الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الرد على الأستاذة فريدة الشوباشى

رامى جلال

2010 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أتشرف بمقابلتها وإن كنت لا أنكر أنى حلمت بذلك مراراً, هى إنسانة وناقدة ومفكرة وفيلسوفة, شاركت برقيها الفكرى في تكوين أفكار ووجدان جيل كامل أتشرف بالإنتماء إليه لأسباب عديدة منها أن هذا الجيل يفخر بمعاصرة إنسانة اسمها "فريدة الشوباشى".
وأنا لا أجرؤ على التعريف بالأستاذة فريدة, فهى غنية عنه, ولكننى مع ذلك- ولتغفر لي هى- قد جرؤت على الإختلاف معها, ربما لشعوري أنها, وبإنسانيتها المعهودة, سوف تتقبل هذا بصدر رحب.. وقديماً قيل أن مدح بعض النقاد يشبه مدح عشماوى لرقبة الشخص قبل إعدامه!
في مقالها المنشور بجريدة "المصرى اليوم" بعنوان (بل عنصر واحد) تستنكر الأستاذة فريدة استخدام إصطلاح (عنصرا الأمة) في الإشارة إلى المسلمين والمسيحيين من مواطنى مصر, وترى أنهم في واقع الأمر عنصراً واحداً, وحجتها في ذلك أن المسيحيين ليسوا أقلية بالمعنى العلمى للكلمة, فهم (أبناء هذه الأرض).. وتقول الأستاذة فريدة أن شيئاً لم يتغير حين بدلت دينها من المسيحية إلى الإسلام, غير أن طبيعة علاقتها مع خالقها قد تغيرت بالضرورة, وهو أمر نحترمه ولا نتدخل فيه بالطبع, ولكن مادامت الأستاذة فريدة قد طرحت حالتها للنقاش فأقول لها أن تبديل الدين هو طريق ذو إتجاه واحد, إذ أن حياتها كانت ستنهار تماماً لو أنها سلكت الطريق العكسى وتحولت من الإسلام إلى دين آخر, فجوهر المسئلة ليس "التسامح المجتمعى" كما يظهر من كلامها ولكنه "التعصب الدينى" الذى يجعل الدين عند الله هو الإسلام فقط لا غير, والأمثلة على هذه الحالات كثيرة, ونتذكر جميعاً قصة "ناهد متولى" المدرسة لتى تنصرت فهددت وطوردت إلى أن نجحت في الهرب إلى أوروبا تاركة ورائها كل ما تملك وكل من تحب.. ومحمد حجازى وزوجته الذين أتهما بالجنون لأنهما قررا الإعلان عن دخولهما المسيحية, والأمثلة كثيرة لكن الفم به ماء! بل أن الرفض يطال من هم على نفس الأرضية, ففرج فودة قُتل ونصر أبو زيد نُفى وسيد القمنى هُدد والأمثلة كثيرة ولكن الفم به المزيد من الماء!
وإذا كان التعصب السياسى الأعمى قد أخرج اليهود المصريين من بلدهم, فإن التعصب الدينى الأعمى يسعى إلى إخراج المسيحيين منها, إن لم يكن خروجاً بالمعنى الحرفى يكون نفى وتهميش وتحقير داخل الوطن, بل وقتل بالمعنى الأدبى والمادى أحياناً, فتحت مظلة ثقافة "أنتم الأعلون" تظهر فئة مواطنى الدرجة الثانية, فيصير وصف "عنصر" رفاهية يحلم بها الكثيرون.. والفكرة الرومانسية التى تنادى بها الأستاذة فريدة تتجاهل تماماً نظرة المجتمع لمن يبدل دينه, ويكفى أن نصاً في التشريع يبيح قتل من يترك الإسلام!
وعن والدها المسيحى تتحدث الأستاذة فريدة وتحكى أنها تشربت مبادئ الوطنية منه, في قصة لطيفة حدثت عام 1956.. وهذا أمراً جميلاً ولكننا لا يمكننا النظر إليه إلا في إطاره الموضوعى, فهو أمر قد مر عليه أكثر من نصف قرن, ومياة كثيرة قد جرت منذ ذلك الحين, وبترولاً أكثر جرى أيضاً, ففي أيامنا هذه كيف يخرج مسيحى في مظاهرة شعارها "الإسلام هو الحل"؟ أو كيف يسارع إلى نجدة شعب غزة في ظل تصوير الأمر على أنه صراعاً دينياً يُخرج كل من هو غير مسلم من المعادلة؟ ولماذا يشجع المسيحى منتخب "الساجدين"؟ أو كيف يشعر أصلاً بالأمن في بلد يُقتل فيها المسيحى بلا ثمن وبلا جزاء للقاتل؟ بلد بضع حراسات على الكنائس في ظاهرة تنفرد بها بلد المائة ألف مئذنة!
منذ خمسة آلاف عام, وقبل ظهور الأديان, أتخذ المصريون قراراً وبنوا هرماً كبيراً.. ومنذ خمسين عاماً, حين كان للمصريين مشروعاً قومياً يقف تحت مظلته كل ما هو "مصرى" أتخذ المصريون قراراً وبنوا سداً عالياً.. فالمسميات سواء أكانت "عنصر" أو "فئة" أو "طبقة" أو غيرها, لا أهمية لها, فالمسلمين والمسيحيين ليسوا عنصراً واحداً بالطبع ولا يقفان معاً على نفس الأرضية من المعتقدات والعقائد, فالإختلاف الدينى أمراً وارداً شأنه شأن الإختلاف السياسى والإيديولوجى, وهى جميعها إختلافات لازمه لإستمرار الحياة وحراكها, وعلى الرغم من هذه الإختلافات فمن الممكن لنا أن نعيش جميعاً تحت مظلة "المواطنة" في ظل نظام مدنى علمانى لا يُقحم الدين في كل كبيرة وصغيرة, فالمواطنة هى فقط الضامن الوحيد لمجتمع مستقر متقدم يلحق بركب ما فاتنا, فكما حظينا بقدر كبير من التخلف عن ركب الحضارة فإنه من الممكن لنا إذا أعملنا مبدأ "المواطنة" أن نلحق بهذا الركب.. وبنفس القدر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صحيح
أيمن ممدوح المصرى ( 2010 / 3 / 14 - 14:58 )
أحييك, فقد لقد اصبت كبد الحقيقة..


2 - كيف ومتى نعود الى الزمن الجميل؟
بيشوى ( 2010 / 3 / 14 - 16:46 )
اشكرك اخى الحبيب على هذا المقال الرائع ليت جميع الاخوة المسلمين اصحاب العقول النيرة ان يفتحوا عيون قلوبهم(التى اغلقها عليهم محمد وصحابته واخذوا المفاتيح معهم ورحلوا وتركوهم لقمة صائغة فى يد شيوخ فتاوى آخر الزمان )ويقراؤون كى يدركوا الحقيقة التى تم طمس معالمها لمدة 14 قرنا من الزمان، يحاول الاخوان المسلمون الآن بكل ما يملكون من همة ونشاط فى العمل على قدم وساق فى السر وفى العلن يتسابقون مع الزمن فى نبذ الحضارة والتمدن والهدم والقضاء على كل شئ جميل والعودة بمصر الى عصر البداوة والتصحر مصيبة ما بعدها من مصيبة.
تحياتى وامنياتى الطيبة لك وللجميع


3 - رائع
ياسر الطيبي ( 2010 / 3 / 14 - 23:41 )
مقال رائع لكاتب موهوب ونتمني ان نري رد لفريدة الشوباشي وانا اعتب علي الكاتب قوله ان ممكن اخراج المسيحيين من مصر فهذا مستحيل طبعا


4 - ووفاء قسطنطينن
ahmed ( 2010 / 3 / 16 - 08:14 )
وايه راي الكاتب في وفاء قسطنطين الي الدولة سلمتها للكنيسة بعد ما اسلمت وحادثة الاميرية الي قام فيها وحد مسيحي بقتل زوج اخته واصابة طفللهتا علشان اخته اسلمت واتجوزت من مسلم

وعلاقة اسقف نج حمادي بالكموني والكلام ان الكموني كان بيحضر المسيحيين الي بيأسلمو الي الاسقف نظير الفلوس

ولا تحب نتكلم عن سماحة النصرانية في قتل الوثنيين والاريوسيين واضهادهم لليهود واستلائهم علي المعابد الفرعونيه وتحويلها الي كنائس وقتل الكهنه


5 - خطأ كبير
محمد عادل شعيب ( 2010 / 3 / 16 - 09:51 )
الأخ أحمد يخلط الأوراق علاوة علي أن كلامة غير موثق، فوفاء مثلا خطفت خطفا وهذا أمر معلوم للجميع، وعلي كل حال فإن العبرة بالنصوص وليس بتصرفات الأشخاص، فالمسيحي عندما يقتل الآخر يكون شخصا عاصيا لربه، أما المسلم عندما يقتل الآخر يكون شخصا مطيعا لربه عاملا بأوامره.. فلا تنظر إلي تصرفات البشر بل أنظر إلي النصوص..


