الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثير الحب على العمر البيولوجي - ج2

كامل السعدون

2004 / 7 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الحُب في تصوري هو الروح تمشي على الأرض ، الروح في انتفاضها وتجسمها بالقول واللمسة والتواصل بألف وألف طريقة .
الحب وإذ يتحرك من قلبٍ إلى آخر ، يفعلّ عملية بيولوجية تؤدي بدورها إلى تأخير النمو البيولوجي للجسم ( استهلاك الخلايا عبر التقادم الزمني ) ، وهذا قطعاً لا يتم إلا بأن يعبر الحب عن نفسه بحرية وإلا فهو لن يفعل شيئاً ذو قيمة لكلا الحبيبين ، والتعبير يتم عبر :
 الإصغاء بغاية الانتباه للآخر .
 أن تعبر بالكلمات والفعل عن إنك تعطي الآخر قيمة كبيرة وإنك تعتمد عليه وتؤمن به وتثق به .
 الاحتضان ، لمس اليدين ، القبلة …أي مسعى يؤكد الرغبة في التواصل ، وبحرارةٍ يغلب عليها طابع الشفافية الروحية والتسامي على الهوى الجسدي ، بل هو الشغف الروحي في التوحد مع الآخر بكل الحواس .
تلك النماذج من السلوك العاطفي تحصل تلقائياً حين تحب ، وإلا فأنظر لمن هم في حالة حبّ ، أنظر كيف يرتشفون بشغفٍ كل كلمةٍ يقولها الآخر ، يتحدثون إلى الآخر بلغة الروح ، بالشعر ، بأعذب الكلمات ، ويعبرون عن حبهم للآخر بانتقاء الرموز المادية الصغيرة وتحميلها شحنات العاطفة ، من الزهرة والبطاقة والأغنية وكل هديةٍ تعبر عن الوله والتعلق بالآخر .
سواء كنت في المرحلة الأولى من الحب أو كنت في السنة الخامسة منه فإن تلك الأساليب الثلاثة للتعبير عن الحب ، تضل نافذةٍ حيةْ ، لا مناص من ممارستها .
عبر عن عواطفك بالقول والفعل ، تجدك تتألق وتسمو روحك ويغدو جسدك أكثر فتوةٍ وشباب ، حتى لكأن العمر توقف عن التدفق السريع مع تدفق الأيام والسنين في أجندة حصتك الحياتية التي قسمت لك .

