الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث سياسي بعيد عن السياسة

الفيتوري بن يونس

2010 / 3 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رحل عنا إلى جوار ربه ومن مدينة نبيه صلى الله عليه وسلم منذ أيام قليلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف بعد عمر قضاه في خدمة الإسلام و إثراء علومه وفقا لفهمه وفي الحدود التي سمحت له بها ظروف منصبه السياسي .
وربما يكون الشيخ الراحل احد أكثر شيوخ الأزهر الشريف إن لم يكن أكثرهم على الإطلاق إثارة للجدل على خلفية فتاويه في كثير من الأمور وموقفه من كثير من القضايا ، بل لا يعد من قبيل المبالغة القول بأنه الشيخ الذي لم يرض عنه احد ، فقد هاجمه العلمانيين و الإسلاميين المعتدلين منهم والمتطرفين ونفس الموقف وقفه منه دعاة التطبيع ودعاة الرفض والمذبذبين سواء على مستوى العالم الإسلامي – أن صحت التسمية – أو حتى داخل النظام المصري الرسمي ذاته الذي يمثل الراحل احد رجالاته.
وهو أمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن للرجل رؤيته الخاصة للأمور التي يحاول تطبيقها بقدر ما يسمح له بها منصبه السياسي شئنا أم أبينا لأنه مهما قيل عن استقلالية الأزهر إلا أن هذه الاستقلالية لا تعني استقلاله التام عن الدولة المصرية التي تعينه في هذا المنصب.
فمشيخة الأزهر منصب ديني ذا بعد سياسي ، يعينه رأس الدولة المصرية وبالتالي يكون لزاما على شاغله أن يعبر عن الموقف الرسمي لمصر من القضايا المتعلقة بهذا المنصب ، و لا علاقة لذلك بالديمقراطية على الإطلاق فالمسئول في الحكومة أي حكومة بدء بأرقى الديمقراطيات وانتهاء بأعتى الديكتاتوريات يعبر عن وجهة نظر حكومته وان خالف هذه القاعدة فليس أمامه إلا الإقالة أو الاستقالة .
ومن هنا تكون مطالبة شيخ الأزهر باتخاذ موقف معارض للسياسة العامة لمصر مثل مطالبة وزير خارجيتها بذلك .
قد يقول قائل أن الأزهر مؤسسة دينية ذات بعد يتجاوز الحدود الإقليمية لمصر وبالتالي يجب أن يعبر عن موقف العالم الإسلامي بأسره ورغم وجاهة هذا القول الظاهرية إلا انه حقيقة يمثل مغالطة كبرى من منطلق أن ميزانية الأزهر ربما بكاملها من خزينة الدولة المصرية وان من يجلس هذا الشيخ في كرسيه هو قرار رئاسي صادر عن رئيس مصر هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإن اجتهادات الشيخ الراحل لم تكن تمثل خروجا عن إجماع إسلامي على القضايا التي تناولتها هذه الاجتهادات ، ولم تكن مواقفه من بعض القضايا السياسية تعبر عن موقف لم تتبناه أي من الدول العربية أو الإسلامية .
ويبقى رأي قد يعبر عن وجهة نظر جل ذوي الاتجاهات الإسلامية وهو وجوب خضوع السياسة للشريعة ، وهذا الرأي فضلا على انه يمثل وجهة نظر جل وليس كل فإنه يبقى موقف نظري صرف إذ أثبتت الوقائع منذ يوم السقيفة أن الدين مجرد خادم للسياسة ومبرر لمواقفها وتوجهاتها وما تراثنا الإسلامي الحاضر من فقه و عقائد وسير إلا نتاج لدوره الخادم هذا .
وختاما لم يبق إلا أن نقول رحم الله شيخ الأزهر وجزاه خير الجزاء على كل ما قام به رغم أن خلافنا معه أكثر من اتفاقنا معه ، هذا الخلاف الذي مهما بلغت حدته ينبغي أن يظل مجرد خلاف رؤى لا يعطينا الحق في ظلم الرجل ، كما أن اتفاقنا معه في بعض مواقفه أيضا لا يعطينا الحق في السكوت عن نقد مواقفه الأخرى التي نرى وقد نكون على خطأ أنها خاطئة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah