الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة فى موضوع [ تشنجات الدين الوافدة على المجتمع المصرى - ملامح وآثار - ]

زاهر زمان

2010 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول الكاتب محمد عابدين فى مقاله المنشور بتاريخ 17/2/2010 على موقع الحوار المتمدن : ( إشتهر المجتمع المصرى وحتى أواخر القرن بسعة صدر وتعاليم سمحة أدت الى نجاحه فى اقامة نظم اقتصادية وسياسية ، وفرت لأبنائه الحياة الكريمة .) ويستطرد الكاتب : ( إلى أن وصلت إليه بعض الصور والقيم المجتمعية الوافدة من تقاليد وأعراف تعصبية ومفاهيم دينية متشددة غيرت الكثير من سماته الأصيلة ليتحول لمجرد تجمع بشرى يفتقد لقيم المواطنة ويشرع فى محاولة للتقسيم الذاتى على أسس انتقائية [ عقائدية أو طائفية أو طبقية ] ) ثم يخلص الكاتب الى السؤال التالى الذى يجعله محوراً للتدليل على تغير المجتمع المصرى وانجرافه الى التشنج الدينى تحت تأثير المد الدينى الوهابى : ( هل يستطيع مجتمع يجمع بداخله أشكال عدة من التزمت والانغلاق والتشدد أن ينافس المجتمعات الحديثة بإقتصادياتها وعلومها وتعاليمها المتقدمة ؟ )سأكتفى بهذا القدر من الاقتباس من مقال الأستاذ / محمد عابدين وأبدأ فى تفنيد ماجاء بالمقال من مغالطات مباشرةً.
أولاً : الواقع يقول أن هناك تزايداً ملحوظاً فى اتجاه المصريين بوجهٍ عام - مسلمين ومسيحيين - نحو التدين ، ولكن المتمعن والفاحص لهذا الاتجاه عن قرب سيجد أنه يقتصر على النواحى الشكلية للتدين ، كالتجمع فى المساجد لصلاة الجمعة عند المسلمين ، والتجمع لصلاة الأحد فى الكنائس عند المسيحيين ، وكذلك التجمعات التى تحدث فى الأعياد الاسلامية والمسيحية ، أما عدا ذلك فالمساجد والكنائس خاوية على عروشها أغلب ساعات الليل والنهار !! كما أن المتابع عن فهم لمثل تلك الشكليات الدينية ، سوف يكتشف أنها لاتتعدى نوعاً من الاحتفالات الكرنفالية التى يتجمع فيها الناس للهروب من مشاكلهم الحياتية لبعض الوقت ليس أكثر ، حتى وان وجد من يحاول استغلال مثل تلك المناسبات لتمرير بعض الخطب السياسية ، التى يلبسها أثواباً دينية ، فإن مثل تلك الأمور تمر على الحشود وكأنها لم تكن ، لأن أحداً من تلك الحشود لا يملك ترف الانصات لمثل تلك الأمور التى هى بعيدة كل البعد عن أحواله المعيشية اليومية ، لا أحد فى مصر يملك ترف الاصغاء لما يتوهمه الكاتب من تأثير مايسميه المد الدينى الوهابى أو غيره.(الناس كلها ملهية فى لقمة عيشها ) أين هو إذن مايسميه الكاتب ( إنتشار فكر التعصب المختبىء فى رداء ثقافة وتعاليم دينية ليصبح أساس التعامل فيما بيننا كمصريين على نحو عقائدى وليس وطنى ) ؟ اللهم الا إذا كان الكاتب يستخدم أسلوب الاقناع الايحائى لترسيخ مايراه هو دون غيره فى نفوس قارئيه أو سامعيه !!
ثانياً : يجدف الكاتب بالباطل محاولاً الاستدلال على صحة مقولته ، بأن فى مصر تشدد أو تشنج دينى وهابى وافد على المجتمع المصرى ، ويستحضر العفريت السياسى الذى دأب على استحضاره القلة المتعصبة من المسيحيين داخل وخارج مصر، بأن هناك مظاهر لفتنة طائفية تبدو واضحة فى السلوكيات العامة بين المواطنين وبعضهم داخل (الأسواق ، المواصلات ، التعاملات ) .ويكفينى أن أسرد قصة واقعية حدثت معى لعل سيادته يعود الى صوابه ويدحض فكرة الفتنة الطائفية من رأسه ، وان كنت أشك فى ذلك لأن من يكتب مثل تلك النوعية من المقالات ، انما ينطلق من استرتيجية وأيدولوجية ، خطوطها مدروسة سلفاً ، وكذلك طرق تحقيق أهداف مثل ذلك النوع من الاستراتيجيات.كنت عائداً من عملى فى أحد ميكروباصات الأجرة ، وكان السائق يتمايل برأسه طرباً مع احدى أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم ، وفجأةً انطلق صوت المؤذن من الميكروفون فى المسجد الذى كانت السيارة تمر بمحاذاته ، فإذا بالسائق يطفىء التسجيل ، فإعترضت عليه وقلت له : ياعم انته بتطفى ع الست ليه ؟ فرد علىَّ : عشان الآذان بس ؟ فسألته : وهو احنا فى الجامع دلوقتى ؟ فردت الراكبة التى بجواره: الآذان ليه احترامه برضه . فلما رأى السائق أن هناك عدم فهم للدين من ناحية الراكبة بعدما شرحت لها متى وكيف وأين يكون احترام الآذان، تشجع وفتح التسجيل وهو يقول: والله ياعم أنا مسيحى بس انا اتعودت أعمل زى اخوانا المسلمين مابيعملوا وقت الآذان !! بالطبع السيد محمد عابدين ، لن يرى هذا الفعل من قبل السائق المسيحى ، على أنه تآلف وتناغم واحترام بين المسلمين والمسيحيين. وانما سيراه أحد مظاهر الفتنة الطائفية !!
ثالثاً : يحاول الأستاذ محمد عابدين قدر استطاعته بعد ذلك بلورة ملامح مايسميه التشنج الوهابى الوافد على المجتمع المصرى ، من خلال استدلاله بالملصقات التى تحمل رموزاً دينية والتى يقول أنها تنتشر فى أى مكان يتواجد به الانسان بدءً من المواصلات ووصولاً لأكشاك البيع بالشوارع ، ومروراً بالكتيبات والنشرات التى تدعو لفكر ٍ بعينه ، ثم يعرج سيادته على المدارس وخاصة دور الحضانة ويستشهد فى ذلك باطلاق مصطلحات تعريفية دينية ، وهنا ولأول مرة يضم ملامح لما يعتبره هو تشدد مسيحى بأن المدارس المسيحية الخاصة أيضاً تطلق مسميات تعريفية دينية ، ولكنه يستدرك سريعاً بالقول أن الأخيرة ( المسيحية ) تكاد تختفى من على الساحة الشعبية والجماهيرية وتنحصر داخل دور العبادة الخاصة بهم.يؤسفنى أن أقرر أن من يكتب مثل هذا الكلام لا يمكن أن يكون معايشاً لأفراد الشعب المصرى ، وفاهماً لتركيبته النفسية فهماً صحيحاً منزهاً عن الهوى والغرض.فالشعب المصرى لا يتعامل مع ماذكره سيادته من تلك المظاهر الدينية من ملصقات وخلافه الا على أنها أنواع من التمائم أو التعاويذ التى تجلب له البركة والمال الوفير بجلبها للكثير من الزبائن ، وليس من منظور دينى تشنجى وهابى وافد كما يتوهم السيد محمد عابدين ، والا ماتفسير سيادته لتواجد تلك الملامح والمظاهر الدينية ، التى يطلق عليها سيادته تشنجات ، عند المسيحيين ؟ هل هى أيضاً مد دينى وهابى وافد؟
وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تخفِ تعصبك وتكلم بصراحة
محمد عابدين ( 2010 / 2 / 20 - 06:59 )
أولا ً : أهلا ً ومرحبا ً بك
ثانيا ً : النقد والإنتقاد لابد وأن يحافظ على قيم اللياقة وأدب الحوار , وتأكد أن الجميع يرحب بالحوار الهادف والنقد البناء
ثالثا ً : تقول
يجدف الكاتب بالباطل محاولاً الاستدلال على صحة مقولته ، بأن فى مصر تشدد أو تشنج دينى وهابى وافد على المجتمع المصرى ،
فما رأيك في الزي الباكستاني المنتشر بين أعضاء المجتمع وما يتبعه من مظاهر تخص الجنسينى ، ما رأيك في الأطفال من البنات التي لم تتعدى أعمارهن الست سنوات ويفرض عليهم الحجاب ، ما رأيك في محلات ملابس المحجبات .. مارأيك في الكوافير الإسلامي والمتجر الإسلامي والبنك الإسلامي ، مارأيك في تخصيص عربات للسيدات في المواصلات ، ما رأيك في الحضانات الإسلامية والمدارس الإسلامية ، ما رأيك في السدال والنقاب والعباءة الإسلامية ، ما رأيك في سيطرة الإخوان المسلمين على غالبية مظاهر الأنشطة النقابية في مصر ، ما رأيك في أداث الكشح ، ما رأيك في أحداث منفالوط ، ما رأيك في إستمرار تنفيذ الخط الهمايوني حتى الآن ، ما رأيك في قانون تنظيم إقامة وإنشاء دور العبادة ، ما رأيك في الكثير والكثير
رابعا ً:
أرجو آلا تحاول إخفاء تعصبك


2 - مقالات عابدين حصص انشاء وتعبير
صلاح الدين المصري ( 2010 / 2 / 20 - 12:02 )
رفض الاستاذ عابدين اي اشارة او ادانة للتطرف والتعصب على الضفة الاخرى المسيحيين مما يبعده عن الموضوعية والحيادية ان كان يبتغي نقد الحالة الدينية في مصر فعليه ان يأتي على ذكرها
ليس الحالة الدينية ولكن ايضا التطرف العلماني والالحادي والخياني حتى لدى زمرة من المثقفين المصريين على اعتبار ان الاعتقاد الفكري كمثل الاعتقاد الديني له كهنوته وادواته كذلك
لا يبدو الاستاذ عابدين منصفا ولا يعدو مقاله الا عبارة عن قصاصة موضوع انشاء او تعبير مدرسي


3 - أرجو أن تقرأ ( ثالثا) التى وردت فى المقال
Zaher Zaman ( 2010 / 2 / 20 - 12:13 )
زاهر زمان
الأخ / محمد عابدين
لو قرأت ( ثالثا) التى وردت فى مقالى بتمعن ، سوف تجد الرد على ماتسوقه من وجود لمظاهر- وضع ألف خط تحت كلمة مظاهر - التدين التى أوردتها فى مقالك وفى تعليقك هذا الذى نحن بصدد الرد عليه . أعتقد أننى قلت أن ذلك نوع من التمائم التى يعتقد المصريون أنها تجلب لهم المال الوفير ، وأضيف أن تلك المسألة رغم أنها فى جوهرها تفتقد البعد الدينى فى أسباب تواجدها ، الا أنها ليست بالانتشار الذى يصوره البعض ، فهى قاصرة على فئات بعينها ضحلة الثقافة ولا تشكل نسبة كبيرة فى المجتمع المصرى ، ومع ذلك أنا لا أؤيد تواجد مثل تلك المظاهر التى تدل على خواء ثقافى وافلاس فى الفكر الواقعى فى التعامل مع لقمة العيش واكتساب الرزق بأسلوب خزعبلاتى ، وفى نفس الوقت لا يجب أن يتخذ ذلك ذريعة لتشويه صورة الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه لأجندات سياسية يسترزق البعض من ورائها ، كحال القضية الفلسطينية.


4 - لى وجهة نظر فى هذه القضية .
سامى لبيب ( 2010 / 2 / 20 - 23:38 )
بداية أنا أجد العلاقات الإسلامية المسيحية هى علاقات طيبة فى المجمل وليست بالصورة القاتمة .
لا يمنع أن تعترف يا أخ زاهر بأنها لم تعد كسابق عهدها والدليل واضح من أعمال عنف دامية لم تشهد لها مصر مثيلا من قبل .

وجهة نظرى عبرت عنها فى مقال سابق لى ..وهى أن الأعمال الطائفية هو الكرسى الذى يتم ركله .
عندما يتعصب المرء ولا يجد حلا لمشكلته فإنه يركل الكرسى ليفك فيه جام غضبه ,..ومثل العامل البسيط الذى يقهر طوال اليوم ليأتى فى المساء ليفك غضبه فى زوجته وأولاده بضربهم وإهانتهم.

الشعب المصرى عانى فى الفترة السابقة من ظروف قاهرة تمثلت فى البطالة والغلاء الفاحش وتدهور معيشته وحريته وكرامته ..ليفك جام غصبه فى موضوع طائفى .

ولن ننسى أن السادات فى سعيه نحو تقويض اليسار سمح للتيارات السلفية أن تتواجد فى الشارع مما أدى إلى تسميم العلاقات الإسلامية المسيحية .
توجد رؤى كثيرة فى هذا المضمار والتى تجعل من الفتنة الطائفية مشروع يمكن السيطرة عليه .
ولكن تصور أن الدنيا ربيع ..سيجعل الأمور تتصاعد مما يصعب السيطرة عليها مستقبلا.

اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا