماس عن تجربة حية، لما يمكن أن يكون عليه حُكم الإخوان المسلمين، لقدر الله، لمصر. فلقد جاء قياديو حماس بعد الانتخابات الفلسطينية، مقدمين فروض السمع والطاعة للمرشد السابق للإخوان المسلمين، مُقبلين خاتمه. ولو أنهم حكموا البلاد، فسوف يحدث أكثر بكثير مما تتعرض له غزة اليوم، لأن حكم المتشددين مستغلى الدين لمصر – وما أدراك ما مصر – سيجلب ما يفوق ما حدث فى العراق فى كلٍ من سنتى 1991 و2003، خاصةً مع ما شهدناه من انعدام قُدسية الإخوان وما ظهر من خلافاتهم التى جعلت محمد حبيب – النائب السابق لمرشد الإخوان - يستقيل ويعكف على كتابة مُذكرات، من شأنها فضح موبقات الإخوان، حسب قوله.

إن من ينظر إلى أن الحكم الدينى لن يُعادى الدنيا حولنا، ممن يملكون العلم والتكنولوجيا وأسلوب التفكير الذى لا نملكه، إنما هو واهم!! فالأمثلة واضحة وضوح الشمس سواء فيما حدث ويحدث لطالبان أفغانستان، أو ما حدث ويحدث وسيحدث لحماس غزة. وبالتالى، ولأننا نحب بلادنا، نرفض حُكم الإخوان المسلمين أو شرعيتهم، ونتفق فى هذا الخصوص، مع الدولة حول حظر تلك الجماعة.

حقيقة على الأرض

هناك نظرة عالمية مُعادية للمسلمين بناء على أفعال القلة ذوى الصوت العالى والأفعال الخارجة عن الدين منهم. وبالتالى علينا أن نُحسن تلك الصورة، ولا نعمل على قيام دولة تحمل صفة الدين، بينما نحن فى تيه من محاولة الرجوع إلى صحيح هذا الدين، بعد تشويهه من قبل الوهابية والسلفية، والمترادفين، والذين أسقطوا التاريخ الإسلامى وتطور المسلمين من حيز الزمن.

ليس من مصلحة المسلمين اليوم وجود الدولة الدينية، بل من مصلحتهم تجديد الخطاب الدينى المتمثل فى الرجوع إلى تاريخهم ومعرفة الجميل منه وتجنب السيئ فيه، وأن يتقاربوا مع قضايا العصر الحالى بتجديد الفكر الدينى والشريعة الإسلامية. وعليهم أن يندمجوا مع غير المسلمين وفى حركة العالم العالمية والتنموية، كى يستطيعوا أن يخرجوا من عزلتهم الطاغية، لآفاق أرحب، لا تُسقط الدين والقيم، من حساباتها.

استنتاج

أهم شىء هو التنوير، والتنوير لمن يُعادى الكلمات دون فهم، هو أول أمر من الله لرسوله الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم: اقرأ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشيخ شريف المحترم
مواطن ( 2010 / 2 / 18 - 19:11 )
اولا - هل يمكن ان ناخذ قسم من الاسلام ونترك الباقى ؟ ثم هل تعلم بان القسم الذى تريد اخذة قد شطب - نسخ- من القران ؟؟؟
ثانيا - قل لى بالله عليك اى دولة اسلامية تريد ؟ واين هو مثالك ؟ هل هى دولة الخلفاء الراشدين ؟ ام العباسيين ؟ ام الامويين ,,, دعنا نتنور
ثالثا - هل القراءة والمعرفة ناتجة لان الله قال لاحد انبيائة - اقرا ؟؟؟
رابعا - لعلمك بان المتشددين الاسلاميين هم وفقط هم من يطبق الاسلام الصحيح
مع الشكر


2 - ليس صحيحاً مايزعمه الأخ / مواطن
Zaher Zaman ( 2010 / 2 / 18 - 21:05 )
أولاً أنا مصرى ...ومايزعمه الأخ مواطن من أن المتشددين الاسلاميين هم وهم فقط من يطبق الاسلام الصحيح ، هو فهم خاطىء من جانبه لطبيعة المجتمع المصرى ، الذى أصبح غالبيته يفهم مايرمى اليه هؤلاء المتشددون ، ويفهم جيداً أن مايفعلونه ليس كله من الاسلام ، بل أغلبه مستورد من المتشددين العنصريين فى خارج مصر..ثم اننا لسنا هنا بصدد تفضيل دين على سواه من الأديان ، فلا داعى للإشتباك مع الآخر ، خاصة إذا كان ذلك الآخر هو ابن حارتك أو زميلك فى العمل أو فى الدراسة أو جارك الذى تواجه شقته شقتك..ان هدف الحوار المتمدن - كما أعتقد - هو تذويب الخلافات بين البشر لا تأجيج الصراعات بين الملل والنحل.


3 - اختاروا اما دولة الاسلام او الاستبداد والفساد
صلاح الدين المصري ( 2010 / 2 / 18 - 21:12 )
بديل الدولة الاسلامية استمرار دولة الاستبداد والفساد اختاروا


4 - بين أمرين أحلاهما مر
Zaher Zaman ( 2010 / 2 / 18 - 22:51 )
الأخ/ صلاح الدين المصرى
أنت تخير الناس بين أمرين أحلاهما مر ، فالاستبداد لا يقبله ولا يرضى به مواطن يدرك معنى تواجده فى القرن الحادى والعشرين من عمر البشرية المؤرخ له بالتقويم الميلادى وليس منذ نشأة الجنس البشرى ، والدولة الاسلامية بالمفهوم السائد ، لا تقبل بالتعددية التى هى أساس المواطنة ، مهما زعم الاسلاميون غير ذلك..وعليه فمتطلبات القرن الحادى والعشرين ومرحلة مابعد الحداثة التى دخلها العالم المتقدم فى شرقه وغربه لا تتسق الا مع دولة المواطنة.


5 - هل الاسلام ضد المواطنه ؟ الناس اعداء لما جهلو
صلاح الدين المصري ( 2010 / 2 / 18 - 23:28 )
ومن قال لك ان الاسلام ضد المواطنه ، ؟!! اصلا المواطنة لم تعرف الا في ضل الاسلام واسأل اهل الانصاف والحق من الغربيين عنها اصلا مباديء حقوق الانسان اخذت منا عندما اقترب الغربيون من الشرق عبر الحروب والاسفار والتجارة حتى ليقال ان الدستور الامريكي ماهو الان نتاج حضارة الاسلام عزيزي الناس اعداء لما جهلوا
ادرس الاسلام بطريقة محايدة بعيدة عن الاحكام المسبقة وستعرف ان الاسلام يحمي الانسان اكثر من الاعلان العالمي لحقوق الانسان واكثر من كثير من الدول الغربية التي تدعي الحداثة


6 - من الواضح أن المعلقين لم يقرأوا تاريخ الإسلام
شريف حافظ ( 2010 / 2 / 19 - 00:06 )
المتشددين من المسلمين، لا يقرأون تاريخ الإسلام ولا يعترفون به، ولا يعترفون بما قام به سواء عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان أو عيرهم من الخلفاء. لقد توقفت الشريعة لديهم عند الرسول، رغم أن الكثير فيه إجتهاد. ولو أن الدولة الإسلامية فيها خطر على المسلمين، فانها لا تقام. والغريب، أن هناك لم يقرأ غير الفقرة الأخيرة التي أرى فيها أن الدولة الدينية لا يمكن أن تقام اليوم، ونحى عن فكر المقال كله، النماذج التي ادعي أنها إسلامية، والتي تعبر فساد طاغي، في كل شئ! وها هي الصومال والسعودية حيث فساد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي إعترف به الرئيس الجديد للهيئة، وإيران التي تقتل كل معارض وإحتلت أجزاء كبيرة من البلاد العربية مثل عربستان ووزارستان والجزر الإماراتية، بينما الجميع نيام، لأن إحتلال أرض من قبل الشيعة المسلمين حلال، ولكن إحتلال الأرض من الإسرائيلي حرام، بينما الإحتلال كله حرام وكذلك التعذيب والقتل، ولكنه الكيل بمكياليين. وبالتالي، فاني أفهم منطلقات المعلقين الذين لم يقرأوا حول ما حدث في قرون الإندحار الإسلامي، منذ أن إعتلى الوهابيين منابر الدعوة!


7 - نعم للتنوير طبعا
Haytham ( 2010 / 2 / 19 - 00:24 )
اذا الناس مش هتتحاور و تتناقش و تصل لنقاط اتفاق يبقى كل مجموعة تعيش في جيتو مغلق؟؟؟؟

ده حال جماعات التشدد فعلا...جيتو مغلق أفرز عقليات غير سوية تعتقد أنها الوحيدة على صواب

و ما اختلاف السلفيين و الاخوان و الوهابية مع بعضهم البعض الا خير دليل


8 - الاخ صلاح الدين المصري
مواطن ( 2010 / 2 / 19 - 04:07 )
اولا - هل قتل المرتد من حقوق الانسان ؟
ثانيا - هل الجهاد من حقوق الانسان
ثالثا - هل معاملة المراة على انها ناقصة عقل ودين ؟ من حقوق الانسان
رابعا - كل كلامك انشائى فقط , اعطنا مثال واحد على احد بنود حقوق الانسان التى نادى بها الاسلام ولم تكن موجودة قبل الاسلام
خامسا - هل تعلم بان الاسلام حلل العبودية بايات من القران ,ولم يحرمها باية
سادسا - هل تعلم بان الاسلام لا يعترف يالديانات الاخرى , فما بالك بالمعتقدات الاخرى الغير الاهية من البوذية وغيرها
ارجو ان تفكر قبل ان تحكم
ارجو ان تخرج من حالة انصر اخاك
لا احد ضد الاسلام او المسلمين
نحن فقط نريد الاصلاح لما هو خير للاسلام والمسلمين
شكرا


9 - تعليق
حمادي بلخشين ( 2010 / 2 / 19 - 07:36 )
حماس لم تقاطع أبدا اتفاقية اوسلو، كما انها لم تسعى الي تكون امارة بمفردها..كل ما في الأمر انها احست انها قد غبنت من قبل فتح حين اعطيت مناصب غير ذات صلاحية و حين عوملت كطرف هامشي لأجل ذلك انتفضت وسوف تواصل انتفاضتها و في النهاية ستتصالح مع الشريكة فتح و يا دار ما دخلك شر... و لكن من سيعيد احياء القتلي من بين الجانبين
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهازية و ميكافيلية حماس ظاهرة للعيان فمصلحة الحزب لديها قبل مصلحة الإسلام كما أن حماس لا تتراجع أبدا عن سفك دماء المقاومين اذا كان ذلك يرضي اليهود.... انظر فعلهم الهمجي بمدينة رفح و نسفهم دور مخالفيهم ثم قارن ذلك بقصف اخوان تركيا لمواقع حزب
العمال الكردي بكل وحشية فالإخوان هم الإخوان في كل مكان
ــــــــــــــــــــــــــ
تفطنت امريكا اخيرا الي ان الراحلة الإخوانية لا تعارض امن اليهود و لا تعارض الهيمنة الأمريكية على المنطقة و لا تهتم وهذا المهم بتغيير اي بند من الدستور العلماني ـ لأجل ذلك وجدتها شريكا غير مكلف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طالبان و رغم المؤاخذات الشرعية و الفكرية لم تسقط في شراك العمالة الصريحة وهذا يحسب لها .


10 - يا مواطن عقلك معتقل عن الملاحدة والكنسيين
صلاح الدين المصري ( 2010 / 2 / 19 - 13:41 )
الاخ مواطن يبدو انك مدمن على مواقع الكنسيين والملاحدة ومعلوماتك عن الاسلام من تلك المصادر حاول مرة ان تكون حرا وتطالع الاسلام من مصادر محايدة كما يفعل اهل العقول في الغرب العلماني لا ترهن عقلك لاصحاب مواقع الكراهية والحقد من كنسيين وملاحدة حرر عقلك اقرأ ثم اقرأ واقرأ ثم احكم

اخر الافلام

.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة


.. ناريندرا مودي... زعيم هندوسي في هند علمانية -اختاره الله للق




.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8