الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الحملة البريطانية على القرضاوي لا يوجد تعريف دولي للإرهاب .. ولا للاعتدال

هويدا طه

2004 / 7 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما إن أذيع في نشرات الأخبار أن الشيخ يوسف القرضاوي يتعرض لحملة إعلامية بريطانية أثناء زيارته لندن، حتى امتلأت الصحف والفضائيات العربية بمقالات وبرامج، ولقاءات مع محللين ومفكرين ومثقفين، للتنديد بالحملة البريطانية على فضيلة الشيخ، البعض تبنى المقولة التقليدية التي- لا نمل منها أبدا- بأن الغرب يهاجم الإسلام ويخاف من اكتساحه بلادهم(تلك البلاد التي تجاوزت منذ زمن بعيد صراعات الأنبياء والآلهة!)، والبعض تبنى مقولة أن تلك الحملة مرفوضة لأنها جاءت هذه المرة ضد(شيخ معتدل)كالقرضاوي، وليست مبررة كالهجوم على أسامة بن لادن مثلا، والبعض نسبها للنشاط اليهودي في بريطانيا، بينما نسبها آخرون لمشاكل بريطانية انتخابية محلية، كالعادة لم نتوقف أبدا أمام فيض التعاريف والمسميات، كالعادة لم نناقش ما هو الإرهاب وما هو الاعتدال، كالعادة خفنا من مناقشة مشايخنا خوفا من الاتهام التقليدي بالكفر، كالعادة خلطنا بين الدين ورجل الدين، فلو أنك تساءلت مثلا ما هو(الاعتدال)، قبل أن ندافع عن الشيخ(المعتدل)؟ لقيل لك بازدراء(هل هذا يعني أنك مؤيد لما يقال عن فضيلة الشيخ بأنه يدعو إلى القتل؟ هذا يعني أنك لست مناصرا للفلسطينيين، هذا يعني أنك تغض الطرف عن قتلهم بينما تتساءل عندما يدافعون عن أنفسهم، هذا يعني أنك خائن كافر مرتد حق عليك العقاب)! الإسلاميون كما العلمانيين انبروا جميعا للدفاع عن الشيخ على طريقة(أنصر أخاك ظالما أو مظلوما)! لم ينصت أحد للتساؤلات حول(نسبية)تعريف الإرهاب أو تعريف الاعتدال، تلك النسبية التي جعلت مقاومتنا المشروعة لعنف الدولة الإسرائيلية إرهابا عند الغرب، وجعلت قتل القاعدة لآلاف الأبرياء من مدنيي العالم(جهادا)عندنا! والشاهد أنه لا الغرب توقف أمام أسباب إرهاب(القتلة القادمين من الجنوب)ولا نحن توقفنا أمام ما يسمى في أدبياتنا(التيار الديني المعتدل)، قد لا يهتمون هم- الغربيون- بالتوقف لمعرفة الأسباب، ربما لأنهم الأقوى، ولا يريدون بحكم قوتهم المتغطرسة أن يناقشوا من هم أدنى منهم، لكننا نختلف، لابد أن نحدد- لأنفسنا على الأقل- ما هو الاعتدال وما هو التشدد، قبل منح اللقب لأحدهم وحرمان الآخرين منه، فمثلا قد يكون الشيخ(معتدلا)بالنسبة لنا ولثقافتنا(غير المعتدلة أصلا)! بينما لا يكون كذلك بالنسبة لمن يرون في صلواته ودعواته بالموت والاندحار لليهود والنصارى على مدى عشرات السنين! فالدعوات التي تتلى في صلواتنا تتمنى الموت لليهود والنصارى من حيث تصنيفهم الديني، وليس من حيث كونهم مهاجمين وظالمين لنا أم لا! وهو ما لا يمكن أن يعقله عاقل، فلماذا أدعو بالموت خمس مرات يوميا على كل من هو ليس على ديني؟! قد يكون لتوقيت الهجوم على شيخنا المعتدل مغزى ً سياسيا وحضاريا، في صراعنا الدائم مع الشمال الغني المتقدم، والمتغطرس أيضا، ولكن نحن بالدرجة الأولى- وليس هم- من نحتاج لتعريف الاعتدال، على الأقل قد نكتشف- إذا قدر لنا ذلك ذات يوم- أن الاعتدال عندنا.. هو نفسه... في حاجة ماسة... إلى الاعتدال!!

** عندهم أفلام الخيال العلمي واستشراف المستقبل..
وعندنا أفلام تخرج الجان من أجساد مكبوتة جنسيا!

السينما مرآة المجتمع وثقافته ومشاكله وأزماته وعيوبه وميزاته.. وكذلك أحلامه، أي مجتمع وأي ثقافة، في أي بلد يوجد به إنتاج سينمائي، هكذا تثبت قناتا(إم بي سي)الأولى والثانية، بعرضهما أفلاما عربية(أو بالأحرى مصرية)على الأولى، وأفلاما أجنبية(أو بالأحرى أمريكية)على الثانية، الأفلام المصرية عبر مائة عام من الإنتاج السينمائي- طبعا مع عدة استثناءات تعزف على فكر ٍ مختلف ومغاير، خاصة في سنوات التمرد السينمائي الأخيرة-، تلك الأفلام(المصرية)عكست من مجتمعها ثقافة عربية متخلفة ذكورية، ثقافة تهيم عشقا بالغيب والخرافة والرموز القدرية، ثقافة تلتف وتلتوي حول حاجات الإنسان الحقيقية في الحياة، وعلى رأسها حرية التعبير وحرية الاعتقاد، وحتى حرية الأفراد في التصرف بأجسادهم كما يشاءون، ثقافة تنكر ما هو موجود وتدعي ما لا وجود له، كم فيلما أنتجته السينما العربية يتناول مسألة بكارة الفتاة العربية باعتبارها- تلك البكارة التافهة- رمزا للشرف والفضيلة والاستقامة ومدى مهارة كبت الرغبات الطبيعية؟! كم فيلما انتهى بقتل الفتاة(المفرطة)باعتبارها النهاية الطبيعية أو الضرورية أو(العادلة)؟ وكيف حفظنا عن ظهر قلب شعار(شرف البنت زي عود الكبريت.. ميولعش إلا مرة واحدة)إلا عن طريق أفلام يوسف وهبي؟! وكم فيلما سخر من المرأة التي تحاول أن تكسر طوق وقضبان(الحراملك)لتثبت أنها نصف المجتمع- فعلا وليس إنشاءً-؟! أتذكرون فيلم(الأستاذة فاطمة)الذي سخر من المرأة المحامية؟ أو فيلم(أنا حرة)الذي عارض استقلال الفتاة التي تريد أن تتعلم وتعيش بمفردها(حرة كالطير)دون وصاية من(أصحاب الشوارب)في عائلتها؟ أو ذلك الفيلم الذي لا أذكر اسمه وكانت فيه مديحة يسري تمثل دور سيدة عاملة وزوجة قوية ومخلصة، لكنها ذات شخصية مستقلة وأكثر ثقافة من زوجها-عماد حمدي- و كانت رؤية الفيلم مناهضة لهذه الاستقلالية، ثم انتهى الفيلم بذلك المشهد القبيح- الذي صفق له الجمهور طبعا- عندما أذعنت في النهاية للسلطة المطلقة لزوجها، فلم يكتف، وإنما تعمد إسقاط سيجارته على الأرض لتنحني المرأة التي كانت قوية ومستقلة، فالتقطتها ووضعتها في فمه وعلى وجه كل منهما ابتسامة، إحداهما رضا بالإذعان والأخرى شعور بالانتصار و(إحقاق الحق)؟! وعشرات بل مئات الأفلام التي تقول للمرأة باختصار(أبوك وأخوك وزوجك ثم ابنك)هم أصحاب السلطة عليك لأنك لست مؤهلة- بسبب أنوثتك- لأن تكوني مستقلة وصية على نفسك، وليس الأمر مقتصرا على تحقير شأن المرأة المستقلة، انظروا كم فيلما مجد المواطن(المستقيم)الذي لا يتدخل في السياسة باعتباره(طيب وفي حاله)؟! ثم انظروا في هذا التدفق لأفلام تدور حول الشعوذة والخرافة المسماة بسيطرة جان على أجساد النساء(المقموعات جنسيا)، هل أدان فيلم(التعويذة)الإيمان بالخرافة؟ لم يفعل، وإنما انتهى بمشهد بدا فيه شيخ معمم يقرأ القرآن، فيعم الهدوء ويحترق الجان ويخرج من جسد المرأة المسكونة به! وعشرات غيره من أفلام تعكس كم هي متمكنة منا الخرافة، وكم نحن بعيدون عن التجرؤ على مناقشة مشاكلنا الحقيقية، التي تكمن مسبباتها الخبيثة في أعماق ثقافتنا المهترئة، ليس لعجز السينمائيين من مؤلفين ومخرجين، فمنهم من هو على درجة عالية من الثقافة والتمرد على القبح الثقافي الذي نعانيه، ولكن بسبب وصاية تلك الثقافة(القدرية)التي منحت الحق للمشايخ كي يمنعوا عرض فيلم(ماتريكس)في مصر، لأن الفيلم يقول إن(الإنسان يمكنه التحكم في حياته)! ومنحتهم حق التشهير بالمخرجة إيناس الدغيدي، لأنها تقول في أفلامها(إننا شعوب محرومة ومكبوتة جنسيا ولابد من مواجهة تلك المعضلة)! تشهر بها وبغيرها من صناع السينما الجريئين ثقافة تجعل من المرأة التي(تسجد لزوجها طاعة وامتنانا)- امرأة فاضلة! وفي المقابل هناك سينما أخرى تعكس ثقافة أخرى، السينما الأمريكية كما تعكس- ثقافة القتل السهل والعنف- السائد في الحياة الأمريكية، تعكس أيضا ثقافة(حرية الفرد)، وثقافة استشراف المستقبل، انظروا إلى أفلام الخيال العلمي، فرغم أن بعضها تجاري تافه، فإن كثيرا منها يعكس كم تهيمن روح العلم على تناول تلك الثقافة للمستقبل، فمنذ أيام عرضت قناة(إم بي سي)فيلما- مجددا لا أذكر اسمه- يدور حول محاولة بعض العلماء استخراج طاقة نظيفة رخيصة من حرق الهيدروجين، ودار الصراع في الفيلم بين جماعتين إحداهما تريد توفير تلك الطاقة لجميع شعوب الأرض، والأخرى جشعة تريد التحكم بها من أجل مزيد من الأرباح، ومثل ذلك الفيلم هناك عشرات بل مئات الأفلام، التي يصنعها خيال جامح جرئ يحتاجه الإنسان- بالضرورة- كي يتمرد على عجزه أمام الطبيعة والقدر، نعم توجد أفلام أمريكية كثيرة عن السحر والجان والأشباح، وكثير منها تافه سخيف لأسباب تجارية، لكنها تطرح من باب(الطرافة والتسلية)، أما أفلام الخيال العلمي فلا تملك أمامها إلا احترام الخيال الإنساني المبدع الجريء، الذي أثبت تطور الحضارة التكنولوجية الغربية أنه كان عاملا جوهريا في دفع التقدم، ألم يرسم ليوناردو دافنشي قبل عدة قرون محركات طائرة طوافة ولم تكن الكهرباء قد اكتشفت بعد؟ كان الخيال العلمي وراء تقدمهم، ونحن ما زلنا نتلذذ باتهامهم بالانحلال الأخلاقي(باعتبارنا- الشرفاء- الأمهر في القمع الثقافي والكبت الجنسي!)، نذمهم لا لشيء إلا لأنهم أطلقوا العنان لخيالهم لصناعة التقدم، بدلا من تسخيره واستهلاكه في تخيل المتعة المحرمة، فقد تخلصوا من تحريمها، وأطلقوا العنان لحرية الأفراد في إمتاع أجسادهم، فتفرغ خيالهم وتفرغت طاقاتهم لتستهلك في صنع التقدم بعد أن حرروا أجسادهم .. وكانت تلك الخطوة بحق .. أم الحريات!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي


.. 164-An-Nisa




.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ


.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ




.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا