الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلاسفة عصر التنوير في اوربا جان جاك روسو (القسم الاول)

عبد الجبار منديل

2010 / 2 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


جان جاك روسو هو اديب وفيلسوف ومفكر سياسي فرنسي كان لافكاره اثر كبيره في عصره ولاسيما في عملية التمهيد للثورة الفرنسية الكبرى (1789) التي غيرت وجه اوربا والعالم .



ولد روسو في عام 1712 في جنيف / سويسرا لعائلة فرنسية فقيرة ـ وقد واجه منذ طفولته قسوة الحياة وظلم المجتمع لذلك فقد نشأ ثائرا ضد النظام الاجتماعي وضد الحضارة الجديدة وضد عدم المساواة التي تميز بين الناس وفقا لمختلف الاسس والاسباب سواء الاسس السياسية او الاسس الاقتصادية او القومية ..الخ .

عاش روسو طفولة بائسة فقد توفيت والدته بعد مولده مباشرة وتكفل ابوه بتعليمه القراءة والكتابة وكان منذ الطفولة يعوده على قراءة الادب والفلسفة والتاريخ الامر الذي ساهم في ثقافته المبكرة . وعلى الرغم من انه التحق بالعمل في كثير من الحرف اليدوية البسيطة الا انه كان مولعا بالمطالعة وقراءة كتب كبار الكتاب والمؤلفين .



وترك جنيف وترك معها البروتستانية مذهب ابائه واجداده وراح سائحا ومتشردا في كل انحاء اوربا وكان يقطع اغلب المسافات ماشيا على قدميه مثل قدماء فلاسفة الاغريق الذين كانوا يدعون بالمشائين . فقد مشى من جنيف متجولا في سافوي عبر جبال الالب الى تورين ومن تورين الى فرنسا . وقد كان يعشق الطبيعة ويشعر بنشوة صوفية وهو في احضانها لذلك فقد كانت مناظر الجبال والغابات والبحيرات الجميلة في تلك الاماكن تصقل افكاره وتجلوها وتتوافق مع طبعه الرومانسي الذي كان يميل الى الاستغراق في الاحلام واطلاق العنان لخياله وافكاره وقد ظهر كل ذلك في اعماله الفلسفية او الروائية .



تتسم مؤلفات روسو بالصفاء والنقاء والصوفية فهو يدعو الى تنوير متوازن يراعي الجسد والروح ويراعي العاطفة والعقل وهدفه النهائي هو الاخاء و والمساواة بين البشر .



في عام 1728 وكان عمره آنذاك ستة عشر عاما كان يهيم على وجهه في الحقول بغير مأوى ولكن بتوصية من الاب (يونيفير) قامت السيدة المحسنة مدام دي وارانس بأيوائه والاحسان اليه وكانت هذه السيدة كاثوليكية تحولت الى المذهب البروتستاني تحت تأثير الحملة التي يقودها ملك سردينيا بدفع الرواتب نظير تحويل الناس من الكاثوليكية الى البروتستانية . التحق روسو بأحدى المدارس الاكليركية ولكن ذلك لم يدم طويلا فقد عاود حياة التجوال والتشرد ومارس مختلف الاعمال والوظائف مثل العمل بفرقة موسيقية ونسخ القطع الموسيقية والعمل كموظف في دائرة للمساحة والعمل كمعلم خصوصي في مدينة ليون والعمل بوظيفة سكرتير لدى سفير فرنسا في البندقية ...الخ وكان من خلال عمله في كل تلك المهن لا ينقطع عن القراءة والمتابعة والتحصيل العلمي بكل قوة واندفاع .



انتقل روسو الى باريس في عام 1741 وبدأ الاتصال بالاوساط الادبية والفكرية حيث اخذ يشارك في الفعاليات والندوات والتجمعات السياسية والفلسفية .

كانت نقطة التحول في حياة روسو عندما اعلنت اكاديمية ديجون الفرنسية عن مسابقة تمنح من خلالها جائزة لافضل مقال عن تنمية النشاط في العلوم والفنون ودور هذه التنمية في تقويم السلوك الاخلاقي وقد ساهم روسو في هذه المسابقة بمقال تحت عنوان بحث علمي في العلوم والفنون في عام 1750 . وقد كان الفوز الذي حصل عليه المقال في المسابقة هو البداية الحقيقة للمجد الادبي والعلمي الذي تكللت به اعمال روسو اللاحقة حيث فتح امامه باب الشهرة العريضة .



لقد كانت هذه المقالة بمثابة البداية لمشروع روسو التربوي . فالغاية من تربية المواطن عند روسو هي الحصول على الحرية والفضيلة معا ومن اجل الحصول على هاتين الثمرتين لابد من البدء ومنذ الطفولة ومتابعة التربية حتى يصبح الطفل رجلا والرجل هو الانسان والمواطن معا والتربية تصنع السياسة والمواطنين لان كل مواطن هو سياسي . ولا يمكن ان تكون هناك وطنية بلا حرية ولا حرية بلا فضيلة .

(يتبع القسم الثاني والاخير )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق التسلح العالمي يحتدم في ظل التوترات الجيوسياسية


.. جنوب إفريقيا تقدم طلبا عاجلا لمحكمة العدل لإجراءات إضافية طا




.. إخلاء مصابين من الجيش الإسرائيلي في معارك غزة


.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |




.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي