الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رويدا يرحل الظلام

مروان توفيق

2004 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ترى هل القتل دعوة هذا الدين ومنهاجه في هداية الناس؟ أم انها بدعة جديدة ظهرت في عصرنا هذا! فما نقول لعصر الفتوحات والاغتيالات والخنق والموت صبراً لدعاة هذا الدين على اختلاف مذاهبه او حتى لاعداءه على مر الزمان. وماذا يستجدي شباب اشتهروا باسم (الارهابيين) في قتلهم المئات, هل ياترى يعتقدهؤلاء المحاربون ان الناس سيرضخوا لهم بالعنف ويتبعوا سبيل الهدى بعد تقتيل ذويهم وابناء جلدتهم؟ وهل هذه الشراذم- التي تطعٌم بياناتها بايات الكتاب الكريم- قادرة على اقامة دولة الحق؟ ولنقل انها اقامتها فما هو المنهاج؟ اقامة الصلاة في وقتها, الصوم, الحجاب, عصابات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, كسر محلات الخمور.....الخ. ثم ماذا؟ ثم يستنفد المنهج اغراضه, وتعجز الكتب الصفراء عن حلول مشاكل الفقر والبطالة والعدالة الاجتماعية. ربما هذا التحليل خاطيْ, ولكن ماذا قدم الطالبان في افغانستان اكثر من ذلك, وماذا عن نظام مملكة الجزيرة الذي طغا بغلاته لتنمو فيه تلك الشراذم الفتية المحرومة من متع الحياة ومن نور العلم والحضارة. ان المشكلة ليست في فئات صغيرة اقامت لها كيانا واثبتت وجودها في مجتمع لا يوْمن الا بالقطيع تابعاً لراع واحد وانما المشكلة تعود الى تلك الكتب الصفراء التي ارست قواعد هذا الارهاب الذي نعانيه, كتب قلبت الحقائق واظهرت لنا التاريخ ناصعاْ عن كل عيب فعشقه هؤلاء الفتية وامنوا به حد العمى, وفاتهم ان يقراؤا التاريخ كما هو وليس كما هم يحبون.

تاريخ عن رجال افذاذ حرستهم الملائكة, قديسين ومقاتلين في سبيل الحق! ولكن الحقيقة ليست كما هي في تلك الكتب التي نصَّعت ذلك التاريخ وزينته وجملتهُ. فيا لعار الذين كتبوا ويا لعار الذين قراْوا بدون وعي ومن دون منطق. ثم تمر فترة من زمن لتترسخ تلك الحكايات الكاذبة في عقول الجيل من كثر تكرارها في مناهج دراستنا ومن كثر اعادتها على منابر الجوامع وفي مسلسلات مملة في التلفاز في عصرنا الحالي. لتصبح حقائق لا بطلان فيها ثم تُبنى عليها مفاهيم جديدة لافاق جديدة! واي بنيان يُبنى على خراب وفوضى!!!
المشكلة في تاريخنا هي من اول يوم بدأ ومن اول يوم تشققت هذه الامة وا بتليت بمصائبها وذابيحيها, ياليت هؤلاء الفتية قراؤا عن السقيفة كما كتبها المؤرخون وليس كما كتبها رجال الدين ووعاظ السلاطين! أو قراؤا عما قبلها بقليل حين خان رجال نبيهم الذي به امنوا وهو على فراش الموت فقال احد عظمائهم( دعوه فانه يهجر)! اتهموه بالخرف وهم الذين يقولون( لا ينطق عن الهوى)! وماذا عن السيف المسلول الذي قتل مالك بن نويرة طمعا في نكاح زوجته ليدخل بها في ليلة القتل من غير عدة! وماذا عن سيد الانصار الذي زعموا ان الجن قتلته وكتبت عند رأسه(نحن قتلنا ابن عبادة بسهم أودت فؤاده)!لأنه لم يبايع وكأن الجن امست تعمل في الجهاز الأمني!
وماذا عن سارق بيت المال الذي تستحي منه الملائكة الذي تخلى عن الرسول جبنا في معركة احد ويهرب لأيام وعند عودته وبخه النبي استهزاءا قائلا له(لقد ذهبت بها عريضة). وماذا عن الجمل وسائقته,وصفين والنهروان وعن طغاة حمكوا عشرات السنين ليلعنوا في منابرهم عليا واولاده. وماذا عن الفتوحات وسلب ونهب من اجل المال والفيء. الحديث طويل, العبرة هي عن ذلك التاريخ المتناقض المملوء دماً وقيحاً ذلك التاريخ الذي لا يزال يفرز قيحه في اذهان شباب حرموا متعة الحرية وضاقت عليهم الحياة بانظمة حاكمة مستبدة وانهكهم حرمان من تنفيس عن غرائز فضجوا عن دنياهم المظلمة ووجدوا ظالتهم في كتب قديمة تنقلهم الى تاريخ وامجاد وسيرة لاناس مقدسين بلا عيوب ولا اخطاء , فنهلوا من ذلك المنهل المسموم . ومن المضحك المبكي ان تلك الكتب التي كتبها وعاظ سلاطين مجدت بالوالي والخليفة كائنا من كان, سندهم في ذلك الحديث الذي يقول وهو غيض من فيض من احاديث كثيرة على نفس المنوال( اسمعوا واطيعوا ولاتكم مااقاموا فيكم الصلاة)! وفسروه بان الوالي او السلطان حتى اذا كان فاسقا فاجرا تجب طاعته ما اقام في الناس الصلاة وحث عليها! يا للعجب, وبذلك استغل الطغاة هذا الحديث وامثاله ولعبوا كما يشاؤون في ذبح ومحق وسبي وافتراء وبقيت الامة على ضلالها من الطاعة تنتظر اخرتها لتفوز بالجنان! نامت الامة وشربت على مفاهيم الطاعة العمياء وغيرها من متناقضات رسخها وعاظ السلاطين في كتبهم وباركها الخلفاء (السلف الصالح)- كأن الطالح وجد في عصرنا فقط- ونسي او تناسى القراء الذين عميت بصائرهم ان الذي كتب تلك الكتب هم اناس اشبعوا بطونهم الخاوية بكرم الخلفاء الظلمة.
الدماء البريئة التي نراها اليوم تراق في سبيل المذهب او الدين ليست ببدعة جديدة وانما الجديد هو النار وقوته, قنابل وصواريخ تقتل العشرات بجرة زناد, بينما في الماضي (التليد) لم يكن سوى السيف والخنجر وجنود العسل.
أقول رويداً يرحل الظلام لأن الفتية المخدوعون اظهروا لنا حقيقة دعواهم بافعالهم التي طالت الناس الابرياء في تخوم الارض . من العاقل الذي سيهتدي على يد قتلة اهله وذويه الابرياء وينصاع الى هكذا مفاهيم, اكثر من مائة الف قتيل من حصيلة مذابح الجزائر! لماذا ؟ من اجل جلب الانتباه الى مظلمة الانتخابات والسفر عن وجه الدعوة السلفية!! وماذا عن افغانستان وفرق ضالة مضلة. والان في العراق ياللعجب من يأوي رجلا من هؤلاء الشراذم في بيته الا اذا كان يقدس ذلك التاريخ المزيف ويقدس رجاله الذين اُلبسوا العصمة ليس الا لكونهم من ذلك السلف الصالح الذي تستحي منهم الملائكة لنقائهم وطهرهم!!!! يا للعجب. اما احفادهم ومقدسيهم فهم يدعون الى سبيل ربهم بالتعصب والذبح وليس بالحكمة والموعظة الحسنة. هربوا من الدنيا لفشلهم ونادوا(اللهم لا عيش الا عيش الاخرة) ولما لا فالحور العين في الانتظار وانهار الخمر والعسل تنساب لهم. وما اسهل التغرير بشباب ارهقتهم انظمة مستبدة واتعبهم الحرمان من العاطفة والحرمان من تلبية الغرائزليجدوا ضالتهم في كتب قديمة ويرحلوا في احلامهم عن الموت الجميل.
أليسوا هم الذين قال فيهم المتنبي(جعلوا غاية الدين حف شواربهم يا امة ضحكت اجلها الامم), هم في عهدنا لايزالون ولكن فضحتهم قنابلهم وسياراتهم المفخخة فما ظني ان الامر سيطول وهذا الظلام راحل لا محالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي