الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون في قفص الإتهام في داري الإسلام والعروبة

محمود السيد الدغيم

2004 / 7 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ربما استغرب بعضُ المزاودين هذا العنوان, وادَّعوا أن ذلك غير صحيح لأن المسلمين والإسلام في أحسن حال, ويزيدون: إن الدين الإسلامي هو الأكثر انتشاراً في العالم رغم أنه الأكثر اندحاراً في عقر داره, أي في البلاد التي كانت تسمى سابقاً "دار الإسلام" والتي كانت تواجه ما كان يُسمى "دار الكفر". وقد نشأ هذا الوضع المزري بعدما تبدّلت الأحوال, وصارت الدار التي كانت تسمى "دار الكفر" أكثر إنسانية وحرية للمسلمين من غيرها.

والدليل أن الدول التي تُسمى "دول الكفر" توفر للمسلمين الفارين بدينهم ملجأ آمناً, بعدما ضاقت بهم بلدانهم التي ما زال حكامها يدعون أنها "دارُ الإسلام", رغم أن المسلم القابض على دينه فيها أصبح كالقابض على الجمر.

هذه حقيقة ساطعة يعرفها القاصي والداني. فمئات ملايين المسلمين يعيشون في ظل حكومات غير إسلامية, وملايين المسلمين المهجَّرين ينتشرون في القارات الخمس ولا يستطيعون العودة إلى أوطانهم خشية القمع وضياع الحقوق الإنسانية والدينية والثقافية والاقتصادية , وينقسمون إلى قسمين بحسب التصنيف الديني الموروث هما:

1- المسلمون غير المحظوظين: وهؤلاء ينقسمون بدورهم إلى قسمين:

آ: يعيش القسم الأول في مسقط رأسه في بلده الأصلي مجرداًّ من الحقوق الإنسانية والمدنية والعسكرية والسياسية وغيرها, وقد يكون بدون جنسية, أو بدون حق بالسفر, وعلى العموم بدون حرية.

ب: ويعيش القسم الثاني خارج دولته الأصلية, ولكن في دولة من دول "دار العروبة" أو "دار الإسلام", ولذلك فهو مقموع جراء الاتفاقيات الأمنية التي يشرف عليها وزراء الداخلية وجلاوزة الأجهزة القمعية "الأمنية" وتتخذ شرعيتها تحت مظلة جامعة الدول العربية.

وأما من ابتعد عن "دار العروبة" ووقع في "دار الإسلام" فهو مقموع جراء الاتفاقيات الأمنية المعمول بها تحت مظلة "منظمة المؤتمر الإسلامي" التي تم اختراقها, وتحويلها إلى يافطة.

وهكذا أصبح حال المسلم المهجَّر من دولة عربية أو إسلامية إلى أخرى من ذات الفصيلتين, أصبح حاله كحال المستجير من الرمضاء بالنار.

2- المسلمون المحظوظون دينياًّ وإنسانياًّ, وهم الذين يعيشون في الدول غير الإسلامية في أوروبا وغيرها من الدول التي تُصنَّف "دار كفر", وهم مسلمون محظوظون دُنيوياًّ ودينياًّ لأن هذه الدول تحترم إنسانيتهم, وتوفر لهم الأمن والأمان, وتوفر لهم العمل أو المساعدة الإنسانية دون مِنَّةٍ, وتتيح لهم فرصةَ بناء مساجدهم التي انتشرت في كل بقاع الأرض, ولم تخلُ من المساجد حتى روما معقل الكاثوليك ووريثة مراسم محاكم التفتيش التي سمحت ببناء مسجد للمسلمين. وقبل روما موسكو معقل الروم الأرثوذكس, ودلهي معقل الهندوسية, وطوكيو وبكين البوذيتان.

المسلم المحظوظ هاجر أو هُجِّر إلى إحدى "دور الكفار" لأنه يعيش في دول تمتلك قوانين تُتيح له حقوق الإقامة لأسباب سياسية أو إنسانية أو دينية, وتتيح له حمل وثيقة سفر, أو حق الجنسية وحمل جواز سفر دولة عظمى تحافظ على حقوق مواطنيها داخل البلاد وخارجها.

أما المسلم المضطهد, فهو الذي يعيش على تراب مسقط رأسه, أوهُجَّر من بلده إلى دار من "دور العروبة والإسلام" لأسباب قد تكون واهية, وربما لأسباب لم يكن له فيها ناقة ولا جمل, وإنما فرَّ بعرضه وروحه ودينه عملاً بقول القائل: أُنجُ سعد فقد هلك سعيد.

وهذا المسكين يستبدلُ أعظم الشرين بأهون الشرين, ويعيش تحت رحمة قوى الابتزاز المضيفة التي تفرض عليه التعامل مع "أجهزة التجسس الوطنية" وغير الوطنية. فتمديد إقامته لايخضع للقانون وإنما لتقارير أجهزة الأمن والمخابرات, وجواز سفره لا يجدَّد إلا بعد دفع الرشوة المعلومة للعاملين في سفارة بلده, ولو توقفت سفارة دولته عن تجديد سفره فمصيره الترحيل من مكان إقامته عند انتهاء مدة جواز السفر. وترحيله إلى غير دولته مستحيل لعدم وجود جواز سفر صالح للاستعمال, ومنحه وثيقة سفر دولية مستحيل لعدم توفر مكاتب تمنح الوثائق في "دور العروبة والإسلام".

وبعد كل هذا الواقع البائس يتبحج المتسلطون الديكتاتوريون والمزاودون المتآمرون, ويدّعون أن بلدانهم هي "دور العروبة والإسلام" والدول الأخرى "دور الكفر" والقسطاس المستقيم لمعرفة "دار العروبة". وعلى النحو هذا يُتَّهم المسلم بالإرهاب في "داري العروبة والإسلام". فأي واقع بائسٍ أسوأ من الواقع الذي يعيشه المسلمون المتّهمون بالإرهاب والجناية وهم المجني عليهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 116-Al-Baqarah


.. 112-Al-Baqarah




.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ


.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا




.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