6 - الي محمد
ahmed ( 2010 / 3 / 16 - 12:23 )
بل انظر انت الي الكتاب المقدس بجزئيه العهد القديم والجديد وحثه علي قتل الاطفال والنساء

اليس يسوع اله النصاري كما يؤمنون هو من قال ما جئت لألقي سلاما بل سيفا

اليس يسوع هو اله العهد القديم كما يؤمن النصاري والذي يأمر في العهد القديم بقتل الاطفال والنساء والشيوخ وحرق البلاد وهو من امر موسي بسرقة اموال المصريين

من انشأ محاكم التفتيش والحروب الصلبية ومحارق النازية اليسو هم المسيحيين

انهم يطبقون قول الههم ما جئت لالقي سلاما


7 - شكراً للكاتب
خالد أمين محمود ( 2010 / 12 / 24 - 11:41 )
شكراً للكاتب الموهوب..
الأخ صاحب التعليق الأخير للأسف غير متطلع ويمثل فئة عريضة من الناس ممن يتكلمون بغير علم.. إذا كلف سيادته نفسه مجرد التفكير للحظات أو تحمل مشقة العودة إلى كتب تفسير وشرح الآيات أو سئل أحد المتخصصين, كان عرف أن آية (ما جئت لألقي سلاما بل سيفاً) عنى بها السيد المسيح سيف الإضطهاد الذى سينال كل المؤمنين به, إذا أن إيمان شخص بالسيد المسيح يعنى إضطهاده من قِبل جماعته كلها, وهذا هو مفهوم السيف, فأتق الله ولا تتحدث بغير علم وتثير الفتن.. شكراً للكاتب ولموقع الحوار المتمدن المحترم..


8 - اسال قبل ماتفتى يا احمد
امل ( 2011 / 6 / 9 - 20:22 )
جاء المسيح يا اخ احمد يلقى سلاما على الارض لانة رفض تماما استخدام العنف بكل اشكالة وردا على ماقالة فى هذة الاية انة تنبا بما سوف يحدث لكل مايعترف بة ويعمل بكلامة وارجوا ان تقراء التاريخ وانت تعرف الاتضهاد الذى تعرض لة المسيحيون فى العالم وياريت تسال قبل ماتفتى


9 - اتقو الله في دينكم
ايمان ( 2011 / 12 / 14 - 20:24 )
اتقو الله يا من لا تعرفون الله الاسلام هو الدين الوحيد الذي يعترف بباقي الاديان ويتيح حرية العبادة اما انتم يا من تحسبون علي الاسلام لاتعرفون عنه شيئالذا اقول لكم اتقوا اللع ولا تسبو الدين الذي لم تكلفوا انفسكم بمعرفته ولا اجد ما يصفكم الا انكم مثل ابن سلول المناق كان ينتمي للاسلام قولا ويضمر له العداء حاسبكم الله في الدنيا قبل الاخره واذلكم يا من تبيعون اخراكم بدنياكم وحسبنا الله ونم الوكيل


10 - الرد علي الكاتب
المهندس ( 2011 / 12 / 28 - 05:46 )
اذا لم يكن يعجبك الدين الاسلامي فاختار دينا غيرة واذا لم تعجبك سما الله فاختار سماء غيرها اذا كنت لا تعترف او تتهكم علي الدين فانظر ماذا ستقول لربك غدا واعلم انك ملاقيه شئت انت ام ابيت فلن ينفعك مالك ولا سلطانك ولا جاهك واعلم انك ستدفن في الارض فماذا انت قائل لمنكر ونكير


11 - فهم العقيدة الاسلامية
mukhtar muhamed ( 2012 / 3 / 8 - 19:26 )
ان الدين عند الله الاسلام هذه عقيدة وايه في القران وليس تعصبا فان االاسلام لايجبر احد علي اعتناقه وان ماذكر ليس صحيحا في هذا المقال لكم دينكم ولي دين والعقيدة الاسلامية تعتقد ان النصرانية واليهودية رسالات سماوية كانت قبل ظهور الاسلام ولكن حرفت فيها الكتب السماوية واخبر بذلك الله في كتابه العزيز وكل هذا معتقد اسلامي يعرفه كل مسلم ولايجبر غير المسلمين بالايمان بذلك والاسلام لايطرد احد بل وضع اسس لمعاملة غير المسلمين .. لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ان تبروهم وتقسطوا اليهم.

اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah