الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيبقى الشهيد عبد الفتاح تولستان حيا في ضمير شعبنا الأردني إلى الأبد..

عناد ابو وندي

2010 / 2 / 24
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


استشهد المناضل الكبير عبد الفتاح تولستان في مثل هذا اليوم 24/2/1962 عضو مكتب منظمة عمان للحزب الشيوعي الأردني على يد خبير التعذيب الألماني الغربي.
اعتقل الساعة العاشرة من صباح يوم السبت الموافق 24/2 أثناء الدوام الرسمي في مدرسة الأمير محمد كونه كان يعمل مدرسا فيها في حملة الاعتقالات التي قامت بها السلطات. واخذ للتعذيب في وكر الخبير الألماني الوحش في الساعة السادسة مساء اليوم الذي اعتقل فيه، واسلم الروح عند الساعة العاشرة مساءا من نفس اليوم.
كان يغمى علية أثناء التعذيب وعندما كان يصحو يبصق في وجه جلاديه.. وكانت أخر كلماته قبل أن يتوقف قلبه عن الخفقان:"إني متأكد باني سأموت في هذه الغرفة..ومتأكد أيضا بان النصر لشعبنا ولنا نحن الشيوعيين".
لقد كانت أثار التعذيب على جثة الشهيد، فقد انتزعوا أظافر قدمي الشهيد وبوحشية تقشعر من هولها الأبدان كما كانوا يطفئون سجائرهم المشتعلة في جسمه، وفي كل ذراع من يديه إحدى وعشرون حلقة مسودة بفعل حرق أسلاك الكهرباء ولم يتركوا في جسمه موضعا ألا وفية كدمة أو حرق ولا عظما ألا وفية كسر.
الشيخ الذي غسل جثة الشهيد لم يتمالك ألا أن يصيح بأعلى صوته "الله اكبر يا ناس وين الدين، اللي بحكوا عنه، وين الإنسانية؟! الله اكبر يا ناس وين العدل، وفي حرمة شهر رمضان يفعلون هذا؟! يا ناس كل جسمه محرق ومكسر ما في رحمة!!.
وقد عبرت إحدى الفتيات عندما أبنت الشهيد قبل تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بهذه الكلمات البسيطة والمؤثرة..."شيعوا البطل إلى مثواه الأخير..غدا سندوس الأوغاد بأقدامنا، وسنثأر ولو على أيد أخر طفل منا..ولك منا أحر وداعنا أيها البطل...".
لقد هزت هذه الجريمة البشعة حتى الأعماق ضمائر كل الشرفاء من أبناء شعبنا وبناته...هزت ضمائر العمال والفلاحين والطلاب والمعلمين والمحامين والأطباء والتجار والجنود والضباط الشرفاء في الجيش والشرطة، واجتاحت النقمة كل مدينة وقرية ومخيم في أردننا الحبيب.
وشكل الشراكسة في الأردن وفدا مكون من 40 شخصا لمقابلة الملك حسين بن طلال مستنكرين الجريمة البشعة مطالبا بضرورة إيقاع العقاب بقتلة الشهيد، وقد اعترف الملك ضمنا بالجريمة إذ قال أنها غلطة ارتكبت أثناء التحقيق ولن تتكرر، ووعد بان يأخذ الحق مجراه..
وعلق احد السياسيين الموالين على الحادث بقوله:"أن ما حدث في بغداد يوم 14 تموز سيصبح لا شي لما سيحدث في عمان إذا استمر هؤلاء على هذه الأعمال الإجرامية". كما علق شخص وطني وسياسي قائلا :"أن هذا الأمر لم يكن مفاجئا لي، فانا أتوقع أن يقوم الأوغاد بمثل هذه الأعمال، من البديهيات أن يكون الشهيد شيوعيا".. وعلق احد الناس العاديين على استشهاد الرفيق قائلا:"أن مبدأ يموت معتنقوه في سبيله سينتصر حتما". وعلق بعض القادة النقابين على الحادث بقولهم:"أن على جميع الوطنيين أن يتكتلوا أذا هم أرادوا الدفاع عن أنفسهم".
وقد شكلت الوفود المتعددة وذهبت إلى رئاسة الوزراء للتعبير عن سخطها واستنكارها للحادث مطالبة بضرورة معاقبة المجرمين.وعم الغليان جميع الطلاب والمعلمين في عمان والأردن... وبأمر من السلطات منع طلاب ومعلمو المدرسة التي كان الشهيد يعلم فيها من المشاركة في تشيع جثمانه، واجبروا أهلة على نقل الجثمان من البيت إلى المقبرة مباشرة.
وإمام النقمة العارمة التي اجتاحت أردننا الحبيب من أدناه إلى أقصاه، وإمام برقيات السخط والاستنكار التي انهالت على السلطات من منظمات النساء والشباب والطلاب والعمال في الأردن والوطن العربي ومن مختلف بقاع الدنيا، تستنكر الجريمة وتطالب بمعاقبة القتلة، واضطرت السلطات في الأردن أن توقف بعض ضباط المباحث المنفذين للجريمة وهم اسحق حلمي الكيلاني، احمد هاشم الصفدي، محمد سعيد،نعمة ناجي الفانك، وفالح الرفاعي، وعصمت أبو السعود، وتعلن عن عزمها على محاكمتهم،دون أن تمس خبير التعذيب الألماني الوحش.
ولد عبد الفتاح تولستان في حي المهاجرين الشعبي بعمان 29/6/1934 لأبوين فلاحين فقيرين وذاق منذ طفولته عمل مع والده في فلاحة الارض. وتنقل عبد الفتاح بين مدارس العاصمة عمان حتى أنهى دراسته الثانوية وعمل مدرسا في عدة مدارس بعمان.
ومنذ تفتحت عيناه على الحياة ساهم في مختلف النشاطات الطلابية والجماهيرية والوطنية، وكان مناضلا بارزا في نقابة المعلمين وعدد من النوادي الرياضية والثقافية واشترك في مختلف النضالات والمظاهرات الوطنية.
وفي عام 1954 انضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الأردني،واستمر منذ ذلك الحين يناضل من اجل تحرر الأردن ومن اجل حقوق الجماهير الشعبية وحرياتها الديمقراطية والدفاع عن السلم العالمي. واشترك بنشاط في جميع النضالات والمعارك الوطنية التي خاضها الحزب الشيوعي الأردني في طليعة الشعب والحركة الوطنية، وتعرض أكثر من مرة للمطاردة والاعتقال والسجن. وتابع النضال ببسالة ونكران ذات، وتدرج في منظمات الحزب الشيوعي وهيئاته حتى أصبح عضوا بارزا في قيادة اللجنة المنطقية للحزب الشيوعي بعمان. واستمر يناضل بقوة وعناد مكرسا جهوده من اجل قضية نحرر الشعب ووحدة الحركة الوطنية إلى أن اختطفته المباحث وسيق للتعذيب وسقط شهيدا. وقد صان، بصموده واستشهاده، شرف الحزب الشيوعي ومجموع الحركة الوطنية.
لقد مات عبد الفتاح دفاعا عن قضية تحرر الشعب الأردني وتحرر الشعوب العربية، استشهد في سبيل الديمقراطية والسلم ومن اجل حقوق العمال والفلاحين وكل الجماهير الشعبية.
وسيبقى عبد الفتاح حيا في ضمير شعبنا إلى الأبد..
وسيبقى ذكراه وذكرى كل شهيد خالدة خلود الحياة...
وسلام على البطل في يوم مصرع البطل.
ونظم الشارع عبد الرحيم عمر قصيدة بعنوان إلى روح الشهيد عبد الفتاح تولستان:
خسئ الباغي وما شاء ودبر فالدم المطلول نيران تسعر
ويد البغي وان طالت فلا بد في يوم قريب تتكسر
صغر الجلاد يا "فتاح" من يتحدى الموت لا يعنو لأصغر
أنت رغم الموت حي لم تزل تلهب الثورة والحقد المظفر
خالد رغم الأعادي والردى بطل ما ذكر الأبطال تذكر
والدم الغالي على درب الفدى شعله تومئ للفجر المنور
إنا لا ابكي لأني جزع أو لأني قد أرى في القتل منكر
أو لأني ليس من يثأر لي فأنا أبصر يوم الثأر احمر
ويقيني يا رفيقي دربنا بضحايا الخلد والتحرر يزخر
نحن إن لم نمهر النصر ومانا ونفوسا طاهرات من سيمهر؟
إنما ابكي أيا "فتاح" أن عشت في ليل الخيانات المعثر
وحملت العبء حرا صادقا وحملت الرأي صلبا ليس يقهر
وتجرعت عذاب الصبر!ما أثقل الضيم على حر تصبر
وشهدت الأردن الغالي وقد سيطر المأجور فيه وتأمر
كم أهين النسر في أجوائه! وتعالى فيه بوم وتنسر
وادعى فيه جبان صولة فوق مهزوز من الصف مبعثر
فإذا ماغمة الليل انجلت وتبدى فجرنا أو كاد يظهر
كنت يا "فتاح" طعما للردى لم تعش حتى ترى شعبك يثأر
من اعزي فيك؟ حزبا؟وطنا؟ أم عروسا زادها دمع تحدر؟
أم رفاقا في المنافي سهروا في قيود الأسر أسدا تتضور؟
أم رفاقا في سراديب الوغى حرسوا حلما عليه عشت تسهر؟
من اعزي فيك؟قل لي يا رفيقي! ومصابي فيك يا "فتاح" اكبر!
شقشق النور وحادي الصبح كبر واتى النصر شيوعيا مؤزر
وتعالت فوق أرجاء الدنيا راية العمال بالطغيان تسخر
وإذا بالمارد الغافي على ارض أفريقيا واسيا يتحرر
وإذا في ارض كوبا علقم بعد أن كانت لهم شهدا وسكر
كل يوم ثورة ميمونة ورؤؤس الخزي والطغيان تندر
كل يوم قصة جبارة قلعة تهوى وأخرى تتقهقر
ذا عزائي يا رفيقي،ولم يزل حلمك الثوري كالطوفان يغمر
ويد البغي وان طالت فلا بد في يوم قريب تتكسر

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المجد والخلود
مصباح جميل ( 2010 / 2 / 24 - 09:54 )
شكرا لك ابا على فتوثيق نضالات الحزب الشيوعى الاردنى مهمه جدا وخصوصا بهذا الوقت فبعض الشيوعين نسوا او تناسوا هذه التضحيات المجد والخلود لك يا رفيقى وستبقى فى ذاكرتنا ابدا


2 - هذا وفاء ندر هذه الابام
جورج حزبون ( 2010 / 2 / 24 - 17:53 )
ظل الرفاق يفخرون بذكى التولستان حتى ايام سجن النقب الرهيب والقسم الاكبر لم يعيش هذا الرفيق الكبير ، ولق غنى الرفاق نشيدا يقولون فيه خليل السالم منا كان وعبد الفتاح التولستان ، وخليل مناضل مشهور ايضا بالبسالة والصمود .
والمؤسف ان الخلافات بين الشيوعيون الاردنين والفلسطينين غلب عليها الذاتي قبل الموضوع ، غيت هذا التراث العظيم والوفاء المحق لهولاء الشهداء ، فلك كل الاحترام


3 - عبد الفتاح تولستان
ابراهيم حجازين ( 2010 / 2 / 24 - 19:29 )
كنت اعلم بعضا من المعلومات عن الشهيد لكن هذه التفاصيل في الحقيقية لم تكن معروفة. ان نشر موضوعا رائعا مثل هذا عن الشهيد عبد الفتاح تولستان كان ضروريا في هذه الظروف التي تعيشها بلادنا ومنطقتنا العربية حتى يرى القريب والبعيد ان هذه الارض ليس جدياء بل تمتلئ بمحبيها والذين هم على استعداد للتضحية في سبيل الوطن ومستقبل شعبها على طريق التحرر الحقيقي والعدالة الاجتماعية .مع تقديري لما كتبت اخ عناد لكني ارى ان يجري تكريم هذا التاريخ بتعمييم التجربة وتربية الاجيال الجديدة بهذه الروح الكفاحية وارى ايضا ان يتم الاحتفال السنوي بهذا المناضل بتشكيل حركة ما باسمه حتى يعلم الجميع ان ضمير الشعب لا ينسى ابناءه المناضلين


4 - بصراحة
عمر شاهين ( 2010 / 2 / 24 - 21:14 )
تلك هي من أعمال المخابرات الأردنية - أسد علينا وفي الحروب نعامة - فمن الضروري اعتذار الدائرة للشعب، لطي صفحة الماضي.


5 - عبدالفتاح تولستان في دمة الشيوعية
عبدالله السرياني ( 2010 / 2 / 24 - 23:02 )
يا امي لا تبكي علياانا المناضل ياهنية
لاجل الشعب روحي افديها لاجل الوطن والحرية
يا امي لا تبكي عليا
لاجل الشعب شعب عيوني بالسجن انا دبوني
جزاتي عللي طلموني الاستعمار والرجعية
يا امي لا تبكي عليا



6 - كل الحب والوفاء
سالم النجار ( 2010 / 2 / 25 - 08:23 )
عمت صباحاً رفيق عناد
سلمت يا ابو وندي على ما تتحفنا من ذكريات رائعة لمناضلين ما بخلوا في ارواحهم يوماً في سبيل التحرر والعدالة , لهم منا كل محبة ووفاء والعهد ان تبقى ذكراهم خالدة منقوشة في ذاكرة طيور الحرية


7 - تحية للرفيق عبد الفتاح تولستان
نهاد زهير ( 2010 / 2 / 26 - 16:48 )
المجد والخلود للرفيق الشهيد عبد الفتاح تولستان


8 - في مثله قيل
تميم سلامة ( 2011 / 4 / 17 - 12:44 )
نحن حبّات البذار
نحن لا ننمو جميعاً عندما يأتي الربيع
بعضنا يهلك من هول الصقيع
وتدوس البعض منا الأحذية
ويموت البعض منا في ظلام الأقبية
غير أنّا كلّنا ...لسنا نموت
نحن حبات البذار
نحن يا هتلر..يا فرعون نعلم
أن أطلال القبور
ستُغطى ذات يوم بالسنابل
وسينسى الناس أحزان القرون
وسينسون لسلاسل..والمقاصل
والمنافي والسجون
وسيكسون الأرض يوماً الزهور
وستأسو الفرحة الكبرى جراحاً
في الصدور
عندما يأتي الربيع
نحن إن نحيا فمن أجل الربيع
حكمة التاريخ أن يغتال هتلر
===
---- نجيب سرور في رثاء فرج الله الحلو

اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -