الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهم يفترون على الشهداء

نصير عواد

2010 / 2 / 23
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لطالما كنت ممن يدعمون حق القاتل "الجلاد" في أن يروي حكايته وموقفه مما جرى للآخرين من ضحايا ومعارضين، ليس لأن الصدق بغتة سينفطر على لسانه وإنما بسبب طبيعة التفاصيل المبثوثة في روايته والتي تفتقد إليها ذاكرة أهالي الضحايا المنشغلة بالحزن والعواطف والذكريات. ولكن لم يأتِ ببالي أن تختلط الوقاحة بالشجاعة عند القاتل ويصعد إلى المنبر يشيد بالشهداء والضحايا الذين تسبب هو نفسه بمقتلهم، وهذا هو بالضبط ما حدث في احتفالية يوم الشهيد الشيوعي بمدينة لايدن الهولندية في أواخر شهر شباط الجاري عندما صعد إلى المنصة ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني "أوك" وبكلمات منمقة تخلو من الصدق "ويده اليمنى في جيب بنطاله النظيف" يعدد مآثر وبطولات شهداء الحزب الشيوعي العراقي وسط صمتنا واستهجاننا لما يحدث، الأمر الذي دفع النصير"عمار" إلى الخروج من قاعة الحفل حتى لا تفتضح المرارة في جلسته القلقة، ثم تبعه آخرون.
لست بدويا أو طالب ثأر ولست ممن يتوسل الأسباب للدخول في خلاف مع رفاق الأمس ولكننا، عائلات ورفاق الشهداء، نطالب القائمين على تلك النشاطات والمناسبات الوطنية باحترام مشاعرنا عندما يتم تذكّر أخوتنا ورفاقنا وأن لا يسخروا منا وأن لا يعولوا على النسيان كثيرا، فنحن ما زلنا نرى أن العلاقة مع "أوك" مصابة بعيوب شتى، خصوصا وإن القاتل لم يعتذر بعد عن جريمته في "بشآشان" ولم يُحاسب عليها قانونيا وما زال موقفه بين الصمت والتبجح ببطولاته في قتل الأبرياء. وبما أن المناضلين كثار والانتهازية جائزة فيجب علينا البحث عن عذر لرفاقنا في دعوتهم للجلاد، وعلينا إغماض عيوننا عن مهرجان القبل والترحيب بالقاتل وأن لا ننشغل بمعاناة "أبو بافل" في الصفوف الخلفية وهو يردد مفردات الحزن والتحسر عند ظهور كل صورة من صور الشهداء على الشاشة الصغيرة. في الحقيقة لا توجد مشكلة في جو النفاق العام بين السياسيين في دهاليز الأحزاب والبرلمان والوزارات والمؤسسات الرسمية باعتبار النفاق من لوازم السياسي الشاطر وإن كان في أعلى درجات المبادئ والالتزام، ولكن المشكلة عندما يوصلهم هذا النفاق إلى نسيان تاريخهم وعقولهم واستسهال الدوس على قيم ومشاعر رفاق الأمس. فالانزلاق إلى قاع الانتهازية يبدأ من الخطوة الأولى، وبما أنهم دعوا الجلاليين إلى احتفالية يوم الشهيد الشيوعي واجتهدوا في أيجاد تبريرات لذلك فما المانع من دعوة أبناء عمومتهم من البعثيين الصداميين في المستقبل للاحتفال بذكرى ضحاياهم وبمقابرهم الجماعية خصوصا وأن البعثيين ركبوا موجة النضال ونجدهم على خطانا يسيرون بعد أن اتخذوا من سوريا مركزا لانطلاقهم وأرسلوا كوادرهم إلى اليمن كما فعلنا نحن وحملوا السلاح ضد الاحتلال والدولة العراقية، فعندما تختلط القيم في الحياة سنجد دائما من هو ذاهب إلى الحج ومن هو عائد منه على الرغم من اختلاف النوايا والوجوه والأفكار، وعلينا أن لا نفاجئ بجلوس الجلاد والضحية حول صحن شوربة. فنحن كما يبدو في طريقنا إلى نسيان مناسبة "يوم الشهيد الشيوعي" أو على الأقل رش الماء عليها وتحويلها إلى مناسبة عامة تجسّد يوم الشهيد العراقي حتى يتسنى للجميع الحديث والمشاركة والمتاجرة بذلك إن تطلب الأمر، وعلينا أن نهيئ أنفسنا لتحويل المناسبة إلى ملحة وجلسة سمر وأن يتحدث عن الشهداء من لا يعرفهم وأن يروي البطولات من ليس وراءها.
إن موضوع "الشهادة" الذي قتل تقديسا وتسييسا في سوق الأحزاب، بقي لدى أخوة ورفاق الشهداء من المواضيع الحساسة بحيث تذكّره فقط يفتح أبواب المعاناة ويضع المرء بين عز النفس وغياب الحق ، أما التوسع فيه فلابد أن يضعنا في باحة تاريخ من الظلم والقمع والذكريات المؤلمة، تذكرنا بأن القاتل عندما كان مناضلا طعن ضيوفه ورفاقه بسلاح مشبوه فكيف به وهو على رأس الدولة والسلطة؟. خلاصة القول من حق السياسيين أن يفعلوا ما شاءوا لغرض البقاء والاستمرار وكذلك من حق أخوة ورفاق الشهداء أن يحتفظوا بحقيقة مشاعرهم ومواقفهم وذكرياتهم وأن يحتقروا الحروف في أسم القاتل وإن كان فيها شيء من جلالة رب العالمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شرطة نيويورك تعتقل بالقوة متظاهرين متضامنين مع غزة في بروكلي


.. قراءة عسكرية.. ما الذي يحدث بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاح




.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة اليمين المتطرف برئاسة


.. تفاعلكم | تعطل حركة الطيران في مطار ميونخ، والسبب: محتجون في




.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال