الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر التزمت الديني على أطفالنا

زينب رشيد

2010 / 3 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عادت ابنة أختي من مدرستها لتقول لأمها لقد قالت لنا المعلمة اليوم انه حرام علينا أن نرفع علم فلسطين او نقدم التحية له لأننا مسلمون، وأن الراية التي يجب أن نرفعها فقط هي راية الله أكبر ولا اله إلا الله وان محمدا رسول الله.

مع احترامي الكامل لتدين المعلمة، إلا انه ليس من حقها أولا أن تفرض تدينها في مدرسة حكومية وطنية فيها مزيج من الطلاب المسلمين والمسيحيين، فاذا استجابت ابنة اختي كونها مسلمة ولم ترفع علما فلسطينيا ولم تؤدي التحية له، واستبدلته بالراية الاسلامية، فما عسى الطلاب والطالبات غير المسلمين أن يفعلوا، وثانيا فان توجيه الطلاب والطالبات بهذه الطريقة سيؤسس لسلبيات لا حصر لها تزرع في عقول الطلاب ويصبح من المستحيل لاحقا اقناعهم بغيرها، ذلك ان الدين أي دين يفترض انه هو فقط دين الحق وما عداه باطل.

المعلمة تعي تماما ماذا تقول والى اين ترمي، ولكن طلابنا وخصوصا في مرحلتهم الابتدائية والاعدادية لا حول لهم ولا معرفة تمكنهم من التعامل مع توجيهات المعلمة تلك او تلافي الآثار المدمرة لهكذا توجيهات.

قد تكون نية المعلمة طيبة جدا وصافية جدا، ولكن الطريق الى الهاوية وجهنم كان دائما وابدا مفروش بالنوايا الطيبة على افتراض انها موجودة. ربما تريد المعلمة من ذلك أن تدخل الجنة او ربما هكذا فهمت من خلال تربيتها الدينية في منزلها او محيطها الصديق ان توجيه الطلاب والاخرين عموما بهذا التوجيه يمنح صاحبه عددا من الحسنات لا يحصى وبالتالي يصبح طريقه الى الجنة سالكا وبسهولة، ولكن هذا النوع من التوجيه وكما قلنا يفترض مسبقا بان المعلمة ودينها هي الحق المطلق وغيرها ودينهم هو الشر المطلق وان الجنة فقط لها ولمن يسمع توجيهاتها...ان هذا يعني ان الطلاب الغير مسلمين سيكونون في دائرة الباطل والشر وفي أحسن الأحوال فهم "أهل ذمة" ان كانوا من الكتابيين ينبغي معاملتهم بطريقة خاصة مما يخلق نوعا من التمييز السلبي لن يتأخر طويلا حتى يتحول الى حقد وكره، وهذه التوجيهات من المؤكد انها سببا رئيسيا في تناقص تعداد المسيحيين الفلسطينيين ومسيحي الشرق عموما بشكل خطير، ولا أريد أن اتحدث هنا عن غير الكتابيين..

وربما كانت المعلمة تتبع تنظيما اسلاميا كحركة "حماس" او حركة الجهاد الاسلامي أو حزب التحرير، وفي هذه الحالة فان هدف المعلمة تجهيز الطلاب وتهيئتهم ليكونوا اعضاءا مستقبليين في تنظيمها، وفي هذا تجاوز وخروج على التعاليم التي من المفترض ان تقدمها المدرسة لطلابها والتي تُعلي قيمة الوطن ككل على قيمة اي حزب او فصيل او حركة، واذا ما كان هذا ما ترمي اليه المعلمة فانها ايضا تقدم الحقيقة للطلاب ولكن من جانبها وجانب الحزب او الحركة التي تمثله، وهو مما يوقع طلابنا في حال من البلبلة وعدم التوازن تجاه مايجري، الى جانب اجبار الطلاب على التموضع والتخندق الحزبي في ظل الانقسام التي تعاني منه ساحة العمل السياسي الفلسطيني.

كان ومازال رأيي يتلخص بالغاء دروس التربية الدينية نهائيا من مناهجنا التعليمية، فالمدرسة هي لتعليم العلم وليس لتعليم الدين وشتان بين العلم والدين، كما وان كل مناهجنا الاخرى تحتاج الى عملية تحديثية كاملة حتى تتواكب مع نظم ومناهج التعليم الحديثة، اضافة الى اني مع فصل الدين عن الدولة تماما، بحيث لايتدخل رجل دين كل رصيده المعرفي مجموعة من الكتب ذات اللون الواحد في قرار حكومة او في حالة مجتمعية او ان يحرم ويحلل على مزاجه ووفق اهواءه ومصالحه.

ان وقوع اطفالنا بين يدي هكذا معلمة ومن على شاكلتها يؤدي باطفالنا واجيالنا المستقبلية الى هاوية التزمت الديني التي جُربت في غير مكان في العالم الاسلامي وتم اختبارها من دماء الابرياء من المغرب الى اندونيسيا وعبر البحار والمحيطات من استراليا الى نيويورك، واذا استبعدنا كل تلك التجارب فان لنا نحن الفلسطينيون في تجربة الامارة الحمساوية في قطاع غزة وقوانينها البدائية الجائرة وانقلابها الدموي على السلطة التي هي جزءا منها خير دليل يفرض علينا ان نُبعد هكذا معلمين وتعليمات عن طلابنا، لكي نتمكن من بناء جيل منفتح للاخر شركائه في الوطن من المسيحيين والبهائيين واللادينيين وغيرهم...جيل قادر على بناء ما يفيد وليس العودة الى تشييد قصور الوهم المرتبطة دائما بماض ضبابي غير واضح المعالم..جيل يُقدم العلم والعقل على الخرافة والنقل ليستطيع ان يواجه تحديات القرن الواحد والعشرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برجاء البحث
سليمان ( 2010 / 3 / 5 - 08:02 )
المدرسه تطبق نصوص حمساويه حاليا ولكنها فرائنيه من 1400 عام وهذه المعلمه اكيد وراها ارهابى زوجها او اخيها او ابيها وما اكثرهم فى غزه .
اما عن كلمة ذمه المقصود بها الكتابيين فهى كلمه قبيحه خرجت من قبيح لان لا احد فى ذمة احد اخر الناس كلها فى ذمة العقل والمعامله الانسانيه التى لا توجد فى السلف الغير صالح منذ 1400 عام لان البشر ليسوا مقتنيات فالمسلم لم يقتنى اليهودى او المسيحى وكما ترى اختنا الكاتبه ان من السهل جدا الان ان يقتنوا احرار العالم المسلمين فان امتنا وللات والعزه الحمد خير امة اخرجت للناس بس انا مش عارف اخرجت منين اكيد من البلاعات.


2 - صرخة واعية حقيقية
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 3 / 5 - 09:21 )
لهذا السبب يا سيدتي الكريمة, منذ بداية القرن العشرين حتى اليوم, خسر العرب جميع حروبهم العسكرية والفكرية والعلمية وحتى الإنسانية, لأنهم أطلقوها ـ خــطــأ ـ باسم الدين والإسلام. وما زالوا حتى اليوم غارقين في النوم وهذا المخدر الذي لا خلاص منه, دون انتفاضة جبارة واعية حقيقية من الأنتيلجنسيا الإسـلامية من داخل الإسلام ذاته, حتى نصل فكريا ومنطقيا إلى فصل الدين نهائيا عن السياسة والتعليم والدولة.. حينها فقط تبدأ مسيرتنا نحو اليقظة. ولك مني كل احترامي وتحياتي المهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


3 - متى تفعيل شروط النشر يا حوار متمدن ؟
قاريء الحوار ( 2010 / 3 / 5 - 18:59 )
اين شروط النشر يا موقع الحوار المتمدن ومتى سيتم تفعليها مانقرأه سباب وشتائم وسقوط اخلاقي مريع
الحوار المتمدن سيحذف أي تعليق يتضمن إهانات أو تعليقات ساخرة أو بذيئة إلى اي شخص او مجموعة تمس أو تتعلق بالجنسيّة أو الأصل العرقيّ أو الدّين أو المعتقد أو الطاقات البدنية والعقلية أو التّعليم أو الجنس والحالة الاجتماعية أو التوجه أو الانتماء السياسيّ أو المعتقدات الفكرية أو الدّينيّة. او تعليقات تروج للعنصرية أو للتمييز العنصري والديني والمذهبي أو للتمييز ضد المرأة وكل أشكال التمييز الأخرى.


4 - صدقتى
مرثا ( 2010 / 3 / 5 - 19:57 )
استاذة زينب الفاضلة : صدقتى فيجب ان تكون المدارس للتعليم فقط لتحقيق المساواة ويكون الدين للبيت ودور العبادة ، حماية لأطفالنا من الارهاب الفكري وخلق روح العداوة والكراهية كل واحد للآخر
نحن نعاني فعلا من النتائج السلبية لعدم فصل الدين عن التعليم
كل تقديري


5 - ردا على قولك وشتان بين العلم والدين
عبد الرحمن ( 2010 / 3 / 7 - 19:44 )
أحيلك إلى هذه الفديوات العظيمة في يوتيوب

watch?v=QJnFIa6ejnE

watch?v=wDrObm8aotM

watch?v=HLFy16zyUbQ

watch?v=ZkP9BoiVVKA

watch?v=suseKsLEWKo

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة