الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية التركية في مأزق

دانيال بايبس

2010 / 3 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان اعتقال وتوجيه التهم لبعض كبار قادة الجيش التركي الأسبوع الماضي أشد أزمة واجهتها تركيا منذ أن أسس أتاتورك الجمهورية التركية في عام 1923. إن الأسابيع القادمة ربما تكشف إن كانت ألجمهورية تنزلق نحو ألإسلامية السياسية أم ستعكس تحركها نحو العلمانية، وهذا الأمر يمس العالم الإسلامي عامة.

لا شك إن الجيش التركي أكثر المؤسسات التركية الضامنة لخط أتاتورك ومحافظاً للعلمانية. إن هذا الإخلاص لمؤسس الدولة قد يبدوا للبعض مجرد شعار فارغ، ولكن الحقيقة غير ذلك كما أشار إليها الصحفي التركي محمد علي بيراند مبيناً : ليست هناك ساعة تمضي دون أن يسمع طالب الحربية التركي باسم أتاتورك خلال دراسته.

تدخل الجيش التركي أربعة مرات ما بين 1960 و1997 لتصحيح ألعملية ألسياسية، وفي أخرها أسقط حكومة نيسمتن أربكان الإسلامية. أعقب ذلك أن شكل مناصرو أربكان حزباً أكثر حذراً وهو حزب العدالة والتنمية ، والذي نجح في انتخابات 2002 بنسبة 34 بالمائة قبال أحزاب وسط متفككة و مشبوهة جماهيرياً. القواعد البرلمانية التركية أنتجت أغلبية ساحقة في البرلمان بنسبة 66 بالمائة، أو بعبارة أخرى نظام حزب واحد. لا ينكر أحد مهارة حزب العدالة والتنمية في وضع أسس اسلامية في هذه المرحلة بغياب معارضة حزب أو قائد يذكر. ونتيجة ذلك نجح الحزب في زيادة نسبة التصويت الجماهيري في 2007 إلى 47 المائة والسيطرة على 62 بالمائة من مقاعد ألمجلس.

أن هذه النجاحات المتكررة للحزب شجعت على التخلي عن الحذر لأولي والمضي قدماً نحو حلم (( الجمهورية الإسلامية التركية )). قام الحزب بتعيين أنصاره في مواقع الرئاسة والقضاء وسرعان ما بدأ بالسيطرة على مؤسسات التعليم، الأعمال، والإعلام وغيرها. أتبع ذلك بالسيطرة على ما يسميه الأتراك ألدولة ألعميقة ألعلمانية: الأمن والقضاء، إلا الجيش ألتركي الذي بقى خارج تلك الدائرة.

هنالك عدة عوامل حرضت الحزب الحاكم على مواجهة العسكر التركي، منها إصرار الاتحاد لأوربي على السيطرة المدنية على الجيش، موجهة قضائية في 2008 أوشكت على إغلاق الحزب، وصعود نجم وضغط الحزب الإسلامي الحليف والذي يعرف بحركة حركة فتح ألله كولن. كان لهبوط شعبية الحزب من 47 إلى 29 حالياً أثر بالتعجيل في مواجهة العسكر حيث أن الأغلبية المطلقة البرلمانية قد تكون صعبة المنال في الانتخابات القادمة.

قام حزب ألعدالة والتنمية بعدها بوضع نظرية المؤامرة على حيز التطبيق في 2007 باسم اريكنون، واعتقل مائتين من المناهضين للحزب منهم ضباط في الجيش بتهمة التآمر لإسقاط حكومة منتخبة. كان رد فعل العسكر سلبيا مما شجع الحزب على رفع رهان المواجهة، في الثاني والعشرين من كانون الثاني، بوضع نظرية تأمر أخرى باسم بيلوز أو المطرقة ضد العسكر برمتها.

سارع العسكر بإنكار أي عمل غير شرعي و حذر رئيس الأركان، العميد ألكر بازباك، بأن للصبر حدود. و رغم ذلك مضت الحكومة قدماً، في الثاني عشر من شباط، باعتقال 67 ضابطا متقاعد أو في الخدمة منهم زعيم الجو والبحرية، والى الآن وجهت التهم قانونياً إلى 35 منهم. وعلى ضوء ذلك لم يبقى للعسكر التركي سوى خيارين أحلاهما مر: أولهما الإذعان للحزب الحاكم بأمل فشله في إنتخابات 2011 ، والآخر القيام بانقلاب عسكري لا يجلب معه سوى غضب الشعب وزيادة شعبية الإسلاميين.

هل ستكون الشريعة الإسلامية هي القوة المحركة للدولة مستقبلاً أم العلمانية هي خط الرجعة؟ بالطبع إن تركيا ذات أهمية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي، وسيطرة الحزب على الجيش سيعني إحتواء العلمانية من قبل الإسلاميين الأتراك، والى الآن لا أحد معترض طريق الإسلاميين. ولكن إن نجح العسكر في التحرر من هيمنة حزب العدالة والتنمية، فلا شك إن نظرة أتاتورك ستبقى على قيد الحياة مضيئة الطريق للمسلمين لنظام أفضل بعيداً عن القوقعة والإنغلاق الإسلاميين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا عزيزى
يزن احمد ( 2010 / 3 / 5 - 22:57 )
الرفيق العزيز
لا اعتقد ان الجيش التركى لقمه سائغه لحزب التنمية والعدالة فا الجيش الأن ينتظر ويراقب بحذر
..
الجيش التركى لا يستطيع احد اسلمتة
عموما اتمنى الأطلاع على موضوع قد كنت كتبتة هنا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=205468

اخر الافلام

.. استمرار اعتداءات المستوطنين اليهود على الحافلات المحملة بالم


.. كل يوم - اليهود قبل 48.. شتات بلا وطن واستيطان بلا حق




.. الأردن في مرمى تهديدات إيران وحماس والإخوان | #التاسعة


.. د. جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر والحديث:كانت هناك مقترحات




.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان