الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معوقات حقوق المرأة وتحررها

بدر الدين شنن

2010 / 3 / 5
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ربما كان من الأفضل عدم تسمية يوم 8 آذار " عيداً " عالمياً للمرأة ، لأنه لاتنطبق عليه معاني العيد . فالعيد هو يوم للتلاقي بين الأهل والأصدقاء ، للتهنئة ، وللتعبير عن البهجة والفرح .. أو يوم انتصار تحققت فيه مكاسب وطنية أو اجتماعية أو سياسية كبرى .. خاصة وأننا في هذا اليوم مطلوب منا أن نستعرض الصعوبات الكبيرة المخجلة للمجتمع البشري ، التي تكابدها المرأة إن في البلدان الأكثر تطوراً ، حيث مايزال جسد المرأة سلعة للتداول التجاري المشين وما تزال المرأة في هذه البلدان أكثر تعرضاً للاستغلال من الرجل ، أو المآسي والآلام اللا محدودة التي تئن وتموت المرأة تحت ظلها الأسود في البلدان المنكوبة بالعدوان والاحتلال والاستبداد والتخلف الظلامي ..

إن يوم 8 آذار هو موعد .. للتلاقي الإنساني .. لتجديد النضال التقدمي عامة .. لإنهاء كل اشكال الميز المتوحش الموروث الواقع على الكائن الجميل .. المعطاء .. الذي هو المرأة ..

من هنا فإن يوم 8 آذار يستلزم أن يكرس لاستعراض المظالم الاجتماعية السياسية الاقتصادية الواقعة على المرأة . وأن يكرس لفضح وتعرية وإدانة الظلمة ، الذين يمارسون هذا الميز ، لإرواء غرائز السيطرة البدائية المتوحشة لديهم ، ولحماية بنى المجتمعات الاستغلالية التي يسيطرون عليها ، للتمتع بمزايا السيطرة على جسد المرأة وعطاء المرأة ، ولجني المزيد من الأرباح والثروات . وأن يكرس هذا اليوم للنقاش حول سبل مقاومة هذه المظالم وهؤلاء الظلمة ، من أجل انتزاع حقوق الإنسان .. المرأة ..

وحينما تسلط الأضواء على المواضع الأكثر ظلماً للمرأة في العالم ، فإننا نجدها دون عناء في القارات الثلاث المهمشة آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، حيث تعاني أربعة أخماس نساء العالم قلة المياه الصالحة للشرب ، وقلة الغذاء ، ومحدودية الرعاية الصحية ، كما تعاني من الأوبئة ، ومن الحروب التي تدور رحاها لحساب الاحتكارات الدولية ومخططات السيطرة على مصير الشعوب ومقدراتها با سم التمدن قديماً .. وبا سم العولمة حديثاً . فالمليون جائع في العالم وفق إحصائيات المنظمات الدولية هم في آسيا وأفريقيا ، وعشرات بل مئات الملايين المصابون بالأوبئة ، لاسيما الأيدز والسل والملاريا هم في أفريقيا وآسيا أيضاً . وفي أكثر بلدان هذه القارات لاتعرف المرأة بعد ما يسمى بالحقوق والمساواة مع الرجل .. مايستهلك كل اهتمامها هو الحومان حول سبل البقاء البائسة .. هو أن تكون قادرة على إطعام صغارها من كفاف التبرعات الدولية الشحيحية ، ومما تجده حولها من جذور نباتات وأعشاب وفي جوف الأتربة . ونادراً ما تلد المرأة هناك في مشفى ، وأطفالها معرضون للموت وهم براعم صغيرة لم تحبو بعد على الأرض . أما الكساء فهو لايغطي بكرامة جسدها المجهد الضامر ..

وليست بلداننا العربية ، رغم ثراء بعضها الفاحش ، وسير بعضها خطوات في مجالات عدة من التطور ، هي ليست أقل ميزاً وتعسفاً تجاه المرأة ، فهي تحتوي على كل أشكال الميز والمظالم البشعة الواقعة على المرأة .. أماً .. وابنة .. وزوجة .. وأختاً .. إن المرأة في المحيط العربي هي إما خاضعة لأنظمة رجعية قبلية مفوتة ، وإما خاضعة لأنظمة ديكتاتورية مستبدة ..

ففي العراق ، كابدت المرأة من الاستبداد ومن جرائمه السياسية والإنسانية سابقاً ، التي أدت إلى إحباطها ، وسيطرة مشاعر القلق والفقد عليها ، خوفاً على أحبتها في السجون السياسية المرعبة أو في المنافي والغربة .. سابقاً ، ومن ثم كابدت ولاتزال من ويلات الغزو الأميركي لوطنها ومن تداعياته الدموية والطائفية ، التي أدت إلى ترمل مليون امرأة ، وتيتم أربعة ملايين من أطفالها ، وإلى دمار هائل فرض عليها عبئاً معيشياً مذلاً مرهقاً ، كما أدت هذه الويلات إلى تشريد وهجرة ملايين العراقيات في الداخل والخارج ..

وفي الصومال ماتزال الحرب الأهلية والتدخلات الخارجية العدوانية مستمرة منذ ثلاثين عاماً، التي أفضت إلى تحويل معظم الصوماليات إلى لاجئات يهربن من مكان إلى آخر في الداخل والخارج . وهن طوال هذه المدة يعشن مع أطفالهن تحت سقف الحرب والموت ، يعشن على الكفاف المتوفر بصعوبة .. بل وأحياناً يهمن مع أطفالهن كالإنسان البدائي فوق الأرض بحثاً عن لقمة ما لمقاومة الجوع ..

وفي دار فور في السودان ، هاجرت ملايين النساء وأطفالهن هرباً من الرعب والقتل والاغتصاب ، ومازلن في منتهى المعاناة في المخيمات ، التي لاتدرأ عنهن جوعاً أو خوفاً أو اغتصاباً ، ينتظرن فرص السلام والعودة إلى بيوتهن .. إن كان بقي لهن بيوت ..

وفي جنوب لبنان مازالت المرأة اللبنانية مهددة بنيران العدوان الإسرائيلي وبالدمار المفاجيء المريع لما تبقى لديها من دار وملجأ ومدرسة . ومعظم نساء الجنوب يسكن بين الأطلال لبيوت دمرها العدوان الإسرائيلي عام 2006 ، حيث نجد المرأة هناك تجلس على حجر وتطبخ على ثلاثة أحجار ، وتتدثر في خيمة في عز البرد بأسمال من بقايا دثار ..

وفي غزة ، تعاني المرأة الفلسطينية الحصار الإسرائيلي- الدولي - العربي الإجرامي ، ويعيش معظمهن بين الأنقاض في خيام لاترد برداً قارصاً ولاتكف مطراً سخياً ، وهن محرومات من العلاج الطبي والدواء والغذاء الكافي . وتكاد كل ليلة لاتخلو من قصف مدفعي أو جوي إ سرائيلي هنا أو هناك فوق رؤوسهن ورؤوس أسرهن . وأطفالهن يسكنون الخيام .. ويدرسون في الخيام .. ولا وقت محدد لانتهاء الآلام والحصار ..

ويمكن بل يجب أن يضاف إلى هذه اللائحة وضع المرأة الأسوأ في العالم في أفغانستان ، حيث تعيش المرأة هناك تحت مطارق الحرب والفقر والفرائض " الشرعية " الظلامية منذ أكثر من ربع قرن . فالدمار الذي يمارسه حلف الناتو بقيادة أميركا على مدار الأيام والساعات يتساقط على أ سرتها وأطفالها وفوق رأ سها ، والحرمانات الغذائية والدوائية أكثر من أن تحصى ، وتغطى بكاملها بحجاب عبودية ، الذي حولها إلى شبح بلا ملامح ، وحجم انفتاح مداركها ومشاعرها الأنثوية الإنسانية ..

أما في البلدان العربية الأخرى ، التي تهيمن عليها الأسر المالكة ، أو تستحوذ على الدولة فيها الديكتاتوريات الاستبدادية ، وجميعها ما تزال تراوح بنسب مختلفة في مستويات الفوات والتخلف ، فإن المرأة محاصرة بالتقاليد الرجعية الموروثة المتعلقة بالحجاب وبمذلة تعدد الزوجات وعدد من درجات الوظائف . وإذا ماتم حصر المعوقات التي تحول دون حصول المرأة على حقوقها كاملة ، فإننا نجد بمنتهى البساطة ، أن النظام الرأسمالي القائم على ا ستغلال مجتمعاته والمجتمعات الأخرى بالمخادعة والمؤامرة أو بالقوة والحرب ، هو المسؤول المعوق الأول الأساس لهذه الحقوق ، وهو المسؤول عن المظالم والمجاعات والبؤس في العالم ، ثم تأتي الأنظمة الاستبدادية والمفوتة والمتخلفة ، التي تفرض أشكالاً إضافية من المعاناة على مجتمعاتها وعلى المرأة فيها خاصة . وأبرزها اضطهاد الآخر المعارض وممارسة الاعتقالات والمحاكمات السياسية التعسفية ، التي لاتوفر في عسفها المرأة النا شطة من أجل حقوقها وحقوق الإنسان عامة .. من أجل الحرية والديمقراطية .. والعدالة الاجتماعية ..
وإلى هذه المعوقات ينبغي أن توجه النضالات لإسقاطها وبناء عالم المساواة في الحقوق .. المساواة في كل شيء يعزز ويغني إنسانية المرأة والإنسانية عامة ..

ووسط الظروف التي نعيشها .. التي يسود فيها الاستغلال الجشع والحرب والعدوان والحصار ، والتي ينتهك فيها حق الإنسان بالكرامة وبالحياة والأمان وبالرغيف .. تصبح معاناة المرأة نواة الآلام جميعاً ونواة الحقوق المجتمعية جميعاً .. ويصبح معيار ارتقاء الرجل إلى مستوى الإنسان ، هو أن يعمل على إلغاء كل معوقات تحرر المرأة .. معوقات المساواة بين الرجل والمرأة .. وأن يعمل من أجل بناء مجتمعات تسمو فيها قيم الإنسانية .. والديمقراطية .. والحرية .. والعدالة الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام تقليدي جميل لكنه ناقص ..؟
الحارث السوري ( 2010 / 3 / 5 - 15:13 )
1- يتجنب الكاتب المساس بالموروث الديني العامل الأساسي في عبودية المرأة وتستند أنظمة القمع والتمييز العنصري في استعباد المرأة إليه ..
2- إلقاء تبعية استعباد المرأة على الإحتلال الأجنبي وحده كما في غزة وأفغانستان ودارفور وغيرها وتناسي النظام الطبقيالعشائري الإستغلالي الرجعي السائد في هذه البلدان ...؟
3 - لماذا يتجنب الكاتب المحترم الكلام عن عبودية المرأة في نظام بلاده الديكتاتوري الطائفي الهمجي المعادي للإنسان وأبسط حقوقه ويحدثنا عن نسبة المدمنين على المخدرات والذين يتعاطوا بيع الجسد في سورية بفضل هذا النظام الأسدي .. فبل الكلام عن دارفور وغزة وأفغانستان وغيرها ... سلام

اخر الافلام

.. أريزونا تصوت على تعديل في دستور الولاية بشأن الإجهاض


.. -سنقاوم مهما كان الثمن-




.. الرجال أم النساء، من سيلعب الدور الأكبر في تحديد نتائج الانت


.. إعادة هيكلة العصرانية الديمقراطية... محور ندوة حوارية في الر




.. الناشطة ومنسقة المشروع جميلة حسون