الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حي على الجهاد يا ستات

أمنية طلعت

2010 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذه هي الجملة التي ارتطمت برأسي فور وصول خبر رفض 89% من قضاة مجلس الدولة تعيين المرأة في القضاء الإداري، لأنه وبكل بساطة لن تستطيع المرأة اقتحام هذه القلعة الذكورية إلا بعد كفاح وجهاد طويلين تسيل فيه الدماء وترتفع خلاله صيحات الهزيمة والنصر في المعارك التي يجب أن تتالى ربما لعقود قادمة.

أقول ذلك أيضاً لأنني مؤمنة تماماً بأننا الآن نعيش عصراً يجب أن تتحرك فيه المرأة بنفسها لكي تنال حقوقها ووضعها ومكانتها في المجتمع ويتم التعامل معها بمساواة حقيقية بعيداً عن زيف الطبل والزمر وشعارات ذر الرماد في العيون التي نحمي بها مصر المحروسة من عين الحسود الغربي. ومن الآخر كما اعتاد شعبنا أن يلخص مآسيه، إن كانت المرأة تستحق أن تقتحم مجال القضاء بقوة وتثبت فيه أقدامها فلن يأتي ذلك منحة من الذكور المنتفخين في ستراتهم الرمادية والسوداء والبنية وكافة الألوان الكابية الكئيبة، بل سيأتي غلاباً بعد معارك طويلة ودامية مكللة بالأحمر الزاهي.

بعد الخطبة العصماء السابقة، دعونا نعود لنرد ربما للمرة المليون على إدعاءات الرجال مهيبي الشأن، والذين لا يجدون يا ولداه غيرها في كل مرة يحاربون فيها أي محاولة لتمكين المرأة في المجتمع بشكل مساوي للرجل، فلقد ذكر السيد عظيم الشأن رئيس الجمعية العمومية في بيانه أن تجربة تعيين المرأة في محاكم الأسرة لم تنجح، لذلك لم تقدم وزارة العدل على تكرارها وحذر في البيان مما أسماه " مخاطر تدرج النساء في المناصب القضائية على الورق رغم بعدهن عن ممارسة العمل القضائي لانشغالهن برعاية أزواجهن وأولادهن". يا لطيف!!!!!! مخاطر تدرج النساء في المناصب القضائية ؟؟؟؟ ومع ذلك ورغم هذا الكلام الرادع القوي الجامع المانع الذي ورد على لسان مهيب الركن، دعونا نتأمل قليلاً في هذا الكلام .... بناء على أي أساس صرح رئيس الجمعية العمومية بمثل هذا التصريح؟ هل هناك دراسة علمية رصدت جدية ممارسة المرأة لعملها كقاضية في محاكم الأسرة ؟ وإن كان الأمر كذلك، فلماذا لا يطلعنا مهيب الركن عليها؟. حتى لو كان كلامه حقيقياً، فهل يعني هذا أن جميع الرجال الذين ينخرطون في سلك القضاء يؤدون عملهم كما ينبغي بدون أي ملاحظات سلبية على أدائهم؟ ثم وهو الأهم ...ألا يتم اختيار الشخصيات التي يتم ترشيحها إلى التعيين في سلك القضاء بدقة وبناء على سجل مهني قوي ونشط ونزيه ومتميز؟ أم أن الأمر يتم بناء على قرعة مثل قرعة الحج أو سحب مثل سحب جوائز لبان بمبم الذي كنا نتابعه بشغف ونحن أطفال؟.



لماذا لا يتم التعامل مع المرأة بأسلوب بعيد عن المنح والمنع ونترك الباب مفتوحاً فإذا ما أثبتت امرأة ما كفاءتها في أي مجال سواء كان القضاء أو غيره، صعدت وترقت وبلغت أعلى المناصب، وإذا لم تستطع بقت في مكانها أو تم عزلها تماماً مثلما يتم التعامل مع الرجل. أنا شخصياً لا أطالب بأن نمنح امرأة ما منصباً لمجرد أنها امرأة ولكن إن كانت متميزة وكفوءة فلتترقى وتنال حقها بناء على عملها ومجهودها. الأمر الآخر هو حجة الزوج والأولاد وانشغال المرأة بهم، فحتى لو سلمنا بالأمر سأضطر أن أسأل سؤال ربما يكون ثقيلا على قلوب العظماء " وهل كل النساء متزوجات ومنجبات؟"، وسؤال آخر " متى تتطورون قليلاً مع العصر يا سادة وتدركون أن التكنولوجيا الحديثة وفرت وسائل مهمة جداً تساعد المرأة على أن لا يأخذ بيتها ورعايته منها الكثير من الوقت لتتفرغ بعد ذلك إلى عملها؟" وسؤال آخر " إلى متى سيظل الرجل في مجتمعنا يعيش كتنبل سلطان عظيم ويتعامل مع عمله في الخارج على أنه كل ما ترجوه البشرية منه، ومتى يفيق ويدرك أنه أيضاً عليه دور في المنزل ليقوم به تجاه زوجته وأبناؤه؟".

ونصل هنا إلى الكلام العنصري الغريب الذي ألقاه المستشار محمد الحسيني، رئيس المجلس، على مسامع المستشارين حيث قال: " أضمن لكم عدم تعيين المرأة في الدفعات المقبلة بمجلس الدولة، طالما أن الثقافة المجتمعية في مصر لم تكتمل ولم تتفق على تولي المرأة منصب القضاء، وأتعهد لكم بأن مجلس الدولة سيكون آخر هيئة قضائية تعين النساء". ما كل هذا الغل والحقد الذي ينبع من بين تلك الكلمات؟ هل يعاني سيادة المستشار من أزمة نفسية سببتها له امرأة مثلاً؟ أم أنه مدفوع بأفكار طائفية خاصة معادية للنساء؟ لقد جاء كلامه شديد العنصرية والمعاداه لجنس النساء في المجمل ولم يقتصر فقط على موضوع القضاء. الغريب أن كلامه جاء مغايراً للبيان الصحفي الذي أصدره من قبل وذكر فيه أنه قرر فتح باب تعيين المرأة بعد إخطار الجهات المعنية في الدولة، ما يجعلني أنجرف في تيار نظرية المؤامرة، خاصة بعد اهتمام الجرائد السعودية بتغطية هذا الحدث وفرد الصفحات له ومناقشة الموضوع في كافة وسائل إعلامها، متجهة نحو تكريس فكرة القوامة والدرجة التي للرجال علينا ومملكة المرأة العبثية وكونها درة وجوهرة مفقودة في عالم لا قيمة فيه للجواهر المكنونة في أي صندوق!

في النهاية أوجه تحية إكبار للدكتور البيومي محمد البيومي، نائب رئيس المجلس، الذي كافح في حوار مع طرشان لإثبات أحقية المرأة في تولي منصب القضاء وقام بتوزيع دراسة شرعية تقر تولي المرأة المناصب القضائية، والتي أتمنى أن يتم نشرها على أوسع نطاق، على الأقل لتوعية النساء أنفسهن حول قيمتهن ومكانتهن الحقيقية في الدين والحياة والمجتمع، خاصة وقد استطاعت كتائب السلفيين والوهابيين أن تتسلل إلى النساء أنفسهن وأصبحنا نرى نساءً تقف في صفوف الذكور وتدافع بشراسة عن قانون الذكر وهي لا تدري أنها بذلك تدق مسامير عدة في نعشها لتظل مدفونة بموت إكلينيكي إلى أن تأتي المعجزة أو لا تأتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرجال قوامون على النساء ....
Zagal ( 2010 / 2 / 23 - 03:07 )
الانثى لها نصف حظ الرجل ...

ناقصات .... واغلبهن من اهل النار .... و.... و

يعنى يبقى مصدر التشريع يقول كده وعايزه تاخذى بحقك ...


ده فى المشمش


2 - ولا يزال السبب هو الدين الاسلامي
سكر ( 2010 / 2 / 23 - 07:57 )
كل ما ذكرتيه اختي العزيزة في مقالتك الاكثر من رائعة سببه الدين الاسلامي الذي قال للرجال عليهن درجة اي النساء درجة ثانية .. انه الظلم الذكوري يا عزيزتي لكني واثقة انه يوجد نساء كثيرات مدركات لحقهن في العمل والحياة وغصب عن الرجال الارهابيين الوهابيين


3 - العيب فى المصدر الرئيسى للدستور
أمجد المصرى ( 2010 / 2 / 23 - 08:26 )
فى يوم أغبر من عام 1977 طرح الرئيس المؤمن تعديلا دستوريا للاستفتاء الشعبى ، يبقيه فى السلطة مدى الحياة ، ويمكن الجماعات السلفية من زمام و قياد الوطن مصر ، إغتنم السلفيون مغنمهم متمثلا فى جعل الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ثم انقلبوا على السادات فقتلوه بعد أن انتهى الغرض منه .. و من يومها و مصر تسير الى الخلف بخطى متسارعة ، إلغاء هذه المادة المشبوهة هو أول خطوة فى طريق الاصلاح ، فهى تتصادم مع و تعطل باقى مواد الدستور و توقف العمل بالمواثيق الدولية التى وقعتها مصر


4 - ظل الفيل
هشام آدم ( 2010 / 2 / 23 - 09:01 )
لدينا مثل شعبي في السودان يقول {عينك في الفيل وتطعن في ظله؟} هذا المثل يُضرب لمن يرى ويعرف مكمن المشكلة ثم لا يمتلك الجرأة لمواجهة هذه المشكلة مباشرة بل يلجأ إلى تفنيد تمظهراتها ، وأنا أرى كما ذهب البعض أن كثيراُ من قضايا المرأة والعدالة الاجتماعية لا يتأتى إلى إذا تم تحييد الدين من الأساس، فالدين ذكوري بجدارة، كيف لا والله شخصياً يفضل الرجال على النساء لأسباب غير معلومة؟ كيف لا والدين يرفض ويقمع كل المحاولات التي تسعى فقط لطرح سؤال حول هذا التفضيل فتأتي الآية {الرجال قوامون على النساء} لماذا يا الله؟ فتأتي الإجابة {بما فضل الله بعضهم على بعض} وعندما تتجرأ وتسأل لماذا، يأتيك الرد جاهزاً {ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض} حتى مجرّد الأمنية غير متاحة للنساء!! فماذا بعد ذلك؟


5 - و القادم اخطر
أبو هاجر: الجزائر ( 2010 / 2 / 23 - 09:23 )
القادم أخطر يا ست أمينة، إذا لم يقع تعديل سريع وحاسم على بنية الثقافة و الفكر و السياسة في مصر .فساد في الإقتصاد ، و استبداد في السياسة، و تزمت في الدين ممزوجة يشوفينية تقول مصر فوق الجميع ،وهو شعار رفعه هتلر في بداية صعود النازية مصر على وشك الإنهيار الشامل.


6 - اشكرك
سالم ( 2010 / 2 / 23 - 12:39 )
اشكرك السيدة امينة طلعت كلامك رائع ولكن السبب من هو اليس الدين وخاصة الاسلامي


7 - الاخوان المسلمين حيحلولك كل مشاكلك ولا يهمك،
john ( 2010 / 2 / 23 - 14:11 )
الاسلام هو الحل


8 - المساواة في كل شيء
رعد الحافظ ( 2010 / 2 / 23 - 14:29 )
مالم نغسل عقولنا من كذبة الفروقات في قدرات الرجل والمرأة التي زرعوها فينا منذ عشرات القرون , فلن نستطيع الوصول الى برّ الأمان في العدل والمساواة بين النوعين الرجل والمرأة
في السويد يعود الأثنان الى البيت من عملهم ويبدأون المشاركة داخله وبالتساوي
في العمل قد تكون هي مديرة الدائرة وهو عامل التنظيف فيها ( وهذا واقع وليس للتشبيه ) , وقد يكون هو صاحب معمل كبير وهي ممرضة في المستشفى ( وهذا أيضاً مثال أعرفه ) , المهم قناعتهم الدائمة بأنّهم متساويين في القدرات
عند الإنفصال تجمع ممتلكاتهم كلها وتقسم بالضبط بين الإثنين , ولا إعتراض من أحد
مجتمعاتنا الذكورية ما زالت متخلفة , لأنّها تعمل بنصف طاقتها وقدرتها بتحييد المرأة غالباً
لو لاحظنا ذكاء وصبر المرأة وذاكرتها القوية في التفاصيل وتفوقها في اللغات الاجنبية ومشاعرها بالآخرين المرضى او الضعفاء أو الأطفال , لوجدنا أننا نظلم المرأة وأنفسنا بتحييدها...هذا ينطبق حتى على القضاء
لا أدري لماذا لا تتدخل السيدة سوزان مبارك لتأمر شلّة المتحجرين الرافضين تولي المرأة للقضاء بالتعقل بدل إحالتهم على المعاش ؟ هل هنا فقط ستطبق الديمقراطية ؟تحياتي للكاتبة


9 - مسا الخير
حازم الحر ( 2010 / 2 / 23 - 15:00 )
كل التاييد لمطالب المراة العربية وفي جميع المجالات يسعد مساكم


10 - مش بطال
الوروار ( 2010 / 2 / 24 - 11:39 )
مش بطال

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah