الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صابرات بعنف

هيفاء حيدر

2010 / 3 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لم أكن أود أن ابدأ حديثي معهن مباشرة عن أمور عنوان الندوة التي دعيت لألقائها بعنوان العنف ضد المرأة , حيث ان الدقائق الأولى قد اعطت بشائر ما هو قادم ,
كن نساء فوق الآربعين بل الخمسين من العمر وواحدة تجاوز الزمن عندها الستين من سنواته, نظرت بوجوههن المتعبة واذ بها تميل نحو الأصفرار ,كن متعبات من زمانهن الغابر وأيديهن متشققة على الأغلب من وزر ما حملن على مدار الأيام .
أدرت حوار ما بيننا سوية ,لم يكن يعنيني كثيرا" ان أبين لهن عن خلفية مفهوم العنف ونشأته . فقد كان واضحا" ان خلف كل وجه كان هناك عشرات المعاني لمفهوم العنف و من بين ثنيات أثوابهن كانت قد عبرت اشكال العنف المتعددة . التي كنت قد سردتها تباعا" في ورقتي التي اعددتها لهذه الجلسة .
سألتهن :
- بدي كل أخت فيكم تحكيلي عن اشياء حلوة فيها ؟
- يعني كيف ؟ سألت احداهن.
- يعني صفات بتحبها أو بتشوفيها حلوة عندك ,يعني متل : حنونة , قوية , مرتاحة,
- أنا يا ست صابرة و الله بيعين عبادوا.
وقالت من تجلس بجانبها :
- أنا مش أحسن منها بكتير , متحملة كتير بحياتي , ولسى فيني أتحمل , صابرة و الحمد لله.
وأضافت ثالثة
- أنا غيرهن , ولا نيرة عمري شفت بجيبتي ,ربيت تمانية و هياني عايشة ... الحمد لله صابرين ,يعني شو بدنا نعمل ,
- طيب ليش هالحكي , انا تزوجت وعمري احدشر (11) سنة والله ما كنت أعرف الغرب من الشرق عشت عندو ثلاثين سنة , وجبتلوا 13 ولد وليش قولك كان عاجبوا كان دائما" يقلي:
عمرك بحياتك ما تصيري بني أدمية ,والله يا ست صبرت كتير ليش هو كان فيه أهل تسألك كيف حالك ,خليها مستورة , صابرة و الحمد لله , احنا يا ست ما بنفهم متلكم انتوا اللي بتعرفوا تحكوا و تطلعوا على التلفزيون ,









قاطعتها من تجلس خلفها:
- أنا بدي احكي عن حالي , انا اللي شايفينها قدامكم هاي , انا أكتر مني ما في وحدة انضربت و يا ما تحملت من ابوي ومن الزلمة , مات الله يرحموا و هياني بربي لولاد وصابرة و راضية وملتزمة وأشرت على ملابسها .

- ملتزمات كلنا ملتزمات ما منقطع فرض وراضيين ربنا , وهيانا الله وكيلك راضيين بالمر وصابرين و اكتر من هيك ما عاد فينا .
شكرتهن دون أي تعليق , وقلتلهم نغير الحديث أحكولي شوي عن أي أمر بيضايقكم , أشي ما بتحبوا يصير معكم .
وبدأ الحديث حارا" كأنني دخلت دائرة الممنوع دون استئذان .وارتفعت الأيدي وبعضهن بدأن الكلام مباشرة, و بعفوية كانت الكلمات تتسارع :
- الظلم
- القهر
- الأهانة
- الظلم عينك عينك
- الحكي القاسي و رمي الحكي يعني يا ست تلقيح الحكي
- مد الأيد ,يعني الضرب ,بسبب وبدون سبب
- تسميع الحكي على الفاضي و المليان ,مش أي حكي ,حكي من اللي بيعجبك متل الوسخ بعيد عنكم .
- والله ما بحب المحاكم , منرجع ننظلم و ما بيعطونا حقنا ,الواصل واصل وين ما كان ,ومين بدوا يسمعك ,انتي المشحرة .اذا أهلك و جوزك ظلموكي بدك الغريب يوقف معك .- طيب ليش كثر الحكي خلي أوجاعنا فينا , ربنا هو اللي بيعين و الله على الظالم ,
- أنا بتضايق من اللي بيوكل حقك ,

وهيك كانت الأحاديث و توالت جميعهن حاولنا الحديث بطريقة أو اخرى عما يجول بخاطرهن و عن ما يكابدن من عيش مرير زادت قسوته على مر السنوات الطوال التي ما زالت تلك النسوة يحاولن اخفاء العنف و أشكاله وأثاره بين طيات الثوب و في اذياله الواسعة ,يلملمن ما تبقى من كرامة ويحفظنها بين اصابع ايديهن خوفا" من ان تتسرب منهن كمن تمسك بقبضة من رمل ,







مضى الوقت سريعا" ونحن ما زلنا نود ان نستمع الى بعضنا البعض ,الى احداهن تروي قصتها مع الموت المعلن الذي عاشته طويلا" .ولم تتعب بعد , وعن اللي تحملت زوجها عشرين سنة و ما كان (نافع) وما بيجيب ولاد وصبرت ,هيك قسمتي , وتركني وهياني رجعت بيت أهلي أخدم و أكنس ورجعوا نسوان أخوتي يتحكموا فيني ,
هو وين, تزوج علي ؟؟؟
صعب أنهي بدون ما أذكر أم سلطانة , من تجاوزت الستين من عمرها.
- شو يا حجة كيفك ,كيف الأحوال ,؟
-- مستورة والحمد لله , يسلم ثمك يا أستاذة كل اللي حكيتيه زين و حلو وأحلى من هيك ما عاد فيه , لملمت أردان ثوبها المطرز و عدلت من جلستها قليلا" وهمت باستكمال الكلام .
- ولعاد لليش الحكي ,خلينا ساكتين أحسن , على ايام أهالينا كان الحال أفضل ,مين كان يسترجي يضرب مرا, كانت تلم عليه الحارة ,ويفزعولها أهلها , هالكيتي تغيرت الأحوال لا حدا بيفزع لحدا و لو سمعوا الناس صوت وحدة بتنضرب بيعملوا حالهم مش سامعين ,
هذا أخر زمن اللي وصلنالوا , قولتك بييجي اليوم اللي بيصير فيه هذا الحكي اللي عم تحكوا فيه ؟؟
وحتى لا تزيد علي بالأسئلة ؟؟؟
وحتى لا أتعبهن أكثر؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أكتفيت بما قدم من حديث؟؟؟؟؟
بأنتظار الزمن الذي سيتحقق به بعض مما أردن أن يقلن .
ستبقى الحياة شديدة الوطأة على الصابرات بعنف ,

هيفاء حيدر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التمرد على الظلم
عماد حوراني ( 2010 / 3 / 24 - 21:16 )
سرد جميل بطرافه مشوقه لما تتعرض له المراه في مجتمعنا من اضطهاد وقمع وقهر نتاج لمفهوم سلطه ذكوريه كرستها موروث العادات والدين والمحصله من النساء هو الحمد لله هروبا من الفضائح او حتى تلافيا من زيادة الاضطهاد ادعوك للمزيد كن تعرية العهر السلطوي تحت ذرائع واهيه كاذبه لتكرسي عند النساء النزعه للتمرد عن الظلم والسيطره الذكوريه


2 - سميه عريشه
سميه عريشه ( 2010 / 3 / 25 - 19:38 )
ولماذا لم تتكلمى معهم -اكيد فيه حل وناس كتبر من كل بلاد الله بيسعوا علشان اذا لم يلحقوا هم بالحل فعلى الاقل الا تكون حياة بناتهم او احفاهم ذيهم - امل فى مستقبل افضل بالنسبة لنساء العرب المضروبين والمقهورين والمتهمين بالخروج عن التقاليد - التقاليد اللى هى كل ما حكوا فيه بقهر ومر وصبر المضطرات الكازمات الغيظ

على كل نقلك لحكيهم ياهيفاء كان صادق وامين وجميل
شكرا لك نقل تجربتك لنا
سميه عريشه
كاتبة مصرية

اخر الافلام

.. رواية أيام الشمس المشرقة


.. الانتخابات خطوة جدية نحو تحقيق تطلعات المرأة والشعب




.. بالرغم من جميع الصعوبات فنانات تبدعن بإقامة معارضهن التشكيلي


.. العاملة إيناس غربي




.. العاملة سارة غنيمي وهي أم لطفلين