الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن واليهود

شهاب الدمشقي

2004 / 7 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شكلت قضية العلاقة مع اليهود محورا للعديد من الحوارات الحامية والعنيفة والتي لا تخلو أحيانا من التراشق بتهم العمالة والخيانة ..

وقبل أن نسترسل في الكلام فلنطرح سؤالا بسيطا :

من هم اليهود ؟؟

أنهم ببساطة : جماعة بشرية تنتمي الى دين من هذه الأديان التي تغطي الأرض ..

اذا ادركنا هذه الحقيقة البسيطة أمكننا ببساطة شديدة أن نحلل واحدة من أخطر وأغرب القضايا الفكرية والاجتماعية والسياسية التي نعيشها اليوم وهي علاقتنا – نحن العرب – مع اليهود ..

يرسم الخطاب العربي المعاصر صورة نمطية لليهود بوصفهم جماعة من الأشرار وشذاذ الآفاق الذين يحملون صفات خلقية واحدة وهي كره الشعوب والحقد على البشرية والتآمر لحكم العالم والسيطرة عليه ..

ولا تقتصر هذه الصورة النمطية على تيار فكري بعينه ، بل يشترك في رسم هذه الصورة الاسلاميون والعلمانيون على حد سواء .. فالاسلام يتبنى خطابا اقصائيا نلمس فيه نبرة عنصرية ضد اليهود لمجرد أنهم يهود ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) بل ان الخطاب الاسلامي يرسخ فكرة العداوة بين المسلمين واليهود حتى تصبح الحرب بينهما علامة من علامات يوم القيامة ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ) ..

والتيار العلماني العربي من جهته يتبنى ذات الخطاب ذي التوجهات المعادية لليهود لمجرد أنهم يهود ( وتفيض المكتبة العربية بالكثير من الأدبيات التي تكرس هذه الفكرة )

والنتيجة التي ينتهي اليها الخطابان الاسلامي والعلماني هو أن لليهود صفات مشتركة واحدة وهي الكره الأعمى والحقد الدفين على شعوب الأرض ..

والمفارقة الغربية هنا هي أن مثل هذا الخطاب العنصري المعادي لليهود يلتقي من حيث النتيجة مع الصهيونية ذاتها !! اذ تكتسب الصهيونية مبرر وجودها بالزعم بأن اليهود يحملون صفات وراثية وانثروبولوجية واحدة ، فهم شعب واحد وأمة واحدة وان تشتتوا في ارجاء الأرض .. ولذلك فان لهم الحق في ان يكون لهم وطن واحد .. والخطاب العربي ( الاسلامي والعلماني على حد سواء ) يرفض مزاعم الصهوينة تلك مرددا أن اليهود هم جماعات بشرية مختلفة الأعراق والانتماءات البشرية والانتماء الديني لا يجعل منهم جماعة بشرية ذات صفات مشتركة .. ولكن ذات الخطاب سرعان ما ينسى هذه الحجج وهو يعيد رسم تلك الصورة النمطية لليهود بوصفهم جماعة بشرية واحدة تحمل ذات الصفات الاخلاقية .. بل والخلقية ايضا ملتقيا في ذلك مع منظري الصهيونية ولكن بشكل مختلف !! ..

ان مثل هذا الخطاب مرفوض انسانيا وفكريا وسياسيا .. فهو خطاب عنصري يرسخ عقدة كره مجموعة بشرية لمجرد انتمائها الديني ويحرض على رفضها .. بل و قتلها ايضا .. تماما كما يفعل غلاة الصهيونية ..

وهو خطاب لا علمي يتجاهل واقع كون اليهود اعراق واجناس مختلفة لا يجمعها رابط خلقي أو وراثي مشترك ..

وهو خطاب خاسر سياسيا لأنه يضع جميع اليهود في سلة واحدة ويتجاهل أن بين اليهود أنفسهم من يمكن أن يكون صديقا .. بل ونصيرا لنا ايضا .. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تعد وتحصى .. فكيف ننسى اسماء مثل نعوم تشومسكي وصمويل بيرغر والفريد نانيتال وغيرهم كثير ممن حاربوا الصهيونية ودافعوا عن الحقوق الفلسطينية ؟؟

بل كيف ننسى أن داخل اسرائيل ذاتها يهود يعادون اسرائيل ولا يؤمنون بشرعية وجودها ؟؟ ( أشهر مثال على هذا التوجه جماعة ناطوري كارتا الدينية المعروفة بمواقفها المعادية لاسرائيل )

باختصار :

ان معركتنا الحقيقة هي مع كل من يتبنى الخطاب الصهيوني الذي يؤمن بأن فلسطين لليهود ولا حق للعرب فيها .. والصهيونية تيار فكري واسع لعل من أهم وأنشط وأخطر انصاره افرادا لا يمتون بصلة اصلا لليهودية مثل التيار المسيحي الانجيلي في امريكا ..

ان معركتنا هي مع هؤلاء الصهاينة مهما كانت انتماءتهم الدينية والعرقية .. أما اليهودي فهو انسان نتقاسم معه الانسانية .. ومن الخطأ الشنيع ان نجعله طرفا في المعركة لمجرد كونه يهودي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة


.. ناريندرا مودي... زعيم هندوسي في هند علمانية -اختاره الله للق




.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8