الحب ، الجنس والروح

الطاقة الجنسية ، هي طاقة الخلق الأكثر خطورة من كل الطاقات الإبداعية الأخرى في هذا الكون ، كل ما هو حي في هذا العالم هو ثمرة هذه الطاقة .
تعبر هذه الطاقة الخلاقة عن نفسها لدى كل الأحياء عدا الإنسان عبر الخلق البيولوجي كوسيلة وحيدة للتعبير ، أما لدى الإنسان فإنها تعبر عن نفسها بوسائل شتى تفضي إلى الخلق المتنوع ليس للأبناء حسب ، بل ولأشياء أخرى عديدة .
الجنس لدى الإنسان يعبر عن نفسه مادياً ، شعورياً وروحياً .
لو تمعنت بحالتك النفسية ووجدت حيويةٍ في الفكر ، صفاءٍ في الروح ، شعور بالثقة العالية بالنفس ، شعور بالتأثر بالفن والانجذاب إلى الإبداع والأشياء الجميلة ، الحماس ، الاشتهاء الجنسي ، تنوع الاهتمامات ، إحساس بالنشاط التخيلي والرغبة في إبداع شيء جديد ، شفافية روحية …الخ ، جميع هذه مؤشرات على إن الطاقة الجنسية نشطة وفي حالة فعالية .
كل تلك المظاهر للطاقة الجنسية تعبر عن نفسها في الجسد عبر أعراض فيسيولوجية ، وحيث تكون مستثار فإن شعوراً أو عارضاً من حماس أو تدفق شعري أو قوة حدس أو إلهام يتملكك ليعبر عن أسمى وأرق ما فيك .
ما يجمع كل هذه المظاهر ، هي أنها تحمل بصمات توسع ، استكشاف ، انطلاق في الخارج ، تحليق في فضاءات الآخرين ، رغبة في إثبات الذات على حدود الآخرين أو ضمن حدودهم ، تماماً كما يستعرض الجند قوتهم عند حدود البلد الذي يرومون غزوه ، إنها غزو رفيق للآخر ( حتى قبل أن يكون هناك آخرٌ محدد سلفاً ، أي معشوق محدد ) تتمظهر لدى الإنسان بتعابير مهذبة وإبداعية تعكس سمو روح صاحبها ورغبته في الظهور على بوابات الآخر أو الآخرون ، بأحلى حلّة ( روحية وسيكولوجية واجتماعية و..و..الخ ) .
أحياناً يبلغ شعور التوسع بالمرء حداً من القوة يظهر فيه الإنسان وكأنه يذوب وجداً وشوقاً وشفافيةٍ بحكم كمّ الطاقة المنتجة في قلبه وعقله . حاول أن تسجل لنفسك تلك الحالات من خلال استعادة بعض الذكريات القديمة أو اللحظات التي عشت فيها مثل هذه الأحوال ، أغمض عينيك وأستحضر لحظة كنت فيها في أوج توترك العاطفي وشعورك بالمعاناة والحرمان ، ربما كانت تلك اللحظة عند سماعك لأغنية ما أو قطعة موسيقية أو لوحة فنية معينة أيقظت فيك شعور الشوق والمعاناة , تنبه لتلك المتغيرات الفسيولوجية والشعورية التي تحصل لديك في تلك اللحظة ، ربما تتغير نبرة صوتك ، تشعر برغبة بالبكاء ، تطفر دمعة من عينيك ، تشعر برغبة بفعل شيء لم تفعله من قبل ، أن تكتب شعراً أو ترسم أو تسعى لتعلم شيء جديد ، ربما فيض من القوة ينتابك وتصبح أكثر عزماً وتصميماً على تغيير حياتك .
لاحظ أيضاً هذه المعايشات المكثفة الحية التي تعيشها في يومك العادي خصوصاً بحضور من تحب أو من تشعر بالانجذاب إليه ، لون السماء يبدو أجمل ، قطرات المطر تغدو سيمفونيات خالدة لا تبارح الذاكرة ، بل حتى البرد أو الريح تترك في نفسك في تلك اللحظة انطباعات خاصة متميزة تتسلل إلى وعيك فتجعله يبدو أكثر إشراقا وتملأك السعادة حتى ليرتعش قلبك من فرطها .
سجل في وعيك تلك اللحظات وخلّدها وأستعدها باستمرار ، تجعلك تمتلئ بذات المشاعر وذات الأحاسيس المتفجرة بالحيوية والحب والجمال والشفافية .
أيٍ كان نمط التربية التي تربيتها في الصغر ، فإنك لا تجرؤ على أن تنكر أن الرغبة الجنسية شيءٌ مقدس ، وما هو زائفٌ هو احتقار الجنس أو استرخاصه وابتذاله .
بل إن الجنس هو الشرارة الأولى للقرب الروحي والعاطفي الحقيقي الذي يفضي إلى التوحد مع الآخر ، إذ حيث يذوب الاثنان معاً شعورياً وفسيولوجياً ، فإنهما يرحلان بعيداً عن حدود الجسد الفردي ، وحيث يتحدان في كيانٍ واحدٍ ، ينتفي الزمن ، ينتفي التصنع والزيف ويعيشان التلقائية ، الفطرية ، الطبيعية ، براءة الأطفال في اللعب ، غياب التوتر الدفاعي والشعور العميق بالرغبة في الاستسلام الجميل .
إنه وجه الروح الحقيقي ، إذ تكون خارجة من أسر الرقابة والسيطرة والخوف والشعور بالذاتية المفرطة والانفصال التام عن الآخر .
هامش المترجم :

لقد أثبتت البحوث العلمية أن الشعوب التي توجد فيها حرية عاطفية وجنسية كبيرة ، هي الشعوب التي يوجد فيها أكبر عدد من المعمرين ، وهي التي تقل فيها الوفيات ويزداد فيها معدل العمر إلى درجة كبيرة ، بعكسه فالشعوب التي تتعامل مع الجنس والحب على أنها من المحرمات التي توجب عقاب السلطة الدنيوية وسلطة الرّب الأخروية ، هي الشعوب التي ينخفض فيها معدل العمر إلى أرقام مفجعة ،إذ يبلغ المعدل دون الستون عاماً في بعض الدول الإسلامية المتخلفة .
مضافاً إلى أن الشعوب الإسلامية هي الأقل إنتاجية اقتصادية والأكثر في نسبة العوانس والأكثر تخلفاً ثقافياً والأقل إنتاجية إبداعية بين شعوب العالم والأقل انسجاما بين الرجل والمرأة من كل شعوب العالم ، كما وهي الشعوب الأكثر إنتاجية للقتلة كالإرهابيين مثلاً بحكم التفكك الأسري الذي لا يرى ولكنه يلمس بقوة من خلال إنتاج أبناء سطحيين مرضى العقول تافهو الشخصيات في الغالب وجبناء إلى حد كبير ، وكل هذا ثمرة قلة الخيارات أمام التسريب للطاقة العاطفية والجنسية ، بحيث لا توجد إلا قناة واحدة فقط ، وهذه القناة ذاتها ينبغي أن تحوز على مباركة الواعظ والأب والأم والأخوان والأقارب ورجل الدولة وشيخ القبيلة ، فتخيل كم هي عسيرة أن تنال السعادة وتفتح قلبك للحب والتوحد مع الآخر في المجتمعات الشرقية ، وقطعاً ثمرة هذا كلّه ، مجتمعات مشوهة عرجاء تمشي على ساقٍ واحدة ( ساق الرجل ) وذات هذه الساق مثقلة بالعار والخوف والجبن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات