الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة ليست ترفاً فالكتابة كلمة والكلمة بداية

عهد صوفان

2010 / 3 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الكتابة ليست ترفاً فالكتابة كلمة والكلمة بداية

لقد كشف لي موقع الحوار المتمدن وجود خلل في تفكير بعضنا. وهذا الكشف يحسب ايجابيا لصالح موقع الحوار المتمدن. لأن كشف أي خلل هو خطوة حقيقية في طريق الألف ميل المتوجب علينا أن نسيرها في مسيرة الحياة..
والخلل بكلّ بساطةٍ هو أنّ بعضنا وحتى الآن يشارك في التعليقات والنقاش دون أن يقرأ المقالة أو على ما يبدو يقرأ العنوان فقط ويبدأ بعدها بالتعليق العام على موضوع مختلف عن موضوع المقالة. ويبدأ بالهجوم على أفكارٍ وأحداثٍ هو لا يقبلها ولكنها غير واردة إطلاقاً في المقالة المعروضة للنقاش. وهذا يفقد الحوار والنقاش فائدته وموضوعيته. وربما هذا جز من ثقافتنا التي تدّعي المعرفة والعلم بكلّ شيء، ولا تقبل رأياً آخر، وإن قبلنا أن نسمع رأياً آخر نسمعه باحتقار وازدراء وكأّننا نملك الحقيقة وحدها. وهذا خطأ كبير وفاضح..فالحياة تراكم معرفي لجميع أبناء الحياة مهما عظم شأن شخصٍ أو قلّ شأن آخر..وعلينا أن نفرح أن موقعاً كالحوار المتمدن أتاح لنا فرصة لم نكن نحلم بها من جهة الأفكار المطروحة ومهما كانت هذه الأفكار، فيحق لنا أن نطعن في كلّ شيءٍ وبشكل مؤدب وراقٍ ويحق لنا أن نناقش ونعلّق على كتّاب كبار تشهد لهم حياتهم الفكرية بسعة العلم والاطلاع. وهذه خطوة كبيرة وكبيرة جداً يقدرها من يعلم أهمية الكلمة وقوتها..فالحياة كلمة قبل أن تكون موقفاً والحياة فكرة قبل أن تكون عملاً..تبدأ الحياة بأفكار في عقولنا. فإن حولنا هذه الأفكار إلى كلام مكتوب في مقالة أو كتاب وتناقشنا فيه وحللناه بالبصيرة قبل البصر نتوصل إلى سبل التطبيق والترجمة الفعلية على أرض الواقع. وبقدر ما يكون النقاش والتعليقات مركزة على الموضوع وعلى الأفكار المطروحة بقدر ما تكون النتائج أفضل لأن كاتب المقال والمعلقون على المقال مسؤولون عن صياغة المقال النهائية وصياغة الأفكار الواردة. وأهمية التعليقات هي بنفس أهمية المقال المكتوب وجودة المقال يجب أن ترتبط بقوة التعليقات والمقال الناجح هو المقال الذي يستطيع أن يحرك الساكن ويخلق ديناميكية بين المجموعة وهذا لا يعني قطعا أن المقال غير الناجح بتأمين هذا الحراك الأدبي أنه غير قيّم..فكثير من المقالات القيّمة جداً لم ينتبه إليها البعض ربما لضخامة الموقع وكثرة المواضيع المطروحة وأحيانا قصر فترة بقاء المقال في صفحة العرض الرئيسية للموقع.
المهم هنا وهذا رأي مجرد أن يتم التركيز على جمل وكلمات وكافة مفردات المقال بالتعليق وخاصة ممن يعترضون ويكون لهم رأي آخر..وصدقوني أنا أفرح جدا عندما أجد من يعترض على الرأي المطروح وفرحتي تكون أكبر عندما أجد من يفنّد الأفكار ويقدّم الدلائل لأنه في هذه الحالة أشعر بأنني أستفيد ولا عيب في أن نتفاعل مع بعض ونغني أفكار بعضنا البعض بدلاً من التحليق في العموميات اللا محددة والغير مركزة لأنه وفي هذه الحالة الجميع لم يقنع أحداً..وهذا فشلنا. فنحن أصحاب كلمة وحوار وموقعنا هو موقع الحوار الحضاري. والحوار الحضاري له أسس وأصول حتى ينجح ويصل لمبتغاه. وهذا لا يعني التضييق على المعلقين بأن يأتوا بأمثلتهم التي يرونها تخدم فكرة رأيهم، فحق الجميع محفوظ في الحوار والتعليقات. ولكن دعونا نتحاور كإخوة حوارا إيجابيا لا سلبيا أي حوار هدفه التقدّم والتطوّر والفائدة والتعلم بعيدا عن عقد الماضي وموروثه. وهنا لابد من الإشارة إلى أنه لا يمكن للتعليقات المؤدلجة مسبقا أن تقدم الفائدة، كأن نكتب عبارات النقد الجارح التي حفظناها عن ظهر قلب وننشرها في وجه الآخرين..لنتجرد جميعا من الأدلجة ونستخدم عقولنا في الكتابة وفي التعليقات حتى نعطي الكلمة قوتها الحقيقة الإيجابية..
فالكتابة لم تكن في يوم ما ترفاً أو تسلية بل هي عطا فكرٍ وجهد وتحليل وحصيلة قراءة وسهر طويل فالكتابة كلمة والكلمة بداية. ألم يبدأ تعليمنا في مدارسنا بالكلمة التي كان يلقيها علينا أساتذتنا؟ ألم نتعلم الأخلاق بالكلمة التي ألقاها علينا أهلنا؟ فسمعنا وتعلمنا. هذه الكلمة أصبحت اليوم مكتوبة وجميعنا يقرؤها فتدخل إلى عقولنا تبرمج هذه العقول وتملأ ذاكرتنا..الكلمة تستحق منّا الاحترام والتقدير والاهتمام فلنكتب الكلمة بحب وتقدير للجميع. بعيدا عن الخوف الذي ربما يدفع البعض إلى أن يسلك الطريق الأسهل والأقل ضررا، ففي مجتمعنا يخاف البعض أن ينتقد العقيدة الدينية أو النظام السياسي أو القبلية أو العادات أو التقاليد الموروثة. لأن مؤسسات هذه المنظومة المنتشرة في بلادنا تدافع عن هذه المنظومة وأحيانا تزجّ ببعض الكتّاب والمعلقين في السجون لأن الاقتراب محرّم من هذه المنظومة الأخلاقية.ونحن المسؤولون عن إصلاح هذه المنظومة الأخلاقية بنشر ثقافة قبول الآخر والتحاور معه وقراءة التاريخ وعدم الخوف والخجل منه فهو تاريخ بشر ومن كتابة البشر وفيه من التضخيم والتهويل والكذب الكثير وعلينا أن ندخل عالم التاريخ نحلل ونبحث ونقارن ونستخدم العقل الذي اتفق الجميع عليه أنه أهم ما يميز الإنسان فالمؤمن بالله يؤمن بأن الله أعطاه العقل ليتدبر حياته وغير المؤمن بالله يؤمن أيضاً بأن العقل هو الأساس والخلاص للإنسان.وما دام الجميع يؤمن بالإنسان العاقل فلنعمل عقلنا ولنبحث عن الحقيقة الصادقة ولنرفض كل ما غير منطقي وغير علمي. وهنا علينا أن نتحلى بالشجاعة فلا نخاف سطوة المؤسسات الدينية أو الحكومية ونكتب رأينا بقوة ووضوح.
لعلّه يأتي علينا يوم جديد..
تشرق فيه شمس المعرفة بالنور.
فتبدأ أحلامنا كطفل وليد...
ويحدث لنا ميلاد جديد وفجر جديد..
ونكون بها جميعا متشاركين وفاعلين.
فالحياة حياتنا وغداً لنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 3 / 8 - 03:07 )
الأخ الكاتب المحترم تحية شكراً لك على هذه المادة المفيدة ، ونعم الكتابة ليست ترفاً بل هدفاً يتعلق بتغيير المنظومة الثقافية التي بدون هذا التغيير سيبقى كل شئ على حالة وفي مكانه. إحدى أهم مميزات الموقع هو الحوار التفاعلي بين الكاتب والقارئ . وإعتقد أنه من الضروري الإستفادة من هذه الخطوة المتقدمة في الحوار للوصول معاً الى أهداف بسيطة قابلة للتحقيق في سياق عملية تحرير البنيةالفكرية من أوجاعها التاريخية . مع الشكر لك.

اخر الافلام

.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah


.. 236-Al-Baqarah




.. 237-Al-Baqarah