الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الجديد

مبارك بدري

2010 / 2 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بينما كنت جالسا في أحد المقاهي التي أعتبرها من بين المقاهي الهادئة في مدينة سلا و خصوصا ليلا، مع بعض الاصدقاء نناقش بعض الامور المتعلقة بالمدينة و بأحوالها و خصوصا مع ما يروج من أخبار في أوساط الساكنة عن الفوضى التي أصبحت تعيشها المدينة في ظل ولاية العمدة الجديد نور الدين الازرق، فجاة أفزعني شاب كان يجلس بالقرب منا وهو يسرخ بطريقة هستيرية يقول "وييييييييي" حينما حاولت معرفة ما السبب وجدت انه كان يتابع مقابلة لفريقه المحب برشلون الاسباني.
تحول حديثنا من الحديث عن المدينة و همومها الى الحديث عن الشباب و انشغالاته و خصوصا اذا كان الانشغال تافها ولا علاقة له بالواقع و الوجود و كينونة الانسان و خصوصا اذا كان هذا الانشغال يستنفذ من وقت الانسان تسعون دقيقة و بالتالي من عمره الاجمالي وكم من تسعون دقيقة ذهبت سدا في غير صلاح و في غير منفعة لا عامة ولا خاصة بل ذهبت في مشاهدت مقابلات كرة القدم أو الساحرة المستديرة كما ينعتونها أو بالأحرى أفيون الشعوب وهو ألنعت الصحيح لهذه الطامة التي حطت على رؤوس و عقول البشرية و التي لم تسلم منها حتى الأوطان العربية بل أصبحت سبب صراعات و أزمات سياسية بين الدول لا المختلفة بل الشقيقة لغويا و عقلئديا... و خير دليل على هذا ،الصراع المصري/الجزائري صراع كان له أوجه مختلفة صراع بين اللاعبين و صراع بين الجمهور و صراع بين الحكومات...
ان ما يجعلني أدقق و أمعن النظر في هذا المشكل أو بالأحرى هذا المخدر الذي أصبح يحثل مكانة متقدمة بين أنواع المخدرات الاخرى هو سبب تعاطي الشباب له و بطريقة أدت بالكثيرين الى الادمان بحيث تجد الشباب يناقشون مشاكل اللاعبين في فرقهم ومع مدربيهم أو يناقشون المباريات وهم ينسبون تلك الفرق و اولائك اللاعبين اليهم، كقولهم مثلا " فريقنا هو الذي سيفوز" أو " لاعبوا فريقنا أحسن من أي لاعبون" أو " لقد اشترينا اللاعب الفلاني"...وفي بعض الأحيان تنشب بينهم مشادات كلامية قد تصل في أحيان كثيرة الى عراك.
انني هنا لا أرغب في التذخل في حريات الأخرين بل أحاول اقتحام بعض من عالمهم الرديء الذي لن يوصل الشباب المتعاطي لهذا النوع من المخدرات الى بر الامان، في الوقت الذي يضيع الشاب المغربي عفوا الشاب العربي لأنه أصبح لذينا هم مشترك أو يمكن القول أننا حققنا بهذا المخدر " الوحدة العربية" تسعون دقيقة في العبث هناك شاب في الدول المتقدمة منغمس في الاختراعات و فك رموز اختراعات دول أخرى من أجل فهم و تطوير ما يمكن تطويره.
ان الأفيون الجديد و الذي أصبح الدين الجديد ( كرة القدم ) أصبح طاغيا عن الاديان الأخرى بحيث أصبح الدين رقم واحد في هذا الزمن العجيب و الغريب و في هذا العالم و بلا منازع من حيث عدد الاتباع و المعتنقين و المجاهدين و المدافعين ، و انبياء هذا الدين الذي سكنت تعاليمهم قلوب المؤمنين كثيرا بحيث أصبحت له اركان و ايمان و خشوع و خضوع و تضحية...شعائر و ترانيم كما أصبح معتنقوه يقومون بفريضت الحج الى المونديال و بالعمرة في المقابلات الرسمية و الغير الرسمية، و المشكل يتفاقم يوما بعد يوم ويمكن ان نتنبأ لمشاكل نفسية و اجتماعية خطيرة قد تعصف بكثير ممن اختاروا محبة كرة القدم على محبة العلم و المعرفة و تحقيق الاهذاف السامية الى حد الوصول الى الأنتحار كما حدث مع محبي " عبد الحليم حافظ " و " الشاب حسني "...
لهذا على جميع قوى الاقلام المأثرة و الساخنة في العالم العربي ان تبدل ما في وسعها لتنوير الشباب بمشكل كرة القدم ولن أطلب ذلك من الحكومات لأنها السبب في شيوع هذا المخدر/الدين الجديد في أوساط مجتمعاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مخدرة الشعوب
morad laaraj ( 2010 / 3 / 1 - 16:43 )
السلام عليكم و رحمة الله
أخي الفاضل كل ما قلته صحيح و يصب في صميم كل ناضر بعين ناقد
ودمت في خدمت القلم

اخر الافلام

.. امتحان عسير ينتظر إيران بعد وفاة رئيسي.. إلى أين ستمضي طهران


.. إجماع إسرائيلي على رفض قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو بصفت




.. مشاهير يوجهون رسالة إلى زوجة بايدن لحثها على اتخاذ موقف تجاه


.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استهداف الاحتلال منزلا لعائلة الكح




.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، ماهي التبعات السياسية في