الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين المادة التاسعة من القانون الأساسي في العهد الملكي و المادة الثالثة للدستور المؤقت الجمهوري

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2004 / 7 / 15
القضية الكردية


في أواخر العهد العثماني هبت رياح التغيير على منطقتنا بتأثير أفكار التنوير التي اجتاحت اوروبا منذ فترة طويلة ، و كذلك فيما بعد لنرى تأثير أفكار ثورتي المشروطة " الدستورية" في ايران ، و تركيا على السياسة في العراق. وقد ظهر حقا مفكرون وسياسيون في العراق ينادون بالتغيير ، والتحرر و مواكبة العصر الجديث. و صدر القانون الأساسي للعهد الملكي في هذه الطروف لوضع أساس لمجتمع مدني ، ودولة القانون في العراق. ذلك القانون اتسم بروح السماح و التحضر والتمدن في مجتمع متخلف يعاني تناقضات حادة عشائرية و قومية و طائفية . بالأضافة إلى تفشي أمراض الجهل و الفقر . صدر القانون و الفرد في العراق كان يشعر أن القانون يحترمه . و قد رأينا أن أشد المعادين لأسس المجتمع المدني كانوا من القوميين و اليسار الوطني و القومي " الستاليني" .
إن ما لفت أنتباهي هو مادتان في الدستورين الملكي " الرجعي العميل" و الجمهوري " التقدمي الوطني" ، جديرتان بالتأمل و الإحتكام إلى الضمير والعقل في تفقييمهما . الأولى هي المادة التاسعة في القانون الأساسي للعهد الملكي و التي نصت على أن " ... المواطنون سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة ولا يجوز التمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.." .
و قد صدر الدستور العراقي المؤقت في 27 تموز و نص في مادته الثالثة بعد أن ألغى القانون الأساسي للعراق على أن " .... و يعتبر العرب و الأكراد شركاء في الوطن و يقر الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية..." و المقصود هنا هو ما كانوا يسمونه بحقوق الأكراد. و و لا أدري إن صدر ما لهذا الدستور المؤقت نظير في بلدان أخرى ، و لا استبعد إن سورية البعث والعروبة .. و يبدو أن هذا الدستور المثير للخلافات و و المؤسس لأسس التمزق و تمجيد الدم في المجتمع العراقي قد صدر تحت تأثير الفكر الفاشي و الإرهابي العروبي المتنامي في العالم العربي مثل الناصرية و العفلقية . لا توضح هذه المادة كيفية هذه الشراكة في الوطن ، و لا تشرح مفهوم الوطن و الوطنية . و هذه المادة تبيح التمييز بين المواطنين بسبب الأصل و القومية ، مما أضفى على هذا الدستور طابعا لاإنسانيا ، و قد كانت هناك شرائح كبيرة في المجتمع العراقي لا تشعر بالانتماء لا إلى العرب و لا الكرد تشعر أنها أهملت وألغيت . و اتسمت هذه المادة " البطولية المجيدة" بالضبابية و مخادعة الكردي و العربي على حد سواء . و من الواضح أن الشراكة تكون عن طريق من يفرضون أنفسهم ممثلين للعرب والأكراد، لم تنتخبهم الجماهير و لا تعرفهم قط ، بل فرضوا أنفسهم بالبلطجة و القتل والسحل حكاما و طغاة و " وطنيين أشداء ما أنزل الله من سلطان" . و إن مجرد التساؤل و الإستفسار عن مغزى الدستور المؤقت و الثورة و منجزاتها ، كان كفيلا بدمغ المرء بالرجعية و العمالة و بالتالي حتى صدور فتوى وطنية بحقه بعدم استحقاقه الحياة . و هذا ما حدث لبعض التركمان ، كما هو معروف للجميع.
إنه لعلى خطأ كبير من يفكر أن الدستور المؤقت الجمهوري جاء لصالح الأكراد ، و لو كان كذلك لما نال قبول العنصريين العرب ، بل ابتهاجهم به. هذا الدستور يفرض على الكردي المواطنية من الدرجة الثانية أو أدنى عن طيب خاطر .. و لو كان لصالح الأكراد لما اندلعت الحركة القومية المسلحة بشكل واسع . و قد اشتد العداء بعد صدور هذا الدستور للأكراد الفيلية ، و شرعت الأوساط الشوفينية المتنفذة في الحكم بالتفكير بالتخلص منهم ، و بدأت أيضا التهجير والترحيل إلى خارج العراق. إن هذا الدستور المؤقت " الأبدي" تضمن مادة أخرى تؤكد على أن العراق بعربه و خاصة بأكراده و اللآخرين ، و سماءه وأرضه و هوائه جزء لا يتجزأ مما يسمى بالأمة العربية . و هذه المادة تمسح وجود من لا يشعرون بالأنتماء العربي ، و من ضمنهم عرب أيضا.
أعجب من أناس يفرحون و يرقصون على دقات طبول هذه المادة اللاانسانية الممجدة لسفك الدماء . إن كان القائمون على اصداره حريصين حقا على اقرار الحق و المساواة في المجتمع العراقي ، وفن كانوا حقا ينوون حل القضية الكردية التي لم تكن متفاقمة يومذاك ، لأقروا بحق تقرير المصير للكرد ، بالقبول باجراء استفتاء نزيه وعادل باشراف الامم المتحدة ، يخير فيه الشعب الكردي إما بالعيش كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات مع بقية العراقيين ، او الانفصال عن العراق و تشكيل دولة مستقلة .
و بعد سقوط النظام البعثي القومي نحن بأمس الحاجة لمراجعة تاريخنا و التعلم من عبره و دروسه. و أن هاتين المادتين ، الصادرتين في الدستورين الملكي و الجمهوري جديرتان بالتأمل و الدراسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موفدة العربية ترصد تطورات التصعيد على الضاحية ومأساة النازحي


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - ‏الأمم المتحدة تدين العدوان الإسر




.. بتوقيت مصر يناقش رفض مصر للتصعيد في المنطقة أمام الأمم المتح


.. تفاقم معاناة النازحين في لبنان




.. عشرات النازحين يفترشون الأرض في الحدائق ببيروت بعد أن فروا م