الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى دعاة الفتنة.. أوقفوا إشعال الحرائق

محمود طرشوبي

2010 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت وصايا المسيح دائماً ما تتحدث عن الأمن والسلام، ونشره فى ربوع العالم وهو القائل "مبارك رسول السلام" وفى وصاياه على الجبل قال "لا أقول من نظر إلى امرأة جاره فهو آثم، ولكن أقول من اشته امرأة جاره فهو زانٍ" و هو القائل " وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا " وهو القائل "أحبوا أعداءكم".

هذا هو المسيح عيسى بن مريم روح الله، وكلمته النبى المرسل "إلى خراف بنى إسرائيل الضالة" كما قال.

ولكن بعضا من أتباع المسيح خرجوا عن تعاليمه ولبسوا ثياب بطرس الناسك (واحد من أبرز الدعاة إلى الحروب الصليبية) لنشر القتل والتخريب وسفك الدماء تحت دعوى حماية قبر المسيح، هكذا سار حفنه من أبناء مصر إلى نشر فكرة الحرب الصليبية مرة أخرى وبدأوا فى إشعال نار الفتنة على أرض مصر بدعوى أن الأقباط فى مصر مضطهدون.. وأنهم يقتلون ويذبحون فى شوارع القاهرة،, وإن أنهار الدماء المسيحية تسيل على أرض المحروسة، وإن الكنائس تضرب بالمدافع، وإن المسيحى يمشى فى شوارع القاهرة وهو خائف يترقب من أن يخرج عليه من يقتله، أو يؤذى أهله أو أطفاله، ولم يكتفى بذلك بل يقيم المظاهرات ويشحن أقباط مصر ضد الدولة باعتبارها دولة مسلمة، ومن أمريكا ألى هولندا إلى أستراليا، بل وصلت بهم الهمم العالية بالضغط على الكونجرس الأمريكى لإرسال لجنة الحريات الدينية إلى الحكومة المصرية للتحقيق فى اضطهاد الأقباط وبالفعل حضرت إلى القاهرة لجنة برئاسة اليهودية فليس جاير لكى تمارس ضغوطها على الحكومة المصرية لكى تمنع الاضطهاد المزعوم ولقد خاب ظنهم ولم يوافق البابا شنودة على مقابلة الوفد لكى يعلن أن حادثة نجع حمادى هى نتيجة لاضطهاد الأقباط على ارض مصر، وأنا أتساءل ، هل من يلجأ إلى الحكومات الأجنبية للضغط على حكومة بلاده يستحق إن يحمل لقب مصرى؟ هل من يستقوى بالخارج ضد بلده هل مثل هذا يريد الخير لهذا البلاد؟ وهل أمريكا التى استعانوا بها لا يوجد فيه أى تمييز ضد المسلمين، يكفى لوجود هذا التمييز أن يحرق إمام مسجد بكاليفورنيا، والتفتيش الحاصل فى المطارات الآن والذى وصل إلى تفتيش المؤخرات، وكان الأولى باللجنة أن تذهب إلى نيجيريا التى قتل فيها أكثر من 300 مسلم على أيدى الميلشيات المسيحية، أو تذهب إلى فلسطين لترى القتل الذى يحدث فى مدينة بيت لحم مهد المسيح أو ما حدث فى غزة، وأين كانت أمريكا ولجنتها عندما قتل حزب الكتائب اللبنانى المارونى المسيحى مئات المسلمين بمساعدة اليهود، وأين أمريكا من الاضطهاد الحادث فى أوربا ضد المسلمين ونبيهم ورموزهم الدينية، وأين كانت أمريكا عندما قامت الميلشيات الصربية المسحية بقتل الالألف من مسلمى البوسنة والهرسك، لقد كانت مذبحة سربنتشا أكبر دليل على الحقد الذى ملأ قلوب الصليبين الجدد، فقد كان منظر القبور الجماعية كفيل بأن تصب عليهم لعنات عيسى المسيح وحواريه، وأن عيسى النبى المرسل عليه السلام لم يبعث لنشر الدماء على الأرض ولكن لنشر السلام، ولكن أتباعه اخترعوا من أنفسهم لفظ ( الحقد المقدس ) لكى يبرروا أفعالاً لا يرضى عنها المسيح ولا حواريه .

إن المطالبة ببعض الأمور مثل بناء الكنائس، أو الحق فى معاقبة المعتدين على المسيحيين ونيل عقابهم،قد يكون له مسوغ مقبول ,لكن هناك مطالب مثل المطالبة بالتمييز الإيجابى لصالحهم فى مقاعد البرلمان، والمطالبة بحصة برلمانية لهم إضافة إلى حصة موازية فى الوظائف الحكومية والسيادية.ليس لهم مسوغ عقلى مقبول، لأن هذا يكرس مبدأ غير موجود وهو معاملة الأقباط داخل مصر على أنهم أقلية يجب إعطاءها بعض الحقوق، ولكن الحادث هى أن مصر شئنا أم أبينا هى دولة علمانية يحكمها دستورى بشرى وقانون وضعى، تتاح فيه حرية العقيدة للجميع ولابد من احترام كل دين لأصحاب الدين الآخر، والجميع سواسية أمام القانون، ولايتم التعامل مع أى شخص على أساس دينى مسلم كان أو مسيحى .لأن هذه قوانين الدولة التى نعيش تحت سمائها.

إن العمل الذى تقوم به بعض المنظمات المسيحية وأبرزهم أقباط المهجر لا يصب أبدأ فى مصلحة المسيحيين ولا فى مصلحة مصر إن كانوا مازالوا ينتمون إلى هذا البلد، مثل الاستقواء بالأنظمة الغربية والمطالبة بتوقيع عقوبات على الدولة المصرية، وكان من أبرزها أيضا القفز على خطوط حمراء كثيرة للأمن القومى المصري، من بينها مثلا لجوء شخصية مثل موريس صادق إلى شارون للضغط على الحكومة المصرية لحل قضية وفاء قسطنطين.. ثم إعلانه الشماتة فى موت حفيد الرئيس مبارك، واتهامه لنجليه بإشعال فتنة نجع حمادي.

إن إصرار مجموعة من الكتاب على نشر الفتنة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، واعتبار إن أى موقف بين مسلم ومسيحى– حتى لو كان ممكن حدوثه بين مسلم ومسلم أو مسيحى ومسيحى – يفسر على انه فتنة طائفية وإن أقباط مصر مضطهدون وإن السلفيين يشعلون نار الفتنة وإن مصر ستتحول إلى لبنان آخرى .

كان يجب على هؤلاء ؛ أن ينظروا إلى أسباب الفتنة الحقيقية، ومن المستفيد من إشعالها، ومن يصرف الأموال ويزكى الخلافات لكى تصبح الفتنة الطائفية المعركة القادمة داخل مصر يعد توقف أحداث العنف السياسى بين الجماعات الإسلامية والشرطة المصرية . اسألوا لجنة الحريات الدينية فى أمريكا عن الحرائق التى يريدون إشعالها فى العالم كله بدعوى الحرية الدينية وهى الحرية المفقودة على الأرض الأمريكية .

إننى لا أعفى طرفاً من الأطراف, فالمسلمين منهم من لا يحسن فهم الإسلام فى التعامل مع أصحاب العقائد الأخرى؛ والمسيحيين منهم من اعتبر إن الإسلام وافد على أرض مصر، واعتبر إن قضية المسيحية الأولى هى تحرير مصر من الاحتلال الإسلامي.

و كان من الأولى على المفكرين والكتاب تقديم الصورة الصحيحة للإسلام والمسيحية فى التعامل بين أصحاب الديانات المختلفة، بدلا من استدعاء التاريخ وحوادثه فى إثبات إن اضطهاد المسحيين على ارض مصر لم يتوقف منذ دخول الإسلام مصر، بالرغم من إن العكس هو الصحيح .

إن الذين يريدون أن تكون مصر هى لبنان أو العراق لهو اللعب بالنار فى مجتمع يقوم على الدين منذ مهد التاريخ وحتى انتشار الأديان السماوية اليهودية, المسيحية، الإسلام على أرض مصر.

إن من يتهم جماعات الإسلام السياسى فى إثارة الفتنة الطائفية فى مصر هو من يبحث عن متهم لقضية يعرف تماماً من هو المتهم الحقيقى فيها.

إننى لا أنكر أن هناك أفراداًَ من جماعات الإسلام السياسى اعتبرت إن محاربة النصارى على ارض مصر هو من أولويات العمل الدعوى بالنسبة لها، وهم قلة لم تفهم طريقة الإسلام فى التعامل مع المسيحية باعتبارها ديانة سماوية ويجب أن تكون معاملتهم على إنهم أصحاب ديانة سماوية لها احترامها والأحكام الخاصة بها . وإن الاختلاف بين المسيحيين العرب والمسيحية الشمالية ( أوربا ) كما يقول أستاذنا محمود شاكر هو خلاف جوهرى فهؤلاء يريدون تدمير كل عربى مسلم كان أو مسيحى للسيطرة على بلاد العرب وهذا مهد المسيح مدينة بيت لحم تشتكى من ما تشتكى منه الضفة وغزة .

و على الطرف الأخر، فمنذ الحملة الفرنسية على مصر وهناك من يزكى روح العداء المسيحى إلى الإسلام واعتبار إن الإسلام يقف حجرة عثرة فى طريق تقدم أمة العرب ومنهم سلامة موسى وجورج زيدان وغيرهم وصولاً إلى ما يكتب فى بعض الجرائد القبطية .

إننى أريد أن أوكد أن الفتنة الطائفية ليس لها وجود حقيقى على أرض الواقع، بل هى أحداث قد تقع فى اى بلد يعيش فيه أصحاب العقائد المختلفة، إن المسيحيين معنا فى كل مكان فى السكن وفى العمل وفى جميع المرافق العامة فى الدولة ويعانون من ما يعانى المسلمون منه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدستور المصرى ( منسوخ ) بمادته الثانية
أمجد المصرى ( 2010 / 2 / 23 - 21:43 )
الدستور المصرى الذى تتغنى به ملغى و ( منسوخ ) بموجب مادته الثانية التى تقوض كل الدستور و تلغيه إلغاء تاما ، و هى التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ، و بناء عليها لم يحكم بإعدام مسلم واحد ممن ارتكبوا جرائم قتل ما يزيد على 4000 مسيحى فى أكثر من 160 غزوة إسلامية حيث تنص الشريعة الخرقاء على ( لا يؤحذ مسلم بدم كافر ) و آخر أحكام البراءة صدر أمس لصالح مرتكبى جريمة اغتيال مسيحييى ديروط بمحافظة أسيوط ، لن يرتدع الارهابيون إلا بتقديمهم للمحاكمة الجنائية الدولية ... أما ترك الحبل على الغارب للمحرضين و التكفيريين و الشتامين عبر المآذن و الفضائيات و الكتب و الصحف الصفراء و بتمويل بترودولارى عنصرى فهو ما لم يعد ممكنا السكوت عليه ، لابد من الرقابة الدولية على الحكومات المتآمرة و الجماعات الارهابية ، أما تفتيش الأدبار الاسلامية فلا يحق لمن فخخ دبره لنصرة الاسلام أن يشكو من التفتيش


2 - انطلاق المارد من القمقم 4
بيشوى ( 2010 / 2 / 24 - 02:50 )
لا يؤخذ مسلم بدم كافر . وانصر اخاك ظالما او مظلوما. هل تلوم المسيحيين الذين فقدوا الامن والامان فى بلدهم الاصلية واصبحوا عرضة لتصرفات المرضى النفسانيين والمجانين والعتاه والمجرمين والسلفيين والاصولين المتعصبين ولكل من هب ودب ليعتدى عليهم ويسرقهم ويهجرهم ويغتصب بناتهم ويقتلهم دون عقاب ؟. ليتك كنت قد ذكرت الحقيقة المرة ان المسيحيين يعانون اضطهادا مريرا ليس فى مصر فقط بل فى كل بلاد المشرق العربى والاسلامى الذى يريد ان يحقق حديث لعمر عن محمد (ص) لا يبقى فى جزيرة العرب( اى بلد غالبيته مسلمون ) دينان. مما يستلزم التدخل الدولى للحماية والوصاية، كما تم مع البوسنة والهرسك،
تحياتى وامنياتى الطيبة لك وللجميع.سلام.


3 - كلامك ليس له اساس من الصحه ....
Zagal ( 2010 / 2 / 24 - 03:23 )
كنت اتمنى لو كتبت بضميرك لو كان لسه فيه ....

انت تقول: -إننى أريد أن أوكد أن الفتنة الطائفية ليس لها وجود حقيقى على أرض الواقع، بل هى أحداث قد تقع فى اى بلد يعيش فيه أصحاب العقائد المختلفة،-

ياخى احنا بقى لنا فى كندا وامريكا واورباواستراليا عشرين سنه ماسمعناش عن الهندوس اللى قتل المجوس !!! او البوذاوى الذى حارب الهنداوى ...

كل اصحاب الديانات المختلفه يتبارون فى اظهار محاسن دينهم الا المسلم الهمجى الذى يتحاشونه الجميع والذى اذانزل باى مكان اصبح اسواء الاماكن بالدوله لانه يكون اقذر الكل ...


4 - لافتنة طائفية بمصر ، بل مزحة طريفة
زيد ميشو ( 2010 / 2 / 24 - 05:51 )
وأضيف للحقيقة الرهيبة التي ذكرتها أيها الكاتب العزيز
إن المسيحيين الذي قتلوا في الفترة الأخيرة بمصر التعايش ، قد ذهبوا للموت بأرجلهم
فقد أرادوا الإنتحار ولم يستطيعوا ، فدفعوا لمأجورين مبلغ من المال كي يقتلونهم
وشهداء قداس الميلاد لم يقتلوا ، بل إختنقوا بشربة ماء
سيدي الكريم
هناك نوعين من الإختناق ، غير الخنق الذي نعرفه أو الإختناق بالغاز وماشابه
هناك من يختنق إن لم يقل الحقيقة ، ومن يختنق إذا قالها
لماذا تقبل على نفسك بأن تكون من النوع الثاني ؟


5 - حوار متمدم ضل الطريق
بيشوى ( 2010 / 2 / 24 - 09:28 )
يا اخى الحبيب ما تقوم به من حجب وعدم نشر التعليقات التى تكشف الحقيقة باسلوب راقى لا يحتوى على سباب اوشتم او حتى للتبشير كما يزعم ويدعى البعض بل لتبين وتوضح مقدار ما يقع فيه الكتاب او المعلقين من اخطاء مقصودة وغير مقصودة بغرض التجميل وحفظ ماء الوجه بحجة انها مخالفة للقواعد، حتما ستقود الحوار المتمدن الى حوار متحيز للكتاب والمعلقين وبالتالى يفقد الحوار المتمدن للمصداقية، الامر الذى سيجعل من الكثيرين الاحجام عن الكتابة او التعليق الذى سيصبح بدون فائدة، ارجو تدارك الامور .
تحياتى وامنياتى الطيبة للجميع

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah