الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذنبكم لا يُغتفر

سعدون محسن ضمد

2010 / 2 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يثير استغرابي بشكل كبير غياب الخطاب العلماني في الدعاية الانتخابية بمقابل حضور واضح ومباشر للخطاب الديني فيها، وهذا ذنب كبير يقترفه السياسيون العلمانيون بحق العملية السياسية في العراق، والمفارقة أن العذر الذي يقدمه القادة العلمانيون لتبرير هذا الذنب أقبح من ذنبهم نفسه، فبعض من سألتهم عن سر هذا الغياب من هؤلاء السياسيين قالوا لي إن تدين الشعب العراقي هو الذي يمنعهم من إظهار خطابهم العلماني.
وهذا عذر قبيح جداً ويكشف عن عدم ثقة مركَّبة لدى هؤلاء السياسيين، فهم من جهة فاقدو الثقة بالشريحة العلمانية الواسعة من الناخبين العراقيين، وهناك بالتأكيد شريحة كبيرة من الشعب العراقي تريد الفصل بين الدين والسياسة.. وإن لم تكن هناك شريحة كبيرة بهذا الوصف فهناك في الأقل شريحة كبيرة لا تريد أن يكون الجهد السياسي الإسلامي هو الغالب على المشهد العراقي.
وهم من جهة أخرى ـ أي السياسيون العلمانيون ـ فاقدو الثقة بأنفسهم، وبقدرتهم على إحداث التغييرات وقلب موازين القوى. ولذلك تراهم يتقلبون بحسب إرادة الناس وميولهم، ولا يمتلكون الجرأة الكافية لإعلان مواقفهم الحقيقية بخصوص ما يجري في العراق.
هناك دائماً نوعان من السياسيين: سياسيو المغانم وسياسيو المشاريع، الأول منهما هو السياسي الذي يعتقد أن السياسة مهنة، بالأحرى باب يَسْتَرزق منه ويحصل من خلاله على كم هائل من الامتيازات والمكاسب، ولدينا في العراق من هذا الصنف عدد كبير جداً.
النوع الثاني هو السياسي الذي يؤمن بمشروع ويسعى لتحقيقه، هو السياسي المهموم بالتغيير الذي يسعى لإحداثه مهما كان الثمن باهظاً. والفرق بين هذين الصنفين، هو: أن الصنف الأول ليس له وجه محدد، فهو يتقلب بحسب مزاج الجمهور فإذا وجد أن هذا المزاج يميل تجاه التدين ارتمى من فوره تحت أقدام مراجع الدين طلباً للبركة، وإذا تلمس تغيراً معاكساً في هذا المزاج راح يتصرف بحسب هذا التغيير.
وشر هؤلاء أكثر من خيرهم وانتفاؤهم أكثر فائدة من بقائهم لأنهم لا يضيفون للمشهد السياسي إلا مزيداً من التعقيد.
الصنف الثاني هو الصنف الذي له وجه واحد يؤمن به ويسعى لتعميمه، ولا يهمه بعد ذلك إن كان هذا الوجه مرغوباً به من قبل الجمهور أم لا؛ لأنه لا يتبع مزاج الجمهور بل يسعى لتبديل هذا المزاج.
ومن هذا الصنف خرج القادة التاريخيون ممن استطاعوا أن يقلبوا موازين القوى ويحدثوا الانعطافات الحادة في سيرورة المجتمعات. ونحن مع الأسف الشديد نفتقر لهذا الصنف مع أننا نمر بمرحلة تاريخية نكون معها بأمس الحاجة لأمثالهم.
هناك انقلاب فكري واسع لدى شريحة كبيرة جداً من الشعب العراقي، هذا الانقلاب حدث على هامش فشل التجربة السياسية التي خاضتها الأحزاب الإسلامية العراقية. وهذا الانقلاب وتلك الشريحة بحاجة لسياسيين يمتلكون قدراً كافياً من الثقة بالنفس من أجل أن يعلنوا خطاباً علمانياً واضحاً ومباشراً يستطيع أن يكسب ثقة تلك الشريحة وينظم صفوفها لتكون قوة قادرة على إحداث فرق في صناديق الاقتراع. لكن انعدام الثقة لدى أغلب السياسيين غير الإسلاميين ضيع مثل هذه الفرصة المهمة، وأثر بالتالي بشكل سلبي على فرص استثمار إرادة التغيير لدى العراقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألمحرج في ألأمر !
ماجد جمال الدين ( 2010 / 2 / 25 - 06:12 )
ألمحرج في ألأمر أن شخصا معمما مثل أياد جمال الدين يتحدث عن هذه ألأمور بشكل أكثر صراحة وفصاحة من ألشيوعيين !!
تحياتي لك


2 - ماجد جمال الدين
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 2 / 25 - 08:14 )
هذا هو مربط الفرس، أن الشيوعيين ذهبو بعيدا وهم يجاملون الشريحة المتدينة من الناخبين العراقيين، بل تحس بأنهم غير معنيين بتحريك الشريحة العلمانية من الشعب العراقي، هم إما لا يصدقون بوجود هذه الشريحة ما يعني انهم يشككون بوجود الحزب الشيوعي نفسه. أو أنهم يعتقدون بان هذه الشريحة لا تستحق ان يوجه خطاب الدعاية الانتخابية لها.
نعم اتفق معك يا صديقي فمحرج جدا ان ينبري رجل معمم لوجه خطابا علمانيا شجاعا بينما يخاف معنيون بهذا الخطاب من توجيهه..

شكرا لمرورك الكريم


3 - أين التدين
أبو الوفا ( 2010 / 2 / 25 - 09:57 )
يا أخي من قال لك هناك تدين بل قل هناك نفاق وخوف ومتاجرة بأسم الدين ..كان هناك في حقبة الخمسينات والستينات والسبعينات السافرات أكثر من المحجبات وكذلك كانت هناك البارات والملاهي والسينمات والدين كان مصانا وكان هناك حرمة للاماكن المقدسة سواءا للسنة او للشيعة او للمسيحيين ولم نكن نسأل الصديق ان كان مسلما او مسيحيا اوكرديا أوعربياأتدري لماذا...؟ أقول لك كان هناك الاخلاق واحترام لمبادىء الغير....لا أكثر........


4 - نوبه مبوُشه...ونوبه محنايه
شمران الحيران ( 2010 / 2 / 25 - 10:43 )
الاخ الفاضل سعدون محسن....لااخفيك امرا ولا ابوح لك سرا حول قدرة الاحزاب الاسلاميه الفاعله على صدأ واكسدة اقطاب الحركات والاحزاب العلمانيه وجعلها تقبع بوشاحها الاسلاموي وخطابها الماكر بغية كسب الغنيمه السياسيه عبر وسائل النفاق السياسي......ولاتعجب حين ترى او تسمع يوما بان برامج الاخوه العلمانيين تضمنت وصايا تخص سير الطقوس والشعائر الدينيه وان كبارمسؤولي هذه الاحزاب اصبح ريزخونا او رادودا حسينيا بسبب ماتقتضيه المرحله...تحتاتي مع الودوالاحترام لك اخ سعدون ولكادر الاسره الملائكيه لقناة الحره عراق الموقره


5 - ابو الوفا
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 2 / 25 - 16:16 )
عزيزي ابو الوفا أتمنى أن تتوجه بهذا الكلام للعلمانيين، قل لهم بأن ليس هناك تدين، لعلهم يتشجعوا قليلا ويعلنوا علمانيتهم ويعلنوا إرادة التغيير بشجاعة.. وبالمناسبة أنا لا أقول ذلك رغبة في انخفاض أسهم الإسلاميين بل رغبة في ارتفاع اسهم العلمانيين من أجل أن تتعادل العملية السياسية أو من أجل أن تأخذ الشريحة العلمانية نصيبها من التمثيل..
شكرا على مرورك الكريم


6 - شمران الحيران
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 2 / 25 - 16:22 )
الاخ الفاضل شمران تحية لك من القلب
اخي العزيز الموضوع لا يتعلق بقوة الإسلاميين وقدرتهم على التأثير بالغير أو تخويفه، بل يتعلق بالعلمانيين، فهم ضعفاء ولا أحد يعرف السبب، ليس لدينا صوت علماني قادر على النهوض بالموضوع العلماني ورفع لواء الدعوة إليه، أشعر بأنهم خائفون أو مترددون، لا أعرف لماذا لا يثقون بوجود جيش جرار من الناخبين الذين ينتظرون بفارغ الصبر من يمثلهم.
شكرا على روحك الجميلة وتقبل اجمل امنياتي


7 - مساء الخير والعافية
اشراق محسن الجعفري ( 2010 / 2 / 26 - 08:07 )
الى اخي واستاذي العزيز سعدون محسن لاني عندي ثقة كبيرة بفكرك وعقلك لان تعطي الامور حقها بدون زيادة او نقصان فاني متابعة لك كثيرا لانك اخي العراقي الاصيل هذا حقيقة ماذكرته هناك نوعان من السياسين الذي ياخذ من المسرح السياسي مكان يسترزق منه وخاصة انه رزق كبير جدا وهناك السياسي صاحب القضية الذي يهم بامور اهله واخوانه واصحابة العراقيين حتى على حساب حياته ولايهم لنفسه شي ولكن كم هو عددهم نسبة الى النوع الاول وهم موجودين وانا اعرف البعض من السياسي الحقيقة صاحب القضية هل ترك النوع الاول مكان الى السياسي الصحيح لا لم يتركوا المجال لانه ليس بصاحهم يعني يضر الامر بمصالحهم عند دخول الشرفاء في الحلقة السياسية هناك الكثير من السياسين الذين قرئنا عنهم في السابق كتب عنهم التاريخ لانهم كانوا ساسين حقيقين واصحاب قضية وان كان المقابل حياتهم ويعرفون ماذ يريدون لكن الان مجرد مجموعة من الهلوانيين يطلقون على انفسهم مصطلح السياسين اسفة اخي على الاطالة لكن مواضيعك دائما تاتي بصلب الموضوع ادعو من الله ان يحيمك ويحفظك لنا اختك اشراق


8 - اشراق الجعفري
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 2 / 26 - 15:46 )
الأخت العزيزة إشراق
تحية أخوية وشكرا لأمنياتك الجميلة وكلماتك الدافئة
ما تقولينه صحيح ويبقى السؤال: لماذا؟ لماذا يكاد ينعدم عندنا نمط السياسي صاحب المشروع؟
أنا خائف من هاجس يقول لي أن العراق أصيب بالعقم. انا خائف ايضاً من يأس بدأ يتسلل إلى قلبي.
اتمنى أن تكون مخاوفي مبالغ بها.

شكرا لك أختي العزيزة

اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran