الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤمن يزني ويسرق ولا يكذب

اسماعين يعقوبي

2010 / 3 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت في سن الخامسة عشرة على ما اظن عندما اطلعت على الحديث الذي يقول بأن المؤمن يزني ويسرق ولا يكذب.
لم يتقبل عقلي الصغير هذا الحديث الذي يتناقض كليا مع ما حفظته من آيات قرانية كلها وعيد بالزاني والزانية والسارق والسارقة: فمن الجلد ثمانين جلدة، إلى الرجم للمحصن, الى قطع اليد للسارق... كلها آيات جعلتني اشك في صحة هذا الحديث وأكذبه رغم عنعنته التي تنتهي الى خير البشر.
وبعد سنوات من ذلك, سمعت عن ترتيب الأحاديث حسب مدى مصداقيتها. فمن حسن إلى أحسن, إلى ضعيف, إلى رواه مسلم، إلى رواه الترميذي, فابن ماجة, فالبخاري... والائحة طويلة جدا.
وتتوالى السنين ويزداد الحديث ترسخا أكثر فأكثر في ذهني, ومعه تترسخ المتناقضات الملازمة لذلك. فكلما فكرت في ان الحديث:الإسلام, أحل الزنى والسرقة, تتجلى امامي عقوبة الزنى والسرقة فأصبح كمن يستفيق من حلم مرعب.
وازدادت معرفتي بالأحاديث وبترتيبها. فإضافة الى الحديث الحسن والضعيف, ورواه مسلم والبخاري والترميذي وابن ماجة...سمعت بالإسرائيليات او الأحاديث التي تسربت من اليهود إلى الدين الإسلامي, فقلت في نفسي أن هذا بامكانه أن يشفي غليلي فأجد ان الحديث تسرب من بني صهيون لتدمير ديننا الحنيف. وللأسف مرة أخرى خاب ظني.
ولكثرة علمائنا الأعزاء وتفقههم الكبير في الدين, عملت على إيجاد مخرج من هذا التناقض الصارخ, فما وجدت غير تناقض اكبر. فمن ناف لوجود الحديث, إلى زاعم بأنه تسرب إلى الأحاديث الصحيحة, إلى متهم لرواته بالإلحاد ومحاولة زعزعة عقيدة المسلمين...كلها تفسيرات لم تقدم الموضوع قيد أنملة, وبقي التناقض الصارخ يدوي عاليا.
الا ان بعد الكرب فرجا. فقد التقيت احد المتمكنين من أمور الدين أو هكذا يبدو, فأكد وجود الحديث, وعمل على تفسيره على انه إباحة إنكارية أي إن المهم في الحديث هو عدم الكذب وهو محور الحديث كله. فالمؤمن عندما يفكر في الزنى تطرح أمامه إمكانية انه قد تراه عين مارة فيضطر للكذب وكذلك بالنسبة للسرقة ولذلك, وتفاديا للكذب فهو يقلع عن الزنى والسرقة.

تفسير منطقي حل لغز النهي والإباحة, لكنه أيضا اعطي تعريفا للحد الفاصل بين المؤمن وغيره. فمن يأتي كذبا, بطل إيمانه. فان يزني الشخص او يسرق اي ان يجلد وتقطع يده خير من ياتي كذبا.
هذا ما ظننت وما تربيت عليه ورسخ في عقلي. فان ترى زانيا وما أكثرهم أو سارقا وبالخصوص ناهبا للمال العام أصبح كشم الهواء, ومع ذلك لا أحد تقطع يده او يجلد.
كثرت التفسيرات والتأويلات: فمن متهم للدولة بالكفر, الى متحدث عن كوارث آخر الزمان, الى منبئ بوقت قيام الساعة, إلى ناف للأحكام وللنظام القديم لتنظيم المجتمع الذي تحكمه قوى أخرى غير تلك التي تحكمت فيه في زمان غابر...
وبعد ولوجي للجامعة, ورغم توجهي اليساري, كنت استمع لبعض دعاة الإسلام الذين كانوا يجوبون الجامعات بلباسهم الافغاني, وبسيوفهم وخناجرهم, يعنفون رفيقا في جامعة, يمنعون آخر من متابعة دروسه, يقتلون آخر, يطردون فئة أخرى...
رغم عدائي لهم, ولأنني يساري مؤمن بالنسبية إلى حد المطلق اي انها بالنسبة الي المطلق الوحيد في الدنيا, كنت داخليا أتعاطف مع ما يقومون به, أي كنت أقول ماذا لو كنا كفرة كما يقولون وكانت الدولة كافرة وكان آباؤنا جاهلون وكان نظامنا التعليمي كافرا وكان ماركس وماو وتشي ولينين وكيفارا ونيلسون وعرفات ونيتشه والمهدي وبنعيسى والمعطي وغرامشي... ماذا لو كان كل هؤلاء يريدون محاربة الاسلام والمسلمين ونشر الزندقة في بلداننا الاسلامية...
في احد الايام, وفي ظل عز العمل على تحرير الاراضي المغربية وخصوصا الجامعات من الكفار, اقبل المجاهدون على اغتيال طالب قاعدي: ايت الجيد محمد بنعيسى بعدما اعترضوا سيارة أجرة تقله رفقة رفيق له الى منزلهما.
الى حدود الساعة ورغم تذمري الكبير وموقفي الصريح الرافض لهاته العمليات الاجرامية, لا زال شيء من النسبية يقول لي: وماذا لو كان كافرا وكان هؤلاء مجاهدون, الا يجب قتله وقتلك انت ايضا... الأمر اذن يتعلق بعمل جهادي يقوم به فيلق جهادي من الطلبة مدجج بالأسلحة والعصي وترسانة لم تشهد العباد مثلها في البلاد.
بعد ذلك, غادرت الجامعة، والتحقت بوظيفتي. وبعد سنوات من النضال من اجل الكشف عن الحقيقة, علمت ان احد قتلة بنعيسى وقع في قبضة البوليس وقدم للمحاكمة.
قامت الدنيا ولم تقعد، نطق الاخ وجماعته ومحاموه بان هاته مؤامرة تحاك ضدهم وان لاعلاقة لهم بما وقع وان القضية مفبركة وتستهدف الجماعة بكونها جماعة تدعو الى الاسلام وتريد اعادة الخلافة الاسلامية في ارض المغرب...الى غيرها من الاقوال والترهات...
في تلك اللحظة تذكرت مناضلي اليسار خلال السبعينات الذين يقدمون للمحاكمة بعد سنوات من التعذيب والتشويه وهم على اقوالهم ثابتون, يقبلون على الإعدام اقبال عنترة على خصومه, تضع الدولة الدنيا بين ايديهم فيعترضون...، كل هؤلاء لم يكن لهم دين يكفرهم ان كذبوا ومع ذلك اعترفوا بما يقومون به وصمدوا على مواقفهم.
تمنيت لو صاح الأخ وسط المحكمة: لقد قتلت بنعيسى لانه ملحد ولا يعترف بوجود الله, ولا يؤمن بالله وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، قتلته لانه خرج عن الطريق القويم.... الى غيرها من ... التي كانوا ولازالوا ينطقون بها امام الملآ.
حظر الحديث مرة اخرى: المؤمن يزني ويسرق ولا يكذب. هذا الاخ, وغيره من اخوانه في مختلف الجماعات الاسلامية وممن يدعون الاسلام والدفاع عنه, لو زنى كما فعل المغني لوجب الاجتهاد, لو سرق كما يفعل دعاة التكفير واحلال اموال الكفار وتوفير المؤن للمجاهدين لوجب القياس. أما وقد كذب الأخ ومعه الملايين من اخوته, فما علينا سوى وضع الحديث امامه وامام مجموعته وجماعته ليستفتوا أنفسهم وقلوبهم: المؤمن يزني ويسرق ولا يكذب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم الكذب معيار للايمان من عدمه
قاسم السيد ( 2010 / 3 / 21 - 03:19 )
ياسيدي انت نظرت الى النصف الفارغ من الكأس ولم تنظر الى النصف المملوء منه ان الجماعات السلفية لاتمت الى الاسلام بصلة مادامت لاتعترف بالانسان كقيمة مطلقة وايمان السلفية هو استحمار للانسان والكذب هو عنوان قناعاتها ياسيدي ان لم يكن هذا الحديث صحيحا فما هو الدين نعم يمكن للمؤمن ان يرتكب الموبقات ولكن ليس بعنوانه كمؤمن ولكن يرتكبها وهو ضال والمؤمن ليس نصف آله اما الكذب فهو المعيار الذي يكون فيه الانسان انسانا من عدمه فلو كذب الانسان برر الضلالة وبالتالي خرج من ربقة الايمان الى الكفر مشكلتنا اننا لانميز بين الاسلام والمسلمين ان عبارة محمد عبده التي اطلقها لدى عودته من باريس { وجدت الاسلام ولم اجد المسلمين } لاتزال مدوية فلقد وجد اناسا يصدقون في تعاملاتهم رغم انهم لم ينطقوا بالشهادتين لكنه وصف تعاملهم بالاسلام وحين سؤل اولست انت ببلاد الاسلام قال لا انما انا ببلاد المسلمين اي ان الناس لاتملك من الاسلام الا اسمه فهم مسلمون لكنهم لايتدينون بالاسلام والاسلام معاملة وليس تعبد فالتعبد بين المرء وربه والمعاملة هي مرأة المرء لانها بينه وبين الناس والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده اي لايكذب


2 - اين وجه المخالفة
قاسم السيد ( 2010 / 3 / 21 - 11:08 )
في بعض حالات الرد التي تعتذرون عن نشر تعليق ما تذكروني بوزارات الاعلام العربية ومقص الرقيب المستقيظ الذي لاتأتيه الهفوة ولا الغفوة لامن بين يديه ولامن خلال عينيه ولا ادري اي معيار تتخذونه لقياس قواعد المخالفه لقد كتب عشرات التعليقات على العديد من الموضوعات ودخلت مع بعض كتابها فيي سجالات ولم أكن اشد تهذيبا وتمدنا في تعليقي على مقال الاخ اعلاه ان الحوار المتمدن لايعني التسليم للاخر فيما يقول او يقتنع فنحن نؤمن بقول فولتير{ من حقي اني ابدي رأي ولكني مستعد لأن ادفع حياتي في الدفاع عن حقك في ابداء رأيك} اليست هذه الأرضية التي نشترك في الوقوف عليها في حواراتنا وأنني اذ اكتب لاادري هل سيجد تعليقي هذا طريقه للنشر ام سيحجبه مقص الرقيب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى اجد تفاوت المعيار في حساب الممنوع والمسموح له بالنشر من التعليقات التي ترد على الموضوعات المنشورة فنحن نجد من الموضوعات المنشورة مما ينافي قواعد النشر التي تتبنوها ولكنها تجد طريقها للنشر بكل يسر في حين ان التعليق هو المقياس الذي يستطيع الكاتب ان يقيم فيه ماكتب ويستطيع من خلال هذه التعليقات ان يطور امكاناته وأدوات بحثه بما يطور ثقافته


3 - الى السيد قاسم السيد
AHMED ( 2010 / 3 / 21 - 12:24 )
حينما تقول بان ن الجماعات السلفية لاتمت الى الاسلام بصلة, تكون قد اتخذت موقفا ضريحا ويصدق عليك الحديث: من كفر مسلما.... واظن ان بداية مشاكلنا هي مع جماعة او جماعات تعتبر نفسها مركز الكون وحقيقة كل شيء وبالتالي تريد تغيير كل شيء حسب فهمها هي, اظن ان هذا موضوع كبير للنقاش وهاته فقط نقط اشرت اليها


4 - الاسلام
بسيونى بسيونى ( 2010 / 3 / 21 - 20:04 )
كنت استمع لدعاه الاسلام الذين كانوا يجوبون الجامعات بلباسهم الافغانى وسيوفهم خناجرهم يعنفون رفيقا فى الجامعه ويقتلون اخر انتهى لازم دى جامعه شيكاغو


5 - الكذب فى الاسلام حلال .. حلال .. حلال
Zagal ( 2010 / 3 / 22 - 02:36 )
لا ادرى مالعقبه فى ذلك ... الاسلام ورسوله احل الكذب بحديث صحيح
100%

والقران نفسه قال لك اذا اضطروك للكذب وانكارالايمان فافعل هذا والله غفور رحيم ...

والمكار دائما طبيعته الكذب ... وبالنسبه له هذا شئ طبيعى جدا كشرب الماء ...

اليست الحسنات تذهبن السيئات ... والحسنه بعشرة امثالها..

هل كذب الناس على بعضها جريمه بالاسلام ؟؟؟
اين هى !!!

لعلها مثل الكتاب الكتاب المقدس الذى فيه وصيه قاطعه تقول -لاتكذب- !!!


6 - الاديان لم تضبط سلوك البشر
المترصد ( 2010 / 3 / 22 - 10:22 )
المؤمن يسرق ويزني ويكذب لم تردع الاديان الانسان من التخلي عن طبيعه موجوده فيه اتحدى اي انسان يقول انه لا يكذب المجاملات كلها كذب السياسه كلها كذب الاديان كذبه كبيره الكذب طبيعه تلازم الانسان ولن يستطيع التخلي عنها الكل يكذب على اختلاف اديانهم يبدو ان الاسلام كان اكثر منطقيه عندما شرع الكذب في بعض الحالات لخدمة مصالحه الاديان الاخرى نهت عن الكذب قطعيا فهل التزم معتنقيها لا اعتقد ذلك انظر الى فضيحة القساوسه في ايرلندا هل ردعهم دينهم عن الكذب واخفاء الحقيقه لم يردعهم انظر الى شيوخ الاسلام ودجلهم وتلونهم حسب الحاجه في الاسلام الكل على حق الجماعات المتطرفه على حق لان هناك نصوص في القران تدعم فكرهم والمعتدلون المسلمون ايضا على حق لان هناك نصوص في القران توافق افكارهم ارايتم التناقض في اليهوديه العنف حاضر وفي المسيحيه المكمله لها العنف قليل الحضور ارايتم التناقض في المسيحيه مع ان العنف اقل الا ان حروبها الصليبيه اكثر بكثير مما قام به اليهود فهل التزموابتعاليمهم الجواب لا لان الدين يمكن تفصيله كما يريد الساسه ورجال الدين الكل يستغل الدين ويحتمي به عند الحاجه


7 - الكذب وانواعه
safir ( 2010 / 3 / 22 - 13:55 )
التقية ان تكون في مجتمع غير اسلامي تخاف من غير المسلم ....اية قرانية
الكذب على الزوجة.... حديث صحيح
الكذب في الصلح بين الناس.... حديث صحيح
الكذب في الحرب ...حديث صحيح
المؤلفة قلوبهم اي ان تدفع لغير المسلم اموالا كي يسلم...اية قرانية