الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار مهشمه !

حامد حمودي عباس

2010 / 3 / 23
المجتمع المدني


حقوق الانسان .. نسيج مهلهل ، تم الاضرار به والاسهام في تمزيق خيوطه وبتمعن ، من قبل شتى الجهات المعنية بمحاربة هذه الحقوق ، والحيلولة دون إبقائها في حدود إمكانية التطبيق ... وتمت المتاجرة ، وبنذالة متناهية ، من خلال بيع اوصال هذا النسيج في سوق لعرض البضائع السياسية ، وتوظيف بدلات هذا البيع لتحسين الصورة البشعه للانظمة التعسفية في العالم .. حتى أصبحت الكثير من صيغ التعامل المنصف مع الانسان وحريته وتوفير غذائه الضروري ، هي بمثابة السلعة الاكثر رواجا في سوق السياسة الدولية والمحلية ، وسيقت بموجبه مئات المفاهيم المغلفة بالنوايا السيئه ، لتتكون من خلاله أعراف هي الان اشبه بالمسلمات ، يجري بموجبها الاتجار بارزاق الناس ومقدرات حياتهم ، كل ذلك تحت لوائح الدفاع عن حقوق الانسان ، وضمان عيشه الكريم كشعار رائج ، في حين لم يتم تطبيق أي بند من بنوده في بلدان العالم الثالث على وجه الخصوص .

ويطيب لي هنا ، ان استعرض ما يتعلق بمبدأ العدل ، باعتباره واحد من الاسس التي تتشكل منها لوائح تلك الحقوق .. ولست معنيا بالمعنى الفقهي القضائي لعدم توفر الحاجة الى الخوض في المفاهيم الاكاديمية البحته لمعنى العدل ، غير أنني أرى وبوضوح ، بان ثمة ازدواجية في الرؤى ، بين ما هو موجود على ارض الواقع من حقائق ، وما بين المؤطر في ديباجات التفسيرات المتواتره لمفهوم العدل ، سيما وأننا أمام مدخل مهم يتقرر بموجبه شكل الحياة البشرية من حيث السلوك العام والخاص ، وما يتعلق بالتعامل الثنائي بين الفرد والجماعه .

فالعدل ، في واحدة من معانيه غير الفقهية الدقيقه ، هو أن تمنح الفرصة الكافية للتعبير عن ذاتك من خلال إعطاءك النصيب الارحب لكي تعطي ومن ثم تأخذ ، لا أن يطلب منك ان تعطي دون ان تأخذ .. وهذه الثنائية المهمة في عملية التوازن الحياتي لدا مجتمعاتنا القلقة في قوانينها ، نجدها مختلة تماما في كافة مراحلها وبشكل يدعو للشعور بالاحباط المدمر .

إذ أننا أمام صور من الخذلان الكبير ، لكافة ملامح العطاء الثر للانسان العربي المبدع ، حين نراه مكتسبا للتشرد والجوع كبديل عن إبداعاته الفنية والادبية والعلمية في شتى المجالات ، بحيث اصبحت الهجرة قدرا لا مفر منه لمن يريد أن ينتمي الى الشأن العام من خلال نشاطاته المتميزة ، والمساهمه بعملية التغيير باتجاه التقدم والتطور ، حتى أضحت المنافي مقرات دائمة للمبدعين العرب ، الى حين تغيبهم مناياهم وهم في احضان الغربة عن أوطانهم ومجتمعاتهم الاصليه . . فأين ياترى ملامح العدل في هذا كله ؟ .. ولماذا اصبحت من المسلمات أن يبقى المبدع منفيا بارادته في أغلب الاحيان ، كي يحيا وبشكل يمنحه القدرة على الاستمرار ، في الوقت الذي يتمتع فيه سواه من مواطنيه بنعمة الدفيء ، حين يخلدون الى راحة الاستسلام لخدر الموت وهم أحياء ؟ .

ويمكنني ان اضغط افكاري بشكل أكبر ، لأطرح تساؤلا بهذا الشأن مفاده .. ماذا يعني ان ابقى انا مثلا محطا لضربات قدر مجنون لا يرحم من لا يقرأ المعادلة كما هي ، ويسير ضد التيار العام ، ليبدو مخلصا لافكاره ونزاهته واحساسه الانساني المرهف ، في حين يشعر ابنائي بلا جدوى البقاء في هذا الحيز من التفكير، حين يروا بام اعينهم تلك البحبوحة المترفة لدا نظرائهم ممن كانوا لآباء تركوا الحبل على الغارب ، وانتهزوا فرص الكسب من خلال الانتماء الى مراكز القوة أيا كانت ، فملكوا بمسيرتهم تلك ، حياتهم وحياة ابنائهم وسيطروا على سفينة عوائلهم وسط هذا السيل العرم من المتغيرات العجيبة الغريبه ؟ .. وحين أعود لمبدأ العدل ثانية .. لأقول .. أين ياترى تكمن هنا حقيقة توفير العدل ؟ .. أليس من اللاعدل بحق الاسرة والابناء ، وحتى الذات المنفرده ، أن يسير المرء بارادته لتوفير أسباب الفاقة ، بدعوى الاخلاص لأحاسيسه المبنية على أسس الثقافة والابداع ، والنتيجة في كل الاحوال هي ان تحيا وتموت في غياهب الفقر والحرمان أنت ومن تعيل ؟ .. ثم ما معنى أن تفني جل حياتك بالبحث والتقصي ، وتنزف فكرا ورسما وتمثيلا وشعرا وكتابة قصه .. في الوقت الذي لا يسمعك فيه أحد ، ولا يعرفك غير المنتمين الى الحيز الذي انت فيه ؟ ..

مجتمعاتنا لاهية في ما اعتبرته نهاية المطاف ، تنتظر حسم الموقف عندما ينفخ في الصور ، ويحل يوم الحساب الاعظم .. ومن يحاول إيقاضها من نومها المريح سيتلقى الكثير من البصاق على وجهه .. وسيصمه الهانئون بعيشهم بالبطر والكفر ومخالفة اعراف الاجداد وركوب متن الرذيله .. أمام حقيقة كهذه ، وأمام طروحات يطلقها البعض من مثقفينا المخضرمين ، والتي توحي لنا بان الامة قد بلغت حد الاحتضار ، فما هو وجه العدل إذن في ان نبقى على نفس الوتيرة من الحراك غير المجدي ، لنعرض انفسنا وابنائنا لمصائب العيش المضني وركوب متن العوز المشين ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد عباس المحترم
نور ( 2010 / 3 / 24 - 06:02 )
حسب جان جاك روسو : العقد السياسي هو الذي يتم بمقتضاه أن يتنازل الفرد عن جزء من حريته للحاكم مقابل أن يتولى حمايته وتوفير طلباته . لذا كان دفع الضريبة للوطن واجباً ويجرم قانوناً من يتهرب منها فهي حق للوطن بكل شرائحه لتوفير الأمن والحماية من الدولة لنا . ومع أننا نقوم بواجباتنا على أكمل وجه بل ونضطر أحياناً للدفع من جيوبنا خدمة للمجتمع فإننا لا نلمس المقابل من الدولة مما يؤجج الحقد في النفوس على الطبقات المتمتعة بميزات ما كانت تحصل عليها لو لم يكن أهلوها قريبين من الحكم , مع كل أسف صورتك صادقة جداً أحسنت في التعبير عن ألمك ببساطة ودون صراخ أو تصنع . الشكر لك


2 - على هل حال ولا غير حال
الحكيم البابلي ( 2010 / 3 / 25 - 07:20 )
عزيزي الأخ حامد
صدقني أفهم كل كلمة وما خلف الكلمة مما طرحته من هموم في هذا المقال ، ولا تعلم كم من المرات فكرت بنفس الموضوع وطرحتُ نفس التساؤلات
ولكن .... حتى لو أعطت لنا الخيار ، قوة ما ، بين أن نكون من نحن أو أن نكون هؤلاء الذين سرقوا فرصهم !! ، فلن نختار غير أنفسنا
فكر فيما قلته وستهون عليك الهموم
تحياتي

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